الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الخامسة عشرة:
1-
علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن غطاس الإمام علم الدين، أبو الحسن الهمداني السخاوي، المقرئ المفسر النحوي، شيخ القراء بدمشق في زمانه.
ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة، وقدم من سخا فسمع من السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وبمصر من أبي الجيوش عساكر بن علي، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين.
وأخذ القراءات عن أبي القاسم الشاطبي، وأبي الجود اللخمي، وأبي الفضل الغزنوي، وأبي اليمن الكندي، لكن اقتصر على الشاطبي، وأبي الجود في إسناد الروايات عنهما، وأقرأ الناس نيفا وأربعين سنة.
فقرأ عليه خلق كثير بالروايات، منهم: شهاب الدين أبو شامة، وشمس الدين أبو الفتح، وهو الذي تصدر للإقراء، بعده بالتربة الصالحية، وزين الدين عبد السلام الزواوي.
ورشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر، وتقي الدين يعقوب الجرائدي وجمال الدين إبراهيم الفاضلي، ورضي الدين جعفر بن دبوقا، وشهاب الدين محمد بن مزهر، وشمس الدين محمد الدمياطي، وقرأ عليه بشر كثير، ثم تركوا الفن كالجمال عبد الواحد بن كثير، ورشيد الدين إسماعيل الحنفي.
وشمس الدين محمد بن قيماز، والنظام محمد التبريزي، وروى عنه إبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وشرف الدين أحمد بن إبراهيم الفزاري والشهاب بن مروان، والزين أحمد بن محمود القلانسي، والصدر إسماعيل بن مكتوم.
وهؤلاء ممن قرأ عليه القرآن، وآخر من بقي من الذين سمعوا عليه إبراهيم بن علي بن النصير، وكان إماما كاملا ومقرئا محققا، ونحويا علامة مع بصره بمذهب الشافعي رضي الله عنه، ومعرفته بالأصول، وإتقانه للغة وبراعته في التفسير، وإحكامه لضروب الأدب.
وفصاحته بالشعر وطول باعه في النثر، مع الدين والمروءة والتواضع، واطراح
التكلف وحسن الأخلاق، ووفور الحرمة وظهور الجلالة، وكثرة التصانيف.
منها شرح الشاطبية في مجلدين، وشرح الرائية في مجلد، وشرح المفصل في أربعة أسفار، وجمال القراء في مجلد، ومنير الدياجي في الأحاجي مجلد، وتفسير نصف القرآن في أربعة أسفار، مات قبل كماله.
قال القاضي في "وفيات الأعيان": رأيته مرارا راكبا بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان وثلاثة يقرءون عليه، دفعة واحدة في أماكن من القرآن مختلفة، وهو يرد على الجميع.
قلت: ما أعلم أحدا من المقرئين ترخص في إقراء اثنين فصاعدا، إلا الشيخ علم الدين، وفي النفس من صحة تحمل الرواية على هذا الفعل شيء، فإن الله تعالى ما جعل لرجل من قلبين في جوفه.
ولا ريب في أن ذلك أيضا خلاف السنة، لأن الله تعالى يقول:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] .
وإذا كان هذا يقرأ في سورة، وهذا في سورة، وهذا في سورة، في آن واحد، ففيه مفاسد، أحدها زوال بهجة القرآن عند السامعين، وثانيها أن كل واحد يشوش على الآخر، مع كونه مأمورا بالإنصات.
وثالثها: أن القارئ منهم لا يجوز له أن يقول قرأت القرآن كله، على الشيخ وهو يسمع، ويعي ما أتلوه عليه، كما لا يسوغ للشيخ أن يقول لكل فرد منهم: قرأ علي فلان القرآن جميعه، وأنا أسمع قراءته وما هذا في قوة البشر.
قالت عائشة رضي الله عنها، سبحان من وسع سمعه الأصوات، وإنما يصحح التحمل إجازة الشيخ للتلميذ، ولكن تصير الرواية بالقراءة إجازة، لا سماعا من كل وجه.
وقد كان الشيخ علم الدين، من أفراد العالم، ومن أذكياء بني آدم حلو النادرة مليح المحاورة، ومن شعره:
قالوا غدا نأتي ديار الحمى
…
وينزل الركب بمغناهم
وكل من كان مطيعا لهم
…
أصبح مسرورا بلقياهم
قلت فلي ذنب فما حيلتي
…
بأي وجه أتلقاهم
قيل أليس العفو من شأنهم
…
لا سيما عمن ترجاهم
ومن غرائب الاتفاق، أن الشيخ علم الدين، مدح السلطان صلاح الدين، ومدح الأديب رشيد الدين الفارقي، وبين وفاتي الممدوحين مائة سنة، قال شهاب الدين أبو شامة، شيخ وقته:
توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه، وشيخ أوانه، بمنزله بالتربة الصالحية، ودفن بسفح قاسيون، وكانت على جنازته هيبة وجلالة وإخبات، ومنه استفدت علوما جمة، كالقراءات والتفسير وفنون العربية، وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة وستمائة، ومات وهو عني راض، في ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
قلت: وكان شيخ الإقراء بالتربة المذكورة، وهو أول من أقرأ بها وكانت له حلقة إقراء بالجامع، فكان يقرئ عند المكان بقبر يحيى بن زكريا، وقد مات في هذه السنة خلق لا يحصون.
