الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم من السماء بعضها أضوأ من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى.
وروى زيد العمي عن أبي الصديق الناجي، أراه عن أبيه سعيد الخدري: أن رجلاً ضرب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في شراب بنعلين أربعين.
قال علي بن مصعب:
سمي زيد العمي لأنه كلما سئل عن شيء قال: حتى أسأل عمي.
زيد بن سهل بن الأسود بن حرام
ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، أبو طلحة الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: سهل بن زيد، والأول أصح سكن الشام، أنصاري نجاري.
قال ابن سعد: اسم النجار تيم الله، وإنما سمي النجار لأنه نجر وجه رجلٍ بالقدوم، فلذلك سمي النجار.
حدث أبو طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ".
وعن أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة، ومعاذ بن جبل، وأبو عبيدة بن الجراح يشربون بالشام الطلاء ما طبخ على الثلث، وذهب ثلثاه، وبقي ثلثه.
شهد زيد بن سهل العقبة، وبدراً، وأحداً، والخندق، والمشاهد كلها مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفي بالشام، وعاش بعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة يسرد الصوم.
وعن ثابت عن أنس قال: جاء أبو طلحة يخطب أم سليم فقالت: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم التي تعبدون ينحتها عبد بني فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت؟ قال: فانصرف عنها، ووقع في قلبه من ذلك موقعاً، قال: وجعل لا يجيئه نوم. قال: فأتاها.
وفي حديث آخر بمعناه: فإن تسلم فذلك مهري ما أسألك غيره، فأسلم، فتزوجها. قال ثابت: فما سمعنا بمهرٍ قط كان أكرم من مهر أم سليم: الإسلام.
وكان مالك أبو أنس قال لامرأته أم أنس: أرى هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم يحرم الخمر، فانطلق حتى أتى الشام، فهلك هنالك مشركاً، فجاء أبو طلحة يخطب أم سليم، فكلمها في ذلك، فقالت: يا أبا طلحة، ما مثلك يرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح أن أتزوجك. فقال: ما ذاك دهرك. قالت: وما دهري؟ قال: الصفراء والبيضاء، قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، أريد منك الإسلام. قال: فمن لي بذلك؟ قالت: لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، فلما رآه قال: جاءكم أبو طلحة غرة الإسلام بين عينيه. فجاء، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قالت أم سليم، فتزوجها على ذلك، وكانت امرأة مليحة العينين، فيها صعر، فكانت معه حتى ولدت منه ولداً، وكان يحب أبو طلحة حباً شديداً، فمرض الصبي، وتضعضع أبو طلحة لمرضه، فانطلق أبو طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومات الصبي، فقالت أم سليم: لا ينعين إلى أبي طلحة أحدٌ ابنه حتى أكون أنا أنعاه له، وجاء أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها، فقال: كيف ابني؟ فقالت: يا أبا طلحة، ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة
قال: فلله الحمد. فأتته بعشائه، فأصاب منه، ثم قامت فتطيبت، وتعرضت له، فأصاب منها، فلما علمت أنه قد طعم، وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوماً أعاروا قوماً عارية لهم فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا، قالت: فإن الله عز وجل كان أعارك ابنك عارية ثم قبضه إليه، فاحتسب ابنك، واصبر. فغضب ثم قال: تركتني حتى إذا وقعت بما وقعت به نعيت إلي ابني؟ ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بارك الله لكما في غابر ليلتكما ". وفي رواية: فقال: والذي بعثني بالحق لقد قذف الله في رحمها ذكراً بصبرها على ولدها، فثمر حملها.
وكانت أم سليم تسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخرج معه إذا خرج، وتدخل معه إذا دخل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا ولدت أم سليم فائتوني بالصبي ". فأخذها الطلق ليلة قربهم من المدينة. قالت: اللهم إني كنت أدخل إذا دخل نبيك، وأخرج إذا خرج نبيك، وقد حضرنا هذا الأمر. فولدت غلاماً حين قدما المدينة، فقالت لابنها أنس: انطلق بالصبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يسم إبلاً وغنماً، فلما نظر إليه قال لأنس: أولدت أم ملحان؟ قال: نعم. فألقى ما في يده، فتناول الصبي، فقال: ائتوني بتمرات عجوة، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم التمر فجعل يحنك الصبي، وجعل الصبي يتلمظ، فقال: انظروا إلى حب الأنصار التمر، فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماه عبد الله. قال ثابت: وكان يعد من خيار المسلمين.
