الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفْسِي الفِدَاءُ لأَقْوَامٍ هُمُ خَلَطُوا
…
يَوْمَ العَرُوبَةِ أَوْراداً بأَوْرَادِ1
فأدخل الألف واللام، وقال ابن مقبل:
وإذا رَأى الرُّوَّادَ ظَلَّ بأَسْقفٍ
…
يَوْماً كَيَومِ عَرُوبةَ المُتَطَاوِلِ2
1 ديوان القطامي 88.
2 ديوان ابن مقبل 221.
الفصل الثاني
الممات من أسماء الشهور
كانت أسماء الشّهور في الجاهليّة على النحو التّالي1:
المؤتمر: المحرم.
ناجر: صفر.
خَوّان أو خُوّان: ربيع الأوّل.
وُبْصَان أو وَبْصَان: ربيع الآخر.
الحَنين: جمادى الأولى.
رُنّى2، ويقال: رُبّى - بالباء: جمادى الآخرة.
1 الأيام والليالي والشهور 49، والأزمنة وتلبية الجاهلية 129، والجمهرة 3/1311، والأزمنة والأمكنة 9/43 والمخصص 9/43.
2 اختلف العلماء في اسم هذا الشهر فقال بعضهم: هو بالباء. ومن هؤلاء قطرب وابن الأنباري والسيوطي. (ينظر: الأزمنة وتلبية الجاهلية 129، واللسان (رنى) 14/240، والمزهر 1/219) ويرى أكثرهم أنه بالنون. (ينظر: الأيام والليالي والشهور 49، والجمهرة 3/1312، والأزمنة والأمكنة 1/281، والآثار الباقية 62، والمخصص 9/43) ونقل عن أبي عمر الزاهد أنه قال: رُبّى بالباء تصحيف، إنما هو بالنون. (ينظر: اللسان (رنى) 14/340.
الأَصَمّ: رجب.
عاذِل: شعبان.
ناتق: رمضان.
وَعِل1 شوّال.
وَرْنَة، وقيل: هُوَاع2 ذو القعدة.
بُرَك: ذو الحجة.
وثمّة من خالف جمهور العلماء في أسماء هذه الشهور، فقد ذكر البيروني أنها كما يلي:
المؤتمر وناجر وخوّان وصُوان وحنتم وزَبّاء والأصمّ وعادل ونافق وواغِل وهُوَاع وبُرَك3
ونظمها الصاحب بن عبّاد في قوله4:
أَرَدْتَ شُهُورَ العُرْبِ في الجَاهِلِيَّةِ
…
فَخُذْهَا عَلَى سَرْدِ المُحَرّم تشتَرِكْ
فمؤتمرٌ يأتي ومِن بَعْدُ ناجرٌ
…
وخَوَّانُ مع صُوَان يُجْمَعُ في شَرَكْ
حَنينٌ وزَبّا والأصَمُّ وعادل
…
ونافِق مَعْ وَغْلٍ وَرَنَّةُ مَعْ بُرَكْ
والموازنة بين بعض هذه الأسماء، وما يقابلها في الروايتين ترجح أن ثمّة تصحيفاً أو تحريفاً في بعض أسمائها، قارن مثلاً بين وبصان وصوّان، والحنين وحنتم، ورنّى وربّى وزباء، وعاذل وعادل، وناتق ونافق، ووَعِل وواغل.
1 في اللسان (وعل) 11/732: وَعْل بالسكون شعبان ووَعِل بالكسر: شوال، وفيه أيضاً: وقيل: وَعِل شعبان.
2 ينظر: الأيام والليالي والشهور 53.
3 ينظر: الآثار الباقية 60، 61.
4 المصدر السابق 63.
والتصحيف في أسماء هذه الشهور غير غريب، لإماتة هذه الألفاظ وتركها في الاستعمال مع قدمها، وقد تكون لغات لبعض القبائل.
وخالف المسعودي - أيضاً - في بعض أسمائها، فهي عنده: ناتِق وثَقِيل وطَلِيق ونَاجِر وأَسْلَخ وأَمْيَح وأَحْلَك وكُسَع وزَاهِر وبُرَك وحُرَف ونُعَس، وهو ذو الحجة1.
واشتقاق هذه الشهور المماتة - وفق ما ورد في الروايات المشهورة في أسمائها - على النحو التالي2:
((المؤتمر)) (المحرم) من أحد ثلاثة؛ أحدها أنّه يؤتمر فيه الحرب والثاني أن يكون من أَمَرَ القومُ إذا كثروا؛ فكأنّهم لما حُرِموا القتال فيه زادوا وكثروا.
والثّالث: أن يأتمر بكلّ شيء ممّا تأتي به السّنة من أقضيتها.
وأمّا ((ناجر)) (صفر) فهو من النجر، وهو شدة الحرّ، أو لأنّ الإبل تَنْجَرُ فيه، أي: يشتدّ عطشها حتّى تيبس جُلودها.