منهم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، والحافظ سيف الدين ابن المجد والقاضي الأشرف ابن القاضي الفاضل، والتقي ابن العز، شيخ المقادسة، والشرف أحمد ابن الجوهري المحدث.
والصاحب معين الدين، ابن شيخ الشيوخ الجويني، وربيعة خاتون أخت السلطان صلاح الدين، ودفنت بالصاحبية وسيف الدين على بن قليج.
ودفن بمدرسته القليجية، وعبد الله بن عزيز اليونيني الزاهد، والشرف عبد الله بن أبي عمر، خطيب الجبل، وأبو منصور عبد الله بن الوليد محدث بغداد.
والفقيه أبو سليمان بن الحافظ عبد الغني، والمحدث سراج الدين بن شحاتة، محدث حران، وأسعد الدين عبد الرحمن بن مقرب، محدث الأسكندرية وأمين الدين عبد المحسن بن حمود، صاحب الإنشاء.
وأبو الحسن بن المقير، مسند الديار المصرية، والفلك المسيري الوزير والعز النسابة ابن عساكر، والتاج ابن أبي جعفر إمام الكلاسة، وأبو بكر بن الخازن مسند بغداد.
والحافظ الضياء المقدسي، محدث دمشق، والفخر ابن المالكي، والضياء بن محاسن، أحد أئمة الحنابلة، ومحب الدين بن النجار، مؤرخ بغداد وحافظها، والمنتجب الهمذاني شارح الشاطبية.
والصاحب شهاب الدين يعقوب بن المجاور، وموفق الدين يعيش الحلبي شيخ العربية، وتسمى سنة الخوارزمية وكان الحصار بهم.
مع ابن الشيخ على دمشق وأبيع فيها القمح الغرارة بألف وستمائة درهم نسأل الله الأمن والعافية بمنه وكرمه1.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 568-571".
2-
علي بن علي بن عبد الله بن ياسين بن نجم، الإمام أبو الحسن الكناني العسقلاني، ثم التنيسي المصري المنشأ، المعروف بابن البلان المقرئ النحوي.
ولد سنة بضع وخمسين وخمسمائة، وقرأ القراءات قديما على أبي الجود، وحذق في العربية، على أبي محمد عبد الله بن بري، وسمع منه ومن مشرف بن علي الأنماطي.
وتصدر بالجامع العتيق بمصر، وأم بمسجد سوق وردان، وسافر إلى بغداد وإلى دمشق، وكان ثقة خيرا كثير التلاوة والتحري.
توفي في ذي القعدة، سنة ست وثلاثين وستمائة، عن نحو من ثمانين سنة1.
3-
نذير بن وهب بن لب بن عبد الملك أبو عامر الفهري، الأندلسي البلنسي المقرئ.
أخذ القراءات عن أبيه أبي العطاء، عن أخذه عن أبي محمد بن سعدون الوشقي، صاحب ابن الدوش وغيره، وسمع الحديث من أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد، وأجاز له أبو الحسن بن هذيل، وبرع في الشروط، فلم يكن أحد يقاربه فيها، وكان يستحضر الكامل للمبرد، ولي قضاء دانية وغيرها، توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وستمائة2.
4-
المنتجب بن أبي العز بن رشيد الإمام، منتجب الدين، أبو يوسف الهمذاني المقرئ النحوي شيخ الإقراء، بالتربة الزنجيلية، وصاحب شرح الشاطبية، وشرح المفصل.
كان رأسا في القراءات والعربية، صالحا متواضعا، صوفيا، قرأ القراءات على أبي الجود، غياث بن فارس، وسمع من ابن طبرزد والكندي، وقرأ أيضا على الكندي، سمع منه جماعة.
وقرأ عليه بالروايات الصائن الضرير، نزيل قونية، والنظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وغيرهما، وكان سوقه كاسدا، مع وجود أبي الحسن السخاوي، قال الإمام أبو شامة: توفي في سادس ربيع الأول، سنة ثلاث وأربعين وستمائة3.
5-
المنتجب الهمذاني وكان مقرئا مجودا، قرأ على أبي الجود والكندي، وانتفع بشيخنا السخاوي، في معرفة قصيد الشاطبي.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 554، 555".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 334".
3 انظر/ غاية النهاية "2/ 310".
ثم تعاطى شرح القصيد، فخاض ثم عجز عن سباحته، وجحد حق تعليم شيخنا له وإفادته، والله يعفو عنا وعنه، حدثني النظام التبريزي قال: قرأت بأربع روايات على المنتجب، وكنت أقرأ عليه خفية من شيخنا علم الدين.
وكان أصحاب شيخنا لا يجسرون أن يقرءوا على المنتجب، فوشى بي بعض الطلبة إلى الشيخ علم الدين، فقال: هذا ما هو مثل غيره، هذا يقرأ ويذهب وما يكثر فضولا.
6-
إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن قسوم، أبو إسحاق اللخمي الإشبيلي المقرئ.
ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: أخذ القراءات عن أبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح، وروى عن أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون وأبي محمد بن عبيد الله، ونجبة بن يحيى.
وكان فقيها أصوليا، ناسكا صادعا بالحق، تغلب عليه العبادة، توفي في شوال سنة اثنتين وأربعين وستمائة عن سن عالية1.
7-
الزين الكردي المقرئ، من كبار القراء في عصر الشيخ علم الدين السخاوي بدمشق.