وعن أنس قال: قال أبو طلحة: رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر، فما منهم أحد إلا وهو يميد من النعاس تحت حجفته.
وعن أنس قال: لما كان يوم أحد انهزم ناسٌ من الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مجوباً عليه بحجفةٍ له. قال: وكان أبو طلحة رجلاً رامياً شديد
النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثة، قال: وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول: انثرها لأبي طلحة، قال: فيشرف نبي الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم، قال: فيقول أبو طلحة: يا نبي الله، بأبي أنت، لا تشرف، لا يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك، قال: فلقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم، وإنهما لمشمرات أرى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما، ثم تفرغانه في أفواه القوم، وترجعان فتملانها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثاً من النعاس.
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من فئةٍ. وكان إذا بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم جثا بين يديه وقال: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، وفي رواية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لصوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من ألف رجل.
وفي رواية: خير من أربعين رجلاً. وكان في كنانته خمسون سهماً، فنثرها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جعل يصيح: يا رسول الله، نفسي دون نفسك، فلم يزل يرمي بها سهماً سهماً. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع رأسه من خلف أبي طلحة بين رأسه ومنكبه ينظر إلى واقع النبل حتى فنيت نبله، وهو يقول: نحري دون نحرك، جعلني الله فداك. فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ العود من الأرض فيقول: ارم يا أبا طلحة، فيرمي به سهماً جيداً.
وكان الرماة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المذكور منهم: سعد بن أبي وقاص، والسائب بن عثمان بن مظعون، والمقداد بن عمرو، وزبد بن حارثة، وحاطب بن أبي بلتعة، وعتبة بن غزوان، وخراش بن الصمة، وقطبة بن عامر بن حديدة، وبشر بن البراء بن معرور، وأبو نائلة سلكان بن سلامة، وأبو طلحة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وقتادة بن النعمان.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، فجاء أبو طلحة بسلب أحدٍ وعشرين رجلاً.
وعن أنس بن مالك قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر، ثم انصرف، ونحر البدن، ثم جاء والحلاق جالس فجلس ثم أخذ شقي شعره الأيمن بيده، فقال للحلاق: احلق، فحلق ذلك البشق، ثم قسمه بين من يليه من الناس الشعرة والشعرتين، ثم أخذ الشق الآخر فقال للحلاق: احلق، فحلق، ثم قال: ههنا أبو طلحة؟ فقام أبو طلحة، فدفعه إليه.
وفي حدي آخر بمعناه: فكان أول من قام فأخذ من شعره أبو طلحة، ثم قال الناس فأخذوا.
وعن أنس بن مالك قال:
كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً من نخلٍ، وكان أحب أمواله إليه بيرحا، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما أنزل الله عز وجل هذه الآية: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ". قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الله عز وجل يقول:" لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون "، وإن أحب أموالي إلي بيرحا، فإنها صدقة الله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ، ذلك مالٌ رابحٌ، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن
تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
وعن أنس بن مالك قال: لما نزلت هذه الآية: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ". قال أبو طلحة: يا رسول الله، إن ربنا يسألنا من أموالنا، فإني أشهدك أني قد جعلت أرضي التي بأريحا لله عز وجلن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلها في قرابتك، قال: فقسمها بين أبي بن كعب، وحسان بن ثابت.
وعن عبد الله بن أبي بكر: أن أبا طلحة كان يصلي في حائط له، فطار دبسي، فطفق يتردد يلتمس مخرجاً، فلم يجده لالتفاف النخل، فأعجبه ذلك، فأتبعه بصره ساعة، ثم رجع فإذا هو لا يدري كم صلى، فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنةٌ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، وقال: يا رسول الله، هو صدقةٌ، فضعه حيث أراك الله عز وجل.
