الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسود، يطبخونه بكلّ واحد من هذه الأصناف أيّاما مع الماء الصافى؛ ثم يبرّد ويطبخ بالصّنف الآخر حتّى ينتهى- على ما نصفه إن شاء الله [تعالى]- إلّا أنّ هذا الدّهن لا يصلح للغوالى، لأنّه يتغلّب على روائح العنبر والمسك بروائح الأفاويه وحدّتها، فلا تستعمله الملوك إلّا أن تدهن به أيديها فى الشتاء، وتستعمله النساء فى أطيابهنّ وخمرهنّ.
صنعة بان آخر
- قال التّميمىّ فيه: هذا بان ركّبته أنا، واخترعته رأيا من ذات نفسى، فجاء غاية فى الطّيب؛ وهو أن ينقّى من حبّ البان البالغ فى شجره ما كان قشره يضرب إلى السواد، فتنقّى منه مقدار ما يخرج لك من الدّهن زيادة على ثلاثين منّا، وذلك يخرج من مائة منّ من الحبّ البالغ إذا طحن وطبخ وأحكم طبخه- على ما قاله أبو عمران موسى اليهودىّ المعروف بالبانىّ «1» . وقال أبو سعيد اليهودىّ العطّار- وكان عالما بعمل البان وعلاجه وطبخه-: إنّ الكيلجة الفلسطينيّة تخرج منا «2» من الدّهن، وكلّ كيلجة وربع نصف ويبة بالكيل المصرىّ والويبة سدس إردبّ، فتجعل من الثلاثين منا عشرين منا أوّلا، وعشرة أمناء ثانيا.
قال: فاذا حصّلت من حبّ البان ما يخرج لك ذلك، وطحنته، وجمعت
دهنه كما تقدّم، تعمد الى قدر برام «1» لم يدخلها شىء من الدنس، تسع أربعين منا- فتصبّ فيها من دهن البان عشرين منّا بعد أن يجلس «2» ، وتصفّيه؛ ثم تعمد الى منوين من السّليخة «3» الحمراء تكون قضبانا دقاقا، فتغلى لها من الماء فوق غمرها، وتصبّه عليها فى إناء غضار «4» أو صفر، وتكمر «5» الإناء ليرجع بخار الماء اليها وتتركها منقوعة يوما وليلة، أو يومين. ورأى أبو سعيد أن تغلى على النار بعد نقعها ثم يصفّى ماء السّليخة على دهن البان، وتعاود بماء ثان فتغلى به أيضا حتى تخرج قوّتها، وتصفّيه على دهن البان أيضا، وتطبخه حتى ينشف الماء ويبقى الدّهن فترفعه فى قراريب «6» بعد ترويقه؛ ثم تعمد إلى السّليخة فتغمرها بماء ثالث «7» ، وتطبخها به
طبخة خفيفة لتستخرج قوّتها، ثم تصفّيها، وتطبخ بالماء الّذى يخرج منها العشرة «1» أمناء البان الثانية، وتعزلها فى قراريب «2» مفردة؛ فإن كانت السّليخة قد ضعفت بعد استخراجك منها الماء الأوّل فقوّها بنصف منّ آخر لتطيّب به العشرة أمنان الثانية؛ وكذلك تفعل فى كلّ نوع من الأنواع التى نذكرها إذا استخرجت ماءه الأوّل ورأيته يضعف عن أن يطيّب البان الثانى فقوّه بشىء منه طرىّ، ثم تنقع من السّليخة»
الحمراء التّفّاحيّة المنسوفة منّا ونصف منّ فى ماء حارّ يوما وليلة، ثم تغليه وتصفّيه على العشرين منّ «4» بان المطبوخة بالسّليخة فى القدر، ثم صبّ عليه من الماء ما تكمّله به حتى يصير الماء نظير الدّهن، واطبخه على الرسم حتّى ينشف الماء ويبقى الدّهن فأعده فى قراريبه، ثم انقع السّليخة أيضا فى ماء ثان، وقوّها إن ضعفت، واطبخ بها العشرة أمناء الدّهن الثانية كما تقدّم؛ ثم برّده، وأعده فى قراريبه؛ ثم خذ من قرفة «5»
القرنفل الحارّة الذّكيّة منوين فدقّهما تهشيما، ثم اغل لهما عشرين منا من الماء وصبّه عليهما، واكمره «1» بالغطاء يومين وليلتين، ثم اغله بهما غلية واحدة، وصفّه على البان الأوّل، واطبخه نصف يوم حتّى ينشف الماء ويبقى الدّهن، فبرّده، وأوعه وأحكم سدّه، وانقع القرفة أيضا بماء حارّ، وقوّها بربع منّ، ودعها يوما وليلة ثم اغلها، وصفّ ماءها على البان الثانى حتّى ينشف الماء ويبقى الدّهن، فبرّده وأعده إلى ظروفه، وأحكم سدّها.