أخذ القراءات عن أبي القاسم الشاطبي، وتصدر للإقراء، قرأ عليه الرشيد بن أبي الدر وغيره، قال أبو شامة: توفي الزين أبو عبد الله محمد، هو ابن عمر بن حسين الكردي في سنة ثمان وعشرين وستمائة، وأخذ مكانه في جامع دمشق شيخنا أبو عمرو بن الحاجب2.
8-
زيادة بن عمران بن زيادة، أبو النجا المصري المالكي، المقرئ الضرير.
قرأ القراءات على أبي الجود، وتفقه على أبي منصور ظافر، وقرأ العربية، وتصدر للإقراء بمصر، وبالفاضلية، أخذ عنه سبطه حسن بن عبد الكريم، والقدماء.
وتوفي في شعبان سنة تسع وعشرين وستمائة3.
9-
أبو عبد الله القرطبي محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري، المقرئ الفقيه المالكي الزاهد.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 17".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 216".
3 انظر/ غاية النهاية "1/ 295، 296".
قرأ القراءات على الشاطبي، وسمع منه ومن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي، ومحمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وهبة الله بن علي البوصيري وغيرهم.
وكان مولده في سنة بضع وخمسين وخمسمائة، روى لنا عنه حسن بن عبد الكريم المالكي، وكان أستاذا في معرفة القراءات، والتفسير والنحو، كثير الحج والمجاورة بالمدينة.
جلس للإقراء بعد موت الشاطبي، ثم تزهد، توفي في مستهل صفر، سنة إحدى وثلاثين وستمائة بالمدينة، وكان له قبول تام، من الخاص والعام.
وفيه مروءة وافرة، وقضاء الحق لحقوق الإخوان، سمع عليه الشاطبية الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وخلع عليه فرجية فقبلها منه، أبو عبد الله القرطبي.
وروى عنه الزكي عبد العظيم، ومجد الدين بن العديم العقيلي1.
10-
يحيى بن منصور الفقيه أبو الحسن السليماني، اليماني المقرئ الشافعي.
قرأ القراءات على أبي الجود، وتفقه على الشهاب الطوسي، ثم لازم درس أبي الحسن بن المفضل المقدسي مدة.
توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة2.
11-
عبد العزيز بن محمد بن علي بن حمزة بن فارس أبو البركات بن القبيطي البغدادي المقرئ.
ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وقرأ بطرق المبهج على عمه أبي يعلى حمزة صاحب سبط الخياط.
وسمع الحديث من شهدة الكاتبة، وأبي الفتح بن شاتيل، وكان من أعيان القراء المجودين في زمانه، وكان جده ممن قرأ على أبي العز القلانسي.
توفي أبو البركات، في ربيع الأول، سنة أربع وثلاثين وستمائة3.
12-
عبد الكريم بن غازي بن أحمد الفقيه، أبو نصر الواسطي، المقرئ الضرير بن الأغلاقي.
1 انظر/ غاية النهاية "2/ 219، 220".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 379".
3 انظر/ غاية النهاية "1/ 396".
قدم مصر وقرأ القراءات على أبي الجود، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وجماعة، وكان موصوفا بالذكاء، وهو والد شيخنا أحمد.
توفي في نصف رجب، سنة أربعين وستمائة1 بالقاهرة.
13-
عبد القوي بن المغربل تقي الدين المقرئ.
قرأ بالروايات على أبي الجود، وتصدر وأقرأ، أخذ عنه البرهان الوزيري، وغيره، في سنة أربعين، ومات سنة ست وأربعين وستمائة.
14-
عبد القوي بن عزون بن داود بن منصور، أبو محمد المصري المقرئ.
قرأ القراءات على أبي الجود، وسمع من البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وبدمشق من الخشوعي، وبالإسكندرية من حماد الحراني، وبالموصل وحلب.
وكان من أهل الديانة والصيانة، توفي سنة أربعين وستمائة، وله ثلاث وسبعون سنة2.
15-
منصور بن عبد الله بن جامع بن مقلد، الأنصاري المصري المقرئ، الأستاذ أبو علي الملقب بشرف الدين، الدهشوري الضرير.
قرأ القراءات على أبي الجود، وأبي عبد الله القرطبي، وقدم دمشق فقرأ بكتاب المبهج على التاج الكندي، وسمع من ابن طبرزد وغيره، وأقرأ بالفيوم، وأخذ عنه جماعة، وكان بصيرا بهذا الشأن.
توفي سنة أربعين، أو إحدى وأربعين وستمائة، قرأ عليه الرشيد بن أبي الدر وغيره3.
16-
أحمد بن محمد أبو جعفر القيسي، القرطبي المقرئ النحوي.
أخذ عن أبي القاسم الشراط، وسمع من الحافظ بن بشكوال، وتصدر للإقراء وللعربية، واختصر كتاب التبصرة لمكي في القراءات، وصنف كتابا في النحو.
ولما أخذت قرطبة، سكن أشبيلية، ثم ركب البحر، فأسرته الروم وعذب، فتوفي إلى رحمة الله تعالى، بميورقة، سنة ثلاث وأربعين4.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 403".
2 انظر/ غاية النهاية "1/ 399".
3 انظر/ غاية النهاية "2/ 313".
4 انظر/ غاية النهاية "1/ 136".
17-
محمد بن محمد بن وضاح، أبو بكر اللخمي الأندلسي، الشقيري المقرئ، خطيب جزيرة شقر.
أخذ القراءات عن أبيه أبي القاسم، وسمع أبا إسحاق بن فتحون وحج عام ثمانين وخمسمائة، فسمع ببجاية، من الحافظ الأزدي عبد الحق.
