المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة السادسة عشرة: - معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌الطبقة السادسة عشرة:

‌الطبقة السادسة عشرة:

1-

أبو عبد الله الفاسي الإمام العلامة، جمال الدين، محمد بن حسن بن محمد بن يوسف المغربي، المقرئ نزيل حلب.

ولد بفاس سنة نيف وثمانين وخمسمائة، وقدم مصر بعد موت أبي الجود، فقرأ القراءات على اثنين من أصحاب الشاطبي، تقدمت وفاتهما، وهما أبو موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي.

وأبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الشافعي، وعرض عليهما حرز الأماني، وعرض عقيلة أتراب القصائد على جمال الدين علي بن أبي بكر الشاطبي، بسماعه من مصنفها.

وأخذ القراءات بحلب فيما أظن، عن أبي المحاسن يوسف بن شداد، صاحب ابن سعدون، وقرأ عليه أكثر صحيح مسلم حفظا. وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وروى أيضا عن أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وعبد العزيز بن زيدان النحوي، ومحمد بن أحمد بن خلوص المرادي، وأبي ذر مصعب بن أبي ركب الخشني النحوي، وكان إماما متفننا ذكيا متقنا، واسع العلم كثير المحفوظ، بصيرا بالقراءات وعللها، مشهورها وشاذها.

خبيرا باللغة مليح الكتابة، وافر الفضائل موطأ الأكناف، متين الديانة ثقة حجة، انتهت إليه رياسة الإقراء ببلد حلب.

وأخذ عنه خلق كثير، منهم الشيخ بهاء الدين محمد بن النحاس، والشيخ يحيى المنبجي، والشيخ بدر الدين محمد التادفي، والناصح أبو بكر بن يوسف الحراني.

والشريف حسين بن قتادة المدني، وعبد الله بن إبراهيم الجزري، وجمال الدين أحمد بن الظاهري الحافظ، وشرحه للشاطبية في غاية الحسن.

وكان يعرف الكلام على طريقة أبي الحسن الأشعري، توفي في أحد الربيعين سنة ست وخمسين وستمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى1.

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 122".

ص: 359

2-

محمد بن علي بن موسى الإمام، شمس الدين أبو الفتح الأنصاري الدمشقي.

أحد الكبار، من أصحاب أبي الحسن السخاوي، وهو الذي ولي مشيخة الإقراء، بعد شيخه بتربة أم الصالح، وكان عارفا بوجوه القراءات، جيد العربية مجموع الفضائل.

وقد ولي التربة قبله فخر الدين بن المالكي أياما وتوفي، قال لنا غير واحد: وقع نزاع فيمن يتولى التربة؛ لأن شرطها أن يكون أقرأ من في البلد، فذكر لها أبو الفتح وأبو شامة.

فتكلموا من يكون الحاكم بين الطرفين، فوقع التعيين إلى الإمام علم الدين القاسم بن أحمد، وكان ينبغي أن يقدم عليهما، لأنه في طبقة شيخهما في الإسناد.

وله معرفة تامة بالقراءات وقد شرح الشاطبية شرحا متوسطا، وله اليد الباسطة في العربية، فامتحن كل واحد منهما ثم قال في حق أبي شامة: هذا إمام، وقال في حق أبي الفتح: هذا رجل، يعرف القراءات كما ينبغي.

وكان لولي الأمر ميل إلى أبي الفتح، فقال: ما غرضنا إلا من يعرف القراءات كما ينبغي، ورسم له بها، فقرأ عليه جماعة، منهم الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والخطيب شرف الدين الفزاري، وعلاء الدين علي بن مظفر الكاتب، قال أبو شامة: وفي صفر سنة سبع وخمسين وستمائة توفي شمس الدين أبو الفتح، الذي كان يقرئ بالتربة الصالحية، بعد الفخر بن المالكي، قال: وكان إماما في القراءات1.

3-

منصور بن سرار بن عيسى بن سليم أبو علي الأنصاري الإسكندراني، المالكي المقرئ المؤدب، المعروف بالمسدي، ولد سنة سبعين وخمسمائة.

وقرأ على شيوخ بلده، وسمع من عبد الرحمن بن موقى، ومحمد بن محمد الكركتني، ومنصور بن خميس، وكان من حذاق القراء.

نظم أرجوزة في القراءات، وسليم بفتح السين، توفي في رجب وله ثمانون سنة، سنة أحدى وخمسين وستمائة، وله شهرة بتلك الديار2.

4-

شعلة هو الإمام أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الموصلي، المقرئ الحنبلي، ناظم كتاب الشمعة في القراءات السبعة.

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 211".

