المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر البيان أن جميع أمة النبي صلى الله عليه وسلم برهم وفاجرهم، مؤمنهم ومنافقهم، وبعض أهل الكتاب يرون الله عز وجل يوم القيامة يراه بعضهم رؤية امتحان، لا رؤية سرور وفرح، وتلذذ بالنظر في وجه ربهم عز وجل ذي الجلال والإكرام وهذه الرؤية: قبل أن يوضع - التوحيد لابن خزيمة - جـ ٢

[ابن خزيمة]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْظُرُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ الْمُنْكِرَةِ لِصِفَاتِ خَالِقِنَا جَلَّ ذِكْرُهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ جَمِيعَ أُمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ، مُؤْمِنَهُمْ وَمُنَافِقَهُمْ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَرَوْنَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ، لَا رُؤْيَةَ سُرُورٍ وَفَرَحٍ، وَتَلَذُّذٍ بِالنَّظَرِ فِي وَجْهِ رَبِّهِمْ عز وجل ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ: قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ إِنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَخْلِيًّا بِهِ عز وجل وَذِكْرُ تَشْبِيهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ، خَالِقَهُمْ، ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَا يُدْرِكُ عَلَيْهِ، فِي الدُّنْيَا عِيَانًا وَنَظَرًا وَرُؤْيَةً

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِقَهُ الْعَزِيزَ الْعَلِيمَ الْمُحْتَجِبَ عَنْ أَبْصَارِ بَرِيَّتِهِ، قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي تُجْزَى فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ وَذِكْرِ اخْتِصَاصِ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالرُؤْيَةِ كَمَا خَصَّ نَبِيَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِالْخَلَّةِ

- ‌أَخْبَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي إِنْكَارِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا قَبْلَ نُزُولِ الْمَنِيَّةِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ أَهْلُ قِبْلَتِنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَاتِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَنْ شَاهَدَنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا، لَمْ يَخْتَلِفُوا وَلَمْ يَشُكُّوا وَلَمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ ضَحِكِ رَبِّنَا عز وجل بِلَا صِفَةٍ تَصِفُ ضَحِكَهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، لَا وَلَا يُشَبِّهُ ضَحِكَهُ بِضَحِكِ الْمَخْلُوقِينَ، وَضَحِكُهُمْ كَذَلِكَ، بَلْ نُؤْمِنُ بِأَنَّهُ يَضْحَكُ، كَمَا أَعْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَسْكُتُ عَنْ صِفَةِ ضَحِكِهِ جَلَّ وَعَلَا، إِذِ اللَّهُ عز وجل اسْتَأْثَرَ بِصِفَةِ ضَحِكِهِ، لَمْ يُطْلِعْنَا عَلَى ذَلِكَ، فَنَحْنُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَبْوَابِ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَدْ خَصَّ بِهَا دُونَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَاهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأُمَّتِهِ، وَشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَشَفَاعَةِ بَعْضِ أُمَّتِهِ لِبَعْضِ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ قَدْ أَوْبَقَتْهُمْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبُهُمْ فَأُدْخِلُوا النَّارَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي وَصَفْنَا أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ هِيَ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلْقِ فَعِنْدَهَا يَأْمُرُهُ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُدْخِلَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنَ، فَهُوَ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ إِنَّمَا هِيَ قَبْلَ مُرُورِ النَّاسِ عَلَى الصِّرَاطِ حِينَ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَفَاعَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، أَوَّلُهَا: مَا ذُكِرَ فِي خَبَرِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ شَفَاعَتُهُ لِأُمَّتِهِ لِيُخْلِصُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ، وَلْيُعَجِّلِ اللَّهُ حِسَابَهُمْ وَيَقْضِي بَيْنَهُمْ، ثُمَّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدْ يَشْفَعُ بَعْدَ نَبِيِّنَا غَيْرُهُ عَلَى مَا سَأُبَيِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ أَوَّلُ لِمَا لَا ثَانِيَ لَهُ بَعْدُ وَلَا ثَالِثٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ شِدَّةِ شَفَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِأُمَّتِهِ وَفَضْلِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ، عَلَى شَفَقَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، عَلَى أُمَمِهِمْ إِذِ اللَّهُ عز وجل أَعْطَى كُلَّ نَبِيٍّ دَعْوَةً وُعِدَ إِجَابَتَهَا، فَجَعَلَ كُلُّ نَبِيٍّ مِنْهُمْ صلى الله عليه وسلم مَسْأَلَتَهُ فَأُعْطِيَ سُؤْلَهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَخَّرَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا أَوَّلْتُ قَوْلَهُ يَدْعُو بِهَا أَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ دَعَا بِهَا عَلَى مَا حَكَيْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: يَفْعَلُ فِي مَوْضِعِ: فَعَلَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا كَانَ مِنْ تَخْيِيرِ اللَّهِ عز وجل نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بَيْنَ إِدْخَالِ نِصْفِ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ فَاخْتَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ الشَّفَاعَةَ إِذْ هِيَ أَعَمُّ وَأَكْثَرُ وَأَنْفَعُ لِأُمَّتِهِ خَيْرِ الْأُمَمِ مِنْ إِدْخَالِ بَعْضِهِمُ الْجَنَّةَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ، قَبْلَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إِنَّمَا دَعَا بَعْضُهُمْ فِيمَا كَانَ اللَّهُ جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الدَّعْوَةِ الْمُجَابَةِ سَأَلُوهَا رَبَّهُمْ، وَدَعَا بَعْضُهُمْ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ، عَلَى قَوْمِهِ، لِيَهْلِكُوا فِي الدُّنْيَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْأَفَ بِأُمَّتِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ لَفْظَةٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ حَسِبَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَغَيْرِهِمْ لِجَهْلِهِمْ بِالْعِلْمِ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تُضَادُّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ أَنَّهَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَتْ كَمَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِالْكَبَائِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا هُوَ دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الشِّرْكَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» إِنَّمَا أَرَادَ أُمَّتَهُ الَّذِينَ أَجَابُوهُ فَآمَنُوا بِهِ وَتَابُوا عَنِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي ذُكِرَتْ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهِيَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتُهُ، وَأَنَّهَا لِمَنْ قَدْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَالَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، بَلْ لِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا وَخَطَايَا فَأُدْخِلُوا النَّارَ لِيُصِيبَهُمْ سَفَعًا مِنْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِرْضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِمَا قَدْ أُعْطِيَ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الشَّفَاعَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عز وجل، إِخْرَاجُهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِالشَّفَاعَةِ يَصِيرُونَ فِيهَا فَحْمًا يُمِيتَهُمُ اللَّهُ فِيهَا إِمَاتَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُؤْذَنُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الشَّفَاعَةِ وَصِفَةُ إِحْيَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، بَعْدَ إِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَقَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةِ بِلَفْظَةٍ عَامَّةٍ مُرَادُهَا خَاصٌّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِنَّمَا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُلَيَّةَ، أَذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَيَصِيرُونَ فَحْمًا، أَيْ أَبْدَانُهُمْ خَلَا صُوَرِهِمْ وَآثَارِ السُّجُودِ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَكْلَ أَثَرِ السُّجُودِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِاللَّهِ، فَنَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَعَذَابِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مَنْ قَضَى اللَّهُ إِخْرَاجَهُمْ مِنَ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَهْلِ النَّارِ، أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، يَمُوتُونَ فِيهَا إِمَاتَةً وَاحِدَةً، تُمِيتُهُمُ النَّارُ إِمَاتَةً ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، لَا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ أَحْيَاءَ يَذُوقُونَ الْعَذَابَ، وَيَأْلَمُونَ مِنْ حَرِّ النَّارِ حَتَّى يَخْرُجُوا