وأجاز له أبو الحسن بن هذيل، وسمع حرز الأماني من أبي القاسم الشاطبي، وتصدر للإقراء مدة ببلده، وكان رجلا صالحا.
توفي في صفر سنة أربع وثلاثين وستمائة، وله خمس وسبعون سنة1.
18-
محمد بن عبد الله بن عمر أبو عبد الله الأنصاري، الأوسي القرطبي، الضرير المقرئ المعروف بابن الصفار.
أخذ القراءات عن أبي القاسم الشراط وغيره، وسمع ابن بشكوال وابن الجد وأبا عبد الله بن زرقون.
وأقرأ الناس، وتنقل في البلاد، ثم استقر بتونس، قال الأبار: صحبته طويلا، ورأيته ادعى الإكثار فارتبت.
وكان يقرئ العربية، توفي سنة تسع وثلاثين وستمائة2.
19-
محمد بن عبد الله بن خلف أبو عبد الله الأنصاري، البلنسي المقرئ.
أخذ القراءات عن أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نوح الغافقي وأتقن العربية، تزهد وأقبل على العلم، وتحقق بالتفسير.
وأقرأ القراءات، وله كتاب نسيم الصبا في الوعظ، على طريقة ابن الجوزي، وكتاب في الخطب، توفي في رجب سنة أربعين وستمائة، وله ست وستون سنة، وازدحم الخلق على نعشه حتى كسروه3.
20-
محمد بن إبراهيم بن عبد الملك، أبو عبد الله الأزدي، القارجي الأندلسي، المقرئ من أهل قيجاطة.
أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن يربوع، وتأدب عليه، وأخذ القراءات جمعا -فيما ذكر- عن علي بن محمد التجيبي، ولقيه بطبرية.
1 انظر/ غاية النهاية "2/ 257".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 182".
3 انظر/ غاية النهاية "2/ 178".
وحدثه بالقراءات، عن سليمان بن طاهر بن عيسى، عن أبي عمرو الداني، وفي هذا نظر، ولا يصح من هذا شيء، وسمع من الخشوعي وغيره، وبمصر من أبي عبد الله القرطبي، ثم رجع.
وأخذ القراءات عن أبي جعفر الحصار، وأقرأ بمرسية، توفي في المحرم، سنة ثلاث وأربعين وستمائة1.
21-
علي بن عبد الرحمن بن علي أبو الحسن الزهري، الإشبيلي المقرئ.
أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، والعربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وصحيح البخاري عن أبيه، عن أبي الحسن شريح، وولي قضاء الجماعة، في مدة أبي مروان، أحمد بن محمد الباجي، قتيل ابن الأحمر.
توفي في ربيع الآخر، سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وله ثلاث وتسعون سنة2.
22-
علي بن جابر بن علي اللخمي الإشبيلي، الإمام أبو الحسن بن الدباج، المقرئ، النحوي أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، وأبي الحسن نجبة بن يحيى وأخذ العربية عن أبي ذر الخشني، وأبي الحسن بن خروف.
وتصدر للعلمين زمانا طويلا، وكان من أهل الصلاح والصيانة، أم بجامع العدبس، توفي في شعبان سنة ست وأربعين وستمائة، بعد استيلاء الروم، لعنهم الله على البلد بأيام.
هاله نطق الناقوس، وخرس الأذان، فما زال يتأسف ويضطرب ألما لذلك، إلى أن قضى نحبه رحمه الله، وعاش ثمانين سنة، وهو شيخ ابن عصفور في النحو3.
23-
أبو عمرو بن الحاجب هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي، الدوني الأصل الإسنائي المولد، المقرئ المالكي النحوي الأصولي.
أحد الأعلام، قال: ولدت سنة سبعين أو سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بإسنا، من أعمال الصعيد وكان أبوه جنديا حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحي.
فاشتغل أبو عمرو في الصغر بالقاهرة، وحفظ القرآن، وقرأ ببعض الروايات على الشاطبي، وسمع منه التيسير، ثم قرأ القراءات على أبي الفضل الغزنوي، وأبي الجود اللخمي.
1 انظر/ غاية النهاية "2/ 45".
2 انظر/ غاية النهاية "1/ 548".
3 انظر/ غاية النهاية "1/ 528، 529".
وأخذ الفقه عن أبي المنصور الأبياري وغيره، وتأدب على الشاطبي وابن البنا، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعة.
وكان حاد القريحة، يتوقد ذكاء قدم دمشق ودرس بها، وأكب الفضلاء على الأخذ عنه، وصنف التصانيف النفيسة المتنافس فيها، ذكره الحافظ عمر بن الحاجب الأمين، فقال: هو فقيه مفتي مناظر مبرز في عدة علوم مع ثقة ودين وورع، وتواضع واحتمال واطراح للتكلف، قلت: ثم نزح إلى مصر، عندما أنكر على الصالح إسماعيل، هو وابن عبد السلام، فتصدر بالفاضلية، ثم تحول إلى الإسكندرية، ليقيم بها.
قرأ عليه بالروايات، الشيخ موفق الدين محمد بن أبي العلاء ببعلبك، عن قراءته على أبي عمرو بن الحاجب، وحدث عنه الحافظ عبد العظيم والحافظ شرف الدين عبد المؤمن، وجمال الدين الفاضلي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الحسن بن البقال، وأبو الفضل الذهبي وآخرون.
توفي في شوال سنة ست وأربعين1 وستمائة رحمه الله.
