المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التمهيد مصطلحات الممات لظاهرة موت الألفاظ في اللّغة مصطلحات متعدّدة عند اللّغويين - موت الألفاظ في العربية

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌الباب الأول: الممات من الأسماء

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولالممات من أسماء الأيام

- ‌الفصل الثانيالممات من أسماء الشهور

- ‌الفصل الثالثالممات من أسماء متفرقة

- ‌الفصل الرابعأسماء أميت مفردها

- ‌الفصل الخامسأسماء مصغرة أميت مكبرها

- ‌الباب الثاني: الممات من الأفعال

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولأفعال أميتت صيغها وتصريفاتها

- ‌الفصل الثانيأفعال اختلف في موتها

- ‌الفصل الثالثأفعال أميت المجرد منها دون المزيد

- ‌الفصل الرابعأفعال أميتت بعض تصريفاتها

- ‌الفصل الخامسأفعال مبنية للمجهول أميت المبني للمعلوم منها

- ‌الباب الثالث: أسباب إماتة الألفاظ

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولالعامل الصوتي

- ‌الفصل الثاني: العامل الدلالي

- ‌المبحث الأول: زوال المعنى

- ‌المبحث الثاني: الاستغناء

- ‌المبحث الثالث: العامل الديني

- ‌المبحث الرابع: العامل الاجتماعي

- ‌الباب الرابع: إحياء الممات

- ‌الفصل الأول: الحاجة إلى إحياء الممات

- ‌الفصل الثانيموقف العلماء من إحياء الممات

- ‌الفصل الثالثدور مجامع اللغة العربية في إحياء الممات

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌التمهيد مصطلحات الممات لظاهرة موت الألفاظ في اللّغة مصطلحات متعدّدة عند اللّغويين

‌التمهيد

مصطلحات الممات

لظاهرة موت الألفاظ في اللّغة مصطلحات متعدّدة عند اللّغويين القدامى، كـ ((الممات)) و ((المتروك)) و ((العُقميّ)) و ((الاستغناء)) ، وهي مترادفة في مدلولاتها.

وأضاف اللغويون المعاصرون مصطلحات أخرى منها: ((المنقرض)) ، و ((البقايا الأثريّة)) و ((الكلمات التاريخيّة)) .

وثمّة مصطلحات قديمة ليست بعيدة في مفهومها عن الممات، أو هي تدلّ على ألفاظ في طريقها إلى الانقراض، وهي على درجات متفاوتة في الفصاحة؛ كـ ((الضّعيف)) و ((المنكر)) و ((الحوشي)) و ((النّادر)) و ((الشّارد)) و ((الغريب)) و ((المذموم)) و ((المرغوب عنه)) من اللغات، و ((الرّديء)) و ((القبيح)) و ((الخبيث)) .

فمن مصطلحات الممات:

1-

الممات:

وهو ما كان مستعملاً من ألفاظ اللّغة، ثمّ أميت بالهجر، أو التطوّر اللّغويّ، أو النّهي عن استعماله، فاستغنت عنه اللّغة تماماً، كأسماء الأيّام والشّهور القديمة، وبعض الألفاظ الجاهليّة الّتي زالت لزوال معانيها أو لنهي الإسلام عن استعمالها.

ومن أقدم من ذكر هذا المصطلح بهذا المعنى الخليل في مواضع متعدّدة من ((العين)) ومنها قوله: "عندأوة: فعللوة، والأصل أميت فعله"1.

1 العين 2/215.

ص: 356

وروي عن الكسائي قوله: "محبوب: من حببت، وكأنها لغة قد ماتت"1.

2-

المتروك:

وهو ما ترك واستغنت عنه اللّغة تماماً فمات وحلّت محله ألفاظ أخرى جديدة2 كأسماء الأيام والشّهور في الجاهليّة، فالمتروك مصطلح مرادف للممات ويعرّفه السّيوطي بقوله: إنه "ما كان قديماً من اللّغات ثمّ ترك واستعمل غيره"3.

