الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . .
…
شَجَى (1) الْحَلْقِ (2) لِلْبِدْعِيِّ أَوْ كَلَظَى (3) الْجَمْرِ
الفصل السادس
التماس واعتذار
147 -
فَيَا نَاظِرَاً فِيهَا تَدَارَكْ لِمَا عَسَى
…
يَكُونُ بِهَا مِنْ خَافِيَ الْوَهْنِ بِالْجَبْرِ (4)
148 -
فَقَدْ خُلِقَ التَّقْصِيرُ وَالنَّقْصُ فِي الْوَرَى
…
لِيَنْفَرِدَ الْبَارِي عَلَا بِاسْمِهِ الْوِتْرِ (5)
(1) قال الخليل بن أحمد في العين مادة (شجو): [والشَّجا، مقصورٌ، ما نشب في الخلق من غُصَّةِ همِّ أو عودٍ أو نحوه، والفِعلُ: شجي يشجي بكذا شجىً شديداً، والشَّجا: اسم ذلك الشيءِ، قال:
ويَراني كالشَجَا في حلقِه
…
عسراً مَخرجُه ما ينتزع].
(2)
بالأصل: (قذى العين)، وبالهامش تصويبها لـ:(شجى الحلق).
(3)
أي كلهب، قال الصاحب بن عباد في المحيط في اللغة مادة (لظى):[اللَّظى: اللَّهَبُ الخالِصُ. ولَظى غَيْرُ مَصْرُوْفَةٍ: من أسْمَاءِ جَهَنَّمَ. ولَظِيَتِ النَّارُ تَلْظَى لَظىً. والحَرُّ يَتَلظَّى: أي يَتَلَهَّبُ، ويَلْتَظِي].
(4)
أي بالتصويب والإصلاح، لا بالتشهير والإفساد.
(5)
الوتر من أسماء الله، ومعناه: الواحد الفرد الذي أنفرد بصفات الجلال والكمال، المستغني بذاته عن غيره، وهو سبحانه واحد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله. وانظر تتمة أضواء البيان (9/ 210 - 211) (الفجر/1: 4).
وقال د. محمود عبد الرازق في محاضرة له عن شرح الأسماء الحسنى الدالة علي صفات الفعل: [الاسم الرابع والثمانون من أسماء الله الحسنى، هو اسم الله: الوتر، فقد سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم علي سبيل الإطلاق مرادا به العلمية، ودالا علي الوصفية في بعض النصوص النبوية، وقد ورد المعنى محمولا عليه مسندا إليه، كما ورد في صحيح البخاري من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ:(لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إِلَاّ وَاحِدًا، لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَاّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ)، وفي صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ)، وعند أبي داود والترمذي وابن ماجة والنَسائى وصححه الشيخ الألباني من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حديث عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، وفي رواية: إِنَّ اللَّهَ عز وجل وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، وعند أحمد من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ. والوِتْرُ في اللغة هو الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ، قال تعالى:(وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)(الفجر:3) قيل: الوتر آدم عليه السلام والشَّفْع أنه شُفِعَ بزوجته، وقيل: الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وقيل: الأَعداد كلها شفع ووتر كثرت أَو، قلّت، وقيل: الوتر هو الله الواحد والشفع جميع الخلق خلقوا أَزواجاً، وكان القوم وتِراً فَشَفَعْتهم وكانوا شَفْعاً فَوَتَرْتهم، وعند البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ أن رجلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى، وعند الترمذي وصححه الشيخ الألباني من حديث سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِذَا تَوَضَّاتَ فَانْتَثِرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ) أي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً استنج بثلاثة أَحجار، أَو خمسة، أَو سبعة، ولا تستنج بالشفع.
والله تعالى وتر انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا، فالله عز وجل خلق المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية، يقول تعالى:(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(الذاريات:49)، فالرجل لا يهنأ إلا بزوجته وبغيرها لا يشعر بسعادته فلا بد من الزوجية ومشاركته لأسرته، والتوافق بين محبتهم ومحبته، فيراعى في قراره ضروريات أولاده زوجته، ولا يمكن أن تستمر الحياة التي قدرها الله على خلقه بغير الزوجية، حتى في تكوين أدق المواد الطبيعية، فالمادة تتكون من مجموعة من العناصر والمرَكَّبات، وكل عنصر مكون من مجموعة من الجزيئات، وكل جزيء مكون من مجموعة من الذرات، وكل ذرة لها نظام في تركيبها تتزواج فيه مع أخواتها، سواء كانت الذرةُ سالبةً أو موجبةً، فالعناصر في حقيقتها عبارة عن أخوات من الذرات متزاوجات متفاهمات، متكاتفات ومتماسكات ففي علم الطبيعة والفيزياء معلوم أنه لا يتكون جزئُ الماء إلا إذا اتحدت ذرتان من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسجين؟ فالذرات متزاوجة سالبها يرتبط بموجبها، لا تهدأ ولا تستقر إلا بالتزاوج من بعضها البعض، فهذه بناية الخلق بتقدير الحق، بنيت على الزوجية والشفع، أما ربنا عز وجل فذاته صمدية وصفاته فردية، فهو المنفرد بالأحدية والوترية، كما ثبت في السنة النبوية:(إِنَّ اللَّهَ عز وجل وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ).
وقد قيل أيضا في معنى الشفع والوتر أن الشفع: تنوع أوصاف العباد بين عز وذل، وعجز وقدرة، وضعف وقوة، وعلم وجهل، وموت وحياة، والوتر: انفراد صفات الله عز وجل فهو العزيز بلا ذل، والقدير بلا عجز، والقوي بلا ضعف، والعليم بلا جهل، وهو الحي الذي لا يموت، القيوم الذي لا ينام، ومن أساسيات التوحيد والوترية أن تفرد الله عمن سواه في ذات الله وصفاته وأفعاله
…
].