2 انظر/ غاية النهاية "2/ 312".

ص: 360

كان شابا فاضلا، ومقرئا محققا ذا ذكاء مفرط، وفهم ثاقب، ومعرفة تامة بالعربية واللغة، قرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عبد العزيز الإربلي وغيره.

وسيأتي ذكر شيخه إن شاء الله تعالى، وشعره في غاية الجودة، نظم في الفقه وفي التاريخ وغيره، وكان مع فرط ذكائه صالحا زاهدا متواضعا.

كان شيخنا التقي المقصاتي، يصف شمائله وفضائله ويثني عليه، وكان قد حضر بحوثه، وسمع أبا الحسن شيخه يقول: كان أبو عبد الله نائما إلى جانبي فاستيقظ، فقال لي: رأيت الساعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبت منه العلم فأطعمني تمرات.

قال أبو الحسن: ومن ذلك الوقت، فتح عليه وتكلم، توفي في صفر، سنة ست وخمسين وستمائة بالموصل، وله ثلاث وثلاثون سنة، رحمه الله1.

5-

علي بن موسى بن يوسف الإمام، أبو الحسن السعدي المصري، المقرئ المعروف بالدهان.

ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الفضل جعفر الهمداني، وجمع إلى سورة الأعراف، على أبي القاسم الصفراوي.

وسمع من جماعة، وتصدر للإقراء بالفاضلية، وكان ورعا خيرا عارفا بوجوه القراءات، كثير المروءة، ساعيا في مصالح تلامذته.

قرأ عليه القراءات، أبو عبد الله القصاع، والبرهان الوزيري، والشمس الحاضري وطائفة.

توفي فجأة في الرابع والعشرين من رجب، سنة خمس وستين وستمائة، وشيعه الخلق2.

6-

أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، العلامة ذو الفنون، شهاب الدين أبو القاسم المقدسي، ثم الدمشقي الشافعي المقرئ، النحوي الأصولي، صاحب التصانيف.

ولد في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القرآن صغيرا، وأكمل القراءات على شيخه السخاوي سنة ست عشرة وستمائة، وسمع صحيح البخاري، من داود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله العطار.

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 80، 81".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 582".

ص: 361

وسمع مسند الشافعي رضي الله عنه، من الشيخ الموفق.

وسمع بالإسكندرية، من أبي القاسم بن عيسى وغيره، واعتنى بأولاده قبل الأربعين، وأسمعهم الكثير من كريمة والسخاوي، وقرأ بنفسه.

وكتب الكثير من العلم، وأحكم الفقه، ودرس وأفتى وبرع في العربية، وصنف شرحا للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين.

وشرح القصائد النبوية للسخاوي، في مجلد، وألف كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، وكتاب الذيل عليها.

وكتاب شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى، وكتاب ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري عز وجل.

وكتاب المحقق في الأصول، فيما يتعلق بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتاب البسملة في مجلد، ثم اختصره، وكتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث، وكتاب السواك.

وكتاب كشف حال بني عبيد، وكتاب الأصول من الأصول، وكتاب مفردات القراء، وكتاب الوجيز في أشياء من الكتاب العزيز.

وكتاب مقدمة نحو، وكتاب نظم المفصل للزمخشري، وكتاب شيوخ البيهقي، وله مسودات كثيرة لم يفرغها، وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة.

وولي مشيخة القراءة بتربة الملك الأشرف، ومشيخة دار الحديث، وكان مع فرط ذكائه وكثرة علمه، متواضعا مطرحا للتكلف، ربما ركب الحمار بين المداوير.

أخذ عنه القراءات الشيخ شهاب الدين حسين الكفري، والشيخ أحمد اللبان وآخرون، وقرأ عليه شرح القصيد، الخطيبان برهان الدين الإسكندري، وشرف الدين الفزاري، وفي جمادى الآخرة، من سنة خمس وستين وستمائة جاءه اثنان من الجبلية، وهو في بيته عند طواحين الأشنان، فدخلا يستفتيانه فضرباه ضربا مبرحا، كاد أن يأتي على نفسه.

ثم ذهبا ولم يدر من سلطهما عليه، فصبر واحتسب، وتوفي في تاسع عشر رمضان من السنة، وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة.

فلهذا قيل له أبو شامة1.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 365، 366".

ص: 362

7-

الحسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح، الإمام الزاهد، أبو علي الأزدي الصقلي المقرئ.

ولد سنة تسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، وهو من جلة أصحابه.

وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح عبد المعز الهروي، وسمع من ابن الزبيدي وجماعة، قرأ عليه جماعة، وروى عنه أبو الفداء بن الخباز، وأبو الحسن بن العطار وغيرهما.

