الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوْجُ الْبَتُولِ (1) عَلِي الَّذِي
…
جَاهَدَ الْكُفَّارَ بِالْبِيضِ (2) وَالسُّمْرِ (3)
الفصل الثالث
موقفنا من الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم
-
132 -
وَأَنْ نَتَرَضَّى (4) عَنْ صِحَابِ مُحَمَّدٍ
…
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) أي فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
بكسر الموحدة، فهو السيف، وبفتحها: ما يلبس على الرأس من آلات الحرب (الخوذة)، والأقرب عندي في هذا البيت المعنى الأول. قال ابن حجر في فتح الباري (8/ 351):[البيض: بفتح الموحدة، جمع بيضة، وهي: الخوذة، أو بكسرها جمع أبيض، وهو: السيف].
(3)
أي الرماح، قال ابن حجة الحموي في خزانة الأدب (28340): [
…
(والبعض ماتوا من التوهيم واطرحوا
…
والسمر قد قبلتهم عند موتهم)
فذكر الموت في البيت يوهم السامع أن نساءهم السمر قد أدارتهم إلى جهة القبلة، كما هو المعهود، والتوهيم هنا في التقبيل، وفي السمر، والمراد بالسمر: الرماح، وبالتقبيل: الطعن في الأفواه التي تنزل هنا منزلة التقبيل، واستعارة التقبيل للرماح في غاية الحسن، فإنهم شبهوا سنان الرمح باللسان، وشبهوا مواقع الطعن بالثغور، ويعجبني هنا قول ابن المزين في الرمح:
(أنا أسمر والراية البيضاء لي
…
لا بالسيوف وسل من الشجعان)
…
].
(4)
التَّرَضِّي مِنْ الرِّضَا ، وَهُوَ ضِدُّ السُّخْطِ ، وَالتَّرَضِّي: طَلَبُ الرِّضَا ، وَالتَّرَضِّي أَيْضًا: أَنْ تَقُولَ: رضي الله عنه.
والترضي عن الصحابة، وغيرهم من التابعين، والصالحين مستحب قال النووي في الأذكار:[يُستحبّ الترضّي والترحّم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعبَّاد وسائر الأخيار فيقال: رضي الله عنه، أو رحمه الله، ونحو ذلك].
ومحبة جميع الصحابة، واعتقاد فضلهم واجب، قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (1/ 577):[وهذا - أي تعزير شاتم الصحابة رضي الله عنهم مما لا نعلم فيه خلافا بين أهل الفقه، والعلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان، وسائر أهل السنة والجماعة، فإنهم مجمعون على أن الواجب الثناء عليهم، والاستغفار لهم، والترحم عليهم، والترضي عنهم، واعتقاد محبتهم، وموالاتهم، وعقوبة من أساء فيهم القول].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
…
كَمَا أَمَرَ الرَّحْمَنُ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ (1)
(1) يشير إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} قال الشوكاني في فتح القدير في تفسير هذه الآية: [لما فرغ سبحانه من الثناء على المهاجرين، والأنصار ذكر ما ينبغي أن يقوله من جاء بعدهم فقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} وهم التابعون لهم بإحسان إلى يوم القيامة، وقيل: هم الذين هاجروا بعد ما قوي الإسلام، والظاهر شمول الآية لمن جاء بعد السابقين من الصحابة المتأخر إسلامهم في عصر النبوة، ومن تبعهم من المسلمين بعد عصر النبوة إلى يوم القيامة؛ لأنه يصدق على الكل أنهم جاءوا بعد المهاجرين الأولين، والأنصار، والموصول مبتدأ وخبره {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَان} ويجوز أن يكون الموصول معطوفا على قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ} فيكون يقولون في محل نصب على الحال، أو مستأنف لا محل له، والمراد بالأخوة هنا أخوة الدين، أمرهم الله أن يستغفروا لأنفسهم، ولمن تقدمهم من المهاجرين، والأنصار {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا} أي غشا، وبغضا، وحسدا أمرهم الله سبحانه بعد الاستغفار للمهاجرين، والأنصار أن يطلبوا من الله سبحانه أن ينزع من قلوبهم الغل للذين آمنوا على الإطلاق، فيدخل في ذلك الصحابة دخولا أوليا، لكونهم أشرف المؤمنين، ولكون السياق فيهم، فمن لم يستغفر للصحابة على العموم، ويطلب رضوان الله لهم، فقد خالف ما أمره الله به في هذه الآية، فإن وجد في قلبه غلا لهم، فقد أصابه نزغ من الشيطان، وحل به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه، وخير أمة نبيه صلى الله عليه وسلم وانفتح له باب من الخذلان يفد به على نار جهنم إن لم يتدارك نفسه باللجوء إلى الله سبحانه، والاستغاثة به بأن ينزع عن قلبه ما طرقه من الغل لخير القرون، وأشرف هذه الأمة، فإن جاوز ما يجده من الغل إلى شتم أحد منهم، فقد انقاد للشيطان بزمام، ووقع في غضب الله، وسخطه، وهذا الداء العضال إنما يصاب به من ابتلي بمعلم من الرافضة، أو صاحب من أعداء خير الأمة الذين تلاعب بهم الشيطان، وزين لهم الأكاذيب المختلفة، والأقاصيص المفتراة، والخرافات الموضوعة، وصرفهم عن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنقولة إلينا بروايات الأئمة الأكابر في كل عصر من العصور، فاشتروا الضلالة بالهدى، واستبدلوا الخسران العظيم بالربح الوافر، وما زال الشيطان الرجيم ينقلهم من منزلة إلى منزلة، ومن رتبة إلى رتبة حتى صاروا أعداء كتاب الله، وسنة رسوله، وخير أمته، وصالحي عباده، وسائر المؤمنين، وأهملوا فرائض الله، وهجروا شعائر الدين، وسعوا في كيد الإسلام وأهله كل السعي، ورموا الدين، وأهله بكل حجر، ومدر، والله من ورائهم محيط].