الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن حسين بن خارجة قال:
لما كانت الفتنة الأولى أشكلت علي، فدعوت الله أن يريني طريقاً من الحق أتمسك به قال: فأريت الدنيا والآخرة وبينهما حائط ليس جد طويل، وإذا حبرٌ فقلت: لو تشبثت هذا الحائط لعلي أهبط إلى قتلى أشجع فيخبروني. فهبطت إلى أرضٍ ذات شجر، فإذا أنا بنفر جلوس فقلت: أنتم الشهداء؟ قالوا: نحن الملائكة. فقلت: فأين الشهداء؟ قالوا: تقدم، أمامك إلى الدرجات العلى. فتقدمت أمامي وإذا أنا بروضةٍ، الله أعلم ما بها من الحسن، فدنوت فإذا أنا بمحمد صلى الله عليه وسلم يقول لإبراهيم: استغفر لأمتي. فقال إبراهيم: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم أراقوا دماءهم، وقتلوا إمامهم. ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد؟! قال: قلت: قد رأيت، لألقين سعداً ولأنظرن في أي الفريقين هو فأكون معه. قال: فغدوت إلى سعد فلقيته فقصصت عليه، فوالله ما أكبر بها فرحاً وقال: خاب من لم يكن له إبراهيم خليلا. فقلت: مع أي الفريقين أنت؟ فقال: ما أنا مع واحد منهما. قلت: فما تأمرني؟ قال: لك غنمٌ؟ قلت: لا. قال: فاشتر غنماً فكن فيها حتى تنجلي هذه الفتنة.
سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة
ابن عبيد بن الأبجر واسمه خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج، أبو سعيد الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأمه أنيسة بنت أبي حارثة من بني عدي بن النجار. وأخوه لأمه قتادة بن النعمان.
وزعم بعض الناس أن خدرة هي أم الأبجر.
شهد خطبة عمر بالجابية وقدم دمشق على معاوية.
حدث أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يمر الناس على جسر جهنم وعليه حسكٌ وكلاليب وخطاطيف تخطف الناس يميناً
وشمالاً، وبجنبيه ملائكة يقولون: اللهم سلم سلم، فمن الناس من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الفرس المجرى، ومنهم من يسعى سعياً، ومنهم من يحبو حبواً، ومنهم من يزحف زحفاً. فأما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، وأما أناسٌ فيؤخذون بذنوبٍ وخطايا. قال: فيحرقون ويكونون فحماً، ثم يؤذن في الشفاعة فيؤخذون ضبارات ضبارات، فيقذفون على نهر من أنهار الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما رأيتم الصبغاء شجرة تنبت في الفيافي فيكون آخر من يخرج من النار رجلٌ يكون على شفتها فيقول: يا رب، اصرف وجهي عنها. فيقول عز وجل: عهدك وذمتك لا تسألني غيرها. قال: وعلى الصراط ثلاث شجرات، فيقول: يا رب، حولني إلى هذه الشجرة آكل من ثمرها وأكون في ظلها. قال: فيقول: عهدك وذمتك أن لا تسألني غيرها. قال: ثم يرى أخرى أحسن منها فيقول: يا رب، حولني إلى هذه آكل من ثمرها وأكون في ظلها، ثم يرى سواد الناس ويسمع كلامهم فيقول: يا رب، أدخلني الجنة. قال أبو نضرة: فاختلف أبو سعيد ورجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فيدخل الجنة فيعطى الدنيا ومثلها معها. " وقال الآخر: يدخل الجنة فيعطى الدنيا وعشرة أمثالها.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر امرأة سفراً ثلاثة أيام إلا مع زوجها، أو ابنها، أو أخيها، أو ذي محرم.
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأتي على الناس زمانٌ يغزو فيه فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئامٌ من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم.
وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: لما قدم عمر بن الخطاب الشام تلقاه أمراء الأجناد والدهاقين، وعمر على جملٍ عليه رحل رثةٌ، مئثرته مسك جدي، فأتى على نهر فنزل عن بعيره وأخذه بخطامه وخطامه من ليفٍ فرفع ثوبه على ساقيه، فأخاض بعيره فقال له بعض من معه: يا أمير المؤمنين، قد أعدت لك مراكب وكسوةٌ، فلو ركبت بعض تلك المراكب ولبست بعض تلك الكسوة كانت أرعب للعدو وأبعد في الصوت. فقال: أنتعزز بغير ما أعزنا الله به!؟ قال: ثم قام خطيباً فقال:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا مقامي فيكم فقال: أحسنوا إلى أصحابي والذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل وما استحلف، ويشهد وما استشهد، فمن سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإياكم وحديث النساء، وأن لا يخلو بهن إلا محرم، فإنه لا يخلو رجل بامرأة ليست له بمحرم إلا كان ثالثهما الشيطان، ومن ساءته سيئته وسرته حسنته فذلك المؤمن.
