المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الأولى(1): أن من سبه صلى الله عليه وسلم من مسلم وكافر فإنه يجب قتله - مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول

[بدر الدين البعلي]

الفصل: ‌المسألة الأولى(1): أن من سبه صلى الله عليه وسلم من مسلم وكافر فإنه يجب قتله

‌المسألة الأولى

(1)

: أنّ من سبَّه صلى الله عليه وسلم من مسلم وكافر فإنه يجب قتلُه

هذا مذهب عامة العلماء، قال ابنُ المنذر

(2)

: "أجمع عوامُّ العلماء على أنّ على من سبَّه القتل، قاله مالك والليث وأحمد وإسحاق والشافعي. وحُكِيَ عن النعمان: لا يُقتل الذِّمِّي".

وحكى أبو بكر الفارسي

(3)

- من أصحاب الشافعي - إجماعَ المسلمين على قتل من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنَّ حكم من سبَّ غيرَه الجلد.

وهذا الإجماع محمولٌ على إجماع الصدر الأوَّل من التابعين والصحابة - قاله شيخ الإسلام - أو

(4)

أنه أراد إجماعَهم على وجوب قتله إذا كان مسلمًا، وكذلك قَيَّده القاضي عِياض

(5)

.

(1)

"الصارم": (2/ 13).

(2)

في "الأوسط": (2/ 682) و"الإشراف": (2/ 244)، و"الإقناع":(2/ 584). وانظر "الإجماع": (ص/ 76) له.

(3)

هو: أحمد بن الحسين بن سهل، أحد أئمة الشافعية ت (350)، له مصنفات، منها كتاب "الإجماع" وهذا النقل منه، انظر "فتح الباري":(12/ 293).

(4)

لم تظهر الهمزة بسبب الرطوبة.

(5)

في: "الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم": (2/ 386 - مع شرح الملا علي القاري).

ص: 31

وقال إسحاق بن راهويه: أجمع المسلمون أنّ من سبَّ الله أو سبَّ رسوله، أو دفع شيئًا مما أنزل الله، أو قتل نبيًّا: أنه كافر، وإن كان مُقِرًّا بكلِّ ما أنزله الله.

قال الخطَّابي

(1)

: "لا أعلم أحدًا اختلف في وجوبِ قتله".

وقال محمد بن سُحْنُون: أجمعَ العلماء أنَّ شاتم الرسول [المتنقِّص له]

(2)

كافر، ومن شكَّ في كفره كَفَر.

وتحريرُ القول: أنَّ السَّابَّ المسلم يُقْتَل بلا خِلافٍ، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وإن كان ذِمِّيًّا قُتِل - أيضًا - عند مالك وأهل المدينة، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث، نصَّ عليه أحمد في مواضع متعدِّدة.

نقله

(3)

حنبل وأبو الصقر

(4)

والخلّال وعبد الله وأبو طالب: أنه يُقتل مسلمًا كان أو كافرًا، قيل لأحمد: فيه حديث

(5)

؟ قال: نعم، أحاديث، منها حديث الأعمى الذي قَتَل المرأةَ حين سمعها تشتم النبيَّ صلى الله عليه وسلم

(6)

، وحديث حُصَين

(7)

.

(1)

في "معالم السنن": (6/ 199).

(2)

غير بيِّنةٍ في الأصل بسبب الرطوبة، والاستدراك من "الصارم".

(3)

غير واضحة بسبب الرطوبة.

(4)

هو: يحيى بن يزداد الوراق أبو الصقر، ورَّاق الإمام، له مسائل عنه، انظر:"طبقات الحنابلة": (2/ 542).

(5)

في أصله: "أحاديث".

(6)

سيأتي ص/ 53.

(7)

يرويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مرَّ براهبٍ فقيل: إن هذا سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو سمعته لضربتُ عُنقَه، إنا لم نُعْطِهم العهد على أن يسبُّوا نبيَّنا. =

ص: 32

قال

(1)

: ولا يُستتاب، رواه أبو بكر في "الشافي"

(2)

، فلا خلاف عنه أنه يُقتل، وأنه ينتقض عهدُه.