قال قطب الدين اليونيني في تاريخه: كان من السادات في زهده وتعبده وتقلله، وافر الحرمة، ساعيا في قضاء الحقوق له مهابة وقبول تام.

توفي إلى رضوان الله، في الثاني والعشرين من ربيع الآخر، سنة تسع وستين وستمائة بدمشق، وكان صاحب كرامات وكشف1.

8-

رشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر المكيني المقرئ، أحد الحذاق بالفن.

قرأ القراءات على الزين الكردي، والعلم السخاوي، ورحل في طلب الإسناد، فقرأ بالإسكندرية، على ابن عيسى وجعفر بن علي الهمداني.

وبمصر على أبي المنصور عبد الله بن جامع، كذا قال، وصوابه منصور بن عبد الله بن جامع، وقرأ ختمة للكسائي على أبي القاسم الصفراوي.

وقرأ العشرة على التقي بن باسويه، والمرجى بن شقيرة، وقرأ ليعقوب على العفيف بن الرماح المصري، وكان من كبار المقرئين في زمانه.

قرأ عليه رضي الدين بن دبوقا، والشيخ محمد المصري، وجمال الدين البدوي، وجماعة.

توفي في سنة ثلاث وسبعين وستمائة بدمشق، وقد نيف على السبعين -رحمه الله تعالى2.

9-

عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس، الإمام الكبير زين الدين، أبو محمد الزواوي المالكي، المقرئ شيخ القراء في زمانه بدمشق.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 219".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 181".

ص: 363

وشيخ المالكية ومفتيهم وقاضيهم، ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها ببجاية، وقدم مصر في شبيبته، فقرأ بالإسكندرية القراءات، على الشيخ أبي القاسم بن عيسى، ثم قدم دمشق سنة ست عشرة وستمائة.

فقرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع منه، وكان إماما زاهدا ورعا، كبير القدر قليل المثل، درس وأفتى وولي قضاء الشام على كره منه، فحكم تسعة أعوام، ثم عزل نفسه يوم وفاة رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء الحنفي.

واستمر على التدريس والفتوى، والإقراء بتربة أم الصالح وبالجامع، وله مصنف في الوقف والابتداء، وآخر في عدد الآي، وأقرأ بالتربة بعد أبي الفتح الأنصاري، مع وجود أبي شامة.

وانتهت إليه رياسة الإقراء بالشام، قرأ عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شهاب الدين الكفري، وتقي الدين أبو بكر الموصلي، والشيخ محمد المصري.

والشيخ زين الدين المنزلي، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد بن النحاس الحنفي، وخلق سواهم، وكان يخدم نفسه، ويحمل الحاجة والحطب على يده، مع جلالته.

وقد أخذ العربية عن أبي عمرو بن الحاجب وغيره، توفي إلى رضوان الله تعالى ورحمته، في رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة، عن اثنتين وتسعين سنة، أو أزيد، وشيعه نائب السلطنة لاجين، والعالم وازدحموا على نعشه ودفن بمقبرة باب الصغير، وقبره مقصود بالزيارة -رحمه الله1.

10-

محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف، العلامة المعمر، رضي الدين أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي المقرئ اللغوي.

ولد سنة إحدى وستمائة ببلنسية، وقرأ لنافع من طريق ورش، على ابن صاحب الصلاة، محمد بن أحمد الشاطبي، آخر أصحاب ابن هذيل في بلده.

وسمع منه كتاب التلخيص للداني، في قراءة ورش، وقدم مصر فسمع من ابن المقير وجماعة، روى عنه أبو حيان، وسعد بن القاضي، وأبو الحسين اليونيني، وأبو الحجاج المزي، وأبو عمرو بن الظاهري، وآخرون.

وانتهت إليه معرفة اللغة وغريبها، أخذ الناس عنه، وكان يقول: أعرف اللغة على قسمين، قسم أعرف معناه وشاهده، وقسم أعرف كيف أنطق به فقط.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 386".

ص: 364

توفي إمام أهل اللغة رضي الدين الشاطبي بالقاهرة، في يوم الجمعة، الثاني والعشرين من جمادى الأولى، سنة أربع وثمانين وستمائة1.

11-

علي بن عبد العزيز بن محمد الإمام، تقي الدين أبو الحسن الأربلي، المقرئ نزيل بغداد، وأحد الشيوخ بها.

قرأ القراءات الكثيرة، على جماعة بعد الثلاثين وستمائة، وتصدر للإقراء والإفادة، في حدود الخمسين وستمائة، وعليه قرأ أبو عبد الله شعلة.