قال ابن دريد: "وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: مضَّني: كلام قديم قد ترك، كأنه أراد أن أمضّني هو المستعمل"4

3-

العُقميّ:

العقمي هو ما درس من الكلام، أو الغريب الّذي لا يكاد يُعرف، قال ابن سيده:"كلام عُقميّ: قديم قد درس؛ عن ثعلب. وسَمِعَ رجلٌ رجلاً يتكلّم، فقال: هذا عقميّ الكلام: أي قديم الكلام"5.

وقال الأزهري: "وقال ابن شُميل: إنه لعالم بعقميّ الكلام وعُقبي الكلام، وهو غامض الكلام الذي لا يعرفه الناس، وهو مثل النوادر".

وقال أبو عمرو: "سألت رجلاً من هُذيل عن حرف غريب، فقال: هذا كلام عُقْمِيّ، يعني أنه من كلام الجاهلية، لا يعرف اليوم"6.

1 المزهر 1/219.

2 ينظر: المولد في العربية 148.

3 المزهر 1/214.

4 الجمهرة 1/148.

5 المحكم 1/150.

6 التهذيب 1/289.

ص: 357

4-

الاستغناء:

وهو أن يستغني بكلمة عن أخرى مماتة، وقد أكثر سيبويه من استعماله، فمنه قوله: إن العرب استغنت بتركْتُ عن وَدَعْتُ1، وباشتدّ عن شَدُد2 وباحمارّ عن حَمِرَ3، وباستنوك عن نَوِك4.

5-

الانقراض:

هو أن تهجر الكلمة فتزول من الاستعمال وتندثر، كأسماء الأيام والشهور في الجاهلية، وهذا من اصطلاحات المعاصرين5.

6-

البقايا الأثريّة:

وهذا من مصطلحات الرّافعي6، وهو يريد بالبقايا الأثريّة ما أراده علماء اللغة أنفسهم بمصطلحات المتروك والممات والمنكر، ومثّل له بما مثلوا له في هذه المصطلحات الثّلاثة.

7-

الكلمات التّاريخية:

وهي الكلمات الّتي تزول من الاستعمال لزوال مدلولاتها واندثارها، وذكر هذا المصطلح اللغويّ الفرنسي ((درمستيتر)) (Darmesteter) في قوله: ((إنّ الكلمات الّتي تخرج من الاستعمال مع الأشياء التي نعبّر عنها تندثر لأسباب تاريخيّة، ويمكن أن

1 الكتاب 1/25، 4/67، 99.

2 المصدر السابق 4/33.

3 المصدر السابق 4/33.

4 المصدر السابق 4/36.

5 ينظر: دور الكلمة في اللغة 209، 210، والمولّد في العربيّة 145، والدّلالات الجديدة في المعجم الوسيط 257.

6 ينظر: تاريخ آداب العرب 1/168.

ص: 358

نسميها بالكلمات التاريخية)) 1، ومثّل لها بالأسلحة، والمعدات، والعملات، والقوانين، والأحداث الاجتماعية، التي سادت في عصر ثم زالت لزوال تلك المدلولات.

8-

المهمل:

هذا من المصطلحات التي قد تلتبس بالممات، وليس هو مما يرادف الممات في دلالته، والفرق بينهما كبير، فالمهمل من الألفاظ هو ما لم يستعمل في الأصل اللغوي مما تحتمله قسمة التركيب في بعض الأصول اللغوية المتصوّرة أو المستعملة، وأكثره مهمل للاستثقال2 لتقارب حروفه نحو: سص وظث وثظ، ومقلوبات ((خرع)) و ((هكع)) و ((خشع)) و ((خضع)) وهو كثير في الثلاثي، وأكثر في الرباعي، وكثير جداً في الخماسيّ؛ إذ تأتلف من الخماسيّ نحو ((سفرجل)) عشرون ومائة أصل يحتملها التقليب أهملت جميعاً سوى سفرجل، وكذلك في ((فرزدق)) و ((جحمرش)) فالمهمل في العربية أكثر من المستعمل، ومع ذلك فالمستعمل كثير، وهذا يدل على الطاقة الكبيرة للعربية.

