الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولحين وصول الجواب الكريم نهضت إلى القبر المقدس ووضعته وبازائه، وقلت: يا مولاي يا كبير الملوك، وخليفة الله، وبركة بني مرين، صاحب الشهرة والذكر، في المشرق والمغرب، عبدك المنقطع إليك، المترامي بين يدي قبرك المتوسل إلى الله ثم إلى ولدك بك، ابن الخطيب، وصله من مولاه ولدك ما يليق بمقامه من رعى وجهك والتقرب إلى الله برعيك، والاشتهار في شرق الدنيا وغربها بِبِرِّك، وأنتم من أنتم من إذا صنع صنيعة كمّلها وإذا بدأ منَّةً تممها، وإذا أسدى يداً أبرزها طاهرة بيضاء غير معيبة ولا ممنونة ولا منتقصة، وأنا بعد، تحت ذيل حرمتك وظل دخيلك، حتى يتم أملي، ويخلص قصدي، وتحف نعمتك بي، ويطمئن إلى نائلك قلبي، ثم قلت للطلبة: أيها السادة بيني وبينكم تلاوة كتاب الله تعالى منذ أيام ومناسبة النحلة وأخوّة التآلف بهذا الرباط المقدس والسكنى بين أظهركم، فأَمَّنوا على دعائي بإخلاصٍ من قلوبكم. واندفعتُ في الدعاء والتوسل بما ترجو أن يتقبّله الله ولا يضيعه، وخاطب العبد مولاه شاكراً لنعمته مشيداً بصنيعته مسروراً بقبوله، وشأنه من التعلق والتطارح شأنه حتى يكمل القصد ويتم الغرض، معمور الوقت بخدمة يرفعها ودعاء يردّده والله المستعان.
تهنئة ابن الخطيب للسلطان أبي سالم المريني بمناسبة فتح تلمسان
وفي يوم الخميس السابع عشر من شعبان من هذا العام ورد كتاب فتح تلمسان فأصدرت إلى بابه العلي ما نصه: مولاي فتاح الأقطار والأمصار، فائدة الأزمان والأعصار، أثير هيات الله الآمنة من الاعتصار، قدرة أولي الأيدي والأبصار، ناصر الحق عند قعود الأنصار، مستصرخ الملك الغريب من وراء الأبحار، مصداق دعاء الأب المولى في الأصائل والأبكار، أبقاكم الله لا تقف إيالتكم عند حد، ولا تحصى فتوحات الله عليكم بعَدّ، ولا تفيق أعداؤكم من كد، ميسراً على مقامكم ما عسر على كل أب كريم وجد، عبدكم الذي خلص إبريز عبوديته لملك ملككم المنصور، المعترف لأدنى رحمة من رحماتكم بالعجز عن شكرها والقصور، الداعي إلى الله سبحانه أن يقصر عليكم سعادة العصور، ويذل لعز طاعتكم أنْفَ الأسد الهصور، ويبقى الملك في عقبكم وعقب عقبكم إلى يوم ينفخ في الصور.
فلان، من الضريح المقدس بشالة، وهو الذي تعددت على المسلمين حقوقه وسطع نوره وتلألأ شروقه، وبلغ مجده السماء لما بسقت فروعه، ووشجت عروقه، وعظم ببنوتكم فخره، فما فوق البسيطة فخر يفوقه، حيث الجلال قد رست هضابه، والملك قد كسيت بأستار الكعبة الشريفة قبابه، والبيت العتيق قد ألحفت الملاحف الأمامية أثوابه، والقرآن العزيز ترتل أحزابه، والعمل الصالح يرفع إلى الله ثوابه، والمستجير يخفي بالهيبة سؤاله، فيجهر بنعرة العز جوابه. وقد تفيأ من أوراق الذكر الحكيم حديقة، وخميلة أنيقة، وحط بجُوديّ الجود نفساً في طوفان الضر غريقه، والتحف رفرف الهيبة الذي لا تهتدي النفس فيها إلا بهداية الله طريقه، واعتز بعزة الله وقد توسط جيش الحرمة المرينية حقيقة، إذ جعل المولى المقدس المرحوم أبا الحسن مقدمه وأباه وجده سيقة يرى بركم بهذا اللحد الكريم قد طنب عليه من الرضا فسطاطاً، وأعلى به يد العناية المرينية اهتماماً واغتباطاً، وحرر له أحكام الحرمة نصاً