وممن أخذ عنه أبو العباس، أحمد بن أبي البدر القلانسي، وتقي الدين أبو بكر المقصاتي، وشمس الدين أبو العلا الفرضي، وجلدك الرومي المقرئ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري، وغيرهم.

وقد حدث بكتاب المصباح للشهرزوري، في سنة ثلاث وسبعين وستمائة، بسماعه من شيخه الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الموصلي المؤدب، أخبرنا نصر الله بن سلامة الهيتي، سماعا عن المؤلف، ح.

وبسماع تقي الدين لكتاب الشمعة، من تلميذه أبي عبد الله المؤلف، وقد روى بالإجازة عن أبي منصور محمد بن عفيجة وغيره.

وسمع بالموصل من إبراهيم بن ختة، قال الفرضي: كان مقرئا فقيها فرضيا نحويا عدلا2.

12-

عبد النصير المريوطي أبو محمد المقرئ من كبار القراء بالإسكندرية.

قرأ بالروايات، على أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمذاني عن قراءتهما على أبي القاسم بن خلف الله، قرأ عليه بالتجريد وتلخيص العبارات، الإمام أبو حيان.

وتوفي بعد الثمانين وستمائة3.

13-

أحمد بن المبارك بن نوفل الإمام، المجود تقي الدين، أبو العباس النصيبي، الخرفي وخرفة من قرى نصيبين.

دخل الموصل سنة بضع وستمائة، فقرأ القراءات على الشيخ عز الدين محمد بن عبد الكريم البوازيجي بن حرمية مقرئ أهل الموصل. وسمع عليه التجريد لابن الفحام، عن

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 213".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 550".

3 انظر/ غاية النهاية "1/ 472".

ص: 365

أخذه لذلك، عن يحيى بن سعدون، وسمع صحيح البخاري من محمد بن محمد بن سرايا، بروايته عن أبي الوقت.

وقرأ العربية على أبي حفص عمر بن أحمد السفني، لقن ابن بدر الدين، صاحب الموصل القراءات.

وصنف في الأحكام، وشرح مقصورة ابن دريد.

وألف كتابا في العروض، وكتابا في الخطب وشرح الملحة.

وله منظومة في الفرائض، ومنظومة في المسائل الملقبات، وقد أقام بسنجار مدة، ودرس بها مذهب الشافعي رضي الله عنه، ثم نقله الأمير إسحاق بن صاحب الموصل، إلى بلد الجزيرة، فانتفع به أهلها.

وكان متوسعا من المعارف، جم الفضائل، له قبول زائد.

قرأ عليه القراءات، أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري المقرئ، وروى لنا عنه كتاب التجريد بالإجازة، شيخنا أبو بكر المقصاتي.

توفي سنة أربع وستين وستمائة1.

14-

أحمد بن علي بن محمد بن علي بن شكر، الإمام أبو العباس الأندلسى، أحد الحذاق، رحل وقرأ القراءات، على أبي الفضل جعفر الهمداني، وسمع من ابن عيسى، وسكن بلد الفيوم.

قال أبو عبد الله الأبار: إنه اختصر التيسير، وصنف شرحا للشاطبية، وتوفي في حدود الأربعين وستمائة2.

15-

عبد الله بن محمد بن عبد الله القاضي، معين الدين أبو بكر النكزاوي، الإسكندراني المقرئ النحوي.

ولد بالإسكندرية، سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ بها القراءات، على أبي القاسم الصفراوي وغيره، وصنف كتابا في القراءات، وتصدر وأفاد وتخرج به جماعة.

توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة فجأة3.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 99".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 87".

3 انظر/ غاية النهاية "1/ 452".

ص: 366

16-

خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق، الإمام صفي الدين أبو الصفاء المراغي، المقرئ الحنبلي المعدل، قرأ العشرة على التقي بن باسويه.

وسمع من القاضي أبي القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وداود بن ملاعب وجماعة وتفقه على الشيخ موفق الدين المقدسي.

وكان مجموع الفضائل كثير المناقب، متين الديانة، عارفا بالقراءات بصيرا بالمذهب، عالما بالخلاف والطب، وقرأ عليه بالروايات، بدر الدين محمد بن الجوهري، والشيخ أبو بكر الجعبري وجماعة من المصريين، وسمع منه ابن الظاهري، وابنه أبو عمرو، والقاضي أبو محمد الحارثي، والحافظ أبو الحجاج المزي، والإمام أبو حيان.

والحافظ أبو محمد بن منير، وخلق سواهم.

وقد ناب في القضاء بالقاهرة، وحمدت طرائقه، وشكرت خلائقه.

