الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجاهلية أوّلاً ثمّ اشتقاقها ثانياً يتبين له أنّ بين التسميتين زماناً طويلاً، لاختلاف المدلول الزمني بين التسمتين لكل شهر.
الفصل الثالث
الممات من أسماء متفرقة
ترك العرب مما كان مستعملاً في الجاهلية ألفاظاً كثيرة أماتوها بعد أن زالت معانيها، فمن ذلك1:
1-
المِرباع: وهو ربع الغنيمة يكون لرئيس القوم في الجاهليّة دون أصحابه وصار في الإسلام الخمس على ما فرضه الله تعالى.
2-
النَّشِيطة: وهي من الغنيمة ما أصاب الرئيس لنفسه، مثل السّيف والفرس والجارية، قبل أن يصير إلى بيضة القوم.
3-
الصَّفايا: جمع صَفِيّ، وهو ما يصطفيه الرئيس لنفسه، مثل السّيف والفرس والجارية، قبل القسمة مع الربع الذي له، وبقي الصّفيّ حيناً في الإسلام، وقد خصّ بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقد اصطفى صلى الله عليه وسلم سيف منبّه بن الحجّاج المسمّى ذو الفِقار، يوم بدر، وغير ذلك، قال ابن فارس:"وزال اسم الصّفيّ لمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم"2.
4-
الفُضُول، وهو ما فضل من القسمة مما لا تصحّ قسمته على عدد الغزاة كالبعير والسكين ونحوهما، قال عبد الله بن عَنَمَة الضّبّي حليف بني شيبان
1ينظر: الصاحبي 102، 105، والحيوان 1/327 - 330، والمزهر 1/296 - 298.
2 الصاحبي 103.
في رثاء بسطام بن قيس:
لَكَ المِرْبَاعُ مِنها والصَّفَايا
…
وحُكْمُكَ والنَّشِيطَةُ والفُضُولُ1
5-
إتاوة، وهو الخراج أو الرّشوة، نص ابن فارس على أنه ممّا ترك من ألفاظ الجاهليّة2، وربّما أحيي هذا اللّفظ فيما بعد.
6-
المَكْسُ، وهو الجباية، دراهم كانت تؤخذ من بائع السِّلع في الأسواق الجاهليّة، وهو ما يأخذه العشّار من ضريبة، ولهذا يقال للعشّار: ماكِس.
قال جابر بن حُنَيّ3:
وفِي كُلِّ أَسْوَاقِ العِراقِ إِتَاوَةٌ
…
وفِي كلّ مَا بَاعَ امْرِوٌ مَكْسُ دِرْهَمِ4
7-
الحُلوان: الرشوة، ومنه أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه، وهذا عار عند العرب، قالت امرأة في مدح زوجها:
لا يَأخُذُ الحُلْوانَ مِن بَنَاتِنَا 5
8-
صَرُورة: رَوَى أبو عبيد في غريب الحديث: "لا صرورة في الإسلام"6 وهو في الحديث: "التَّبتّل وترك النكاح؛ أي ليس ينبغي لأحد أن يقول: لا أتزوج؛ لأنه ليس من أخلاق المؤمن، وهو فعل الرُّهبان"7.
1 ينظر: الحماسة 1/503، والحيوان 1/330، والأمالي للقالي 1/144، واللآلي 1/389.
2 ينظر: الصاحبي 103.
3 شاعر جاهلي قديم، كان صديقاً لامرئ القيس. ينظر: معجم الشعراء 206، 207، والمفضليات 208.
4 ينظر: المفضليات 211.
5 ينظر: اللسان (حلو) 14/193.
6ينظر: سنن أبي داود 2/141، ومستدرك الحاكم 1/448، ومسند أحمد 1/312 وغريب الحديث لأبي عبيد 3/97، وكنز العمال 3/658وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزياداته 909.
7 النهاية 3/22.
وروي عن ابن مسعود: أنه قال: "لا يقولنّ أحدكم: إني صرورة، فإن المسلم ليس بصرورة"1.
قال ابن دريد: "الأصل في الصّرورة أنّ الرجل في الجاهلية كان إذا أحدث حدثا ولجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إذا لقيه وليّ الدم بالحرم قيل له: هو صرورة فلا تَهِجْهُ، فكثر ذلك في كلامهم حتّى جعلوا المتعبّد الّذي يجتنب النّساء وطيّب الطّعام صرورة وصرورياً، وذلك عنى النّابغة الذّبياني بقوله:
لَوْ أَنَّهَا عَرَضَتْ لأَشْمَطَ رَاهِبٍ
…
عَبَدَ الإِلَهَ صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ
أي: متقبّض عن النّساء والتّنعم"2.
ومن هذا سمّيَ من لم يَحُجّ: صرورة أو صرورياً، فترك تسميتة بذلك، وأميت لفظه3.