جلياً واستنباطاً، وضمن له حسن العقبى التزاماً واشتراطاً، وقد عقد البصر بطريق رحمتكم المنتظرة المرتقبة، ومد اليد إلى لطائف شفاعتكم التي تتكفل بعتق المال كما تكلفت بعتق الرقبة، وشرع في المراح بميدان نعمتكم بعد اقتحام هذه العقبة لما شنفت الآذان البشرى التي لم يبق طائر إلا سجع بها وصدح، ولا شهاب دُجُنّة إلا اقتبس من نورها واقتدح، ولا صدر إلا انشرح، ولا غصنٍ عِطْفٍ إلا مرح، بشرى الفتح القريب، وخبر النصر الصحيح الحسن الغريب، ونبأ الصنع العجيب، وهدية السميع المجيب. فتْحُ تلمسان الذي قلد المنابر عقود الابتهاج، ووهب الإسلام منيحة النصر غنيةً عن الهياج، وألحف الخلق ظلاً ممدوداً، وفتح باب الحج وكان مسدوداً، وأقر عيون أولياء الله الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً، وأضرع بسيف الحق جباهاً أبيَّةً وخدوداً، وملككم حق أبيكم الذي أهان عليه الأموال، وخاض من دونه الأهوال وأخلص فيها الضراعة والسؤال، من غير كد يغمز عِطف المسرة، ولا جهد يكدر صفو النعم الثرَّة، ولا حَصَر ينفض به المنجنيق ذرابته، ويظهر بتكرر الركوع إنابته.
فالحمد لله الذي أقال العثار ونظم بدعوتكم الانتثار وجعل ملككم يجدد الآثار ويأخذ الثار، والعبد يهنئ مولاه بما أنعم الله عليه ووالاه، وما أجدره بالشكر وأولاه، فإذا أجال العبيد قداح السرور فللعبد المُعَلّى والرقيب، وإذا استَهَموا حظوظ الجذَل فليَ القِسْم الوافر والنصيب، وإذا اقتسموا فريضة شكر الله فليَ الحظ والتعصيب، لتَضَاعُفِ أسباب العبودية قِبَلي وترادف النعم التي عجز عنها قولي وعملي، وتقاصَر في ابتغاء مكافأتها وجدي وإن تطاول أملي، فمقامكم المقام الذي نَفَّس الكُرْبَة، وأنَّس الغربة، ورَعَى الوسيلة والقربة، وأنعش الأرماق، وفك الوثاق، وأّخذ على الدهر بالاستقالة العهدَ والميثاق، وإن لم يباشر العبد اليد العالية بهذا الهناء، ويَمْثُل بين يدي الخلافة العظيمة السَّنا والسناء، ويمد بسبب البِدَار إلى تلك السماء، فقد باشر به اليد التي يحنُّ مولاي لتذكر تقبيلها، ويكمل فروض المجد بتوفية حقوقها الأبوية وتكميلها.
ووقفت بين يدي ملك الملوك الذي أجال عليها القِداح، ووصل في طلب وصالها بالمساء الصباح، وكان فتحه إياها أبا عُذْرَةِ الافتتاح، وقلت يَهْنِيكَ يا مولاي رَدُّ ضالتك المنشودة، وحَيْز لقطتِك المُفْردة المشهودة، ورد أَمَتِك المودودة، فقد استحقها وارثُك الأرضَى، وسيفك الأمضى، وقاضي دَيْنِك وقرة عينك مُستنقِذُ دارِك من يد غاصبها، ورادُّ رُتَبك إلى مناصبها، وعامر المثوى الكريم، وستر الأهل والحريم، مولاي هذه تلمسان قد طاعت وأخبار الفتح على ولدك الحبيب إليك قد شاعت، والأمم إلى هنائه قد تداعت، وعدوك وعدوه قد شردته المخافة، وانضاف إلى عرب الصحراء فخفضته الإضافة، وعن قريب تتحكم فيه يد أحكامه وتُسْلِمُه السلامةُ إلى حِمامِه، فلتطب يا مولاي نفْسك، وليستبشر رَمْسُك، فقد تمت بركتك وزكا غرسُك، نسأل الله أن يورد على ضريحك من أنباء نصره ما يفتح له أبواب السماء قبولاً، ويترادف إليك مدداً موصولاً، وعَدَداً آخِرَتُهُ خير لك من الأولى، ويُعَرِّفُهُ بركةَ رضاك، ظَعْناً وحُلولاً، ويُضفي عليه منه ستراً مسدولاً.