وعن سعد أو سعيد بن عامر الجمحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: يا أبا بكر تعال، ويا عمر تعال، إني أمرت أن أؤاخي بينكما بوحيٍ أنزل علي من السماء، فأنتما أخوان في الدنيا وأخوان في الجنة، فليسلم كل واحد منكما على صاحبه، وليصافحه، فأخذ أبو بكر بيد عمر، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تكون قبله، وتموت قبله. يا زبير تعال، أمرت أن أؤاخي بينكما، فأنتما أخوان في الدنيا، وأخوان في الجنة، فليسلم كل واحد منكما على صاحبه، وليصافحه، ففعلا، ثم قال لأبي عبيدة بن الجراح ولسالم مولى أبي حذيفة مثل ذلك، ففعلا، ثم قال لأبي بن كعب ولابن مسعود مثل ذلك، ففعلا، ثم قال لمعاذ ولثوبان مثل ذلك، ففعلا، ثم قال لأبي طلحة ولبلال مثل ذلك، ففعلا، ثم قال لأبي الدرداء وسلمان مثل ذلك، ففعلا، ثم قال لسعد بن أبي وقاص وصهيب مثل ذلك ففعلا، ثم قال لأبي ذر ولهلال مولى المغيرة بن شعبة مثل ذلك، ففعلا، ثم قال لأبي أيوب الأنصاري ولعبد الله بن سالم مثل ذلك، ففعلا، ثم قال: يا أخي يا أسامة تعال، ويا أبا هند تعال حجاماً كان يحجم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي شرب من
دم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما مثل ذلك ففعلا. قال: فالتفت عبد الرحمن بن عوف إلى عثمان بن عفان فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هلكنا، ما لنا لا يلتفت إلينا؟ نعوذ بالله من معتبته ومن موجدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالتفت إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله ما الله لكما بماقتٍ، ولا رسوله عليكما بواحدٍ، وإنكما لتكرمان على الله وعلى رسوله وعلى ملائكته ولكني أردت أن أدعو بكما، نهاني الملك الذي نزل بهذا الأمر من عند الله، فقال: أخرهما فإنهما غنيان، وإنما أخرتكما لأموالكما، وكذلك يحاسب الناس يوم القيامة، يعجل حساب الفقير ويؤخر حساب الأغنياء، وهم في الحبس الشديد، وأنتما أخوان في الدنيا، وأخوان في الجنة، فليسلم كل واحد منكما على صاحبه ويصافحه. ثم قال لهما: أرضيتما؟ قالا: نعم، الحمد لله الذي لم يفضحنا. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أزيدكما؟ قالا: بلى يا رسول الله. قال: فإنكما أخوان في هذه الدار وفي دار الجن كأخي الياس ومؤمن آل فرعون ياسين: إن الياس كان أحب الناس إلى مؤمن آل ياسين، فبعث الله عز وجل جبريل إلى الياس أن الله قد آخى بينك وبين عبده المقتول ظلماً، فأنا أشهد الله وأشهدكما أني قد واخيتكما جميعاً في هذه الدار وفي دار الآخرة، فأنتم خير الناس مأدبة العرب وموالي، وأمرت أن أؤاخي بين فاطمة بنت محمد وأم سليم، هنيئاً لأم سليم بلطفها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن أؤاخي بين عائشة بنت أبي بكر وبين امرأة أبي أيوب، ألا جزى الله آل أبي طلحة وآل أبي أيوب، كما صلى على محمد وآل إبراهيم.
وعن أنس بن مالك: ذكر أن أبا طلحة كان يأتي أهله، فيدعو بغدائه، فيقال: لم يصبح عندنا غداءٌ، فيقول: إني صائم.
وعن أنس قال: كان أبو طلحة لا يكثر الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مات كان لا يفطر إلا في سفر أو مرض.
وعن أنس قال: كان أبو طلحة لا يكاد يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره مفطراً إلا يوم الأضحى ويوم الفطر.