المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة الثانية: وهم الذين عرضوا على بعض المذكورين قبلهم - معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌الطبقة الثانية: وهم الذين عرضوا على بعض المذكورين قبلهم

‌الطبقة الثانية: وهم الذين عرضوا على بعض المذكورين قبلهم

1-

أبو هريرة:

في اسمه عدة أقوال أقواها وأشهرها عبد الله بن صخر الدوسي الحافظ رضي الله عنه، وكان اسمه في الجاهلية عبد شمس، أسلم سنة سبع هو وأمه وروى ما لا يوصف عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقرأ القرآن على أبي بن كعب، قرأ عليه غير واحد، وروى عنه نحو من ثمانمائة نفس، وحديثه في مسند بقي بن مخلد أكثر من خمسة آلاف حديث، وكان إماما مفتيا فقيها صالحا حسن الأخلاق متواضعا محببا إلى الأمة.

روى عنه سعيد بن المسيب1 وأبو سلمة بن عبد الرحمن2 وعبيد الله بن عبد الله3، وأبو صالح السمان4 وأبو حازم الأشجعي5 وعروة6 وابن سيرين7 وهمام

1 هو الإمام السيد الجليل أبو محمد سعيد بن المسيب المخزومي المدني أحد أعلام الدنيا سيد التابعين، قال ابن عمر: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لسره، وقال مكحول وقتادة والزهري وغيرهم: ما رأينا أعلم من ابن المسيب، قال علي بن المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه وجل روايته عن أبي هريرة وكان تزوج ابنته، وهو من فقهاء المدينة جمع بين الحديث والتفسير والفقه والورع والعبادة. ولو لسنتين مضتا من خلافة عمر، وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين للهجرة. "انظر شذرات الذهب من أخبار من ذهب ص102 جـ1".

2 هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الفقيه واسمه عبد الله، ولي شرطة سعيد بن العاص أمه تماضر بنت الأصبع الكلبية "انظر جمهرة أنساب العرب ص131".

3 هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الضرير أحد الفقهاء مؤدب عمر بن عبد العزيز توفي سنة ثمان وتسعين للهجرة "انظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب ص114 جـ1".

4 واسمه عبد الرحمن بن قيس أخو طليعة كذا ذكره ابن سعد وقال البخاري: يكن أبا سالم إبراهيم مؤذن بني حنيفة. أسند عن علي وابن مسعود وحذيفة وآخرين. "انظر صفة الصفوة ص47 جـ3".

5 هو أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج مولى لقوم من بني ليث بن بكر أسند أبو حازم عن ابن عمر وسهل بن مسعد وأنس بن مالك وقيل إنه رأى أبا هريرة، وسمع من كبار التابعين كسعيد بن المسيب وأبي سلمة وعروة وغيرهم وتوفي في بغداد سنة أربعين ومائة من خلافة المنصور "انظر صفة الصفوة ص111، 113 جـ2".

6 مرت ترجمته.

7 مرت ترجمته.

ص: 21

ابن منبه1 وسعيد المقبري، وكان آدم بعيد ما بين المنكبين ذا ضفيرتين أفرق الثنيتين يخضب بالحمرة وقد ذاق جوعا وفاقة، ثم استعمله عمر رضي الله عنه، فأثرى وكثر ماله وولي إمرة المدينة زمن معاوية.

وكان كثير العبادة والذكر؛ وقد مر في ولايته وهو يحمل حزمة حطب ويقول أوسع الطريق للأمير.

روى محمد بن عمر الأسلمي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وجابر وغيرهم من الصحابة يفتون في المدينة ويحدثون من لدن توفي عثمان رضي الله عنه وعنهم إلى أن توفوا.

وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى، توفي أبو هريرة سنة سبع وقيل سنة ثمان وخمسين والقولان مشهوران، وقال الواقدي سنة تسع وخمسين ولعله الصحيح، لأنه صلى على أم سلمة ومات في شوال سنة تسع وخمسين، قيل في كنيته أبو الأسود2.