ولم يقنع العبد بخدمة النثر حتى أجهد القريحة التي ركضها الدهر فأنضاها، واستشفَّها الحادث الجلل وتقاضاها، فلقي من خدمة المنظوم ما يتعهد حلمكم تقصيره، ويكون إغضاؤكم إذا لقي معرة العَتْب وليَّه ونصيره، وإحالة مولاي على الله في نفس جَبَرها، ووسيلة عرَفَها مجدُه فما أنكرها، وحرمةٍ بضريح مولاي والده شكرها، ويطلع العبد منه على كمال أملِه ونُجْح عمله وتسويغ مقترحه وَتتميم جذله:
أطَاعَ لِسَانِي في مَدِيحِك إحْسانِي
…
وقَدْ لَهِجَتْ نَفْسِي بِفَتْحِ تِلْمِسَان
فَأَطْلَعْتُها تَفْتَرُّ عَنْ شَنَبِ المُنَى
…
وتُسْفِرُ عَنْ وَجْهٍ مِنَ السَّعْدِ حَسَّانِ
كَمَا ابْتَسَمَ الغَوَارُ عن أَدْمُعِ الحَيَا
…
وَحَفَّ بخّدِّ الوَرْدِ عَارِضُ نِيسَانِ
كَمَا صَفَّقَتْ رِيحُ الشَّمَالِ شَمُولَها
…
فَبَانَ ارْتِيَاحُ السكر في غُصُن البَان
تُهَنِّيكَ بالفَتْحِ الذي مُعْجِزَاته
…
خوارق لم تُذْخَر سِوَاكَ لإِنْسَانِ
خَفَفْتَ إليها والجُفُونُ ثَقِيلَةٌ
…
كَمَا خَفَّ شَئْنُ الكَفِّ من أُسْدِ خفَّانِ
وقُدْتَ إلى الأَعْدَاءِ فيهَا مُبَادِراً
…
لِيُوثَ رِجَالٍ في مَنَاكِب عِقْبَانِ
تَمُدُّ بنودُ النَّصرِ) مِنْهُمْ (ظِلَالَها
…
على كُلِّ مِطْعَامِ العَشِيَّاتِ مِطْعَانِ
جَحاجِحَةٌ غرُّ الوُجُوهِ كَأَنَّمَا
…
عَمَائِمُهُمْ فيهَا مَعَاقِد تِيجَانِ
أمدَّك فِيهَا اللهُ) بالمَلأِ (العُلا
…
فَجَيْشُكَ مَهْمَا حُققَ الأَمْرُ جَيْشَانِ
لقد جُلِّيَتْ مِنْكَ البلادُ لخَاطِبٍ
…
لَقَدْ حَنِيتْ مِنْكَ الغُصُونُ إلى حَانِي
لقد كَسَتِ الإسْلامَ) بَيْعَتُكَ (الرِّضَا
…
وكانَت عَلَى أَهْلِيهِ بَيْعَةَ رِضْوَانِ
ولِلهِ مِنْ مُلْكٍ سَعِيدِ) ونُصْبةٍ (
…
قَضَى المُشْتَرِي فِيهَا بِعَزْلَةِ كِيوَانِ
وسَجَّلَ حُكْمَ العَدْلِ) بَيْنَ بُيُوتِها (
…
وُقُوفاً مَعَ المِشْهُورِ مِنْ رَأى يُونَانِ
جَلَا كُلُّ مِصرِيٍّ لَهَا حس
…
ن فيها جدّه كل كلداني
فلم تَخْشَ سهمَ القوس صفحةُ بدرِها
…
ولم تَشك فيها الشمس من نَحْس ميزانِ
ولم يعترض مُبْتزَّها قَطْعُ قاطعٍ
…
ولا نَازَعَتْ نَوْبَهرها كفُّ عُدْوانِ
تولَّى اختيارُ الله حُسْنَ اختيارِها
…
فلم تَحْتَج الفَرْغَان فيها لِفَرْغَانِي
ولا صارِفت فيها دقائقُ نِسبةٍ
…
ولا حُقِّقَتْ فيها طوالعُ بُلدانِ
وجوهُ القضايا في كَمالِكَ شأنُها
…
وجوبٌ إذا خَصَّت سِواكَ بإمكانِ
ومَنْ قاسَ منكَ الجودَ بالبَحْرِ والحَيَا
…
