الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن من القسم الخامس من الفن الرابع فى عمل الرّامك والسّكّ من الرامك والأدهان
فأمّا عمل الرّامك والسّكّ
- فالرامك هو أصل السّكّ الّذى لا يمكن عمله إلّا منه، وصفة عمل الرامك على ما أورده محمد بن أحمد بن سعيد التّميمىّ المقدسىّ فى كتابه المترجم (بجيب العروس وريحان النفوس)، وقال: إنه استنبطه ودبّره برأيه- يشير الى هذه الصفة التى نذكرها الآن، وإلّا فالرامك قديم، نقله هو عن غيره ممن كان قبله «1» -؛ فقال التّميمىّ فى هذه النسخة «2» : يعمد إلى العفص النّقىّ الأبيض الجيّد، فيدقّ وينخل، ويعتّق بعد طحنه سنة. قال: ومن الناس من يطبخه بالماء حتّى ينشف الماء، فيستغنى بطبخه عن تعتيقه، وإنّما يراد تعتيقه ليسلس وتذهب منه زعارّة «3» العفصيّة وطعمها، وطبيخه يفعل ذلك. قال: وتعتيقه أجود. قال:
ثم يؤخذ لكلّ عشرة أرطال من العفص المنخول المعتّق خمسة أرطال من الزّبيب العينونىّ «4» اللّحم المنقّى من عيدانه، ويؤخذ من البلح الحديث ما قد لقط من تحت
نخله بعد نضجه، ويجفّف، ويحكم تجفيفه، وينزع نواه، خمسة أرطال، فينقع الزّبيب والبلح فى الشّراب الرّيحانىّ «1» يوما وليلة، ومن لم ينقعهما فى الشراب فلينقعهما فى الميسوس «2» الطيّب، أو فى الماء القراح، ثم يرفعان على النار، فيغليان غليانا جيّدا حتّى ينضجا، ولا تبقى فيهما قوّة، ويعتصر ماؤهما، فتعجن به العشرة «3» أرطال العفص المطحون المنخول عجنا جيّدا حتى يصير مثل الحساء أو أرقّ منه ثم يرفع فى طنجير «4» نحاس غليظ على نار ليّنة، فيطبخ وهو يحرّك بإسطام «5» حديد، ولا يفتر تحريكه، ويحترز المتولّى لطبخه، بأن يتلثّم، ويلفّ على يديه ورجليه ما يصونهما أن يقع عليهما من ذلك، حتّى اذا غلظ وصار أشقر أنزله عن النار. قال: ومن الناس من يضيف اليه وقت طبخه من عقيد «6» العنب على كلّ عشرة أرطال رطلا واحدا مع ماء الزّبيب وماء البلح؛ ومنهم من يقتصر على مائهما فقط، فإذا انتهى
أنزله عن النار، وصبّه على بوارىّ «1» قصب، بعد أن يبرد، ويبسط عليها بسطا رقيقا مستويا بشىء قد دهن بدهن خيرىّ «2» ؛ ثم يعلّق البوارىّ بعد جفافه عليها فى سقف بيت كنين من الغبار سنة كاملة، بحيث يصل اليها مهبّ ريح الشّمال؛ فهذا عمل الرامك الذى هو أصل السّكّ.
فإذا أحببت أن تصنع منه سكّا فاقلع الرامك عن البوارىّ، ودقّه، واطحنه طحنا ناعما، واسقه أمراق الأفاويه التى يطبخ بها البان، وسنذكرها فى فصل الأدهان- إن شاء الله تعالى-؛ واذا أردت ذلك تجمع أمراق الأفاويه بعد تصفية البان عنها، وغسلها من دهنيّة البان، وسلقها وتصفيتها، فيعجن بها عجنا جيّدا كما عجن أوّلا بماء الزّبيب والبلح، وترفعه على النار وأنت تحرّكه دائما بالإسطام تحريكا جيّدا، وقد تحرّزت ممّا يتطاير منه كما تقدّم، حتى إذا شرب
تلك الأمراق وقوى، برّدته فى سطول «1» ، وصببته على البوارىّ كما فعلت أوّل مرّة، فتعتّقه أربعة أشهر حتّى يجفّ، ثم تدقّه وتطحنه وتنخله، وتأخذ لكلّ منّ «2» منه من الهرنوة «3» وزن ثلاثة دراهم، ومن الصندل المقاصيرىّ «4» نصف أوقيّة
ومن العود القمارىّ «1» الدّقّ «2» الجيّد نصف أوقيّة، ومن الزعفران المسحوق وزن درهمين، ومثقالا واحدا أو مثقالين- إن أحببت- من نافجة «3» مسك طريّة الفتاق قد نتف ما عليها من الشّعر وحلق، وقرّضت تقريضا صغيرا، ودقّت دقّا ناعما ومن دهن الخيرىّ «4» الكوفىّ الخالص نصف أوقيّة، ومن العسل الماذىّ «5» نصف أوقيّة؛ يعجن جميع ذلك بالسّكّ عجنا جيّدا، ويترك ثلاثة أشهر أو أربعة حتّى يجفّ ويتكامل جفافه؛ ثم يدقّ ويطحن، ويعجن بميسوس «6» ، ويطرح فى كلّ منّ منه من المسك ثلاثة مثاقيل، يعجن بها عجنا جيّدا، ويقرّص أقراصا صغارا ويترك حتّى يجفّ. قال: فهذا أذكى أبواب السّكّ وأصلحه.
فإن أردت أن تصنع منه سكّا مثلّثا أو منصّفا أو دون ذلك، فآعمد إلى كلّ عشرة مثاقيل من السّكّ الأصلىّ الّذى قدّمنا ذكره، فأنعم دقّها وسحقها، وأضف إلى العشرة مثاقيل- ان أردته مثلّثا- من المسك خمسة مثاقيل؛ وإن أردته منصّفا فأضف الى العشرة مثاقيل مثلها من المسك؛ وإن أردته دون المثلّث فأضف الى العشرة مثاقيل ثلاثة مثاقيل، وأنعم عجنه به، وقرّصه، واختمه، وجفّفه؛ فهذه صفة السّكّ المنصّف والمثلّث وما دونه، وهو أفضل أنواع السّكّ وأشرفها.