الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
الإيمان
35 -
وَإِيْمَانُنَا قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَنِيَّةٌ
…
فَقَوْلٌ كَمَنْ يَقْرَا وَفِعْلٌ كَمَن يُقْرِي (1)
(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/ 170 - 171): [ومن هذا الباب أقوال السلف، وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، وكل هذا صحيح
…
والمقصود هنا أن من قال من السلف الإيمان: قول وعمل، أراد قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، ومن أراد الاعتقاد رأى أن لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر، أو خاف ذلك فزاد الاعتقاد بالقلب، ومن قال: قول وعمل ونية، قال: القول يتناول الاعتقاد وقول اللسان، وأما العمل فقد لا يفهم منه النية، فزاد ذلك، ومن زاد إتباع السنة فلأن ذلك كله لا يكون محبوبا لله إلا بإتباع السنة، وأولئك لم يريدوا كل قول وعمل إنما أرادوا ما كان مشروعا من الأقوال، ولكن كان مقصودهم الرد على المرجئة الذين جعلوه قولا فقط، فقالوا: بل هو قول وعمل، والذين جعلوه أربعة أقسام فسروا مرادهم كما سئل سهل بن عبدالله التسترى عن الإيمان ما هو؟ فقال: قول وعمل ونية وسنة؛ لأن الإيمان إذا كان قولا بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولا وعملا بلا نية فهو نفاق، وإذا كان قولا وعملا ونية بلا سنة فهو بدعة].
وقد بسط الشيخ العثيمين رحمه الله الكلام في تعريف الإيمان، ومثَّل له فقال في شرح الواسطية (ص/417): [وأما في الشرع، فقال المؤلف رحمه الله:" قول وعمل ".
وهذا تعريف مجمل فصله المؤلف رحمه الله بقوله: " قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح ". فجعل المؤلف رحمه الله للقلب قولاً وعملاً، وجعل للسان قولاً وعملاً.
أما قول اللسان؛ فالأمر قيه واضح، وهو النطق، وأما عمله؛ فحركاته، وليست هي النطق، بل النطق ناشئ عنها إن سلمت من الخرس. وأما قول القلب؛ فهو اعترافه وتصديقه. وأما عمله فهو عبارة عن تحركه وإرادته؛ مثل الإخلاص في العمل، فهذا عمل القلب، وكذلك التوكل والرجاء والخوف؛ فالعمل ليس مجرد الطمأنينة في القلب، بل هناك حركة في القلب. وأما عمل الجوارح؛ فواضح ركوع، وسجود، وقيام، وقعود، فيكون عمل الجوارح إيماناً شرعاً؛ لأن الحامل لهذا العمل هو الإيمان
…
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة. وشموله لهذه الأشياء الأربعة لا يعني أنه لا يتم إلا بها، بل قد يكون الإنسان مؤمناً مع تخلف بعض الأعمال، لكنه ينقص إيمانه بقدر ما نقص من عمله.
وخالف أهل السنة في هذا طائفتان بدعيتان متطرفتان: الطائفة الأولى: المرجئة، يقولون: إن الإيمان هو الإقرار بالقلب، وما عدا ذلك فليس من الإيمان!!. ولهذا كان الإيمان لا يزيد ولا ينقص عندهم؛ لأنه إقرار القلب، والناس فيه سواء، فالإنسان الذي يعبد الله آناء الليل والنهار كالذي يعصي الله آناء الليل والنهار عندهم، ما دامت معصيته لا تخرجه من الدين!!
…
الطائفة الثانية: الخوارج والمعتزلة؛ قالوا: إن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأنها شرط في بقائه، فمن فعل معصيته من كبائر خرج من الإيمان. لكن الخوارج يقولون: إنه كافر، والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين منزلتين، فلا نقول: مؤمن، ولا نقول: كافر، بل نقول: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، وصار في منزلة بين منزلتين. هذه أقوال الناس في الإيمان.]
36 -
يَقِلُّ بِعِصْيَانٍ وَيَنْمُو (1) بِضِدِّهِ (2)
…
وَإِنْ قَلَّ حَتَّى كَانَ فِي زِنَةِ الذَّرِّ (3)
(1) بالأصل: (وينموا)، والصواب ما أثبته.
(2)
((هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والأدلة على ذلك أشهر من أن تذكر.
(3)
وأقل درجات الإيمان - ويطلق عليه: إيمان الحد، أو الركن، أو مطلق الإيمان - لا يزيد، ولا ينقص؛ لأن نقصانه كفر، وإنما يُزاد عليه، فيدخل في منزلة الإيمان الواجب، ثم منزلة الإيمان المستحب. وهذا القدر من الإيمان يمنع صاحبه من الخلود في النار، مع جواز دخولها، وقد اختلف العلماء في بيان أفراد هذا النوع من الإيمان. والكلام على ذلك مشهور في محله، وليس هذا محل بسطه.