توفي في سابع عشر ذي القعدة، سنة خمس وثمانين وستمائة، وقد قارب التسعين، وهو من آخر من قرأ القراءات على ابن باسويه، وكان مولده بمراغة، سنة بضع وتسعين1 وخمسمائة.

17-

يوسف بن جامع بن أبي البركات، الإمام الأستاذ أبو إسحاق القفصي، ثم البغدادي الضرير المقرئ.

ولد سنة ست وستمائة، وقرأ القراءات على جماعة، ورحل إلى الشام ومصر، ولقي الكبار، وحدث عن عمر بن عبد العزيز، ابن الناقد، وأخته تاج النساء.

وكان رأسا في القراءات، عارفا باللغة والنحو، جم الفضائل، له تصانيف في القراءات، وكان لا يتقدمه أحد في زمانه في الإقراء.

أخذ عنه علي بن أحمد بن موسى الجزيري، وسمع منه أبو العلاء الفرضي، وأحمد القلانسي.

توفي في صفر سنة اثنتين وثمانين وستمائة.

حدثني الحافظ علم الدين، أن أبا إسحاق القفصي، قدم دمشق في الكهولة، وقرأ ختمة للسبعة في نحو ثمانية أيام أو أكثر، على جده علم الدين القاسم بن أحمد.

قلت: قصد بالأخذ عن علم الدين، إيصال طريق التيسير له، وإلا فهو قد قرأ على

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 275".

ص: 367

ناس أسند من علم الدين، قرأ بالمصباح في سنة ست وعشرين وستمائة، على الشمس علي بن أبي بكر البرسفي1.

18-

الكمال المحلي هو الشيخ أبو العباس أحمد بن علي المقرئ الضرير.

أحد القراء بالقاهرة كان له عدة جهات، وكان عارفا بالتجويد أخذ عن أصحاب أبي الجود، وعليه قرأ شيخنا محمد الضرير المزراب، ولد بالمحلة.

ومات بالقاهرة، في ثامن عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وستمائة، عن بضع وخمسين سنة2.

19-

موفق الدين أبو العباس الكواشي الشافعي.

المقرئ المفسر الزاهد بقية الأعلام أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع، وكواشة قلعة من بلاد الموصل.

ولد سنة تسعين3 وخمسمائة، وقرأ على والده، وقدم دمشق، وأخذ عن السخاوي وغيره، وسمع من ابن روزبة، وتقدم في معرفة القراءات والتفسير والعربية.

وكان منقطع القرين عديم النظير، زهدا وصلاحا وصدقا وتبتلا وورعا واجتهادا، صاحب أحوال وكرامات.

كان السلطان فمن دونه يزورونه، فلا يقوم لهم ولا يعبأ بهم، ولا يقبل صلتهم، أضر قبل موته بسنوات، صنف التفسير الكبير والتفسير الصغير.

وبلغنا أنه اشترى قمحا من قرية الجابية لكونها من فتوح عمر رضي الله عنه، ثلاثة أمداد وحملها إلى الموصل، فزرعها بأرض البقعة، وخدمها بيده، ثم حصده وتقوت منه.

وخبأ بذرا ثم زرعه فنما وكثر، إلى أن بقي يدخل عليه من ذلك. القمح ما يقوم به، وبجماعة من أصحابه، وكان إذا أرسل يشفع في شيء عند صاحب الموصل لا يرده.

حدثني الشيخ تقي الدين المقصاتي، قال: قرأت على الشيخ موفق الدين تفسيره، فلما بلغنا إلى والفجر منعني من إتمام الكتاب، وقال: أنا أجيزه لك ولا تقول قرأته كله على المصنف، يعني أن للنفس في ذلك حظا.

قال: وغبت عنه سنة ونصفا، فجئت ودققت الباب، وكان قد أضر فجاء ليفتح، وقال: من ذا أبو بكر، فاعتدتها له كرامة.

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 394".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 82".

3 انظر/ غاية النهاية "1/ 151".

ص: 368

قلت: توفي في سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمانين وستمائة.

20-

ركن الدين إلياس بن علوان بن ممدود الأربلي المقرئ الملقن، سمع من الشيخ شهاب الدين السهروردي، وقرأ على السخاوي.

وتصدر للإقراء بالجامع الأموي زمانا، وكان حاذقا بتعليم القرآن، يقال ختم عليه أكثر من ألف نفس. وكان يؤم بمسجد طوغان بالفسقار.

توفي في ربيع الآخر، سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وفي هذا الشهر ولد مؤلف هذا الكتاب1.

21-

سديد الدين خضر بن عبد الرحمن بن خضر، أبو القاسم الحموي المقرئ.