2-

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الحبر، البحر أبو العباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه.

قرأ القرآن على أبي، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر وعثمان وعلي وأبي ذر ووالده، وأبي سفيان رضي الله عنهم وغيرهم، قرأ عليه مجاهد3 وسعيد بن جبير4 والأعرج5

1 هو أبو عبد الله بن وهب بن منبه الصنعاني من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن. روى عن ابن عباس، قيل: وأبو هريرة وغيره من الصحابة. توفي بصنعاء سنة أربع عشرة ومائة "انظر شذرات الذهب ص150 جـ1".

2 انظر، أسد الغابة "6/ 318"، تذكرة الحفاظ "1/ 32". خلاصة تذهيب الكمال "397"، شذرات الذهب "1/ 63". طبقات ابن سعد "4/ 52"، طبقات القراء لابن الجزري "1/ 307"، العبر "1/ 72"، النجوم الزاهرة "1/ 151".

3 هو الإمام أبو الحجاج مجاهد بن جبر، الإمام المكي، قال خصيف: كان أعلمهم بالتفسير توفي بمكة سنة ثلاث ومائة للهجرة وهو ابن ثلاث وثمانين عاما "انظر شذرات الذهب ص125 جـ1".

4 يكني أبا عبد الله بن الحارثية، من ابن أسد بن خزيمة. أسند سعيد بن جبير عن علي "عليه السلام"، وابن عمر، وابن عمرو، وأبي موسى وابن المغفل، وعدي بن حاتم، وأبي هريرة، وغيرهم. وأكثر رواياته عن ابن عباس، وقتل في سنة أربع وتسعين، وقيل سنة خمس وتسعين "انظر صفة الصفوة ص49، 54 جـ3".

5 هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود المدني مولى محمد بن ربيعة. روى ابن لهيعة عن أبي النظر قال: كان عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أول من وضع العربية، وكان من أعلم الناس بأنساب قريش، توفي في الإسكندرية من سنة سبع عشرة ومائة. "للمزيد من حياته انظر ترجمته ص61، 62".

ص: 22

وعكرمة بن خالد1 وسلمان بن قتة شيخ عاصم الجحدري2. وأبو جعفر3 وغيرهم وحدث عنه عكرمة4 وعطاء5 وطاوس6 وأبو الشعثاء7 وعلي بن الحسين8 وخلق لا يحصون.

دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: جمعت المفصل9 على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه كان في حجة الوداع، وقد ناهز الاحتلام وكان أبيض طويلا مشربا صفرة، جسيما وسيما مليح الوجه، يخضب بالحناء مديد القامة، قال عطاء: ما رأيت البدر إلا ذكرت وجه ابن عباس، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: بت عند خالتي فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلا فقال: "من وضع هذا؟ "، قالوا: عبد الله.

قال: "اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين" 10، رواه أيضا عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس.

1 هو عكرمة مولى ابن عباس، أحد فقهاء مكة، من التابعين والأعلام، أصله من البربر، وهب لابن عباس فاجتهد في تعليمه ورحل إلى مصر وفراسان واليمن وأصبهان والمغرب وغيرها، وكانت الأمراد تكرمت أذن له مولاه بالفتوى، قيل لسعيد بن جبير: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ فقال: عكرمة. توفي سنة خمس ومائة للهجرة أو قبلها أو بعدها بسنة. "انظر شذرات الذهب ص130جـ1".

2 هو عاصم بن أبي الصباح الحجدري البصري. قال ابن الجزري: "قراءته في الكمال والاتضاح فيها مناكير ولا يثبت سندها، والسند إليه صحيح" غاية النهاية في طبقات القراء للجزري "1/ 349".

3 هو يزيد بن القعقاع أحد العشرة، مدني مشهور رفيع الذكر، قرأ القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن ربيعة المخزومي وفاقا "انظر ترجمته ص58".

4 مرت ترجمته.

5 مرت ترجمته.