أمّا ((خوان)) (ربيع الأول) فهو من الخَون وهو النّقص؛ لأن الحرب يكثر ويشتدّ فيه فيتخوّنهم أي يتنقّصهم، وقد يكون من الخيانة.
أمّا ((وُبصان)) أو ((وَبصان)) (ربيع الأول) فهو من الوبيص أي البريق، ومن قال: بُصان فهو من البصيص.
واشتقاق ((الحنين)) (جمادي الأولى) من حنين الناس إلى أوطانهم؛ لأن النّاس يحنّون فيه إلى أوطانهم - كما يقول المرزوقي3.
و ((رُنّى)) (جمادي الآخرة) : (فعلى) من الشّدّة في كل شيء، قيل: يوم أَرْوَنانٌ: شديد في كل شيء ووزنه (أفوعال) من الرّنين فيما ذهب إليه ابن
1 ينظر: مروج الذهب 2/191.
2 ينظر: الأزمنة والأمكنة 280 - 282.
3 ينظر: الأزمنة والأمكنة 281.
الأعرابي، وهو عند بعضهم (أفعلان) من قولك: كشف الله عنك رونة هذا الأمر، أي غمّته وشدّته1.
وأنكر بعضهم النّون - كما تقدم - وقال هو: رُبّى - بالباء، مأخوذ من الشّاة الرُّبَّى، وهي الحديثة النِّتاج؛ لأن فيه يعلم ما نتجت حروبهم إذا انجلت عنه، قال الشاعر:
أتيتك في الحَنِين فقلت: رُبَّى
…
وماذا بين رُبّى والحَنِينِ 2
وقد يقال في ((رُنّى)) : ((رُنَّة)) بحذف الألف وتخفيف النّون، قال ابن منظور:"رُونة، وهي محذوفة العين، ورُونة الشيء: غايته في حَرٍّ أو بردٍ أو غيره، فسمّي به جمادى لشدّة برده، ويقال: إنهم حين سمّوا الشّهور وافق هذا الشَّهر شدّة البرد فسُمّوه بذلك"3.
وسُمِّيَ رجب: ((الأصمّ)) لتركهم الحرب فيه حتى لا تسمع صلصلة حديد.
وسُمّيَ شَعبان: ((عاذلاً)) كأنّه كان يعذلهم على الإقامة، وقد حلّت الحرب والغارات.
وقيل: ((عاذل)) اسم شهر شوال، أمّا شعبان فاسمه وَعِل، أي: أنّهم عكسوا4، وأكثرهم على ما ذكرت، أي أن عاذلاً هو شعبان ووَعِلاً شوال5.
1 ينظر: اللسان (رنن) 13/187، 188.
2 ينظر: المصدر السابق (رنن) 13/188.
3 المصدر السابق (رنى) 14/340.
4 ينظر: الأزمنة والأمكنة 1/282.
5 ينظر: اللسان (عذل) 11/438.
وفي نَاتِقٍ كانَ اصْطِلامُ سَرَاتِهم
…
لَيَالِيَ أَفْنَى القَرْحُ جُلَّ إِيَادِ
نَفَوا إخْوَةً ما مِثْلَهُم كَانَ إِخْوَةٌ
…
لِحَيٍّ وَلَمْ يَسْتَوْحِشُوا لِفَسَادِ
وسُمِّيَ شوَال ((وَعِلاً)) لأن الغارة كانت تكثر فيه فيلتجي كلُّ قوم إلى ما يُتَحَصّنُ به، والتَوَعّل: التَّوقّل وهو العلو والاحتراز، ومنه اشتقّ الوعل والمستوعل من الحمير المتحرزة.
وسُمّي ذو القعدة: ((وَرْنَة)) للتَّنَعُّم فيه، قال ابن الأعرابي:"التَّوَرُّن: كثرة التّدهّن والنّعيم"2.
أمّا ((هُوَاع)) - وهو الاسم الآخر الّذي روي لشهر ذي القعدة - فقد قيل له ذلك "لأنه كان يهوع الناس، أي: يخرجهم من أماكنهم إلى الحج، ويقال: هاع فلان يهوع هوعاً إذا قاء وتهوّع وما يخرج من حلقه هُواعة"3.
أمّا ((بُرَكُ)) وهو شهر الحج، فهو معدول عن ((بارك)) وكأنّه الوقت الذي تبرك فيه الإبل للموسم، وقد يكون مشتقاً من البَرَكة، لأنّه وقت الحجّ، فالبركات تكثر فيه، وأصل البَرَكة من الثَّبات، كأنه من قولهم: بَرَكَ البَعِير، أو هو من مبرك البَعير الّذي يثبت فيه.
وقد سمّت العرب أشهرها بالأسماء المعروفة المحرّم وصفر
…
إلخ، واشتقوا أسماءها من أمور اتّفق وقوعها عند تسميتها، والمتأمل لاشتقاق أسماء شهور
1 ديوان الراعي النميري 20.
2 ينظر: التهذيب 15/237.
3 الأزمنة والأمكنة 1/283.