وذكر القاضي

(3)

روايةً في الذِّمِّي: أنه لا ينتقض عهده، وتبعه جماعة من الأصحاب، كالشريف، وابن عقيل، وأبي الخطَّاب، والحُلْواني

(4)

، ذكروا في جميع الأعمال التي فيها غضاضة على [المسلمين وآحادهم في نفسٍ]

(5)

أو مال أو دِيْن، مثل سبِّ الرسول:

أخرجه مسدَّد في "مسنده - كما في المطالب رقم 2047"، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده - كما في البغية رقم 510" واللفظ له، والخلَّال في "الجامع رقم 732 - أحكام أهل الملل".

كلهم من طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي عن رجل لم يُسمَّ - وعند الخلال: شيخ - أن ابن عمر به. وفي رواية الحارث: "حصين أن ابن عمر" بدون واسطة. وحصين لم يسمع من ابن عمر، انظر:"تهذيب التهذيب": (2/ 381).

(1)

أي: الإمام أحمد.

(2)

هو: أبو بكر عبد العزيز بن جعفر المعروف بغلام الخلال ت (363)، انظر "طبقات الحنابلة":(3/ 213). وكتابه "الشافي" في الفقه يقع في ثمانين جزءًا على ما ذكره أبو يعلى فيما نقله الخطيب عنه في "تاريخه": (10/ 459).

(3)

هو: أبو يعلى ابن الفراء شيخ الحنابلة، وإذا أُطلِق "القاضي" عندهم فهو المراد. وسيرِدُ ذكره كثيرًا.

(4)

الشريف هو: أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى الهاشمي ت (470)، وابن عقيل هو: أبو الوفاء صاحب "الفنون" ت (513)، وأبو الخطاب هو: محفوظ بن أحمد الكَلْوذاني ت (510)، والحُلْواني هو: محمد بن علي أبو الفتح ت (505).

(5)

ما بين المعكوفين هنا وما سيأتي مُتآكل في الأصل، والإكمال من "الصارم":(2/ 22، 24)، ومكان النقط لم نتبين وجه إكماله.

ص: 33

روايتين، مع اتفاقهم على أن المذهبَ انتقاضُه بذلك، [ ...... روايتين].

ثم هؤلاءِ كلُّهم ذكروا أنَّ سابّ الرسول يُقْتل وإن كان ذِمِّيًّا، وأن عهده ينتقض.

قال شيخ الإِسلام: [وهذا أقرب من تلك الطريقة، وعلى الرواية التي تقول: لا ينتقض العهدُ بذلك، فانما ذلك] إذا لم يكن مشروطًا عليهم، فإن كان مشروطًا؛ ففيه وجهان:

أحدهما: [ينتقض، قاله الخِرَقي، وصححه الآمدي.

والثاني: لا ينتـ]ـقض، قاله القاضي.

والذي عليه عامة [المتقدِّمين من أصحابنا ومن تبعهم من المتأخرين] إقرار نصوصه على حالها، وقد نصَّ على أن سابَّ الرسول يُقتل وينتقض عهده، وكذا من جسَّ على المسلمين، أو زنى بمسلمةٍ، أو قتل مسلمًا، أو قَطَع الطريقَ، ونصَّ على

(1)

أن قَذْفَ المسلم أو سَحْره لا يكون نقضًا للعهد.

قال شيخ الإسلام: وهذا هو الواجبُ تقريرُ نصوصِه، فلا يخرَّج منها شيءٌ، للفرق بين نصوصه

(2)

.

(1)

"ونص على" ملحقة في الهامش، ومكان اللحق بعد "أو قتل مسلمًا" وهو سبق قلمٍ إذ عليه يكون قطع الطريق لا ينقض العهد، وهو خلاف ما في أصله.

(2)

النص في "الصارم": (2/ 25): "وهذا هو الواجب؛ لأن تخريج إحدى المسألتين =

ص: 34