6 مرت ترجمته.

7 هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأنصاري. عن ابن سيرين قال: كان أبو الشعثاء مسلما عند الدينار والدرهم. وأسند أبو الشعثاء عن ابن عمر وابن عباس. وتوفي سنة ثلاث "ومائة انظر صفة الصفوة ص158 جـ3".

8 هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أمه أم ولد اسمها غزالة وهو علي الأصغر. وأما الأكبر فإنه قتل مع الحسين عليهما السلام. أسند علي بن الحسين عن أبيه وابن عباس وجابر بن عبد الله وصفية وأم سلمة وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند خلف كثير من التابعين. وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين، وقيل اثنتين وتسعين، ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وخمسين سنة. رضي الله عنه "انظر صفة الصفوة ص66، 72 جـ3".

9 المفصل كمعظم من القرآن. من الحجرات إلى آخره من الأصح أو من الجاثية أو القتال أو قاف عن النواوي أو الصافات أو الصف أو تبارك عن ابن أبي الصيف أو إنا فتحا عن الدزمادي أو سبح اسم ربك عن الفركاح أو الضحى عن الخطابي وسمي لكثرة الفصول بين سوره أو لقلة المنسوخ فيه. "انظر القاموس المحيط ص30 جـ4 فصل الفاء باب اللام".

10 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "1/ 266".

ص: 23

وروى كريب1 عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له أن يزيده الله فهما وعلما، ومناقب ابن عباس غزيرة وسعة علمه إليه المنتهى.

ولم يكن على وجه الأرض في زمانه أحد أعلم منه، توفي بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية2 وقال اليوم مات رباني الأمة، وقد كف بصره في أواخر عمره -رضي الله عنه3.

3-

عبد الله بن السائب بن أبي السائب، صيفي بن عابد بن عمر بن مخزوم المخزومي.

قارئ أهل مكة أبو السايب، وقيل أبو عبد الرحمن له صحبة ورواية يسيرة، وهو من صغار الصحابة.

وأبوه أو جده رضي الله عنهم فكان شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، قرأ عبد الله القرآن على أبي بن كعب، وروى أيضا عن عمر رضي الله عنه، عرض عليه القرآن مجاهد وعبد الله بن كثير4 فيما قيل، وحدث عنه ابن أبي مليكة وعطاء وابن بنته محمد بن عباد بن جعفر وآخرون قال مسلم وابن أبي حاتم وغيرهما: له صحبة.

وقال الزبير بن بكار حدثنا أبو ضمرة أنس5 عمن حدثه عن أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي، قال: كان جدي في الجاهلية يكنى أبا السائب وبه اكتنيت.

وكان خليطا للنبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، فكان عليه السلام إذا ذكره قال: نعم الخليط،

1 هو مولى ابن عباس، وكان كثير العلم كنزا له، كبير السن والقدر، قال موسى بن عقبة: وضع كريب عندنا عدل بعير من كتب ابن عباس، توفي سنة ثمان وتسعين للهجرة. "انظرشذرات الذهب صض122 جـ1".

2 هو أبو القاسم -ويقال: أبو عبد الله -محمد بن علي بن أبي طالب وأمه خولة بنت جعفر بن قيس، ابن بني حنيفة بن الحبير، وقد كان محمد عالما فاضلا. شجاعا، وتوفي في سنة81 "تهذيب التهذيب 9/ 354، والعير: 1/ 93، ومشاهير علماء الأمصار رقم419".

3 انظر، أسد الغابة "3/ 290"، الإصابة "1/ 322". تاريخ بغداد "1/ 173"، التذكرة "41"، خلاصة تذهيب الكمال. "172" 0شذرات الذهب "1/ 75". طبقات الشيرازي "48"، طبقات ابن الجزري "1/ 425". العبر "1/ 86"، النجوم الزاهرة "1/ 182". نكت الهميان "180".