وعن أبي سعيد الخدري قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لا أعرفن رجلاً منكم علم علماً فكتمه فرقاً من الناس " قال: فحملني ذلك إلى أن سرت إلى معاوية فقلت: ما بالكم تأخذون الصدقة على غير وجهها، ثم تضعونها في غير أهلها؟ فقال: مه يا أبا سعيد! قلت: وما بالكم يكون لكم الأولاد فتؤثرون بعضهم على بعض والله يوصيكم في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين!؟ قال: فدعا كاتبه وكتب بها إلى الآفاق ونهى عن الأولى.
وعن الحسن قال: دخل أبو سعيد الخدري على معاوية فسلم، ثم جلس فقال: الحمد لله الذي أجلسني منك هذا المجلس، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقو: لا يمنعن أحدكم، إذا رأى الحق أو علمه، أن يقول به، وإنه بلغني عنك يا معاوية كذا وكذا، وفعلت كذا وكذا. قال: فعدد عليه أشياء من فعاله، ومما بلغه عنه، فقال له معاوية: أفرغت؟ قال: نعم. قال: فانصرف، فخرج أبو سعيد من عنده وهو يقول: الحمد لله، الحمد لله.
وخدرة وخدارة بطنان من الأنصار، أبو سعيد من خدرة، وأبو مسعود من خدارة، وهما ابنا عوف بن الحارث بن الخزرج.
وكان أبو سعيد من أفاضل الأنصار، وورد المدائن في حياة حذيفة بن اليمان، وبعد ذلك مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما حاب الخوارج بالنهروان.
وكان أبو سعيد لا يخضب، كانت لحيته بيضاء خضلاء.
وعن سهل بن سعد قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أنا، وأبو ذر، وعبادة بن الصامت، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، وسادس، على أن لا تأخذنا في الله لومة لائم، وأما السادس فاستقاله فأقاله.
وعن محمد بن عمر الواقدي قال: كان أبو سعيد الخدري يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصيب وجهه يوم أحد، فدخلت الحلقتان من المغفر في وجنته، فلما نزعتا جعل الدم يسرب كما يسرب الشن، فجعل أبي مالك بن سنان يملج الدم بفيه، ثم ازدارده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن ينظر إلى من خالط دمه دمي فلينظر إلى مالك بن سنان. فقيل: لمالك: تشرب الدم؟ فقال نعم أشرب دم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس دمه دمي لم يصبه النار. قال أبو سعيد: فكنا ممن رد من الشيخين لم نجز مع المقاتلة، فلما كان من النهار، وبلغنا مصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس عنه، جئت مع غلمان من بني خدرة نعترض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وننظر إلى سلامته، فنرجع بذلك إلى أهلينا، فلقينا الناس منصرفين ببطن قناة، فلم يكن لنا همة إلا النبي صلى الله عليه وسلم ننظر إليه، فلما نظر إلي قال: سعد بن مالك؟ قلت: نعم بأبي وأمي، فدنوت منه فقبلت ركبته وهو على فرسه، ثم قال:
آجرك الله في أبيك. ثم نظرت إلى وجهه فإذا في وجنتيه مثل موضع الدرهم في كل وجنة، وإذا شجةٌ في جبهته عند أصول الشعر، وإذا شفته السفلى تدمى، وإذا رباعيته اليمنى شظيةً، وإذا على جرحه شيءٌ أسود. فسألت: ما هذا على وجهه؟ فقالوا: حصير محرق، وسألت: من دمى وجنتيه؟ فقيل: ابن قميئة. فقلت: من شجه في جبهته؟ فقيل: ابن شهاب. فقلت: من أصاب شفته؟ فقيل: عتبة. فجعلت أعدو بين يديه حتى نزل ببابه، فما نزل إلا حملاً، وأرى ركبتيه مجحوشتين، يتكىء على السعدين: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، حتى دخل بيته.
فلما غربت الشمس وأذن بلال بالصلاة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل تلك الحال، يتوكأ على السعدين، ثم انصرف إلى بيته، والناس في المسجد يوقدون النيران، يتكمدون بها من الجراح، ثم أذن بلالٌ بالعشاء حين غاب الشفق، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس بلالٌ عند بابه حتى ذهب ثلث الليل. ثم ناداه: الصلاة يا رسول الله. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان نائماً. قال: فرمقته فإذا هو أخف في مشيته منه حين دخل بيته، فصليت معه العشاء، ثم رجع إلى بيته وقد صف له الرجال ما بين بيته إلى مصلاة يمشي وحده حتى دخل، ورجعت إلى أهلي فخبرتهم بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمدوا الله على ذلك وناموا، وكانت وجوه الخزرج والأوس في المسجد على باب النبي صلى الله عليه وسلم يحرسونه فرقاً من قريش أن تكر.