قال: فإن أحببت أن ترفعه بالقرنفل- وهو أفضل-، فخذ من القرنفل الجيّد
الحبّ المنسوف نصف منّ، فهشّمه، واغل له من الماء عشرين منا، وصبّه عليه وهو حارّ، وغطّه يومين وليلتين، ثم صفّه على البان الأوّل فى القدر، واطبخه به وافعل فى طبخه نحو ما تقدّم؛ وانقع القرنفل المسلوق فى سبعة أمناء من الماء الحارّ ثم اغله، واطبخ به البان الثانى كما تقدّم؛ ثم خذ من البسباسة «1» الحمراء نصف منّ فانقعها فى عشرة أمنان من الماء الحارّ يوما وليلة، وصفّ الماء على البان، واطبخه به كما تقدّم، وافعل فى البان الثانى كما تقدّم، ثم يطبخ بماء الورد بعد البسباسة؛ ثم خذ من الورد الفارسىّ الأحمر المنقّى من أقماعه منوين، واغل لهما من الماء الصافى عشرين منا، وصبّها عليهما، واكمره بما يردّ بخاره فيه، ودعه فيه يومين ثم صفّه على البان الأوّل من غير أن تغليه، واطبخه به على الرسم، وصبّ على الورد عشرة أمناء من الماء الحارّ، وقوّه بنصف منّ من الورد الطرىّ، وصفّه على البان
الثانى، واطبخه به كما تقدّم؛ ثم خذ من السّنبل «1» العصافير الجيّد منا واحدا، واغل له من الماء عشرين منا، وصبّه عليه، واكمره بما يردّ بخاره فيه يومين؛ ثم اسلقه سلقة خفيفة، وصفّه على البان الأوّل، واطبخه على الرسم، وقوّ السّنبل بثمن منّ وانقعه يوما وليلة فى ثمانية أمنان من الماء؛ واغله على النار، وصفّه على البان الثانى، واطبخه به كما تقدّم؛ ثم خذ من الهرنوة «2» منّا وربع منّ فهشّمه «3» ، واغل له من الماء عشرين منا، وصبّه عليها «4» ، واكمره حتّى ينعكس بخاره اليها، واتركه يومين وصفّه على البان الأوّل، واطبخه به؛ ثم قوّ الهرنوة بثمن منّ منها، وانقعها فى عشرة أمناء من الماء الحارّ؛ وصفّه على البان الثانى، واطبخه به كما تقدّم؛ ثم خذ من الصّندل الأصفر المقاصيرىّ «5» الدّسم منا وأوقيّتين، واخرطه خرطا رفيعا على نطع واجعله فى سفن «6» ، واغل له عشرين منا ماء، وصبّه عليه، واكمره يومين وليلتين، ثم اغله به، وصفّه على البان الأوّل فى القدر، واطبخه به حتّى ينشف الماء، وبرّده، وأعده إلى ظروفه؛ ثم قوّ الصّندل بأوقيّتين، وانقعه يوما وليلة واغله؛ ثم صفّه على البان الثانى، واطبخه به نحو ما تقدّم؛ ثم خذ من العود
الأسود السّنّ نصف منّ أو ثلثى منّ إن أحببت فانقعه فى الماء الحارّ، واتركه فيه ثلاثة أيّام وثلاث ليال، ثم اغله على النار، وصفّه على البان الأوّل، وثنّ العود وثلّثه بالماء الحارّ والغليان، واجمع ماءه الثانى والثالث، وصبّهما على البان الأوّل واطبخه بالمياه الثلاثة حتى ينشف الماء ويبقى الدّهن، ثم برّده وأعده إلى ظروفه ثم اغل العود بخمسة أمناء ماء غليانا جيّدا، واطبخ به البان الثانى حتّى ينشف الماء ويبقى الدّهن، فبرّده وأودعه فى ظروفه.
قال: فهذا البان الأوّل الذى لا بعده، والثانى الذى دونه، ولم يبق إلّا نشّه «1» بالمسك وسكّ المسك، على ما نصف إن شاء الله تعالى.
قال التّميمىّ: ورأيت أبا سعيد العطّار يؤثر أن يهشّم القرفة والقرنفل والهرنوة، ويجمع ذلك مع السّنبل فى إناء كبير، ويصبّ عليه من الماء الحارّ ثلاثين منّا، وينقعه فيه يومين وليلتين، ثم يصفّى ويعزل، ويصبّ على الأفواه «2» ماء حارّا عشرين منّا، ويصفّى على الماء الأوّل فى سفن «3» ؛ ثم يطبخ به البان الأوّل فى ثلاث سقيات وهو على النار، كلّما نشف ثلث الماء صبّ عليه الثلث الآخر فإذا انتهى يبرّد ويوعى فى ظروفه حتى تثنّى الأفواه بماء ثان للبان الثانى، وتطبخ به على الرسم.
