الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجمهور العلماء على أن الإنسان مخيَّر بين هذه الأنساك، واختلفوا في الأفضل منها، والصحيح أن الأفضل التمتع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وحثَّهم عليه، ولأنه أكثر عملاً، لأنه يأتي بأفعال العمرة كاملة وأفعال الحج كاملة، ولأنه أيسر من غيره لمن قدم مكة في وقت مبكر، حيث يتمتع بالحل فيما بين العمرة والحج.
ويجب بالتمتع هدي شكران لا جبران مما يجزئ في الأضحية من شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، يذبحه يوم العيد أو في الأيام الثلاثة بعده، ويفرقه بمنى أو بمكة ويأكل منه، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج لا يتجاوز بهن الأيام الثلاثة بعد العيد وسبعة أيام إذا رجع.
والقارن كالمتمتع في وجوب الهدي أو بدله.
صفة التمتع من ابتداء الإحرام إلى انتهاء الحج بصفة مختصرة
.
(أ) العمرة:
1-
إذا أراد أن يحرم بالعمرة اغتسل كما يغتسل للجنابة، وتطيب بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته، ولبس إزاراً ورداء أبيضين، والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غير ألا تتبرج بزينة.
2-
ثم يصلي الفريضة إن كان وقت فريضة؛ ليحرم بعدها، فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن للإحرام سنة.
3-
ثم إذا فرغ من الصلاة نوى الدخول في العمرة، فيقول:
(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك اللهم عمرة) .
يرفع الرجل صوته بذلك وتخفيه المرأة.
ويسن الإكثار من التلبية حتى يبدأ بالطواف فيقطعها.
4-
فإذا وصل إلى مكة بدأ بالطواف من حين قدومه فيقصد الحجر الأسود فيستلمه (أي يمسحه) بيده اليمنى ويقبِّله إن تيسر بدون مزاحمة وإلا أشار إليه، ويكبر ثم ينحرف فيجعل البيت عن
يساره، فإذا مرَّ بالركن اليماني وهو آخر ركن يمر به بعد ركن الحجر استلمه بيده اليمنى إن تيسر بدون تقبيل، ويطوف سبعة أشواط، يرمل الرَّجُلُ في الأشواط الثلاثة الأولى، ويضطبع في جميع
الطواف.
والرمل: الإسراع في المشي مع مقاربة الخطأ.
والاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر.
ويذكر الله ويسبحه في طوافه، ويدعو بما أحب في خشوع وحضور قلب، كلما أتى الحجر الأسود كبَّر، ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود:(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)) (1) . وأما التقيد بدعاء معين لكل شوط فليس له أصل من السنة بل هو بدعة محدثة.
5-
فإذا فرغ من الطواف صلى ركعتين وراء مقام إبراهيم، ولو بَعُدَ عنه، يقرأ بعد الفاتحة في الأولى: (قُلْ يَا أَيُّهَا
(1) سورة البقرة، الآية:201.
الْكَافِرُونَ (1)) ، وفي الثانية:(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)) .
6-
ثم يطوف بالصفا والمروة- أي بينهما- سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، والسنة أن يصعد عليهما ويقف مستقبل القبلة رافعاً يديه ويذكر الله ويدعوه، والسنَّة للرَّجل أن يسعى بين
العَلَمين الأخضرين سعياً شديداً.
7-
فإذا أتم السعي قصَّر من شعر رأسه يعمّه بالتقصير، وتقصر المرأة منه قدر أنملة.
وبذلك تمت العمرة، وحلَّ من إحرامه فيتمتع بكل ما أحل الله له قبل الإحرام من اللباس والطيب والنكاح وغير ذلك.
(ب) الحج:
1-
فإذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه، ويفعل عند إحرامه كما فعل عند إحرام العمرة من الغسل والطيب ولبس ثياب الإحرام.
2-
فإذا فرغ من ذلك نوى الدخول في الحج، فيقول:(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك اللهم حجًّا) .
يرفع الرجل صوته بذلك وتخفيه المرأة.
ويسن الإكثار من التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد فيقطعها.
3-
ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب
والعشاء والفجر، يقصر الرباعية إلى ركعتين ولا يجمع.
4-
فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار إلى عرفة فينزل بنمرة إن تيسَّر له إلى الزوال وإلا نزل بعرفة، فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر قصراً وجمعاً، ثم تفرَّغ لذكر الله ودعائه،
يستقبل القبلة في ذلك ولو كان الجبل خلفه حتى تغرب الشمس.
5-
فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة فصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين ويبيت بها، فإذا صلى الفجر اشتغل بذكر الله ودعائه حتى يسفر جداً.
6-
فإذا أسفر جداً سار إلى منى، فإذا وصل إليها بدأ برمي جمرة العقبة وهي أقرب الجمرات إلى مكة، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات، كل حصاة فوق الحمصة قليلاً، ويُكبِّر مع كل حصاة
بخشوع وتعظيم لله تعالى.
فإذا فرغ من رميها نحر هديه إن تيسر، ثم حلق رأسه كله أو قصره، والحلق أفضل إلا المرأة فتقصر من رأسها بقدر أنملة.
وبالرمي والحلق أو التقصير يحل من إحرامه التحلل الأول، فيلبس ثيابه ويتطيب ويفعل كل ما أحل الله له قبل الإحرام ما عدا النساء، فإنه لا يحل له ما يتعلق بهن حتى يحل التحلل الثاني.
ثم ينزل إلى مكة فيطوف طواف الحج، ويسعى بين الصفا والمروة على صفة ما سبق في طواف العمرة وسعيها؛ إلا أنه لا يرمل في الطواف ولا يضطبع؛ لأنهما (أعني الرمل والاضطباع) لا
يشرعان في غير الطواف أول ما يقدم.
وبالطواف والسعي المسبوقين برمي الجمرة والحلق أو
التقصير يحل التحلل الثاني، فيحل له كل ما أحل الله له قبل الإحرام حتى النساء.
وخلاصة ما يفعل من الأنساك يوم العيد ما يلي:
* رمي جمرة العقبة.
* نحر الهدي.
* الحلق أو التقصير.
* الطواف والسعي.
والسنة أن يرتبها هكذا، وإن لم يتيسر له فقدم بعضها على بعض فلا حرج.
7-
ويبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
8-
ويرمي الجمرات الثلاث في هذين اليومين بعد الزوال، يبدأ بالجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات، ويُكبِّر مع كل حصاة، فإذا فرغ منها تقدم قليلاً
عن الزحام، فوقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو الله تعالى بما أحب دعاء طويلاً، ثم يرمي الجمرة الثانية ويقف بعدها للدعاء كما فعل في الأولى سواء.
ثم يرمي الجمرة الثالثة، وهي جمرة العقبة التي رماها يوم العيد كما رمى الجمرتين قبلها، ولا يقف بعدها للدعاء.
9-
فإذا أتم رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر، فإن شاء تأخَّر في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار فيه بعد الزوال وهو أفضل؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه زيادة عمل صالح. وإن شاء تعجل في يومين فخرج من منى في اليوم الثاني عشر قبل الغروب.