وعن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: قال أبو سعيد: استشهد أبي يوم أحد وتركنا بغير مال، فأصابتنا حاجةٌ شديدة. قال: فقالت لي أمي: أي بني، ائت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فاسأله لنا شيئاً. فجئته فسلمت وجلست، وهو في أصحابه جالس فقال واستقبلني: إنه من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله، ومن استكف أكفه الله. قال: قلت: ما يريد غيري. فانصرفت ولم أكلمه في شيء. فقالت لي أمي: ما فعلت؟ فأخبرتها الخبر. قال: فصبرنا الله عز وجل ورزقنا شيئاً، فبلغنا، حتى ألحت علينا حاجةٌ شديدة أشد منها، فقالت لي أمي: ائت النبي صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئاً. قال: فجئته وهو في أصحابه جالس، فسلمت وجلست، فاستقبلني وعاد بالقول الأول وزاد فيه: ومن سأل وله قيمة أوقية فهو ملحف. قال: قلت: الياقوتة ناقتي خيرٌ من أوقية، فرجعت ولم أسأله.
وفي حديث آخر زيادة: فرزق الله تعالى حتى ما أعلم أهل بيت من الأنصار أكثر أموالاً منا.
وعن هند بنة سعيد بن أبي سعيد الخدري عن عمتها قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عائداً لأبي سعيد الخدري، فقدمنا إليه ذراع شاةٍ، فأكل منها، وحضرت الصلاة، ثم قام فصلى ولم يتوضأ.
وعن المسيب قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له: هنيئاً لكم برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته. فقال: يا بن أخي، لا تدري ما أحدثنا بعده.
وعن أبي نضرة العبدي قال: كان أبو سعيد الخدري يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة وخمساً بالعشي، ويخبر أن جبريل صلى الله عليه وسلم نزل بالقرآن خمس آيات خمس آيات.
وعنه قال: قلت لأبي سعيد: إنك تحدثنا أحاديث معجبة، وإنا نخاف أن نزيد أو ننقص فلو أنا كتبنا؟ قال: لن نكتبكم، ولن نجعله قرآناً، ولكن احفظوا عنا كما حفظناه. وفي رواية قال: أتريدون أن تجعلوها مصاحف!؟ إن نبيكم صلى الله عليه وسلم كان يحدثنا الحديث، فاحفظوا منا كما حفظناه منه.
وزاد في حديث آخر: فكان أبو سعيد يقول: تحدثوا فإن الحديث يذكر بعضه بعضاً.
وعن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال: لما استفتحت المدينة يعني يوم الحرة دخل أبو سعيد الخدري غاراً، فدخل عليه رجل من أهل الشام فقال: لا أخرج وإن تدخل علي أقتلك. فدخل
عليه، فوضع أبو سعيد السيف وقال:" إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ". قال: أنت أبو سعيد؟ قال: نعم. قال: استغفر لي غفر الله لك.
وعن أبي سعيد الخدري قال: لزمت بيتي ليالي الحرة فلم أخرج، فدخل علي نفر من أهل الشام فقالوا: أيها الشيخ، أخرج ما عندك. فقلت: والله ما عندي مال. قال: فنتفوا لحيتي وضربوني ضربات، ثم عمدوا إلى بيتي فجعلوا ينقلون ما خف لهم من المتاع، حتى إنهم يعمدون إلى الوسادة والفراش فينفضون صوفهما ويأخذون الظرف، حتى لقد رأيت بعضهم أخذ زوج حمام كان في البيت. ثم خرجوا.
وعن ابنة أبي سعيد الخدري قالت: لما حضر أبو سعيد بعث إلى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله فقال: لا يغلبنكم ولد أبي سعيد، إذا أنا مت، فكفنوني فيها، وأجمروا علي بوقية مجمر، ولا تضربوا على قبري فسطاطاً، ولا تتبعوني بنار، واجعلوا في سريري قطيفة أرجوان، ولا تتبعني باكية. قال: ففعلوا ما أمرهم.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:
دخلت على أبي سعيد الخدري عند موته فدعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها. فإذا مت فلا تتبعوني بنار، ولا تجعلوا علي قطيفة حمراء، ولا تبك علي باكية.
وعن أم عبد الرحمن بنت أبي سعيد قالت: لما احتضر أبو سعيد حضره ابن عمر وابن عباس فقال لهم: إذا حملتم فأسرعوا، أي أسرعوا بي.