الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، بَدَأَنَا بِالْيَمِينِ قَبْلَ الْحَدِيثِ، فَقَالَ:" وَاللَّهِ إِنْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيَخْلُو اللَّهُ بِهِ، كَمَا يَخْلُو أَحَدُكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَوْ قَالَ: لَيْلَتَهُ، يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ؟ ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ؟ ابْنَ آدَمَ مَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ ابْنَ آدَمَ: مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ "
بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ جَمِيعَ أُمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ، مُؤْمِنَهُمْ وَمُنَافِقَهُمْ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَرَوْنَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ، لَا رُؤْيَةَ سُرُورٍ وَفَرَحٍ، وَتَلَذُّذٍ بِالنَّظَرِ فِي وَجْهِ رَبِّهِمْ عز وجل ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ: قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ
الْجِسْرُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ
⦗ص: 421⦘
وَيَخُصُّ اللَّهُ عز وجل أَهْلَ وِلَايَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ، نَظَرَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ وَتَلَذُّذٍ
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا، فَقَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا، قَالَ:«فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عز وجل كَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ: يُقَالُ: «مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ
⦗ص: 422⦘
وَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْقَمَرَ الْقَمَرَ فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ الْأَوْثَانَ، وَالْأَصْنَامَ الْأَصْنَامَ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ وَمُنَافِقُوهُمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَبَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» يُقَلِّلُهُمْ بِيَدِهِ " فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَا تَتَّبِعُونَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ، وَلَمْ نَرَ اللَّهَ قَالَ: فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً إِلَّا وَقَعَ عَلَى قَفَاهُ ثُمَّ يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ " ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ فِي سَحَابٍ؟» قُلْنَا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:" مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا. إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا تَلْحَقُ " - قَالَ ابْنُ يَحْيَى: لَعَلَّهُ قَالَ: " كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ فِي الْخَبَرِ: " فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا سُمْعَةً وَلَا رِيَاءً وَلَا نِفَاقًا إِلَّا عَلَى ظَهْرِهِ طَبَقٌ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ
⦗ص: 424⦘
، قَالَ: ثُمَّ يُرْفَعُ بَرُّنَا وَمُسِيئُنَا، وَقَدْ عَادَ لَنَا فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ أَنْتَ رَبَّنَا، أَنْتَ رَبَّنَا، أَنْتَ رَبَّنَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ " حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنَا عَمِّي، قَالَ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟» وَذَكَرَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تُمَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " هَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ
⦗ص: 426⦘
، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِينَا رَبَّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ: وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٍ إِلَّا الرُّسُلُ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَخْبَرَهُ، قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
⦗ص: 427⦘
. وَقَالَ الْهَاشِمِيُّ: إِنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَاقَا جَمِيعًا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْخَبَرِ، غَيْرَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظَةِ وَالشَّيْءِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَطْلُعُ عَلَيْهِمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ:«أَلَا يَتْبَعُ كُلُّ أُنَاسٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ» فَيُمَثَّلُ لِصَاحِبِ الصَّلِيبِ صَلِيبُهُ وَلِصَاحِبِ التَّصْوِيرِ تَصْوِيرُهُ وَلِصَاحِبِ النَّارِ نَارُهُ، فَيَتَّبِعُونَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ
⦗ص: 428⦘
رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ:«أَلَا تَتَّبِعُونَ النَّاسَ» ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ اللَّهُ رَبُّنَا وَهَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا وَهُوَ يَأْمُرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ، ثُمَّ يَتَوَارَى ثُمَّ يَطْلُعُ فَيَقُولُ:«أَلَا تَتَّبِعُونَ» النَّاسَ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ اللَّهُ رَبُّنَا هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا، وَهُوَ يَأْمُرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ، قَالُوا: وَهَلْ نَرَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَهَلْ تَتَمَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تُمَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ، ثُمَّ يَتَوَارَى، ثُمَّ يَطْلُعُ عَلَيْهِمْ فَيَرْفَعُهُمْ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:«أَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّبِعُونِ» فَيَقُومُ الْمُسْلِمُونَ وَيَضَعُ الصِّرَاطَ فَهُمْ عَلَيْهِ مِثْلُ جِيَادِ الْخَيْلِ، وَالرِّكَابِ، وَقَوْلُهُمْ عَلَيْهِ سَلِّمْ سَلِّمْ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، وَقَرَأَهُ، عَلَيَّ مِنْ كِتَابِي قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ
⦗ص: 429⦘