فَقَد قاسَ تَمويهاً قياسَ سُفُسطَاني
وطاعتُك العُظمى بِشارَةُ رَحمةٍ
…
وعِصيانُكَ المَحذور نَزْغةُ شيطانِ
وحبُّكَ عنوانُ السعادةِ والرِّضا
…
ويُعْرَفُ مقدارُ الكتابِ بِعُنوانِ
ودِينُ الهُدى جِسْمٌ وذاتُكَ روحُهُ
…
وكم وَصْلَةٍ ما بينَ روحٍ وجُثْمانِ
تضِنُّ بكَ الدُّنيا وتَحْرُسُكَ العُلَى
…
فلا هُدِمَ المبْنَي ولا عُدِمَ البانِي
وصاحَتْ بكَ الدُنيا فلمْ تَكُ غافِلاً
…
ونادَتْ بكَ العّلْيا فلم تَكُ بالوَانِي
ولم تكُ في خَوْضِ البِحارِ بهائِبٍ
…
ولمْ تَكُ في رَوْمٍ الفَخَارِ بِكسْلانِ
لقد هَزَّ مِنكَ العَزمُ لمَّا انْتَضَيْتَهُ
…
ذَوَائبَ رَضْوَى أو مَنَاكِبَ ثَهْلانِ
ولله عَينا مَنْ رآها محَلّةً
…
هِيَ الحَشْرُ لا تُحصَى بعَدٍّ وحُسْبَانِ
وتَنُّورُ عَزْمِ فارَ في إثْرِ دَعْوَةٍ
…
فَعَمَّ الأقاصِيَ والأدانِي بِطَوفَانِ
عجائِبُ أقطارِ ومأْلَفُ شارِدٍ
…
وأقْلادُ آفاقٍ وموعِدُ رُكبانِ
إذا ما سَرَحْتَ اللَّحْظَ في عَرَصَاتِها
…
تبلَّدَ منكَ الذِّهنُ في العالَمِ الثاني
جَناحانِ والنَّصْرُ العزيزُ اهْتَصَارُهُ
…
إذا انْتَظَمَتْ بالقلبِ منها جَناحانِ
فَمِن سُحُبٍ لاحتْ بِها شُهُبُ القنا
…
ومِنْ كُثُبٍ بَدَتْ فوقَ كُثبانِ
مضارِب في البَطخاء بيضٌ قِبَابُها
…
كما قُلِّبَتْ للعَيْنِ أزهارُ سَوْسانِ
وما إنْ رَأَى الرَّاؤونَ في الدَّهْرِ قَبْلَهَا
…
قرارة عزٍّ في مدينة كتَّانِ
تَفوتُ التِفاتَ الطّرْفِ حال انْتِقالِها
…
كأنَّكَ قد سخَّرْتَ جِنَّ سُلَيمانِ
فقَدْ أطْرَقَتْ مِنْ خَوفِها كُلُّ بِيعَةٍ
…
وطَأْطَأَ مِن إجلالِها كلُّ إيوانِ
وقد ذُعِرتْ خَولانُ بينَ بُيُوتِها
…
غَدَاةَ بَدَت منها البيوتُ بِخَوْلانِ
فلو رُمِيَتْ مِصرٌ بها وصَعيدُها
…
لأَضْحَتْ خَلاءً بَلْقَعاً بعدَ عُمرانِ
ولو يَمَّمَتْ سيفَ بن ذي يَزَنٍ لَمَا
…
تَقَرَّرَ ذاكَ السيفَ في غمد غِمدانِ
تُرَاعُ بِها الأوثانُ في أرضٍ رُومَةٍ
…
إذا خَيّمتْ شرقاً على طَرْفِ أوثانِ
وتُجْفِلُ إجفالَ النَّعامِ بِبَرقَةٍ
…
ليوثُ الشَّرَى ما بَينَ تُرْكٍ وَعُرْبَانِ
وعَرضاً كَقِطْع الليلِ للخَيْلِ تَحْتَهُ
…
إذا صَهَلتْ مُفْتَنَّةً رجْعُ ألحانِ
فَيُومِضُ مِنْ بِيضِ الظُّبَا بِبَوارِقٍ
…
ويَقْذِفُ مِنْ سُمرِ الرِّماحِ بِشُهْبَانِ
ويُمْطِر مِنْ وَدْقِ السِّهَامِ بِحاصِبٍ
…
سَحَائِبُهُ مِنْ كُلِّ عَوْجَاءَ مِرْنَانِ
وجُرْداً إذا ما ضَمِّرَتْ يومَ غارةٍ
…
تَعَجَّبْتَ مِن ريحٍ تُقَادُ بِأرْسانِ
