الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم
، لحديث عبدالمطلب بن ربيعة وفيه: ((
…
إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس)) (1)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي تمرةً من تمر الصدقة. فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((كَخْ كَخْ (2) ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة)) وفي لفظ للبخاري: فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجها من فيه، فقال:((أما علمت أنَّ آل محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا يأكلون الصدقة)). وفي لفظ للبخاري أيضاً: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسية: ((كَخْ، كَخْ، أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة)). وفي لفظ مسلم: ((
…
أنَّا لا تحل لنا الصدقة)) (3).
وعن معاوية القشيري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بشيء سأل عنه ((أهدية أم صدقة))؟ فإن قيل: صدقة. لم يأكل وإن قيل هدية بسط يده (4).
وتبين بهذه الأحاديث أن الزكاة لا تحل لآل النبي صلى الله عليه وسلم من
(1) مسلم، برقم: 1072، وتقدم تخريجه في نصيب العاملين على الزكاة.
(2)
كَخْ كِخْ: بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء ويجوز كسرها مع التنوين، وهي كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات، فقال له: كخ: أي أتركه وارم به، [شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 180].
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب أخذ صدقة النخل عند صرام النخل، وهل يترك الصبي فيمس تمر الصدقة؟ برقم 1485، وباب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وآله، برقم 1491، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب من تكلم بالفارسية والرطانة، رقم 3072، ومسلم، كتاب الزكاة، تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم، برقم 1069.
(4)
النسائي، كتاب الزكاة، باب الصدقة لا تحل للنبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2612، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/ 234:((حسن صحيح عن أبي هريرة)).
بني هاشم. قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((لا نعلم خلافاً في
أن بني هاشم لا تحلُّ لهم الصدقة المفروضة)) (1)(2)،
(1) المغني، لابن قدامة، 4/ 109.
(2)
أما بنو المطلب فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تحريم الصدقة عليهم على قولين:
القول الأول: أن الزكاة تحرم على بني المطلب كما تحرم على بني هاشم، وهو قول الشافعي ومن وافقه ورواية عن أحمد؛ لحديث جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن بمنزلة واحدة منك؟ فقال:((إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحدٌ)) قال جبير: ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس، وبني نوفل شيئاً [البخاري برقم 4229، ورقم 3502، ورقم 3140، وقال في هذا الطرف: ((وقال ابن إسحاق: عبد شمس، وهاشم، والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم))، فاتضح بذلك أن المطلبيين هم المنتسبون إلى المطلب، والمطلب أخو هاشم، وأبو هما عبد مناف، وله أربعة أبناء، وهم: هاشم، والمطلب، وعبد شمس، ونوفل. وهاشم هو جد النبي صلى الله عليه وسلم الثاني، وهو أبوه الثالث، وبنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد: أي في النصرة، وهم ليسوا من أهل البيت؛ لأنهم ليسوا من سلالة هاشم، وإنما هم من سلالة أخيه المطلب، ولكنهم يشاركون آل البيت في الخمس، وعلى هذا قال من قال: إنهم لا يأخذون من الزكاة؛ لأنهم استغنوا بما أخذوا من الخمس عن الزكاة، وعلى هذا القول، يكون بنو المطلب حكمهم في تحريم أخذ الزكاة حكم بني هاشم، وحكمهم في استحقاق الخمس كبني هاشم، وبنو عمهم: [بنو نوفل، وبنو عبد شمس] ليس لهم حق في الخمس، ولهم الأخذ من الزكاة.
القول الثاني: أن الزكاة تحلُّ لبني المطلب، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقول أبي حنيفة؛ لأن بني المطلب ليسوا من آل محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولعموم الآية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: 60]، لكن خرج بنو هاشم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس
…
)) [مسلم، برقم 1072] فيجب أن يختص المنع بهم، ولا يصح قياس بني المطلب على بني هاشم؛ لأن بني هاشم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف، وهم آل النبي صلى الله عليه وسلم، ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة بدليل: أن بني عبد شمس، وبني نوفل يساوونهم في القرابة، ولم يعطوا شيئاً؛ وإنما شاركوهم بالنصرة أو بهما جميعاً، والنصرة لا تقتضي منع الزكاة، وهذا هو القول الصحيح، وسمعت شيخنا ابن باز أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 3140، يقول:((بنو المطلب يعطون من الخمس؛ لأنهم ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والإسلام، ويعطون من الزكاة على الصحيح؛ لأنه منع الزكاة عن بني هاشم فقط)) واختار هذا القول أيضاً الخرقي في مختصره مع المغني، 4/ 109، وابن قدامة في المغني، 4/ 111، وفي المقنع مع الشرح الكبير، 7/ 289، وفي العمدة، وشيخ الإسلام كما في الفروع مع تصحيحه، 4/ 370، والإنصاف مع الشرح الكبير، 7/ 307، وصاحب الروض المربع، 3/ 329، وغيرهم كثير، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع، 6/ 259: ((والصحيح
…
أنه يصح دفع الزكاة إلى بني المطلب)). وانظر: المجموع للنووي، 6/ 167، وفتح الباري لابن حجر،
3/ 227، ونيل الأوطار، 3/ 87، وشرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 182.
والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل (1) وهو سبحانه
(1) وهل تصح صدقة التطوع على آل النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((وأما صدقة التطوع فللشافعي فيها ثلاثة أقوال: أصحها: أنها تحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحلُّ لآله، والثاني تحرم عليه وعليهم، والثالث: تحلُّ له ولهم)) [شرح النووي على صحيح مسلم،7/ 182].
وقال ابن قدامة في المغني، 4/ 113: ((ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع
…
)) وعن أحمد رواية أخرى: أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضاً والأول أظهر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل معروف صدقة)) [البخاري، برقم 6021، ومسلم، برقم: 1005] ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي، والعفو عنه، وإنظاره. وروى جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقاياتٍ بين مكة والمدينة، فقلت له: أتشرب من الصدقة؛ فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة [ذكره ابن قدامة في المغني 4/ 114، وعزاه ابن حجر إلى الشافعي والبيهقي في التلخيص الحبير 3/ 115] قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((فأما النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر أن الصدقة جميعها كانت محرمة عليه فرضها ونفلها)) واختار ذلك رحمه الله: [المغني، 4/ 115 - 117] والمقنع مع الشرح الكبير، 7/ 295 – 298، ورجحه ابن عثيمين رحمه الله تعالى فقال: ((بهذا نعرف أن بني هاشم ينقسمون إلى قسمين: الأول: من لا تحل له صدقة التطوع، وهو شخص واحد، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فهو لا يأكل الصدقة الواجبة، ولا التطوع.
الثاني: البقية من بني هاشم يأكلون من صدقة التطوع، ولا يأكلون من الزكاة الواجبة، [الشرح الممتع، 6/ 258] وقال سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى: ((قد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على تحريم الزكاة على أهل البيت، وهم بنو هاشم، سواء كانت نقوداً أو غيرها، أما صدقة التطوع فلا حرج فيها)) [مجموع فتاوى ابن باز، 14/ 134].