الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يريد عائشة رضي الله عنها". وقال في رواية مسلم (1) : "ولا يغرنك أن كانت جارتك ـ أي ضرتك ـ هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك - يريد عائشة". وفي لفظ إحدى روايات مسلم (2) زيادة، هي: ".. والله: لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك. ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ويصف كذلك جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن كن جذابات جميلات (3) . ويناقض نفسه حين يقول عنهن: "وكان منهن خمس دميمات"(4) ، ولم يوضح من منهن - في زعمه - كانت دميمة، ومن كانت جميلة جذابة.
ولا يخفى على العالمين بمناهج المستشرقين المغرضين ما يسعون إليه بكل وسيلة للانتقاص من الرسول صلى الله عليه وسلم والتشكيك في صدق رسالته ونبوته. ومن ذلك تهمة تعدد الزوجات لأهداف حسية جسدية مادية أو شهوانية، ويريد بودلي هنا أن يعزز هذه الفرية بالكلام عن حسن أو جمال أو جاذبية زوجاته.
(1) صحيحه (2/111، 113/رقم 34/ك. الطلاق /ب. الإيلاء..) .
(2)
صحيحه (2/1106/ح30 من كتاب الطلاق /ب. الإيلاء) .
(3)
الرسول، ص 175، 207.
(4)
المرجع نفسه، ص 204.
13-
الزعم بأن حب الوحدة هو الغالب على حياته:
يزعم بودلي (5) أن محمداً كان في أغلب أوقاته يميل إلى الوحدة، ولما لم يتيسر له الفراغ لذلك لفقره عمل راعياً أجيراً.
والصواب أن عمله راعياً كان في صباه، وعندما بلغ مبلغ الرجال عمل
(5) المرجع نفسه، ص 38.
بالتجارة. والميل إلى الوحدة في غار حراء كان قبيل البعثة، ولفترة محدودة، وليس في مرحلة الصبا التي مارس فيها الرعي، وعصمه الله من ممارسة اللهو الذي عرفه مجتمعه في زمانه، مثل الاستماع إلى الغناء (1) . ثم إن بودلي كعادته يقول كلاماً ثم ينقضه أحياناً في الصفحة نفسها، مثل ما حدث في هذا الزعم. فهو يقول مرة: إن محمداً كان ميالاً إلى معاشرة الناس (2)، ويقول مرة أخرى:"فإن نفسه لم تمل إلى فكرة اعتكاف الرجال وعزلتهم.."(3) .
وهنا التناقض، كيف يكون ميالاً إلى معاشرة الناس وعدم الميل للاعتكاف والاعتزال وميالاً إلى الوحدة في أغلب أوقاته؟!
الثابت في مصادر السيرة النبوية أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ميالاً إلى معاشرة الناس. وكان يحث على هذا، كما في مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم"(4) . وفي مثل قوله: "المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس"(5) . وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها نموذج عملي لمعاشرة كل من حوله من الناس صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، بل ألفته
(1) الحاكم: المستدرك (4/254) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2)
الرسول، ص 38.
(3)
المرجع نفسه، ص 82.
(4)
أحمد: المسند (2/ 43)، وإسناده صحيح كما قال محققو الموسوعة الحديثية (9/ح 5022) . ابن ماجه: السنن (2/1338) ، ورواه غيرهما.
(5)
السيوطي: الجامع الصغير (2/184) ، ط. الحلبي، القاهرة، 1358هـ/1939م. وقال السيوطي:"رواه الدارقطني، وهو صحيح ".