الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاني الأمر في القرآن وأثرة على اجتهاد الأئمة
للشيخ محمود غريب
مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية
أعددت رسالة علمية عن معاني الأمر في القرآن الكريم فوجدت أنها تصل إلى خمسة عشر معنى. أولها - وهو الأصل - أن المعنى للوجوب {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} يعني وجب عليكم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
وقد يصبح الأمر لما هو دون الوجوب فيكون للإرشاد كقوله تعالى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فالأمر للإرشاد بدليل أن النبي اقترض عدّة مرّات ولم يكتب، وصحابته كذلك.
فهموا هذا من قوله تعالى {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}
فالأمر للإرشاد وليس للوجوب.
وما دام الأمر يختلف من الوجوب إلى الإرشاد فلا بد أن يتبع هذا اختلاف في الفقه الإسلامي.
وعليه فاختلاف معنى الأوامر في القرآن له دخل في اختلاف الأئمة.
وقد اخترت نموذجاً لهذا الاختلاف جاء في سورة الطلاق
الإشهاد على الطلاق في قوله تعالى:
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} - أي قاربن بلوغ نهاية العدّة - {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}
هل الطلاق يقع من غير إشهاد عليه أم لابدّ من الشهود؟
المذهب الحنفي يرى وقوع الطلاق من غير شهود ويرى الآية الكريمة لمجّرد الإرشاد فقط. والشافعي قال: لابدّ من الشهادة على إرجاعها أمّا الطلاق فيقع بدون إشهاد.
حتى لا يدّعى أنه راجعها في العدة وهي قالت: المراجعة حدثت بعد انتهاء العّدة. فلا بد من عقد جديد، ومهر جديد، وصلاحية المراجعة.
هذا عند الشافعي رضي الله عنه ومعلوم أن المراجعة في العدة ليس لها عقد جديد، ولا مهر جديد، ولا تملك هي الخيار، لأنّ الزوجية قائمة في مّدة العّدة.
أما علماء الشيعة فلإشهاد واجب في الطلاق والمراجعة ولكل مذهب أدلته.
الذي يعنيني هو أن اختلاف الأئمة في معنى الأمر في القرآن تسبب عليه اختلاف الأئمة في الفقه.
وأضيف في هذا الدرس أن شهادة المرأة في موضوع (عدّتها) تعدل شهادة رجلين.
ومن الطريف في الموضوع: أن شابا توّرط في الزنا. فلما قدّم للمساءلة قال إن الله يقول
{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} . قلت له: لعل عقيدتك {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} هكذا يفعل الأخذ بظواهر النصوص في إفساد المعاني.
يا ولدي إن الآخرة هنا للتهديد، وغداً الجزاء من الله
أسلم رجل من البادية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل يحفظه القرآن، فحفظ الرجل سورة الزلزلة حتى وصل إلى قوله تعالى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} .
عند ذلك قال الرجل: والله ما أريد بعد ذلك شيئاً من القرآن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه فقد فقه الرجل.
أجل
…
لقد فقه الرجل. لأنه تلقي القرآن بأذن واعية. {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}