تُسابِقُ ظِلْمَانَ الفَلاةِ بِمِثْلِها
…
أبَى النَّصْرُ يوماً أن تُلِّمَ بأجفانِ
نَظَرْتُ إليها والنَّجِيعُ لِباسُها
…
فقُلْتُ سيوفٌ أَمْ شقائِقُ نُعْمانِ
تَفَتَّح وَرْداً خَدُّها حينَ جُرِّدَتْ
…
ولا يُنْكِرُ الأقوامُ خَجْلَةَ عُرْيَانِ
كأنَّ الوَغى نادَتْ بها لوَليمَةٍ
…
قد احتَفَلَتْ أوضاعُها منذُ أزمانِ
فإن طَعِمَتْ بالنَّصْرِ كانَ وُضوءَها
…
نَجيعٌ ووافاها الغُبَارُ بأَشْنَانِ
لقد خَلُصَتْ للهِ مِنكَ سَجيَّةٌ
…
جزاكَ على الإحسانِ منها بإحسانِ
فسَيْفُكْ للفتحِ المُبين مُصَاحِبٌ
…
وعَزْمُكَ والنَّصرُ المُؤَزَّرُ إلفانِ
فَرُحْ واغْدُ للرحمنِ تحتَ كلاءَةِ
…
وسَرْحَانَ، في غابِ العِدَى كلُّ سِرْحَانِ
ودُمْ والمُنَى تُدني إليكَ قِطَافَها
…
مُيَسَّرَ أوطارٍ مُمَهَّدَ أوطانِ
وكُنْ واثِقاً باللهِ مُسْتَنْصِراً بِهِ
…
فَسُلطانُهُ يَعلو على كُلِّ سُلطانِ
كَفَاكَ العِدَا كافٍ لمُلكِكَ كافِلٌ
…
فَضِدُّكَ نِضْوٌ ميتٌ بَيْنَ أكفانِ
رِضَى الوالدِ المَوْلَى أبيكَ عَرَفْتُه
…
وقد أُنكِرَ المعروفُ من بعد عِرْفَانِ
فكَمْ دَعوَةٍ أولاكَ عِندَ انتقالِهِ
…
إلى العالمِ الباقي مِنَ العالَمِ الفاني
فعُرِّفْتَ في السَّرَّاءِ نِعْمَةَ مُنْعِمٍ
…
وأُلْحِفْتَ في الضّرَّاءِ رحمةَ رحمانِ
عجِبتُ لِمَنْ يَبْغي الفَخَارَ بِدَعوَةٍ
…
مجَرَّدةٍ مِنْ غيرِ تَحقيق بُرْهانِ
وسُنَّةُ إبراهيمَ في الفَخْرِ قد أتَتْ
…
بِكُلِّ صحيحٍ عن عَلِيٍّ وعُثمانِ
وَمَنْ مِثْلُ إبراهيمَ في ثَبْتِ موقفٍ
…
إذا ما التقى في حَوْمَةِ الحربِ صَفَّانِ
إذا هَمَّ لم يَلْفِتْ بلحظةِ هائِبٍ
…
وإنْ مَنَّ لم يَنْفُثْ بِلَفْظَةِ مَنَّانِ
فَصَاحةُ قُسٍ في سماحَةِ حاتِمٍ
…
وإقدامُ عَمْروٍ تَحْتَ حِكْمَةِ لُقْمَانٍ
شمائل ميمون النَّقِيبَةِ أرْوَعٍ
…
لهُ قصباتُ السَّبْقِ في كُلِّ مَيْدانِ
مَحَبَّتُهُ فَرْضٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ
…
وطاعَتُهُ في الله عُقْدَةُ إيمانِ
هنيئاً أميرَ المسلمينَ بِمِنَّةٍ
…
حُبِيتَ بها مِنْ مُطْلَقِ الجُودِ مَنَّانِ
لَزَيَّنْتَ أجيادَ المنابِرِ بالتي
…
أتاحَ لكَ الرحمنُ في آل زيَّانِ
قَلائِدُ فَتْحٍ هُنَّ لَكنَّ قَدْرَهَا
…
تَرَفَّعَ أَنْ تُدْعَى قلائِدَ عِقْيَانِ
أمولايَ حُبِّي في عُلاكَ وَسيلَتي
…
ولُطفَكَ بي دَأباً بِحَمْدِكَ أغرانِ
أياديكَ لا أنسى على بُعُدِ المَدَا
…
نعوذُ بِكَ اللهُمَّ مِنْ شَرِّ نِسيانِ