قرأ القراءات على أبي الحسن السخاوي، وتصدر ببلده للإقراء، وعمر دهرا، قرأ عليه ابن الفقاعي وغيره.

توفي في شوال سنة احدى وثمانين وستمائة، وقد جاوز التسعين، وكان عارفا بالفن2.

22-

العماد الموصلي أبو الحسن علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي زهران المقرئ الأستاذ، الفقيه الشافعي.

ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة، وقرأ القراءات على الشيخ أبي اسحاق بن وثيق الأندلسي، وغيره بالموصل، وكان إماما محققا رأسا في التجويد، بصيرا بالعلل، خبيرا بغوامض المسائل.

وكان فصيحا مفوها، جيد العربية عالما بالأصول والنظر، نقالا للمذهب، حفظ الوجيز للغزالي، وحفظ في آخر عمره الحاوي في الفقه.

وصنف شرحا للقصيد في نحو أربع مجلدات، لم يكمله ولا بيضه، وكان أبوه فقيها شاعرا، ولجده شجاع شعر حسن. وكان في الشيخ عماد الدين انبساط وعشرة، والله يغفر له.

بلغني أن الشيخ زين الدين الزواوي كان يعظمه من حيث معرفة الفن، ويقدمه على نفسه، وقد قرأ عليه جماعة انتقلوا إلى الله تعالى، منهم علاء الدين المروزي الملقب بالجنة.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 171".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 270".

ص: 369

ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح، بعد الشيخ زين الدين، فلم تطل مدته، ومات في سابع عشر صفر، سنة اثنتين وثمانين وستمائة.

عن إحدى وستين سنة، ودفن بمقبرة باب الصغير1.

23-

المكين الأسمر هو الأستاذ أبو محمد اللخمي الإسكندراني، مقرئ أهل الإسكندرية في وقته.

قرأ القراءات على أبي القاسم الصفراوي وغيره، وتصدر للإقراء وحدث عن أصحاب السلفي، وكان عارفا بالقراءات، ذا حظ من صلاح وعبادة وتخرج به جماعة.

ولما مات شيخنا الفاضلي، قبل إكمالي القراءات، بقيت أتلهف، فذكر لي هذا الشيخ، وأنه باق بالإسكندرية، وأنه أعلى رواية من الفاضلي، فازددت تلهفا وتحسرا على لقيه، ولم يكن الوالد يمكنني من السفر.

توفي في غرة ذي القعدة، سنة اثنتين وتسعين وستمائة عن نيف وثمانين سنة2.

24-

الصائن أبو عبد الله البصري المقرئ الضرير، سكن الروم، وتصدر للإقراء، وقصده الطلبة.

قدم في شبيبته دمشق، فقرأ بالروايات على المنتجب الهمذاني، وتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وأضر في أثناء عمره.

دخل الروم وقد شاخ، فقرأ عليه الشيخ وحيد الدين إمام الكلاسة، وسألته عنه، فأثنى على معرفته ودينه، وقال: اسمه محمد.

توفي سنة أربع وثمانين وستمائة وفيها قدمت الشام.

25-

التقي الجرائدي أبو يوسف يعقوب بن بدران بن منصور بن بدران المصري، ثم الدمشقي المقرئ. شيخ القراء في وقته بالديار المصرية.

تصدر بالمدرسة الظاهرية وغيرها، أخذ القراءات بدمشق، عن ابن باسويه والسخاوي، ورحل فقرأ بالروايات الكثيرة، على أبي القاسم بن عيسى وغيره.

وحدث عن أبي عبد الله بن الزبيدي، أبي المنجي بن الليثي، قرأ عليه ابنه العماد محمد، ونور الدين علي الشطنوفي وجماعة.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 584".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 460".

ص: 370

ونظم في القراءات أبياتا كثيرة، وحل فيها رموز القراءات، وجعلها بدل الأبيات المرموزة في الشاطبية، تسهيلا على الطلبة.

توفي في شعبان سنة ثمان وثمانين وستمائة، وعاش نيفا وثمانين سنة1.

26-

علي بن الواسطي المعروف بالشيخ علي خريم شيخ القراء ببلده.

قرأ بالروايات على أصحاب الباقلاني، وطال عمره واشتهر ذكره2.

27-

عز الدين الفاروثي العلامة أبو العباس، أحمد بن الإمام، أبي محمد إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور بن علي بن غنيمة الواسطي المقرئ المفسر الشافعي الخطيب الصوفي، أحد الأعلام.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة بواسط، وقرأ القراءات على والده، وعلى الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، كلاهما عن أبي بكر بن الباقلاني.

