الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلاف الأئمة بل اختلاف الأنبياء
للشيخ محمود غريب
واختلاف الأئمة عمل مشروع لأن طبيعة اللغة العربية، وطرق فهم القرآن، وطرق وصول الحديث تسبب هذا. وقد اختلف الخلفاء الراشدون حتى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وبعده.
وسبق أن قلت: لو أرسل الله نبيين في بلد واحد، وعصر واحد، فسوف يختلفوا، فقد اختلف الخليل إبراهيم اختلف الخليل إبراهيم وسيدنا لوط عليها السلام في طريقة الكرم التي عبّر بها كل نبي منهما في إكرام ضيوف الرحمن من الملائكة.
* الخليل إبراهيم " فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) "
* ولوط عليهما السلام قال القرآن عن مقابلتهم " وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) "
فكان كلاهما في غاية الكرم مع ضيف الله.
ألم يقف لوط أمام قومه معاديا من أجل ضيوفه؟
ألم يعرض على زعماء قومه الزواج من بناته. " قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) "؟
*واختلف موسى وأخوه هارون عليهما السلام اختلفا في أمر بني إسرائيل عندما عبدوا العجل. والآيات بتمامها في سورة طه آية 84 إلى الآية 98 من سورة طه. وفي سورة البقرة من الآية 51 إلى 54 منها ووجه الاختلاف في الرأي بين موسى وهارون أن موسى ذهب لقضاء الليالي الأربعين وترك هارون يرعى بني إسرائيل وأوصى موسى أخاه " وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "
فلما عبد بنوا إسرائيل العجل كان رأي هارون هو الوعظ والدعوة إلى التوحيد
" وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) ".
وهذه الكلمات القلائل غاية الوفاء بالمعنى والإيجاز فهي بيان للشبه " إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ". وتذكير بالحق " وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ". وبيان لواجب النبوة " فاتبعوني ". وأمر باحترام الشريعة " وأطيعوا أمري ". كل هذه المعاني جمعتها كلمة هارون أما موسى عليه السلام فقال لهم " يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) ".
فإذا بعث الله نبيين في عصر واحد اختلفا.
* إبراهيم ولوط اختلفا.
* وموسى وهارون اختلفا.
وداود وسليمان اختلفا، والقصة في سورة الأنبياء آية 78 " وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا".
فالله - سبحانه إذا أرسل نبيين في زمن واحد حدث بينهما اختلاف. اختلافهم في غير جوهر الدعوة. وهو رحمة للعالمين. فلماذا ضاق صدر بعض العلماء. بما ذهب إليه الشيخ محمد الغزالي من رأيه في تأويل حديث " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، مع أن كتب الفقة ممتلئة بالخلافات؟ وما ذكره الشيخ الغزالي هو ما يتفق مع قصة ملكة سبأ؟ وما يتفق مع حسن سياستها التي أشار القرآن بها. بل ما يتفق مع كثير من قيادات نسائية شهدها عصرنا.
قادت بلادها إلى نصر كبير أمام قيادات من الرجال قادوا بلادهم إلى هزائم ونكسات. شجرة الدر صانعة الانتصارات. وامرأة في الهند، وأخرى في بلاد العرب ورابعة في أوربا. فالشيخ الغزالي أول الحديث تأويلا يحتمله النص.
وهذه طبيعة النصوص العربية. ولا خلاف بين السنة ومقاصد القرآن فكلاهما وحي من عند الله.