وقال: هذا أروح وأخفّ مؤونة من تكرار الطبخ بكلّ نوع على حدته إلّا الصّندل والعود، فإنّه لابدّ من طبخهما بماء، كلّ منهما على الانفراد.
قال: ورأى سعيد بن عمّار البانىّ وأبو عمران بن الحارث البانىّ أن يطبخ البان بالماء والأفاويه جميعا بعد نقعها، ولا يصفّى الماء عنها.
وقالا: طبيخه بالأفاويه مع الماء أقوى له، لأن «1» البان ينمحق «2» فى الأفاويه.
وقال سعيد بن عمّار: تسلق الأفاويه بعد إخراجها من البان، كلّ صنف منها على انفراده، ويؤخذ ماء كلّ صنف منها على حدته، ويترك بما بقى فيه من البان ويعجن به السّكّ «3» كما ذكرناه قبل.
قال التّميمىّ: وأنا أرى عجن السّكّ بأفواه «4» قويّة منقوعة خيرا وأفضل. وقال:
عرضت هذه النّسخة «5» التى اخترعتها- وهى الّتى تقدّم ذكرها- على أبى عمران موسى بن الحران البانىّ فعجب من ذلك، وقال: والله إنّ هذه الطريق لطريقى فى عمل البان وطريق كلّ حاذق، ما عدوت منها شيئا، وما كنت أظنّ أحدا يصل إلى علم مثل هذا من عند نفسه من غير أن يأخذه عن صانع؛ [والله أعلم] .
صفة نشّ «1» البان على رأى ابى عمران البانىّ
قال أبو عمران: إذا أردت (نشّ) البان فاسحق للعشرين منّا منه بعد أن يبرد ويجلس «2» من المسك التّبّتىّ مثقالين، ومن سكّ المسك المرتفع أربعة مثاقيل وانخلهما بحريرة، واعجنهما بماء ورد، ثم حلّهما بماء الورد بعد عجنهما حتى يصيرا مثل الحساء، وصبّهما على البان «3» الذى تريد نشّه فى قدر جديدة معدّة للنّشّ واجعله على الكانون الذى يسمّونه (نافخ نفسه «4» ) ، أو غيره، وأوقد تحته بنار فحم، وحرّكه بقصبة فارسيّة دائما وهو يغلى حتى ينشف ماء الورد، وعلامة ذلك أن يعلق المسك والسّكّ برأس القصبة مثل الشّمع أو مثل الغالية، فأنزله عند ذلك عن النار واتركه حتّى يبرد، وارفعه.
وأمّا نشّه على ما ورد فى كتاب «5» العطر المؤلّف للمعتصم بالله-
فهو أن تأخذ من البان الأصلىّ الأوّل الجيّد رطلين، فتجعلهما فى طنجير برام جديد لم يدخله شىء غير البان، ثم خذ لهما من السّكّ «6» المثلّث المرتفع أوقيّة، ومن العود
الهندىّ أوقيّة، واسحق كلّ واحد منهما، وانخله بحريرة، ثم اعجنهما بماء الورد حتّى يصيرا أرقّ من الحساء المصنوع من الدقيق، وصبّهما على البان فى الطّنجير وارفعه على نار ليّنة حتى يغلى غليانا رفيقا وأنت تحرّكه دائما بأنبوبة قصب فارسىّ حتّى ينشف ماء الورد، ويعلق السّكّ والعود برأس الأنبوبة، فأنزله حينئذ عن النار، ودعه حتّى يبرد، وصفّه فى إنائه، ثم انزع ما فى أسفل الطّنجير من السّكّ والعود بزأس سكّين، أو بملعقة من حديد، واعزله لعمل الغالية؛ ثم اغسل الطّنجير غسلا جيّدا، وجفّفه، وأعد اليه البان الّذى نششته بالسّكّ والعود، واسحق للرّطلين من المسك أوقيّة، ومن العنبر الشّحرىّ أوقيّة، وانخل المسك بحريرة صفيقة، والعنبر بخامة «1» ، ثم اجمعهما على الصّلاية، واسحقهما جميعا، ثم حلّهما بماء الورد مثلما حللت السّكّ والعود، وصبّهما فى الطّنجير على البان، وارفعه على نار ليّنة، وأدم تحريكه بأنبوبة القصب. ولا تغفل عن تحريكه، وتكون ناره الآن ألين من النار الأولى التى نششت بها السّكّ والعود، فاذا نشف ماء الورد وتعلّق المسك برأس القصبة، فأنزله عن النار، وبرّده، وارفعه.
قال: ونشّ على أثره بما بقى فى الطّنجير من ثفل «2» المسك والعنبر بانا ثانيا يكون دون الأوّل.
وأمّا دهن الزّنبق «3» وما قيل فيه
- فمنه أصلىّ خالص، ومنه مولّد؛ فأمّا الخالص فمعروف، ولم أقف على كيفيّة عمله فأذكرها.