4 ويكن أبا معيد إمام أهل مكة في القراءة ولد بمكة سنة خمس وأربعين ولقي بها من الصحابة أبا أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك وغيرهما فهو من التابعين وأخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن السائب وغيره، وكان فصيحا بليغا مفوها عليه السكينة والوقار، ومات سنة عشرين ومائة. "انظر تاريخ القراء العشرة".

5 هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو حمزة أنس بن مالك بن نصر، الأنصاري، قدم على النبي صلوات الله وسلامه عليه وسنه عشرة سنين، ومات في سنة 93، ويقال: في سنة 90، ويقال: في سنة 91، ويقال: في سنة 92 "العبر: 1/ 107، والبدء والتاريخ 5/ 117".

ص: 24

كان أبو السائب لا يشاري ولا يماري، عن ابن عيينة1 عن داود بن شابور عن مجاهد، قال: كنا نفخر على الناس بقارينا عبد الله بن السائب، وبفقيهنا ابن عباس، وبمؤذننا أبي محذورة وبقاصنا عبيد بن عمير اليئي.

قلت: توفي في حدود سنة سبعين في إمرة ابن الزبير2، قال ابن أبي مليكة، رأيت ابن عباس قام على قبر عبد الله بن السائب فدعا له ثم انصرف، قاله ابن نمير عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة3.

4-

المغيرة بن أبي شهاب المخزومي.

قرأ القرآن على عثمان رضي الله عنه، وعليه قرأ عبد الله بن عامر اليحصبي، وأحسبه كان يقرئ بدمشق في دولة معاوية، ولا يكاد يعرف إلا من قراءة ابن عامر عليه، قرأت بخط القطاع أنه مات سنة إحدى وتسعين، وله تسعون سنة، واسم أبيه عبد الله بن عمرو بن المغيرة بن ربيعة بن عمرو بن مخزوم.

5-

حطان بن عبد الله الدقاشي ويقال السدوسي البصري، قرأ على أبي موسى الأشعري، قرأ عليه الحسن البصري 4، وسمع من علي وعبادة بن الصامت 5 رضي الله عنهما.

1 هو شيخ الحجاز وأحد الأعلام أبو محمد بن سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم الكوفي الحافظ تنزيل مكة، قال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز وقال ابن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بالتفسير من ابن عيينة، وقال أحمد العجلي: كان حديثه نحوا من سبعة آلاف حديث توفي في الأول من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة وله إحدى وتسعون سنة "انظر شذرات الذهب ص354 جـ1".

2 هو أبو بكر -وأبو خبيب أيضا- عبد الله بن الزبير بن خويلد بن أسد بن عبد العزي، وأمه أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق وهو أول مولود في الإسلام بالمدينة قتله الحجاج بن يوسف الثقفي في المسجد الحرام سنة 72 في عهد عبد الملك بن مروان ثم صلبة، وقيل: كان ذلك من سنة 73 "مشاهير علماء الأمصار رقم 154، والعبر: 1/ 81 وتهذيب التهذيب: 5/ 213، ومروج الذهب: 3/ 891".

3 انظر، سير أعلام النبلاء "3/ 388"، طبقات القراء لابن الجزري "1/ 419". تهذيب التهديب "5/ 229".

4 هو الحسن بن أبي حسن البصري أبو سعيد، إمام أهل البصرة وخير أهل زمانه، ولد لسنتين بقضاء خلافة عمر، وسمع خطبة عثمان وشهد يوم الدار، أبوه مولى زيد بن ثابت، وأمه مولاة أم سلمة، كان جامعا عالما رقيقا فيها حجة مأمونا عابدا ناسكا كثير العلم. قال أبو بكر الهزلي: قال لي السفاح: بأي شيء بلغ حسنكم ما بلغ؟ فقلت: جمع القرآن وهو ابن اثنتين عشرة سنة، ثم لم يخرج من سورة إلى غيرها حتى يعرف تأويلها وفيما أنزلت، ولم يقلب درهما من تجارة ولا ولي سلطانا ولا أمر بشيء حتى فعله ولا نهى عن شيء، حتى ودعه، توفي سنة عشر ومائة. "انظر شذرات الذهب ص136 جـ1".