، قَالَ: ثَنَا مَسْلَمَةُ وَهُوَ ابْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، قَالَ: ذَكَرُوا الدَّجَّالَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: تَفْتَرِقُونَ أَيُّهَا النَّاسُ عِنْدَ خُرُوجِهِ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: ثُمَّ يَتَمَثَّلُ اللَّهُ لِلْخَلْقِ فَيَلْقَى الْيَهُودَ، فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ، إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ إِلَّا خَرَّ لِلَّهِ سُجَّدًا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ، خَرَّجْتُ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] إِنَّمَا أَرَادَ الْكُفَّارَ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ
⦗ص: 430⦘
، بِضَمَائِرِهِمْ، فَيُنْكِرُونَ ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، دُونَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِضَمَائِرِهِمْ وَيُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِيَوْمِ الدِّينِ، رِيَاءً وَسُمْعَةً أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ عز وجل {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين: 5] ، إِلَى قَوْلِهِ {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المطففين: 10] أَيْ قَوْلُهُ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] أَيِ الْمُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ مُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ يَرَوْنَ اللَّهَ حِينَ يَأْتِيَهُمْ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ هَذَا فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يَرَوْنَهُ لِلِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ، فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ صَنَمًا وَلَا وَثَنًا وَلَا صُورَةً إِلَّا ذَهَبُوا حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ
⦗ص: 431⦘
فَاللَّهُ سبحانه وتعالى يَحْتَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَمُنَافِقٍ وَبَقَايَا أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْخَبَرِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّهُ عز وجل لَنَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مَا بَانَ وَثَبَتَ وَصَحَّ أَنَّ جَمِيعَ الْكُفَّارِ قَدْ تَسَاقَطُوا فِي النَّارِ وَجَمِيعَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِنَّمَا يَتَرَاءَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَرِّهَا وَفَاجِرِهَا وَمُنَافِقِهَا بَعْدَمَا تَسَاقَطَ أُولَئِكَ فِي النَّارِ فَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: كَانَ مُحْتَجِبًا عَنْ جَمِيعِهِمْ لَمْ يَرَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَكْذِبُونَ} [المطففين: 15] فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ عز وجل أَنَّ مَنْ حُجِبَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ، هُمُ الْمُكَذِّبُونَ، بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: 17] وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ: فَإِنَّمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ بِقُلُوبِهِمْ وَيُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ رِيَاءً وَسُمْعَةً
⦗ص: 432⦘
فَقَدْ يَتَرَاءَى لَهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ وَاخْتِبَارٍ وَلْيَكُنْ حَجْبُهُ إِيَّاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ رُؤْيَتِهِ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ وَنَدَامَةً، إِذْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ بِقُلُوبِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، وَبِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَمَا أَمَرَ بِهِ وَنهَى عَنْهُ، بِيَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ قُلْ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟ إِلَى قَوْلِهِ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي فَاللِّقَاءُ الَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ غَيْرُ التَّرَائِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَتَرَائَى لِمَنْ قَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ، وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي يُكَلِّمُ بِهِ الرَّبُّ جَلَّ ذِكْرُهُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَلَامٌ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرِ الْكَافِرِ إِلَى خَالِقِهِ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَلِّمُ بِهِ رَبَّهُ عز وجل وَإِنْ كَانَ كَلَامُ اللَّهِ إِيَّاهُ كَلَامَ تَوْبِيخٍ وَحَسْرَةٍ وَنَدَامَةٍ لِلْعَبْدِ، لَا كَلَامَ بِشْرٍ وَسُرُورٍ وَفَرَحٍ وَنَضْرَةٍ وَبَهْجَةٍ أَلَا تَسْمَعْهُ يَقُولُ فِي الْخَبَرِ بَعْدُ مَا يَتْبَعُ أَوْلِيَاءُ الشَّيَاطِينِ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَهُمْ، إِلَى جَهَنَّمَ قَالَ: ثُمَّ نَبْقَى أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبَّنَا، فَيَقُولُ: عَلَى مَا هَؤُلَاءِ قِيَامٌ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ، وعَبَدْنَاهُ وَهُوَ رَبُّنَا، وَهُوَ آتِنَا وَيُثَبِّتُنَا، وَهَذَا مُقَامُنَا، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ وَيَضَعُ الْجِسْرَ أَفَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: فَيَأْتِينَا رَبُّنَا، إِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ تَسَاقُطِ الْكُفَّارِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي جَهَنَّمَ
⦗ص: 433⦘
فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌ أَنَّ قَوْلَهَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ وَهُوَ لِقَاءُ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 7] الْآيَةَ، وَقَالَ:{فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [يونس: 11] وَقَالَ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] الْآيَةَ، وَ {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرَ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: 15] وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ» لَمْ يُرِدْ مَنْ يَرَى اللَّهَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَاللِّقَاءُ غَيْرُ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ
⦗ص: 437⦘
وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّ قَوْلَهَ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} لَيْسَ مَعْنَاهُ رُؤْيَةَ الْآخِرَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ (الْإِيمَانِ) فِي ذِكْرِ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَأَبْوَابِهِ مَعْنَى اللِّقَاءَ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَكْرَارِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