أمّا الممات فهو ما كان مستعملاً من ألفاظ اللّغة ثمّ أميت لعلّةٍ، كما تقدّم ذكره.

ومن المصطلحات الّتي تلحق بالممات أو تدلّ على ألفاظ في طريقها إلى الانقراض، أو ممّا يتّصل بفصاحة اللّفظ.

1-

الضّعيف:

وهو ((ما انحطّ عن درجة الفصيح)) 3 كقولهم للضّفدع: خُنْدَع،

1 المولد في العربية 145.

2 ينظر: الخصائص 1/54.

3 المزهر 1/214.

ص: 359

ولغلاف القارورة أو غطاء الرأس: برصوم، وللقصير: بُعْقُوط، وللبعوض: الطَّيْثَار، وللرِّخْو: بَخْو1.

2-

المنكر:

وهو أقلّ درجة من الضعيف؛ بحيث أنكره بعض أئمة اللّغة، ولم يعرفه، كقولهم: بَلَقُ الدّابّة؛ وهو سواد وبياض2.

3-

الغريب والحوشي والنّادر والشّارد:

وهي مصطلحات متقاربة، وكلّها خلاف الفصيح. وتندرج تحت الغريب الّذي لا يكاد يعرف من الألفاظ.

فالحوشيّ من الكلام: ما نفر عن السّمع، كأنّه منسوب إلى الحُوش؛ وهي بقايا إبل وَبَار3 بأرض قد غلبت عليها الجنّ، كما يزعمون4.

ويحمل النّادر والشّارد على ما في الغريب والحوشيّ من معنى، وهي الألفاظ القليلة الاستعمال الّتي توشك أن تهجر فتموت.

ومن ذلك: البَرْت: الرّجل الدليل، والحَرْش: الأثر، والعَيْقَة: ساحل البحر، والوَبيل: الحُزْمة من الحطب5.

1 المزهر 1/215، 216.

2 المصدر السابق 1/214، 218، واللسان (بلق) 10/25.

3 وَبَار مثل قَطَام: أرض كانت لعاد بين اليمن ورمال يبرين كما قيل، غلبت عليها الجن، فمن العرب من يجريها مجرى نَزَالِ ومنهم من يجريها مجرى سُعاد. ينظر:اللسان (وبر) 4/273.

4 المزهر 1/233.

5 المصدر السابق 1/233 - 237.

ص: 360

4-

الرّديء والمذموم والقبيح والخبيث والمرغوب عنه:

كلّ ذلك من اللّغات، وهو أقبحها وأنزلها درجة1؛ كالكشكة، والعنعنة، والفحفحة، والاستنطاء.

ومنه في الألفاظ: الطَّعْسَفَةُ، قال ابن دريد:"وهي لغة مرغوب عنها؛ مرّ يطعسف في الأرض، إذا مرّ يخبطها"2.

ومنه قولهم: غَلَقْتُ الباب غلقاً، وهي لغة رديئة متروكة3.

وثحجه برجله ثحجاً: ضربه بها، مهريّة مرغوب عنها4.

ويقال: الفِصّ بالكسر - لغة في الفصّ، وهي أردأ اللّغتين5.

ويقال: مِنتن - بالكسر - وهي رَديئة خبيثة6.

1 المزهر 1/221.

2 الجمهرة 2/1155.

3 الصحاح (غلق) 4/1538.

4 ينظر: المجمل 1/157، واللسان (ثحج) 2/222.

5 ينظر: المزهر 1/334.

6 المصدر السابق 1/334.

ص: 361