5 هو عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم من النقباء وشهد بدرا وما بعدها ووجهه عمر إلى الشام قاضيا ومعلما، أقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين ومات فيها، وقيل بالرملة ودفن ببيت المقدس توفي سنة خمس وثلاثين. "انظر شذرات الذهب ص40 جـ1" وانظر جمهرة أنساب بالعرب ص354 جـ1".

ص: 25

روى عنه الحسن ويونس بن جبير وأبو مجاز لاحق بن حميد، وكان كبير القدر صاحب ورع وعلم، أحسبه مات سنة نيف وسبعين1.

6-

الأسود بن يزيد النخعي:

أبو عمرو أخذ القراءة عرضا عن ابن مسعود رضي الله عنه، وحدث عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ، وبلال، وعائشة رضي الله عنهم وجماعة.

قرأ عليه يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وكان أسن من علقمة بسنوات.

قال منصور عن إبراهيم: كان الأسود يختم القرآن في كل ست، وفي رمضان في كل ليلتين، وكان علقمة يختم في خمس.

وروى يزيد بن عطاء عن علقمة ابن مرثد، قال: كان الأسود بن يزيد يصوم حتى يخضر جسده، ولقد حج ثمانين من حجة وعمرة، قلت: كان الأسود بن يزيد رأسا في العلم والعمل، وكان من كبار أصحاب ابن مسعود روى عنه إبراهيم النخعي وابنه عبد الرحمن بن الأسود وأخوه عبد الرحمن وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق.

قال المدائني: توفي سنة خمس وسبعين، وقال غيره قبل ذلك2.

7 -

علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك أبو شبل النخعي 3، الفقيه عم الأسود بن يزيد، وخال إبراهيم النخعي.

ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن على ابن مسعود، وسمع من عمر وعلي وأبي الدرداء، وعائشة رضي الله عنهم وطائفة.

قرأ عليه يحيى بن وثاب وعبيد بن نضيلة وأبو إسحاق وغيرهم، وتفقه به إبراهيم والشعبي.

1 انظر، طبقات ابن الجزري "2/ 305".

2 انظر، تذكرة الحفاظ "1/ 50"، تهذيب التهذيب "1/ 342"، خلاصة تذهيب الكمال "32"، شذرات الذهب "1/ 82"، طبقات ابن سعد "6/ 46"، طبقات الشيرازي "79"، طبقات القراء لابن الجزري "1/ 171"، العبر "1/ 86".

3 النخعي: بفتح النون والخاء: منسوب إلى النخع جد قبيلة.

ص: 26

وروى عنه إبراهيم بن سويد وأبو الضحى والقاسم بن مخيمرة وآخرون، وكان أشبه الناس بابن مسعود سمتا وهديا وعلما، وكان أعرج من أحسن الناس صوتا بالقرآن.

قال عبد الرحمن بن يزيد النخعي: قال ابن مسعود: ما أعلم شيئا أو ما أقرأ إلا وعلقمة يعلمه.

وقال قابوس بن أبي ظبيان: قلت لأبي: لأي شيء كنت تأتي علقمة وتدع الصحابة؟ قال: أدركت ناسا من الصحابة وهم يسألونه ويستفتونه، وقال إبراهيم النخعي: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل فقال: فداك أبي وأمي رتل فإنه زين القرآن.

وقال علقمة: قرأت القرآن في سنتين، وقال إبراهيم: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس، وقد قام بالقرآن في ليلة عند البيت، توفي علقمة سنة اثنتين وستين1.

8-

أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة، عبد الله بن حبيب بن ربيعة، ولأبيه صحبة.

وولد هو في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن وجوده وبرع في حفظه، وعرض على عثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم وغيرهم وحدث عن عمر وعثمان رضي الله عنهما.

قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن عثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم.