24-
محمد بن عمر بن أبي القاسم بن الداعي الرشيدي، العباسي الإمام، أبو عبد الله الواسطي المقرئ، شيخ القراء بالعراق، نقلت من خطه.
أنه قرأ بما حواه المستنير لابن سوار، على المبارك بن المبارك الحداد، ومحمد بن محمد بن الكال الحلي، وقرأ للعشرة، على أبي بكر عبد الله بن الباقلاني، وأن الشيخ موفق الدين عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي الضرير قرأ عليه للعشرة ختمة كاملة، وكتب الداعي الرشيدي بالمدرسة النظامية في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وستمائة قلت: وممن حكى لي أنه قرأ على الداعي الرشيدي، الشيخ جمال الدين المصري، إمام مسجد الأشراف وعمر الشريف الداعي وعمر دهرا، وبقي إلى سنة أربع وستين وستمائة، بواسط، رأيت خطه بالإجازة في هذا الوقت لأبي عبد الله بن خروف2.
25-
عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر بن نجدة، الإمام رشيد الدين، أبو محمد الجذامي الزنباعي المصري المقرئ الضرير.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 508، 509".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 218".
قرأ القراءات على أبي الجود، وسمع من أبي القاسم البوصيري، وغيره وبرع في العربية، وتصدر للإقراء مدة، وأخذ عنه القراءات طائفة من الأعيان، وكان ذا حرمة وافرة، وجلالة ظاهرة، وخبرة تامة بوجوه القراءات.
انتهت إليه رياسة الفن في زمانه، وقد قرأت القرآن على النظام التبريزي وأخبرني أنه قرأ عليه لأبي عمرو، وهو والد الكاتب البليغ محيي الدين.
توفي في جمادى الأولى، سنة تسع وأربعين وستمائة1.
26-
علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم، الإمام بهاء الدين، أبو الحسن اللخمي ابن الجميزي المصري، الشافعي المقرئ الخطيب، أحد الأعلام.
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر، وحفظ القرآن سنة تسع وستين، ورحل به أبوه، فسمع بدمشق من الحافظ أبي القاسم بن عساكر.
وقرأ ببغداد القراءات العشر على أبي الحسن علي بن المرحب البطائحي وبدمشق على قاضي القضاة، أبي سعيد بن أبي عصرون، وقرأ عليه المهذب كله.
وكان قد قرأ القراءات على أبي بكر المزرفي، وأنا أتعجب من القراء كيف لم يزدحموا على الشيخ بهاء الدين؛ لأنه كان أعلى أهل زمانه إسنادا في القراءات، فلعله كان المانع من جهته، وقد سمع من أبي طاهر السلفي وشهدة الكاتبة، وجماعة.
وتفرد بالأسانيد العالية، وقرأ على الشاطبي عدة ختمات، ولم يكمل عليه القراءات، وهو من طبقة الشاطبي في بعض الروايات، وقد تفقه بمصر، على أبي إسحاق، إبراهيم بن منصور العراقي، والشهاب الطوسي ودرس وأفتى.
وانتهت إليه رياسة العلم بالديار المصرية، وانقطع بموته إسناد عال، حدثنا عنه الدمياطي، وابن دقيق العيد، وأبو الحسين اليونيني، والفخر التوزري.
والضياء السبتي، والرضي الطبري، والشرف محمد بن النشو وخلق سواهم، توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وأربعين وستمائة وقد جاوز التسعين2.
27-
عيسى بن أبي الحرم مكي بن حسين بن يقظان، الشيخ سديد الدين أبو القاسم، العامري المصري، المقرئ الشافعي، إمام جامع الحاكم.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 391، 392".
2 انظر/ غاية النهاية "1/ 583".
ولد قبل السبعين وخمسمائة، وقرأ للسبعة على أبي القاسم بن فيرة الرعيني، وتصدر للإقراء، وكان بصيرا بالقراءات عالي الإسناد.
قرأ عليه تقي الدين يعقوب بن بدران الجرائدي، ونور الدين علي بن ظهير الكفتي، وموفق الدين محمد بن أبي العلاء النصيبي، وآخرون وحدث عنه الحافظ عبد العظيم، ودانيال الكركي، والصاحب مجد الدين العديمي.
توفي في شوال، سنة تسع وأربعين أيضا1.
28-
عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم، الخضر بن محمد بن علي الإمام، مجد الدين أبو البركات بن تيمية، الحراني الحنبلي.
أحد الأعلام وجد شيخنا تقي الدين، ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة وحفظ القرآن، وتفقه على عمه الخطيب فخر الدين، ثم رحل في صحبة سيف الدين ابن عمه، وهو مراهق.
فقرأ القراءات بكتاب المبهج، على الشيخ عبد الواحد بن سلطان، وسمع من عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وضياء بن الخريف ويوسف بن كامل، وسمع قبلها بحران من حنبل المكبر، وعبد القادر الرهاوي.
وتفقه ببغداد، على أبي بكر بن غنيمة الحلاوي، وانتهت إليه الإمامة في زمانه، قرأ عليه القراءات أبو عبد الله القيرواني.
وتخرج به في الفقه جماعة، وحدث عنه ولده شهاب الدين عبد الحليم وشرف الدين الدمياطي، وأمين الدين بن شقير.
والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وأبو العباس أحمد بن الظاهري، ومحمد بن أحمد القزاز، وعبد الغني بن منصور المؤذن، والزاهد محمد بن زباطر وعفيف الدين إسحاق الآمدي.