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِخْرَاجِ شَاهِدِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَفْرَقُ أَنْ يَسْمَعَ بِهِ بَعْضُ الْجُهَّالِ، فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ قَائِلَهُ بِلِسَانِهِ، مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ قَلْبٍ، يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، جَهْلًا وَقِلَّةَ مَعْرِفَةٍ بِدِينِ اللَّهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَلِجَهْلِهِ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَشْفَعُ لِلشَّاهِدِ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ الْمُوَحِّدِ لِلَّهِ بِلِسَانِهِ إِذَا كَانَ مُخْلِصًا وَمُصَدِّقًا بِذَلِكَ بِقَلْبِهِ، لَا لِمَنْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ مُنْفَرِدَةً عَنْ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ دَالٍّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ شَاهِدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِذَا كَانَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ لِسَانُهُ إِلَّا أَنَّهُ كَنَّى عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ بِالْخَيْرِ، فَعَانَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْجِهَادِ وَالْعِنَادِ، وَادَّعَى أَنَّ ذِكْرَ الْخَيْرِ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَيْسَ بِإِيمَانِ قِلَّةِ عِلْمٍ بِدَيْنِ اللَّهِ وَجُرْأَةٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الصِّدِّيقِينَ يَتْلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، يَتْلُونَ الصِّدِّيقِينَ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ يَتْلُونَ الْأَنْبِيَاءَ عليهم السلام إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَثْرَةِ مَنْ شَفَعَ لَهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْتُ قَبْلَ أَنْ يَشْفَعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا يُعْطِي اللَّهُ عز وجل مِنْ نِعَمِ الْجَنَّةِ وَمُلْكِهَا تَفَضُّلًا مِنْهُ عز وجل، وَسَعَةَ رَحْمَتِهِ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا وَزَحْفًا لَا مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا بِالشَّفَاعَةِ بَعْدَمَا مَحَشَتْهُمُ النَّارُ وَأَمَاتَهُمْ فَصَارُوا فَحْمًا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ اللَّهُ بِتَفَضُّلِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرْنَا صِفَتَهُ وَخَبَّرْنَا أَنَّهُ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ زَحْفًا لَا مِمَّنْ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَأَنَّ مَنْ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ يَبْقَى بَعْدَهُمْ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ يُدْخِلُهُ اللَّهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّارَ إِنَّمَا تَأْخُذُ مِنْ أَجْسَادِ الْمُوَحِّدِينَ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ وَحُوبَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا ارْتَكَبُوهَا فِي الدُّنْيَا مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ مِمَّنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ وَلَا فَهْمَ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّارَ لَا تُصِيبُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَلَا تَمَسُّهُمْ

- ‌إِعْلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِرْمَانَ الْجَنَّةِ لِمُرْتَكِبِ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا مِنَ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَلَا يُزِيلُ الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ، وَلَا عَلَى مَا تَتَوَهَّمُهُ الْخَوَارِجُ، وَالْمُعْتَزِلَةُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ ثَابِتَةِ السِّنْدِ صَحِيحَةِ الْقَوَّامِ قَدْ يَحْسِبُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ أَنَّهَا خِلَافُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا، لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا، وَلَيْسَتْ عِنْدَنَا مُخَالَفَةٌ لِسِرِّ مَعْنَاهَا وَنُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُرَادِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ ذِكْرِنَا الْأَخْبَارَ بِأَلْفَاظِهَا، إِنَّ اللَّهَ وَفَّقَ لِذَلِكَ وَشَاءَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ أَيْضًا فِي حِرْمَانِ الْجَنَّةِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَا تُزِيلُ الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ وَجَهِلَ مَعْنَاهَا الْمُعْتَزِلَةُ، وَالْخَوَارِجُ، فَأَزَالُوا اسْمَ الْمُؤْمِنِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا وَمُرْتَكِبِي بَعْضِهَا أَنَا ذَاكِرُهَا بِأَسَانِيدِهَا وَمُبَيِّنٌ مَعَانِيَهَا، وَمُؤَلِّفٌ بَيْنَ مَعَانِيهَا وَمَعَانِي الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَوْضِعِ عَرْشِ اللَّهِ عز وجل قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ

- ‌وَيُلْحَقُ فِي الْأَبْوَابِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ

الفصل: ‌باب ذكر البيان أن جميع أمة النبي صلى الله عليه وسلم برهم وفاجرهم، مؤمنهم ومنافقهم، وبعض أهل الكتاب يرون الله عز وجل يوم القيامة يراه بعضهم رؤية امتحان، لا رؤية سرور وفرح، وتلذذ بالنظر في وجه ربهم عز وجل ذي الجلال والإكرام وهذه الرؤية: قبل أن يوضع

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، بَدَأَنَا بِالْيَمِينِ قَبْلَ الْحَدِيثِ، فَقَالَ:" وَاللَّهِ إِنْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيَخْلُو اللَّهُ بِهِ، كَمَا يَخْلُو أَحَدُكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَوْ قَالَ: لَيْلَتَهُ، يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ؟ ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ؟ ابْنَ آدَمَ مَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ ابْنَ آدَمَ: مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ "

ص: 420

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ جَمِيعَ أُمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ، مُؤْمِنَهُمْ وَمُنَافِقَهُمْ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَرَوْنَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ، لَا رُؤْيَةَ سُرُورٍ وَفَرَحٍ، وَتَلَذُّذٍ بِالنَّظَرِ فِي وَجْهِ رَبِّهِمْ عز وجل ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ: قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ

الْجِسْرُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ

⦗ص: 421⦘

وَيَخُصُّ اللَّهُ عز وجل أَهْلَ وِلَايَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ، نَظَرَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ وَتَلَذُّذٍ

ص: 420

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا، فَقَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا، قَالَ:«فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عز وجل كَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ: يُقَالُ: «مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ

⦗ص: 422⦘

وَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْقَمَرَ الْقَمَرَ فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ الْأَوْثَانَ، وَالْأَصْنَامَ الْأَصْنَامَ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ وَمُنَافِقُوهُمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَبَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» يُقَلِّلُهُمْ بِيَدِهِ " فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَا تَتَّبِعُونَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ، وَلَمْ نَرَ اللَّهَ قَالَ: فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً إِلَّا وَقَعَ عَلَى قَفَاهُ ثُمَّ يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ " ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

ص: 421

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ فِي سَحَابٍ؟» قُلْنَا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:" مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا. إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا تَلْحَقُ " - قَالَ ابْنُ يَحْيَى: لَعَلَّهُ قَالَ: " كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ فِي الْخَبَرِ: " فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا سُمْعَةً وَلَا رِيَاءً وَلَا نِفَاقًا إِلَّا عَلَى ظَهْرِهِ طَبَقٌ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ

⦗ص: 424⦘

، قَالَ: ثُمَّ يُرْفَعُ بَرُّنَا وَمُسِيئُنَا، وَقَدْ عَادَ لَنَا فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ أَنْتَ رَبَّنَا، أَنْتَ رَبَّنَا، أَنْتَ رَبَّنَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ " حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنَا عَمِّي، قَالَ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟» وَذَكَرَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

ص: 423

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تُمَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " هَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ

⦗ص: 426⦘

، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِينَا رَبَّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ: وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٍ إِلَّا الرُّسُلُ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَخْبَرَهُ، قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ

⦗ص: 427⦘

. وَقَالَ الْهَاشِمِيُّ: إِنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَاقَا جَمِيعًا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْخَبَرِ، غَيْرَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظَةِ وَالشَّيْءِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ

ص: 425

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَطْلُعُ عَلَيْهِمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ:«أَلَا يَتْبَعُ كُلُّ أُنَاسٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ» فَيُمَثَّلُ لِصَاحِبِ الصَّلِيبِ صَلِيبُهُ وَلِصَاحِبِ التَّصْوِيرِ تَصْوِيرُهُ وَلِصَاحِبِ النَّارِ نَارُهُ، فَيَتَّبِعُونَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ

⦗ص: 428⦘

رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ:«أَلَا تَتَّبِعُونَ النَّاسَ» ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ اللَّهُ رَبُّنَا وَهَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا وَهُوَ يَأْمُرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ، ثُمَّ يَتَوَارَى ثُمَّ يَطْلُعُ فَيَقُولُ:«أَلَا تَتَّبِعُونَ» النَّاسَ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ اللَّهُ رَبُّنَا هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا، وَهُوَ يَأْمُرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ، قَالُوا: وَهَلْ نَرَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَهَلْ تَتَمَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تُمَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ، ثُمَّ يَتَوَارَى، ثُمَّ يَطْلُعُ عَلَيْهِمْ فَيَرْفَعُهُمْ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:«أَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّبِعُونِ» فَيَقُومُ الْمُسْلِمُونَ وَيَضَعُ الصِّرَاطَ فَهُمْ عَلَيْهِ مِثْلُ جِيَادِ الْخَيْلِ، وَالرِّكَابِ، وَقَوْلُهُمْ عَلَيْهِ سَلِّمْ سَلِّمْ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ

ص: 427

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، وَقَرَأَهُ، عَلَيَّ مِنْ كِتَابِي قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ

⦗ص: 429⦘

، قَالَ: ثَنَا مَسْلَمَةُ وَهُوَ ابْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، قَالَ: ذَكَرُوا الدَّجَّالَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: تَفْتَرِقُونَ أَيُّهَا النَّاسُ عِنْدَ خُرُوجِهِ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: ثُمَّ يَتَمَثَّلُ اللَّهُ لِلْخَلْقِ فَيَلْقَى الْيَهُودَ، فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ، إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ إِلَّا خَرَّ لِلَّهِ سُجَّدًا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ، خَرَّجْتُ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] إِنَّمَا أَرَادَ الْكُفَّارَ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ

⦗ص: 430⦘

، بِضَمَائِرِهِمْ، فَيُنْكِرُونَ ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، دُونَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِضَمَائِرِهِمْ وَيُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِيَوْمِ الدِّينِ، رِيَاءً وَسُمْعَةً أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ عز وجل {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين: 5] ، إِلَى قَوْلِهِ {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المطففين: 10] أَيْ قَوْلُهُ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] أَيِ الْمُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ مُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ يَرَوْنَ اللَّهَ حِينَ يَأْتِيَهُمْ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ هَذَا فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يَرَوْنَهُ لِلِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ، فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ صَنَمًا وَلَا وَثَنًا وَلَا صُورَةً إِلَّا ذَهَبُوا حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ

⦗ص: 431⦘

فَاللَّهُ سبحانه وتعالى يَحْتَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَمُنَافِقٍ وَبَقَايَا أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْخَبَرِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّهُ عز وجل لَنَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مَا بَانَ وَثَبَتَ وَصَحَّ أَنَّ جَمِيعَ الْكُفَّارِ قَدْ تَسَاقَطُوا فِي النَّارِ وَجَمِيعَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِنَّمَا يَتَرَاءَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَرِّهَا وَفَاجِرِهَا وَمُنَافِقِهَا بَعْدَمَا تَسَاقَطَ أُولَئِكَ فِي النَّارِ فَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: كَانَ مُحْتَجِبًا عَنْ جَمِيعِهِمْ لَمْ يَرَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَكْذِبُونَ} [المطففين: 15] فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ عز وجل أَنَّ مَنْ حُجِبَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ، هُمُ الْمُكَذِّبُونَ، بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: 17] وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ: فَإِنَّمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ بِقُلُوبِهِمْ وَيُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ رِيَاءً وَسُمْعَةً

⦗ص: 432⦘

فَقَدْ يَتَرَاءَى لَهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ وَاخْتِبَارٍ وَلْيَكُنْ حَجْبُهُ إِيَّاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ رُؤْيَتِهِ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ وَنَدَامَةً، إِذْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ بِقُلُوبِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، وَبِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَمَا أَمَرَ بِهِ وَنهَى عَنْهُ، بِيَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ قُلْ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟ إِلَى قَوْلِهِ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي فَاللِّقَاءُ الَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ غَيْرُ التَّرَائِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَتَرَائَى لِمَنْ قَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ، وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي يُكَلِّمُ بِهِ الرَّبُّ جَلَّ ذِكْرُهُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَلَامٌ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرِ الْكَافِرِ إِلَى خَالِقِهِ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَلِّمُ بِهِ رَبَّهُ عز وجل وَإِنْ كَانَ كَلَامُ اللَّهِ إِيَّاهُ كَلَامَ تَوْبِيخٍ وَحَسْرَةٍ وَنَدَامَةٍ لِلْعَبْدِ، لَا كَلَامَ بِشْرٍ وَسُرُورٍ وَفَرَحٍ وَنَضْرَةٍ وَبَهْجَةٍ أَلَا تَسْمَعْهُ يَقُولُ فِي الْخَبَرِ بَعْدُ مَا يَتْبَعُ أَوْلِيَاءُ الشَّيَاطِينِ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَهُمْ، إِلَى جَهَنَّمَ قَالَ: ثُمَّ نَبْقَى أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبَّنَا، فَيَقُولُ: عَلَى مَا هَؤُلَاءِ قِيَامٌ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ، وعَبَدْنَاهُ وَهُوَ رَبُّنَا، وَهُوَ آتِنَا وَيُثَبِّتُنَا، وَهَذَا مُقَامُنَا، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ وَيَضَعُ الْجِسْرَ أَفَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: فَيَأْتِينَا رَبُّنَا، إِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ تَسَاقُطِ الْكُفَّارِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي جَهَنَّمَ

⦗ص: 433⦘

فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌ أَنَّ قَوْلَهَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ وَهُوَ لِقَاءُ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 7] الْآيَةَ، وَقَالَ:{فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [يونس: 11] وَقَالَ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] الْآيَةَ، وَ {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرَ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: 15] وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ» لَمْ يُرِدْ مَنْ يَرَى اللَّهَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَاللِّقَاءُ غَيْرُ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ

⦗ص: 437⦘

وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّ قَوْلَهَ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} لَيْسَ مَعْنَاهُ رُؤْيَةَ الْآخِرَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ (الْإِيمَانِ) فِي ذِكْرِ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَأَبْوَابِهِ مَعْنَى اللِّقَاءَ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَكْرَارِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

ص: 428