وأخذ عنه القراءة عرضا عاصم بن أبي النجود ويحيى بن وثاب وعطاء بن السائب وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى ومحمد بن أيوب أبو عون الثقفي والشعبي وإسماعيل بن أبي خالد وعرض عليه الحسن والحسين رضي الله عنهما.

قال حسين بن علي الجعفي عن محمد بن أبان عن علقمة بن مرثد: أن أبا عبد الرحمن السلمي تعلم القرآن من عثمان بن عفان، وعرض على علي رضي الله عنهما.

وقال أبو إسحاق السبيعي: إن أبا عبد الرحمن كان يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة.

1 انظر/ سير أعلام النبلاء "4/ 53" تهذيب التهذيب "7/ 276" النجوم الزاهرة "1/ 157". تذكرة الحفاظ "1/ 157".

ص: 27

وقال شعبة1: عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة إن أبا عبد الرحمن أقرأ في خلافة عثمان رضي الله عنه، إلى أن توفي في إمرة الحجاج.

وقال زهير عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن قال: والدي علمني القرآن فإن أبي كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد شهد معه.

وقال حجاج بن محمد قال شعبة: لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من عثمان لم يتابع شعبة على هذا.

وروى أبان بن يزيد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن قال: أخذت القراءة عن علي ومنصور بن المعتمر عن تميم بن سلمة، أن أبا عبد الرحمن كان إمام المسجد، وكان يحمل في الطين في اليوم المطير.

وقال عطاء بن السائب فيما حدث به حماد بن زيد وغيره: إن أبا عبد الرحمن السلمي قال: إنا أخذنا، القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر، حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وإنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، بل لا يجاوز ههنا ووضع يده على حلقه.

وروى عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء عن أبيه عن أبي عبد الرحمن أنه جاء وفي الدار جلال2 وجزر3 وقالوا: بعث بها عمرو بن حريث لأنك علمت ابنه القرآن قال: رد إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا.

وقال عاصم بن بهدلة: كنا نأتي أبا عبد الرحمن ونحن أغيلمة يفاع، فيقول: لا تجالسوا القصاص، غير أبي الأحوص.

1 هو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم الواسطي شيخ البصرة وأمير المؤمنين في الحديث. روى عن معاوية بن قرة، وعمرة بن عمرة وخلق من التابعين وقال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث من وكان موصوفا بالعلم والزهد والقناعة والرحمة والخير، وكان رأسا في العربية والشعر، قال أبو عبد الرحمن النسائي: أمناء الله على علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان ومالك بن أنس، توفي سنة ستين ومائة لثلاث بقين من جمادى الآخرة. "انظر شذرات الذهب ص247 جـ1".

2 الجلال الدواب "والجل" واحد "جلال" وجمع الجلال أجلة. "انظر مختار الصحاح ص107 مادة ج ل ل".

3 الجزر بضمتين من الإبل يطلق على الذكر والأنثى وهي تؤنث ومفردها الجزور. "انزر مختار الصحاح ص102 مادة ج ز ر".

ص: 28

وروى سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خيركم من علم القرآن أو تعلمه"1.

قال أبو عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني هذا المقعد، وقال إسماعيل بن أبي خالد: كان أبو عبد الرحمن السلمي يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات.

وقال أبو حصين: كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه وكان أعمى. وقال عطاء بن السائب: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن وهو يمشي.

وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم أن أبا عبد الرحمن قرأ على علي رضي الله عنه، وعن عاصم عن أبي عبد الرحمن قال: خرج علينا علي رضي الله عنه وأنا أقرأ.

وقال أبو جناب الكلبي: حدثني أبو عون الثقفي، قال: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يقرأ عليه.

وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن عبيد الله المقرئ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا أبي حدثنا حفص بن عمر عن عاصم بن بهدلة وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب الثقفي، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، أنهم قرءوا على أبي عبد الرحمن، وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان رضي الله عنه عامة القرآن، وكان يسأله عن القرآن وكان ولي الأمر فشق عليه وكان يسأله عن القرآن فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس فعليك بزيد بن ثابت فإنه يجلس للناس ويتفرغ لهم ولست أخالفه في شيء من القرآن.

