المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعة(1): في بيان السب المذكور، والفرق بينه وبين مجرد الكفر - مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول

[بدر الدين البعلي]

الفصل: ‌المسألة الرابعة(1): في بيان السب المذكور، والفرق بينه وبين مجرد الكفر

‌المسألةُ الرَّابِعَة

(1)

: في بيان السبِّ المذكور، والفرق بينه وبين مجرَّد الكُفْر

وقبل ذلك لا بد من تقديم مقدمة، وذلك أن نقول:

سبُّ الله أو سبُّ رسوله كفرٌ ظاهرًا وباطنًا، سواء اعتقد السَّابُّ أنه محرَّم أو كان مستحلًّا أو كان ذاهلًا عن اعتقادٍ، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل.

وقد قال إسحاق بن راهوية - وهو أحد الأئمة يُعْدَلُ بالشافعي وأحمد -: "قد أجمع المسلمون أنَّ مَنْ سبَّ اللهَ، أو سبَّ رسولَهُ، أو دفع شيئًا مما أنزل الله، أو قتلَ نبيًّا = أنه كافر وإن كان مقِرًّا بكل ما أنزل الله"

(2)

.

وبذلك قال سُحْنون، وقال: ومن شكَّ في كفره كفَر، ونصَّ على ذلك غيرُ واحد من الأئمة؛ أحمد والشافعي وغيره، قال:"كلُّ من هَزَل بشيءٍ من آيات الله فهو كافر"

(3)

.

(1)

"الصارم": (3/ 955).

(2)

وحكى نحوه عن إسحاقَ المروزيُّ في "تعظيم قدر الصلاة": (2/ 930).

(3)

انظر "الشفا": (2/ 393).

ص: 96

وكذلك قال أصحابُنا وغيرهم: من سبَّ الله أو رسولَه كفر إن كان مازحًا أو جادًّا، وهذا هو الصواب.

وقال القاضي

(1)

: من سبَّ الله أو رسولَه فإنه يكفر سواءٌ استحلَّه أو لم يستحلَّه، فإن قال: لم استحلّ ذلك، لم يُقبل منه في ظاهر الحكم، روايةً واحدة، وكان مرتدًّا، وإنما يُحْكَم بكفره ظاهرًا، أما في الباطن، فإن كان صادقًا؛ فهو مسلم كما قلنا في الزنديق.

وذكر القاضي عن الفقهاء أن سابَّ النبي صلى الله عليه وسلم إن استحلَّه كفر، وإن لم يستحلَّه فَسَق ولم يكفر كسابِّ الصحابة، وحُكِيَ عن بعض أهل العراق فيمن سبَّ الرسولَ يُجْلَد، فأنكر ذلك مالكٌ وردَّ فُتْياه

(2)

.

وحكى ابنُ حزمٍ أن بعض الناس لم يُكفِّر المستَخِفّ به

(3)

.

وذكر القاضي عِياض

(4)

- بعد أن ردَّ هذه الحكاية عن بعض فقهاء العراق والخلاف الذي ذكره ابن حزمٍ - بما نقله من الإجماع عن غير واحدٍ، وحملَ الحكايةَ على أن أُولئك لم يشتهروا بالعلم، وتأوَّل الفُتيا على وجوه.

(1)

أبو يعلى في كتابه "المعتمد في أصول الدين" كما في "الصارم" وهو في عداد المفقود والمطبوع مختصر منه، وليس فيه النقل.

(2)

انظر "الشفا": (2/ 411).

(3)

انظر "المحلّى": (12/ 431).

(4)

"الشفا": (2/ 411).

ص: 97