الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني عشر: أنه سبحانه جعلَ أهلَ الجهل بمنزلة العُميان الذين لا يبصرون
، فقال تعالى:{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الرعد: 19]، فما ثَمَّ إلا عالمٌ أو أعمى، وقد وصفَ سبحانه أهلَ الجهل بأنهم صمٌّ بُكمٌ عُميٌ في غير موضعٍ من كتابه
(1)
.
الوجه الثالث عشر: أنه سبحانه أخبرَ عن أولي العلم بأنهم يرونَ ما أُنزِل إليه من ربِّه حقًّا، وجعَل هذا ثناءً عليهم واستشهادًا بهم، فقال تعالى:{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6].
الوجه الرابع عشر: أنه سبحانه أمرَ بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم
، وجَعَل ذلك كالشهادة منهم، فقال:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وأهلُ الذِّكر هم أهلُ العلم بما أُنزِل على الأنبياء.
الوجه الخامس عشر: أنه شهدَ لأهل العلم شهادةً في ضمنها الاستشهادُ بهم على صحَّة ما أنزل على رسوله، فقال تعالى:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [الأنعام: 114]. الوجه السادس عشر: أنه سبحانه سلَّى نبيَّه بإيمان أهل العلم به، وأمَره أن لا يعبأ بالجاهلين شيئًا، فقال تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ
(1)
سورة «البقرة» [الآية: 18، 171].
لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: 106 - 108]، وهذا شرفٌ عظيمٌ لأهل العلم، وتحته
(1)
أنَّ أهلَه العالِمون
(2)
قد عرفوه وآمنوا به وصدَّقوا، فسواءٌ آمنَ به غيرُهم أو لا.
الوجه السابع عشر: أنه سبحانه مدحَ أهلَ العلم، وأثنى عليهم، وشرَّفهم بأن جَعَل كتابَه آياتٍ بيناتٍ في صدورهم، وهذه خاصَّةٌ ومنقبةٌ لهم دون غيرهم، فقال تعالى:{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت: 47 - 49].
وسواءٌ كان المعنى: أنَّ القرآنَ مستقرٌّ في صدور الذين أوتوا العلم، ثابتٌ فيها، محفوظٌ فيها، وهو في نفسه آياتٌ بينات، فيكونُ قد أخبر عنه بخبرين:
أحدهما: أنه آياتٌ بينات.
الثاني: أنه محفوظٌ مستقرٌّ ثابتٌ في صدور الذين أوتوا العلم.
أو كان المعنى: أنه آياتٌ بيناتٌ في صدورهم، أي: كونُه آياتٍ بيناتٍ معلومٌ لهم، ثابتٌ في صدورهم.
والقولان متلازمان، ليسا بمختلفين. وعلى التقديرين فهو مدحٌ لهم
(1)
الحرف الأول مهمل في (د). (ق): «وبحثه» . (ت): «ومحبته» .
(2)
كذا في الأصول، بالرفع. والجادة النصب.