الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن حنبل، فدخل رجل فقال: من منكم أحمد بن حنبل؟ فسكتنا، فقال أحمد: هأنذا، قال: جئت من أربعمائة فرسخ براً وبحراً، كنتُ ليلةَ جمعة نائمًا فأتاني آت فقال لي: تعرف أحمد بن حنبل؟ قلت: لا، قال: فأت بغداد وسل عنه، فإذا رأيته فقل: إن الخضر يقرئك السلام ويقول: إن ساكنِ السماء الذي على عرشه راض عنك، والملائكة راضون عنك بما صَفَوْت نفسك لله (1).
فصل في آدابه
قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرةً من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فمه يقبلها، وأحسب أني رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها، ورأيته يشرب ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي: كتب إلى أحمد بن حنبل: لأبي جعفر أكرمه الله، من أحمد بن حنبل.
وعن سعيد بن يعقوب قال: كتب أحمد: من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب، أما بعد، فإن الدنيا داء، والسلطان داء، والعالم طبيب، فإذا رأيتَ الطبيب يجر الداء إلى نفسه فاحذره، والسلام عليك.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن الذهبي: حدثني أبي قال: مضى عمي أبو إبراهيم أحمد بن سعد إلى أحمد بن حنبل فسلم عليه، فما رآه وثب قائمًا وأكرمه.
قال: المروذي: قال لي أحمد: ما كتبت حديثاً إلا وقد عملتُ به، حتى
(1) أي أخذت صفوتها. يقال: "صفوت القدر" إذا أخذت صفوتها.
مرَّ بي أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبَةَ دينارًا، فأعطيت الحجّام دينارًا حين احتجمت.
وقال ابن أبي حاتم: ذكر عبد الله بن أبي عمر البكري قال: سمعت عبد الملك الميموني يقول: ما أعلم أني رأيت أحدًا أنظفَ ثوبَا ولا أشدَّ تعاهدًا لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبًا وشدةَ بيِاض من أحمد بن حنبل.
وقال الخلال: أخبرني محمد بن الجنيد أن المرُّوذي حدثهم قال: كان أبو عبد الله لا يدخل الحمّام، وكان إذا احتاج إلى النورة تنور في البيت، وأصلحتُ له غيرَ مرٍ ة النورة، واشتريت له جلدًا ليده يدخل فيه ويتنوّر.
وقال حنبل: رأيت أبا عبد الله إذا أراد القيام قال لجلسائه: إذا شئتم.
وقال المرّوذي: رأيت أبا عبد الله قد ألقى لختَّانٍ درهمين في الطست.
وقال موسى بن هرون: سئل أحمد بن حنبل فقيل له: أين يطلب البُدَلاء؟ (1) فسكت حتى ظننا أنه لا يجيب، ثم قال: إن لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري.
وقال المرُّوذي: كان الإمام أحمد إذا ذكر الموت خنقته العبرة، وكان يقول: الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب.
وقال: إذا ذكر الموت هان عليّ كلّ شىء من أمر الدنيا، وانما هو طعامٌ دونَ طعام، ولباسٌ دون لباس، وإنها أيام قلائل، ما أعْدِل بالفقر شيئًا.
وقال: لو وجدت السبيل لخرجت حتى لا يكون لي ذِكر.
وقال: أريد أن أكون في بعض تلك الشعاب بمكة حتى لا أُعْرَف، قد
(1) يريد الأبدال، ولم أر هذا الجمع "البدلاء" غير هذا الوضع.