وقد مر بغداد سنة تسع وعشرين، فسمع الحديث من عمر بن كرم، والشيخ شهاب الدين السهروردي ولبس منه الخرقة، وأبي الحسن القطيعي وخلق سواهم.

وكان فقيها عالما علامة، مفتيا عارفا بالقراءات ووجوهها، بصيرا بالعربية واللغة، عالما بالتفسير، خطيبا واعظا زاهدا خيرا، صاحب أوراد وتهجد ومروءة، وفتوة وتواضع، ومحاسنه كثيرة.

وكان له أصحاب ومريدون، انتفعوا بصحبته في دينهم ودنياهم، وقرأ عليه طائفة، منهم الشيخ أحمد الحراني، والشيخ جمال الدين البدوي، وشمس الدين محمد بن أحمد الرقي، وشمس الدين بن غدير.

وسمع منه خلق بدمشق والحرمين والعراق، وكان له القبول التام من الخاص والعام، قدم دمشق سنة تسعين، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية.

وأعاد في الناصرية، وتدريس النجيبية، ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين بن

المرحل، فكان يخطب من غير تكلف ولا توقف.

ويذهب من صلاة الجمعة فيشيع جنازة أو يعود صاحبا، وعليه السواد، وكان طيب الأخلاق حلو المجالسة، وكان يمضي إلى دار نائب السلطنة الشجاعي، فكان يحترمه ويعظمه ويحبه.

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 389".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 551".

ص: 371

وكان بعض الصالحين ينكر مشيه إلى الشجاعي، فلما عزل من الخطابة بموفق الدين الحموي.

وعزل الشجاعي عن الشام، تألم الشيخ لذلك، وسار مع الوفد في سنة إحدى وتسعين، وأودع كتبه وحمل بعضها، وكانت كثيرة إلى الغاية، ثم سار إلى واسط.

وكان لطيف الشكل صغير العمامة، مطرح التكلف، له رداء أبيض، وله جنية، وقد سلمت عليه وحدثته، ولم يقض لي أن آخذ عنه شيئا.

سألت الشيخ علي الواسطي الزاهد، عن الفاروثي ونسبته المصطفوي، فقال: كان أبوه الشيخ محيي الدين، يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فواخاه فلهذا كان يكتب المصطفوي.

وقد أكثر صاحبنا الحافظ علم الدين عنه، وحمل عنه عشرة كتب، منها صحيح البخاري، ونحوا من ثمانين جزءا، توفي في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وستمائة1.

28-

أحمد بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم، الشيخ شهاب الدين أبو العباس، الصعيدي ثم الإسكندراني، المقرئ المؤدب.

ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وقرأ القراءات على أبي القاسم بن عيسى. وروى عن الصفراوي والهمداني وعني بالحديث، وكان أحد الصالحين الأتقياء، كان له مسجد يؤم به، ويقرئ ويؤدب فيه.

توفي في أوائل سنة خمس وتسعين، وقد سمعت من ولده أبي بكر2.

29-

عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عمران الإمام صدر الدين، أبو القاسم الأوسي الدكالي المالكي المقرئ ويلقب بسحنون.

كان إماما عارفا بالمذهب مفتيا متفننا، جم الفضائل، قرأ القراءات على الصفراوي، وسمع منه ومن علي بن مختار، وعبد الوهاب بن رواج، وطائفة.

وكان في خلقه زعارة، روى عنه ابن الظاهري، وولداه، والمزي والبرزالي، وابن سيد الناس، والشيخ رافع وابن أسامة، وغيرهم.

أدركته وهو منقطع قد أضر، وضعف، فقرأت عليه جزءا، وسألته، فحدثني أنه قرأ

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 34".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 65".

ص: 372

بالروايات على أبي القاسم، فشرعت عليه في ختمة لورش وحفص، فعرضتها في أحد عشر يوما.

وانتقل إلى رحمة الله في رابع شوال، سنة ستمائة وخمس وتسعين، وله ثمانون سنة أو أكثر، سألت شيخنا المزي عنه فقال: شيخ جليل فاضل، صاحب سنة، لقيته بالإسكندرية1.

30-

عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد بن وريدة، الشيخ كمال الدين أبو الفرج البغدادي المقرئ الحنبلي، المكبر البزاز الملقب بالفويره، ينعتونه بالفروهية، لاشتغاله وفهمه.

ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وكان أبوه مكبرا بجامع القصر، فاشتغل ابنه بالعلم، فسمع الحديث من أحمد بن صرما، وزيد بن البيع، وأبي الوفاء محمد بن منده، وعمر بن كرم والكبار، وأجاز له أبو أحمد بن سكينة، وأبو حفص بن طبرزد، وجماعة.