وكان إماما كاملا، معدوم النظير في زمانه، رأسا في الفقه وأصوله بارعا في الحديث ومعانيه، وله اليد الطولى في معرفة القراءات والتفسير، صنف التصانيف، واشتهر اسمه وبعد صيته.
وله أرجوزة في القراءات، ومصنف في أصول الفقه، وكتاب كبير في الأحكام،
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 614".
معروف، وشرح الهداية وغير ذلك، وكان فرد زمانه في معرفة المذهب، مفرط الذكاء متين الديانة، كبير الشأن.
قال لي شيخنا أبو العباس: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: ألين للشيخ المجد الفقه، كما ألين لداود الحديد، وبلغنا أن الشيخ المجد لما حج من بغداد في آخر عمره.
اجتمع به الصاحب العلامة محيي الدين بن الجوزي، فانبهر له، وقال: هذا الرجل ما عندنا ببغداد مثله، ولما رجع من الحج التمسوا منه أن يقيم ببغداد، فامتنع واعتل بالأهل والوطن.
وكان من عجائب الوجود في المناظرة وسرعة الجواب، قل أن ترى مثله العيون، كان الشيخ نجم الدين بن حمدان، مصنف الرعاية الكبرى يقول: كنت أطالع على درس الشيخ المجد، وما أبقى ممكنا.
فإذا حضرت الدرس يأتي الشيخ بأشياء كثيرة لا أعرفها، وكان عجبا في سرد الأحاديث، وحفظ مذاهب السلف، وإيرادها بلا كلفة، وكان قد أتقن العربية على الشيخ أبي البقاء العكبري.
توفي إلى رحمة الله تعالى بحران، يوم عيد الفطر، سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وله نيف وستون سنة1.
29-
إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن وثيق الأستاذ المحقق، أبو إسحاق الأندلسي الإشبيلي، المقرئ.
أخذ القراءات ببلده، سنة سبع وتسعين وخمسمائة، عن أبي الحسين حبيب بن محمد، سبط أبي الحسن شريح، وعن أبي الحكم عبد الرحمن بن محمد اللخمي، وأبي العباس أحمد بن مقدام الرعيني، وأبي الحسن خالص.
قال: قرأت عليهم بالروايات، وقالوا: قرأنا على أبي الحسن شريح الرعيني، وقال: أخبرنا بكتاب التيسير، أبو عبد الله بن زرقون إجازة، عن أحمد بن محمد الخولاني إجازة، عن أبي عمرو الداني.
وكان ابن وثيق، إماما مجودا بارعا في معرفة وجوه القراءات، وعللها، كثير الترحال والتنقل، أقرأ بالموصل والشام ومصر.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 385، 386".
أخذ عنه القراءات: الشيخ عماد الدين بن أبي زهران الموصلي، ونور الدين علي بن ظهير الكفتي وجماعة، وحدث عنه محمد بن جوهر التلعفري.
وقرأ عليه النفيس إسماعيل بن صدقة، وأبو عبد الله محمد بن علي بن زبير الجيلي، وممن قرأ عليه الفخر عثمان التوزري شيخنا، ولد سنة سبع وستين وخمسمائة.
ومات بالإسكندرية في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة فينبغي أن يبادر إلى أخذ القراءات سماعا من الجيلي عنه1.
30-
الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، الإمام أبو عبد الله المقرئ.
قرأ القراءات، بواسط، على أبي بكر عبد الله بن الباقلاني، صاحب أبي العز القلانسي، وتصدر للإقراء بواسط، قرأ عليه الشيخ عز الدين أحمد الفاروثي، وغيره2.
31-
المرجى بن الحسن بن علي بن هبة الله بن غزال بن شقيرا الشيخ عفيف الدين أبو الفضل، الواسطي المقرئ التاجر السفار.
ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي بكر بن الباقلاني، وتفقه على يحيى بن الربيع الشافعي، وسمع من أبي طالب محمد بن علي الكتاني، وتفرد في الدنيا عنه.
وسافر في التجارة إلى البلاد البعيدة، ثم إنه شاخ وجلس للإقراء وعمر دهرا طويلا، وقد حدث بمصر والشام والعراق.
قرأ عليه بالروايات، الرشيد بن أبي الدر، وروى عنه الشيخ عز الدين الفاروثي، والحافظ عبد المؤمن الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، والعماد بن البالسي، وآخرون.
ذكر الفاروثي، أن ابن شقيرا عاش إلى حدود سنة ست وخمسين وستمائة3.
32-
علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى بن حسان بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
الشيخ الإمام كمال الدين الضرير، أبو الحسن بن أبي الفوارس، الهاشمي العباسي
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 24".
2 انظر/ غاية النهاية "1/ 240".
3 انظر/ غاية النهاية "2/ 293".
المصري المقرئ الشافعي، شيخ القراء بالديار المصرية في زمانه، ولد في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
وقرأ القراءات السبعة، مفردا للرواة الأربعة عشر، سوى الليث، ومجامعا بما في التيسير والقصيد، من أول القرآن العزيز إلى سورة الأحقاف على الإمام أبي محمد القاسم بن فيرة الشاطبي، فتوفي الشاطبي قبل كمال الختمة.
وقد تزوج بعد ذلك بابنة الشاطبي، وجاءه منها الأولاد، وقرأ القراءات أيضا على أبي الحسن شجاع بن محمد المدلجي، صاحب ابن الحطيئة، وعلى أبي الجود غياث بن فارس.
وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الوراق، وسمع من أبي القاسم البوصيري، والشهاب الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي وطائفة.
وسمع كتاب التيسير، من أبي الحسين، محمد بن أحمد بن جبير الكناني، بسماعه من علي بن أبي العيش، عن ابن الدوش، عن المؤلف، وسمعه أيضا من الشاطبي، وقرأ الشاطبية دروسا على المؤلف، وسمعها عليه.
وسمع التجريد لابن الفحام، من بهاء الدين بن شداد، بسماعه من ابن سعدون.
وسمع التذكار لابن شيطا، عن أبي بكر عبد الرحمن بن باقا، قال: أخبرنا علي بن أبي سعد الخباز، أخبرنا الحسن بن أحمد الباقرحي، أخبرنا المصنف.
وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون من العلم، حسن الأخلاق تام المروءة، كثير التواضع مليح التودد، وافر المحاسن.
انتهت إليه رياسة الإقراء، وازدحم عليه القراء، قرأ عليه الشيخ محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ حسن الراشدي، وشمس الدين محمد الحاضري، والحافظ شرف الدين الدمياطي، والشيخ نصر المنبجي، وبرهان الدين الوزيري، وروى عنه الشيخ داود الحريري، والعماد محمد بن الجرائدي، والأمير علم الدين سنجر الدواداري، وإسحاق بن الوزيري، والزين عبد الرحيم الساعاتي، وطائفة بقيد الحياة.
توفي في سابع ذي الحجة، سنة إحدى وستين وستمائة1.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 544".
33-
عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى الإمام، تقي الدين أبو القاسم الناشري، المقرئ الفقيه الشافعي.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة وقرأ القراءات على أبي الجود اللخمي، وسمع من الحافظ على بن المفضل وغيره، وانتصب للإقراء مدة، بجامع مصر، اشتهر اسمه.
وقرأ عليه جماعة، وكان عارفا بالقراءات، صالحا فاضلا وافر الحرمة توفي في شوال، سنة إحدى وستين وستمائة -رحمه الله1.
34-
القاسم بن أحمد بن الموفق بن جعفر، العلامة علم الدين، أبو محمد المرسي اللورقي المقرئ الأصولي النحوي.
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وقرأ بالروايات قبل الستمائة على أبي جعفر أحمد بن علي الحصار، وأبي عبد الله محمد بن سعيد المرادي، وأبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي.
وقرأ بمصر، على أبي الجود، وبدمشق على أبي اليمن الكندي، وابن باسويه، وسمع ببغداد من أبي محمد بن الأخضر.
وعزم على الرحلة إلى الفخر بن الخطيب، ليأخذ عنه علم الكلام فبلغه موته، وأخذ العربية عن أبي البقاء، ولقي الجزولي بالمغرب.
وسأله عن مسألة مشكلة في مقدمته، فأجابه، وبرع في العربية، وفي علم الكلام والفلسفة.
وكان يقرئ هذه المباحث، ويحققها، درس بالعزيزية، نيابة.
وأقرأ بالتربة العادلية، وشرح المفصل في أربع مجلدات، فأجاد وأفاد، وشرح الجزولية، والشاطبية، وكان مليح الشكل حسن البزة، موطأ الأكناف.
قرأ عليه القراءات سبطه بهاء الدين محمد بن البرزالي، والشيخ أبو عبد الله القصاع، وشيخنا برهان الدين الإسكندري وشهاب الدين حسين الكفري وغيرهم.
قال أبو شامة: توفي علم الدين، أبو محمد القاسم، في سابع رجب سنة إحدى وستين وستمائة.
قال: وكان معمرا مشتغلا بأنواع من العلوم، على خلل في ذهنه2.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 379، 380".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 15، 16".
35-
عبد الله بن محمد بن عبد الوارث العدل، معين الدين أبو الفضل الأنصاري المصري المعروف بابن فار اللبن.
سمع الشاطبية على مؤلفها، الإمام أبي القاسم، وطال عمره، وكان آخر من روى عن أبي القاسم في الدنيا.
رواها عنه الشيخ حسن بن عبد الله الراشدي، وبدر الدين محمد بن أيوب التاذفي، وفخر الدين عثمان التوزري، وبقي إلى سنة أربع وستين وستمائة1.
36-
علي بن عبد الله بن أبي بكر الإمام، زين الدين أبو الحسن بن القلال، الجزائري نزيل مصر.
روى التيسير سماعا، عن أبي عبد الله محمد بن عمر بن ملك المعافري قال: أخبرنا أبو نصر فتح بن محمد بن فتح الإشبيلي، عن الثلاثة: أبي داود، وابن البياز، وابن الدوش، عن المصنف.
حدث بالكتاب بالقاهرة، في سنة ثمان وستين وستمائة، سمعه منه الشيخ أحمد المصري، وجماعة.
37-
الفصال هو الشيخ المقرئ أبو عبد الله، محمد بن محمد المغربي، نزيل الصعيد.
قرأ على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي، صاحب ابن هذيل، بعد العشرين وستمائة.
وقرأ العشرة بدمشق، على التقي بن باسويه.
وتصدر للإقراء، ارتحل إليه برهان الدين، أبو اسحاق الوزيري، فقرأ عليه بالروايات.
وسمع منه التيسير، سنة بضع وخمسين وستمائة2.