قال: وكنت ألقى عليا رضي الله عنه فأسأله فيخبرني، ويقول: عليك بزيد بن ثابت، فأقبلت على زيد فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة سنة.

وعن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: حدثني الذين كانوا يقرءوننا عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم العشر فلا يجاوزنها إلى عشر أخرى، حتى يتعلموا ما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.

وقال أحمد بن أبي خيثمة: ثنا يحيى بن السري ثنا وكيع عن عطاء بن السائب، قال: كان رجل يقرأ على أبي عبد الرحمن فأهدى له قوسا فردها، وقال: ألا كان هذا قبل القراءة.

وقال عطاء بن السائب: دخلنا على أبي عبد الرحمن نعوده، فذهب بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضانا، قلت: وقول حجاج عن شعبة، إن أبا عبد

1 تقدم تخريجه.

ص: 29

الرحمن لم يسمع من عثمان بن عفان رضي الله عنه ليس بشيء، فإنه ثبت لقيه لعثمان، وكان ثقة كبير القدر وحديثه مخرج في الكتب الستة توفي في سنة أربع وسبعين.

وقيل: سنة ثلاث وسبعين.

وقيل: في إمرة بشر على العراق.

وقيل: في أوائل ولاية الحجاج والله أعلم.

وقد روى عنه إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب وإسماعيل السدي وغيرهم، وأما قول ابن قانع هكذا بالأصل ولعله نافع مات سنة خمس ومائة فغلط فاحش1.

9-

عبد الله بن عياش بن ربيعة المخزومي المكي ثم المدني القارئ أبو الحارث.

ولد بالحبشة فقيل إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، قرأ القرآن على أبي بن كعب وسمع من عمر وابن عباس وأبيه عياش وغيرهم رضي الله عنهم، قرأ عليه مولاه أبو جعفر القارئ2 ويزيد بن رومان3 وشيبة4 ومسلم بن جندب5 وغيرهم.

وحدث عنه ابن الحارث، ونافع مولى ابن عمر، وسليمان بن يسار وجماعة، وكان أقرأ أهل المدينة في زمانه.

قال خليفة في الطبقات: إنه استشهد بسجستان مع عبيد الله بن أبي بكرة سنة ثمان وسبعين. وقال في تاريخه: إن الذي قتل بسجستان عبد الله بن عياش بن ربيعة بن الحارث الهاشمي.

وقيل: إن ابن عياش المخزومي مات بعد سنة سبعين6 والله أعلم.

1 انظر/ تاريخ بغداد "12/ 296" تذكرة الحفاظ "1/ 48". تهذيب التهذيب "7/ 276" خلاصة تذهيب الكمال "239". شذرات الذهب "1/ 516" العدد "1/ 66". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 70". طبقات ابن سعد "6/ 57"، طبقات الشيرازي "79" مرآة الجنان "1/ 137". النجوم الزاهرة "15/ 157".

2 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة.

3 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة.

4 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة.

5 انظر ترجمته ضمن رجال الطبقة الثالثة.

6 انظر تذكرة الحفاظ "1/ 58" تهذيب التذهيب "5/ 183". خلاصة تذهيب الكمال "2164". طبقات ابن سعد "6/ 119". طبقات ابن الجزري "1/ 413". نكت الهميان "178".

ص: 30

10-

أبو رجاء العطاردي عمران بن تيم البصري:

أخذ القراءة عرضا عن ابن عباس رضي الله عنهما وتلقن القرآن من أبي موسى، ولقي أبا بكر رضي الله عنهما.

قرأ عليه القرآن أبو الأشهب العطاردي.

قال ابن معين: مات سنة خمس ومائة، وله مائة وسبع وعشرون سنة.

قال أبو الأشهب: كان أبو رجاء يختم القرآن في كل عشر ليال.