9-
النّوافج؛ وهي الإبل التي تساق في الصّداق، فتكثر بها إبل الرجل وتعظُم، وكانت العرب تقول في الجاهلية للرجل إذا ولدت له بنت: هنيئاً لك النّافجة، أي المعظّمة لمالك، وذلك أنّه يزوّجها فيأخذ مهرها من الإبل، فيضمّها إلى إبله فينفجها، أي يرفعها ويكثّرها4.
قال شاعرهم وقد كره ذلك:
لَيْسَ تِلادِي مِن وِرَاثَةِ وَالِدِي
…
ولا شَانَ مَالي مُسْتَفَادُ النَّوافِجِ5
1 ينظر: المجموع للنووي 8/281.
2 الجمهرة 3/1252.
3 ينظر: الصاحبي 103.
4 ينظر: الجمهرة 1/489، واللسان (نفج) 2/382.
5 ينظر: الصاحبي 105.
10-
غُلامة، وهي مؤنث الغلام، كان يقال للجارية؛ قال أبو عبيدة معمر ابن المثنى عن أبي عبد الرحمن يونس بن حبيب النّحوي حين أنشده شعر الأسديّ:
ومِرْكَضَةٍ صَرِيحىّ أَبُوها
…
تُهانُ لَهَا الغُلامَةُ والغُلامُ
قال: فقلت له: فتقول للجارية: غلامة؟ قال: لا، هذا من الكلام المتروك1.
11-
الرَّتِيمة، وهي شيء كان يفعله الجاهليّون، كان الرّجل إذا أراد سفراً عمد إلى شجرتين متقاربتين فعقد غصنين منهما فإذا رجع من سفره نظر إليهما، فإن كان الغصنان بحالهما علم أنه لم يُخَن في أهله، وإن كانا منحلّين ظنّ بأهله ظنّ سوء2.
12-
عَدَوْلاة، وهو اسم موضع في البحرين، قال الخليل:"والعَدَوْلِيّة: ضرب من السفن، نُسب إلى موضع يقال له: عدولاة، أميت اسمه"3 أي أميت لفظ ((عَدَوْلاة)) .
والّذي في كتب البلدان أنّ اسم القرية ((عَدَولَى)) 4 قال البكريّ: "عَدَوْلَى: قرية بالبحرين، والعَدَوليُّ من السُّفن منسوب إليها، قال طرفة:
عَدَوْلِيّةٌ أو من سَفِين ابن يامِنٍ
يَجُوزُ بها المَلاّحُ طَوْراً ويَهْتَدِي5
وذكره سيبويه فيما جاء من الأسماء على مثال فَعَولَى، وزعم الخليل أنه موضع كانت تنسب إليه السفن، فأميت اسمه"6.
1 ينظر: الحيوان 1/329، 330.
2 ينظر: اللسان (رتم) 12/225.
3 العين 2/40.
4 ينظر: معجم البلدان 4/90.
5 ينظر: ديوان طرفة 20.
6 معجم ما استعجم 2/926.
13-
الجَدَف، وهو ما لايغطّى من الشراب، ورد في حديث عمر، قال أبو عمرو بن العلاء:"الجَدَف لم أسمعه إلا في هذا الحديث، وما جاء إلا وله أصل، ولكن ذهب من كان يعرفه ويتكلم به كما قد ذهب من كلامهم شيء كثير"1.
14-
الأرداف، وهم الوزراء في الجاهلية، قال الأزهري:"أرداف الملوك في الجاهلية الذين يخلفونهم في القيام بأمر المملكة، بمنزلة الوزراء في الإسلام"2.
وقال الجوهري: "الرِّدافة: الاسم من إردافِ الملوك في الجاهلية. والردافة: أن يجلس الملك ويجلس الرِّدف عن يمينه، فإذا شرب الملك شرب الردف قبل الناس، وإذا غزا الملك قعد الردف في موضعه، وكان خليفته على الناس حتى ينصرف، وإذا عادت كتيبة الملك أخذ الردف المرباع.
وكانت الرِّدافة في الجاهلية لبني يربوع، لأنه لم يكن في العرب أحد أكثر غارة على ملوك الحيرة من بني يربوع، فصالحوهم على أن جعلوا لهم الرِّدافة، ويكفّوا عن أهل العراق الغارة"3.
فهذه كلمات متفرّقة أميتت في الجاهلية، وهجرت، وربما أحيي بعضها فاستعمل مرة أخرى في معناه القديم أو بمعنى آخر، وإحياء الممات وارد في اللغة على النحو الذي سيأتي تفصيله في الباب الرابع - إن شاء الله تعالى.
15-
عُبسُور، وهي السريعة من النوق، وهذه الكلمة مما انفرد به المتقدمون وتركه المتأخرون؛ لاستعمالهم مرادفه. قال ابن فارس: ".. وقد كان
1 اللسان (جدف) 9/24.
2 التهذيب 14/97.
3 الصحاح (ردف) 4/1363.