وقرأ بالروايات على الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي، وسمع منه التيسير والتجريد، وعمر دهرا.

وانفرد عن أقرانه وكنت أتحسر على الرحلة إليه، وما أتجسر خوفا من الوالد، فإنه كان يمنعني، ولي مشيخة المستنصرية، وروى الكثير ثم شاخ، ووقع في الهرم، أجاز لنا ما يجوز له روايته، وكتب ذلك بيده، ومات في ذي الحجة، سنة سبع وتسعين، وستمائة، ببغداد وله ثمان وتسعون سنة وأشهر -رحمه الله تعالى2.

31-

محمد بن عبد الكريم بن علي الشيخ المعمر نظام الدين، أبو عبد الله التبريزي، ثم الدمشقي.

ولد في حدود سنة عشر وستمائة، وحفظ القرآن وجوده، وسافر به والده إلى مصر، فذكر لي أنه قرأ على أبي عمرو، ختمة على أبي القاسم الصفراوي.

وقرأ بمصر على العفيف بن الرماح، والشيخ عبد الظاهر وغيرهما، لأبي عمرو وأكمل القراءات على السخاوي، فرأيت خط السخاوي له بذلك، في سنة خمس وثلاثين، وقرأ بأربع روايات على المنتجب.

وهو آخر من مات من أصحاب المنتجب، وابن الرماح، قرأت عليه ختمة لأبي عمرو، لعلو إسناده، وقرأ عليه القراءات، ولده محمد وغيره.

وكان ذاكرا للخلاف حسن الأخذ، سمع من السخاوي وأبي القاسم بن رواحة وجماعة، وكان متواضعا ساكنا خيرا، يؤم بمسجد وله حلقة.

1 انظر/ غاية النهاية "1/ 371".

2 انظر/ غاية النهاية "1/ 372، 373".

ص: 373

أقرأ بالجامع ثم انقطع، ووقع في الهرم، وعجز ثم مرض زمانا، وبقي في المارستان عدة أشهر، إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى، في ربيع الآخر، سنة أربع وسبعمائة، وهو في عشر المائة1.

32-

يحيى بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي، الإمام شرف الدين أبو الحسين بن الإمام أبي الفضل بن الصواف الجذامي، الإسكندراني المالكي، المقرئ المعدل.

ولد في أحد الربيعين سنة تسع وستمائة، وسمع سنة خمس عشرة وبعدها، من ناصر ابن الأغماتي، ومحمد بن عماد، وجده عبد العزيز بن الصواف، وعبد الخالق بن إسماعيل التنيسي، ومرتضى بن أبي الجود.

وقرأ القراءات على أبي القاسم بن الصفراوي، وهو آخر من قرأ عليه وفاة، وآخر من حدث عن ابن عماد وجماعة.

رحلت إليه، فأدخلت عليه، فوجدته قد أضر وأصم، ولكن فيه جلادة وشهامة، وهو في سبع وثمانين سنة، فقرأت عليه جزءا، ورفعت صوتي فسمع.

وكلمته في أن أجمع عليه السبعة، فقال: اشرع. فقرأت عليه الفاتحة، وآيات من البقرة، وهو يرد الخلاف ويرد رواية يعقوب وغيره، مما قرأ به، فقلت: إنما قصدي السبعة فقط، فتخيل مني نقص المعرفة.

وقال: إذا أردت أن تقرأ علي، فامض إلى تلميذي فلان، فاقرأ عليه ثم اعرض علي، فرأيت أن هذا شيء يطول.

وزهدني فيه، أني كنت لا أدخل عليه إلا بمشقة وأمنع مرة، ويؤذن لي مرة، وأيضا فكنت لا أقرأ ربع حزب جمعا، حتى ينقطع صوتي، لمكان صممه.

ثم ظفرت بسحنون المذكور بعد، وقرأت عليه ما ذكرت لك، وكنت قد وعدت أبي وحلفت له، أني لا أقيم في الرحلة أكثر من أربعة أشهر، فخفت أعقه.

سمع منه المزي والبرزالي، وابن منير وابن سيد الناس، وأبو الحسن السبكي، وطائفة، وكان من كبار عدول الثغر كأبيه، وأخيه وولده.

حدثني أبو عمرو المقاتلي، أنه توفي في سابع عشر شعبان، سنة خمس وسبعمائة، وله ست وتسعون سنة، ونزل القراء بموته درجة2.

1 انظر/ غاية النهاية "2/ 174".

2 انظر/ غاية النهاية "2/ 366".

ص: 374