وعن أبي رجاء قال: كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات1.

11-

أبو الأسود الدؤلي قاضي البصرة واسمه على الأصح: ظالم بن عمرو.

قرأ على علي رضي الله عنه، وكان من وجوه شيعبة، وروى عن عمر، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وأبي ذر رضي الله عنهم والكبار وهو أول من وضع مسائل في النحو بإشارة علي رضي الله عنه، فلما عرضها على علي قال: ما أحسن هذا النحو، الذي نحوت، فمن ثم سمي النحو نحوا، أخذ عنه ولده أبو حرب بن أبي الأسود ويحيى بن يعمر وعبد الله بن بريدة وجماعة.

وقد أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وثقه أحمد العجلي وغيره، توفي سنة تسع وستين في طاعون الجارف بالبصرة.

قال المدائني: حدثني من أدرك الجارف قال: كان ثلاثة أيام فمات فيها في كل يوم نحو من سبعين ألفا.

وقال أبو اليقظان وغيره: مات لأنس بن مالك رضي الله عنه في طاعون الجارف سبعون ولدا يعني من أولاده وأولاد أولاده2.

12-

أبو العالية الرياحي رفيع بن مهران البصري مولى امرأة من بني رياح بن يربوع، أسلم في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، ودخل عليه وصلى خلف عمر.

1 انظر/ تذكرة الحفاظ "1/ 66" سير أعلام النبلاء "4/ 253". العبر "1/ 129". تهذيب التهذيب "8/ 140". الإصابة "4/ 74". خلاصة تذهيب الكمال "296". شذرات الذهب "1/ 130". الإصابة "4/ 74".

2 انظر/ شذرات الذهب "1/ 76". العبر "1/ 77". النجوم الذاهرة "1/ 184". خلاصة تذهيب الكمال "443".

ص: 31

وقرأ القرآن على أبي، وروى عن عمر وعلي وأبي ذر وابن مسعود وأبي موسى وطائفة رضي الله عنهم.

قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن أبي وزيد بن ثابت وابن عباس، ويقال قرأ على عمر رضي الله عنهم، قرأ عليه شعيب بن الحبحاب والربيع بن أنس والأعمش1، ويقال قرأ عليه أبو عمرو وروى عنه خالد الحذاء وعاصم الأحول وخلق.

وقد روى معتمر وغيره عن هشام عن حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أبو العالية قرأت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه القرآن ثلاث مرات، وهذا حديث صحيح غريب رواه جماعة عن هشام بن حسان.

وروى محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبي خلدة أن أبا العالية قال: قرأت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه القرآن ثلاث مرات، نقله ابن المنادي، وقال أبو العالية: كنت آتي ابن عباس وهو أمير البصرة فيجلسني على السرير.

وقال مغيرة: كان أشبه أهل البصرة علما بإبراهيم النخعي أبو العالية، قلت: كان أبو العالية إماما في القرآن والتفسير والعلم والعمل، مات سنة تسعين وقيل سنة ثلاث وتسعين، فهؤلاء الذين دارت عليهم أسانيد القراءات المشهورة ورواياتهم والله أعلم2.

1 هو أبو محمد سليمان بن عمران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش، ورى عن ابن أبي أوفى وأبي وائل والكبار، وكان محدث الكوفة وعالمها، قال ابن المديني: للأعمش نحو ألف وثلاثمائة حديث، وقال ابن عيينة: كان أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالفرائض وأحفظهم للحديث، وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام، قال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. توفى في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة "انظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب من 220 جـ1".

2 انظر/ تذكرة الحفاظ "1/ 61". تهذيب التهذيب "3/ 483". خلاصة تذهيب الكمال "101". شذرات الذهب "1/ 102". طبقات ابن سعد "7/ 81". طبقات الشيرازي "88". طبقات القراء لابن الجزري "1/ 284". طبقات المفسرين "1/ 172" العبر "1/ 180". اللباب "1/ 483".

ص: 32