الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال جرير بن مغيرة: كنت أكثر الضحك، فما قطعه عني إلا قتل زيد بن علي.
قال صدقة بن بشير: سمعت حسين بن زيد يمزح مع جعفر بن محمد فيقول له: خذلت شيعتك أبي حتى قتل. فقال له جعفر: إن أباك اشتهى البطيخ بالسكر.
كان مقتل زيد بن علي في صفر سنة عشرين ومئة، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة، وقيل: قتل في سنة اثنتين وعشرين ومئة: سنة ثلاث وعشرين، وقيل: سنة إحدى وعشرين ومئة، في صفر بالكوفة، وصلب في الكناس. قتله يوسف بن عمر، ثم أحرقه بالنار، فسمي زيد النار. وهرب يحيى بن زيد فلحق بخراسان. وقيل إن زيداً لم يزل مصلوباً إلى سنة ست وعشرين، ثم أنزل بعد أربع سنين من صلبه.
وعن الحسن بن محمد بن معاوية البجلي قال: كان زيد بن علي حيث صلب يوجه وجهه ناحية الفرات فيصيح، وقد دارت خشبته ناحية القبلة مراراً، وعمدت العنكبوت حتى نسجت على عورته، وقد كانوا صلبوه عرياناً.
قال جرير بن حازم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متسانداً إلى خشبة زيد بن علي في المنام، وهو مصلوب، وهو يقول: هكذا تفعلون بولدي؟
زيد بن عمر بن الخطاب
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب، القرشي العدوي وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. وفد على معاوية بن أبي سفيان.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب أم كلثوم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: إنها صغيرة. فقال عمر: زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصد أحد. فقال له علي: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها. فبعثها إليه
ببردٍ، وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر، فقال: قولي له: قد رضيته رضي الله عنك، ووضع يده على ساقها فكشفها. فقالت له: أتفعل هذا!؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر، وقالت: بعثتني إلى شيخ سوءٍ؟ فقال: مهلاً يا بنية، فإنه زوجك. فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مجلس المهاجرين في الروضة، فكان يجلس فيه المهاجرون الأولون. فجلس إليهم فقال: زفئوني. فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل نسبٍ وسببٍ وصهر منقطعٌ يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري، فكان لي به صلى الله عليه وسلم النسب والسبب وأردت أن أجمع إليه الصهر. فزفوه.
وقيل أن زيد بن عمر بن الخطاب ابن أم كلثوم بنت علي، توفي هو وأمه أم كلثوم في ساعة واحدة، وهو صغير لا يدرى أيهما مات أول.
وفد إلى معاوية بن أبي سفيان فأجلسه على السرير، وهو يومئذ من أجمل الناس وأشبههم، فبينا هو جالس قال له بسر بن أرطأة: يا بن أبي تراب. فقال له: إياي تعني؟ لا أم لك، أنا والله خير منك وأزكى وأطيب، فما زال الكلام بينهما حتى نزل زيد إليه فخنقه حتى صرعه وبرك على صدره. فنزل معاوية عن سريره فحجز بينهما، وسقطت عمامة زيد فقال زيد: والله يا معاوية ما شكرت الحسنى، ولا حفظت ما كان منا إليك، تسلط علي عبد بني عامر!؟ فقال معاوية: أما قولك يا بن أخي أني كفرت الحسنى فوالله ما استعملني أبوك إلا من حاجة إلي، وأما ما ذكرت من الشكر فوالله لقد وصلنا أرحامكم، وقضينا حقوقكم. وإنكم لفي منازلكم. فقال زيد: أنا ابن الخليفتين، والله لا تراني بعدها أبداً عائداً إليك، وإني لأعلم أن هذا لم يكن إلا عن رأيك. قال: وخرج زيد وقد تشعث رأسه، وسقطت عمامته، فدعا بإبله فارتحل، فأتاه آذن معاوية، فقال: إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول: عزمت عليك لما أتيتني، فإن أبيت أتيتك. قال زيد: لولا العزيمة ما أتيت.
فلما رجع إليه أجلسه على سريره، وقبل بين عينيه، ثم أقبل عليه فقال: من نسي بلاء عمر فإني والله ما أنساه. لقد استعملني وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، وأنا يومئذ حديث السن، فأخذت بأدبه، واقتديت بهديه، واتبعت أثره، فوالله ما قويت على العامة إلا بمكاني كان منه. حاجتك يا بن أخي؟ قال الراوي: فوالله ما ترك له حاجةً، ولا لمن معه إلا قضاها، وأمر له بمئة ألف، وأمر لنا بأربعة آلاف أربعة آلاف، ونحن عشرون رجلاً، وقال: هذه لك عندي في كل عام.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أربعين ألف درهم. وروي مثل ذلك عن عطاء الخراساي أيضاً.
وكان السبب في قتل زيد بن عمر بن الخطاب أن حرباً وقعت فيما بين عدي بن كعب، فخرج عبد الله بن مطيع يطلع ما سببه، وبلغ ذلك عبد الله وسليمان ابني أبي جهم، فخرجا يرصدانه لرجعته، وأتى الخبر أخويهما فخرجوا إليهما، وتداعى الفريقان، وانصرف عبد الله بن مطيع مشياً، فالتقوا بالبقيع، فاقتتلوا، وتنوول ابن مطيع بعصا، فأدركت مؤخر السرج فكسرته، وأقبل زيد بن عمر ليحجز بينهم وبين بعضهم عن بعض، فخالطهم، فضربه رجل منهم في الظلمة، وهو لا يعرفه، على رأسه، فشجه، وصرع عن دابته، وتنادى القوم: زيد
…
زيد، فتفرقوا، وأسقط في أيديهم، وأقبل عبد الله بن مطيع فلما رآه صريعاً نزل، فأكب عليه، وناداه: يا زيد، بأبي أنت وأمي، مرتين أو ثلاثاً، ثم أجابه فكبر ابن مطيع، وأخذه فحمله على بغلته حتى آداه إلى منزله، فدوي زيد من شجته حتى أقبل، وقيل: قد برأ، وكان يسأل عمر ضربه فلا يسميه، ثم إن الشجة انتقضت بزيد بن عمر، فلم يزل منها مريضاً، وأصابه بطن فهلك. رحمة الله عليه.
قال محمد بن الحسن المخزومي: لما استعز بزيد بن عمر جعل الحسين بن علي عليهما السلام يقول له: يا زيد، من ضربك؟ فيقول له عبد الله بن عمر: يا زيد، اتق الله فإنك كنت في اختلاط لا تعرف فيه من ضربك. قال: وكانت في زيد وأمه سنتان: ماتا في ساعة واحدة، لم