38-
عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي بن عيسى، الشيخ أبو الفتح القيسى المصري، المقرئ الشافعي، خطيب جامع المقياس.
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على الأستاذ أبي الجود.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 452، 453".
2 انظر/ غاية النهاية "2/ 241".
وسمع من قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وجماعة وأجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي وأبو الطاهر بن عوف الزهري ومحمد بن عبد الرحمن الحضرمي.
وتفرد في الدنيا بالرواية عن جماعة، وروى الكثير، وكان صالحا خيرا كثير التلاوة، قرأ عليه القراءات الشيخ أبو بكر الجعبري المؤذن وغيره، توفي في شعبان، سنة إحدى وسبعين وستمائة، ولم يكن بالماهر في القراءات1.
39-
إسماعيل بن هبة الله بن علي بن هبة الله، أبو الطاهر المليجي المصري المقرئ.
قرأ القراءات على أبي الجود غياث بن فارس، وعمر دهرا، واحتيج إلى إسناده العالي، فقرأ عليه جماعة، منهم الإمام أبو حيان النحوي، وأبو بكر الجعبري.
وختم بموته أصحاب أبي الجود، وكان تاركا للفن، وإنما ازدحموا عليه لعوالي رواياته، مات في رمضان سنة إحدى وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة.
وقد قرأ شيخنا مجد الدين التونسي، القراءات وبرع فيها، وخرج من مصر إلى الشام، وهذا المليجي بعد في الأحياء، وأظنه أعرض عنه، على قاعدة المغاربة، في تركهم الأخذ عن من لا يحكم الفن2.
40-
إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس، الرئيس العالم كمال الدين، أبو إسحاق بن الوزير نجيب الدين، التميمي الإسكندراني، المقرئ الكاتب.
ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة، وقرأ بالروايات الكثيرة، بكتب عديدة على أبي اليمن الكندي، وقرأ شيئا من العربية والفقه، ثم تشاغل بالكتابة، وخدم في الجهات، وطال عمره.
وكان آخر من قرأ على الكندي، فقصده الطلبة، وتوقف بعضهم في الأخذ عنه، تدينا لكونه مباشرا بيت المال، ولتركه الفن.
فقرأ عليه القراءات الشيخ محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ محمد المصري المزراب، وجمال الدين، وإبراهيم البدوي، والشيخ أبو محمد الدلاصي، شيخ الإقراء في وقتنا بمكة، والشيخ إسحاق بن الوزيري، وآخرون.
توفي في صفر، سنة ست وسبعين وستمائة، وله ثمانون سنة، وما كان تزوج3.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 473".
2 انظر/ غاية النهاية "1/ 169".
3 انظر/ غاية النهاية "1/ 6".
41-
عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش، الأستاذ الكبير مجد الدين أبو أحمد البغدادي المقرئ، الحنبلي، شيخ الإقراء ببغداد.
قرأ القراءات على الفخر الموصلي، وجماعة كثيرة، بعدة كتب، فأقدمهم وأعلاهم إسنادا، الشيخ عبد العزيز بن أحمد بن الناقد، قرأ عليه بالروايات العشرة، عن قراءته على أبي الكرم الشهرزوري.
وقرأ على ابن الدبيثي، وعبد العزيز بن دلف، ومحمد بن أبي القاسم بن سالم، ومحمد بن محمود الأرجي، وعلي بن خطاب الموفق الضرير، وإبراهيم بن الخير وأحكم الفن، واعتنى بهذا الشأن، وسمع كثيرا من كتب القراءات.
وسمع من عبد العزيز بن الناقد، وأحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، قرأ عليه الشيخ إبراهيم الرقي الزاهد، والتقي أبو بكر الجزري المقصاتي، وأبو عبد الله محمد بن علي بن الوراق بن خروف الموصلي، وأبو العباس أحمد الموصلي وجماعة.
وكان إماما محققا بصيرا بالقراءات، وعللها وغريبها، صالحا ورعا زاهدا كبير القدر بعيد الصيت، قرأت بخط السيف بن المجد، قال: كنت ببغداد، فبنى المستنصر مسجدا وزخرفه، وجعل به من يقرئ ويسمع.
فاستدعى الوزير جماعة من القراء، وكان منهم صاحبنا عبد الصمد بن أحمد، فقال له: تنتقل إلى مذهب الشافعي؟ فامتنع، فقال: أليس مذهب الشافعي حسنا؟ قال: بلى، ولكن مذهبي ما علمت به عيبا أتركه لأجله.
فبلغ الخليفة ذلك فأعجبه قوله، وقال: هو يكون إمامه دونهم، وعرضت عليه العدالة فأباها.
قلت: توفي في ربيع الأول، سنة ست وسبعين وستمائة، وهو في عشر التسعين.
سمعت أبا بكر المقصاتي يقول: طلب مني شيخنا عبد الصمد مقصا فعملته، وأتيته به، فما أخذه حتى أعطاني فوق قيمته، سمعت أبا بكر يقول: سمعت عبد الصمد يقول: ما كان الفخر الموصلي، يأخذ علي كتابا من كتب القراءات إلا بشيء.
ولما أردت أن أقرأ عليه كتاب التبصرة لمكي، وكان يرويه عن ابن سعدون القرطبي، بعت بقيارا إلي بسبعة دنانير، ثم جعلتها في كاغد وناولته إياها.
قال لي أبو بكر: كان شيخنا عبد الصمد، يروي أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات، رحمه الله1.
1 انظر/ غاية النهاية "1/ 387، 388".