المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: العامل الديني - موت الألفاظ في العربية

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌الباب الأول: الممات من الأسماء

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولالممات من أسماء الأيام

- ‌الفصل الثانيالممات من أسماء الشهور

- ‌الفصل الثالثالممات من أسماء متفرقة

- ‌الفصل الرابعأسماء أميت مفردها

- ‌الفصل الخامسأسماء مصغرة أميت مكبرها

- ‌الباب الثاني: الممات من الأفعال

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولأفعال أميتت صيغها وتصريفاتها

- ‌الفصل الثانيأفعال اختلف في موتها

- ‌الفصل الثالثأفعال أميت المجرد منها دون المزيد

- ‌الفصل الرابعأفعال أميتت بعض تصريفاتها

- ‌الفصل الخامسأفعال مبنية للمجهول أميت المبني للمعلوم منها

- ‌الباب الثالث: أسباب إماتة الألفاظ

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولالعامل الصوتي

- ‌الفصل الثاني: العامل الدلالي

- ‌المبحث الأول: زوال المعنى

- ‌المبحث الثاني: الاستغناء

- ‌المبحث الثالث: العامل الديني

- ‌المبحث الرابع: العامل الاجتماعي

- ‌الباب الرابع: إحياء الممات

- ‌الفصل الأول: الحاجة إلى إحياء الممات

- ‌الفصل الثانيموقف العلماء من إحياء الممات

- ‌الفصل الثالثدور مجامع اللغة العربية في إحياء الممات

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الثالث: العامل الديني

استغنوا به عن وَذَرَ"1.

وقال ابن جنّي في تركهم بعض المصادر: "يقال: نَذِرْتُ بالشّيء؛ إذا علمت به فاستعددت له، فهو في معنى فهمته وعلمت به، وطَبِنْتُ له، وفي وزن ذلك، ولم تستعمل العرب لقولهم نذرت بالشيء مصدراً، كأنّه من الفروع المهجورة الأصول. ومنه ((عسى)) لا مصدر لها، وكذلك ((ليس)) .

وكأنّهم استغنوا عنه بأنْ والفعل، نحو: سرّني أن نَذِرْت بالشيء، ويسرّني أن تَنْذَر به"2.

وقد يُمات الفعل المجرّد استغناء بمزيده، قال ابن دريد:"واللّحَك من قولهم: لَحِكَ يلحَك لَحْكاً، إذا تداخل بعضه في بعض، وقد أميت هذا الفعل فاكتفوا بقولهم: تلاحك تلاحكاً"3.

1 الإنصاف 2/485.

2 المحتسب 1/367.

3 الجمهرة 1/563.

ص: 444

‌المبحث الثالث: العامل الديني

كان العرب على إرث من إرث آبائهم في لغتهم وآدابهم ونسائكهم وقاربينهم -كما يقول ابن فارس1 - فلمّا جاء الإسلام حالت أحوال، ونقلت دلالات، وأميتت ألفاظ كره العرب النّطق بها في الإسلام؛ لأنّه نهى عنها للمدلول الّذي تحمله، قال عزّوجلّ:{يَا أَيُّها الَّذِين آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وقُولُوا انظُرْنَا} 2 وقد قيل: "إنّ (راعنا) كلمة كانت تجري مجرى الهزء فنهى المسلمون أن يلفظوا بها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنّ اليهود

1 ينظر: الصاحبي 78.

2 سورة البقرة: الآية 104.

ص: 444

- لعنهم الله - كانوا اغتنموها فكانوا يسبّون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسهم، ويتسترون من ذلك بظاهر المراعاة منها، فأمروا أن يخاطبوه بالتّعزيز والتّوقير"1.

وقال ابن تيمية: "ومما يدل من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار: قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

قال قتادة وغيره: "كانت اليهود تقوله استهزاء؛ فكره الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم".

وقال أيضاً: "كانت اليهود تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: راعنا سَمْعَك، يستهزؤون بذلك. وكانت في اليهود قبيحة".

ورى أحمد عن عطية العوفي قال: قال: كان يأتي ناس من اليهود فيقولون: "راعنا سَمْعَك، حتى قالها ناس من المسلمين فكره الله لهم ما قالت اليهود". وقال عطاء: "كانت لغة في الأنصار في الجاهلية".

وقال أبو العالية: "إن مشركي العرب كانوا إذا حَدَّت بعضهم بعضاً يقول أحدهم لصاحبه: راعني سمعك فنهوا عن ذلك وكذلك قال الضحاك. فهذا كله يبين أن هذه الكلمة نُهِي المسلمون عن قولها لأن اليهود كانوا يقولونها، وإن كانت من اليهود قبيحة، ومن المسلمين لم تكن قبيحة لما كانت مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار، وطريقهم إلى بلوغ غرضهم"2.

ومن ذلك أنّهم أماتوا كلمة ((العَتِيرة)) وهي شاة كانت تذبح في الجاهليّة

1 التهذيب 2/341.

2 اقتضاء الصراط المستقيم 45، 46.

ص: 445