المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخبار عبد الله بن مسعود - التوحيد لابن خزيمة - جـ ٢

[ابن خزيمة]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْظُرُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ الْمُنْكِرَةِ لِصِفَاتِ خَالِقِنَا جَلَّ ذِكْرُهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ جَمِيعَ أُمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ، مُؤْمِنَهُمْ وَمُنَافِقَهُمْ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَرَوْنَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ، لَا رُؤْيَةَ سُرُورٍ وَفَرَحٍ، وَتَلَذُّذٍ بِالنَّظَرِ فِي وَجْهِ رَبِّهِمْ عز وجل ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ: قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ إِنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَخْلِيًّا بِهِ عز وجل وَذِكْرُ تَشْبِيهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ، خَالِقَهُمْ، ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَا يُدْرِكُ عَلَيْهِ، فِي الدُّنْيَا عِيَانًا وَنَظَرًا وَرُؤْيَةً

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِقَهُ الْعَزِيزَ الْعَلِيمَ الْمُحْتَجِبَ عَنْ أَبْصَارِ بَرِيَّتِهِ، قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي تُجْزَى فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ وَذِكْرِ اخْتِصَاصِ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالرُؤْيَةِ كَمَا خَصَّ نَبِيَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِالْخَلَّةِ

- ‌أَخْبَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي إِنْكَارِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا قَبْلَ نُزُولِ الْمَنِيَّةِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ أَهْلُ قِبْلَتِنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَاتِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَنْ شَاهَدَنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا، لَمْ يَخْتَلِفُوا وَلَمْ يَشُكُّوا وَلَمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ ضَحِكِ رَبِّنَا عز وجل بِلَا صِفَةٍ تَصِفُ ضَحِكَهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، لَا وَلَا يُشَبِّهُ ضَحِكَهُ بِضَحِكِ الْمَخْلُوقِينَ، وَضَحِكُهُمْ كَذَلِكَ، بَلْ نُؤْمِنُ بِأَنَّهُ يَضْحَكُ، كَمَا أَعْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَسْكُتُ عَنْ صِفَةِ ضَحِكِهِ جَلَّ وَعَلَا، إِذِ اللَّهُ عز وجل اسْتَأْثَرَ بِصِفَةِ ضَحِكِهِ، لَمْ يُطْلِعْنَا عَلَى ذَلِكَ، فَنَحْنُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَبْوَابِ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَدْ خَصَّ بِهَا دُونَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَاهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأُمَّتِهِ، وَشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَشَفَاعَةِ بَعْضِ أُمَّتِهِ لِبَعْضِ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ قَدْ أَوْبَقَتْهُمْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبُهُمْ فَأُدْخِلُوا النَّارَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي وَصَفْنَا أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ هِيَ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلْقِ فَعِنْدَهَا يَأْمُرُهُ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُدْخِلَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنَ، فَهُوَ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ إِنَّمَا هِيَ قَبْلَ مُرُورِ النَّاسِ عَلَى الصِّرَاطِ حِينَ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَفَاعَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، أَوَّلُهَا: مَا ذُكِرَ فِي خَبَرِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ شَفَاعَتُهُ لِأُمَّتِهِ لِيُخْلِصُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ، وَلْيُعَجِّلِ اللَّهُ حِسَابَهُمْ وَيَقْضِي بَيْنَهُمْ، ثُمَّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدْ يَشْفَعُ بَعْدَ نَبِيِّنَا غَيْرُهُ عَلَى مَا سَأُبَيِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ أَوَّلُ لِمَا لَا ثَانِيَ لَهُ بَعْدُ وَلَا ثَالِثٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ شِدَّةِ شَفَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِأُمَّتِهِ وَفَضْلِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ، عَلَى شَفَقَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، عَلَى أُمَمِهِمْ إِذِ اللَّهُ عز وجل أَعْطَى كُلَّ نَبِيٍّ دَعْوَةً وُعِدَ إِجَابَتَهَا، فَجَعَلَ كُلُّ نَبِيٍّ مِنْهُمْ صلى الله عليه وسلم مَسْأَلَتَهُ فَأُعْطِيَ سُؤْلَهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَخَّرَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا أَوَّلْتُ قَوْلَهُ يَدْعُو بِهَا أَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ دَعَا بِهَا عَلَى مَا حَكَيْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: يَفْعَلُ فِي مَوْضِعِ: فَعَلَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا كَانَ مِنْ تَخْيِيرِ اللَّهِ عز وجل نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بَيْنَ إِدْخَالِ نِصْفِ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ فَاخْتَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ الشَّفَاعَةَ إِذْ هِيَ أَعَمُّ وَأَكْثَرُ وَأَنْفَعُ لِأُمَّتِهِ خَيْرِ الْأُمَمِ مِنْ إِدْخَالِ بَعْضِهِمُ الْجَنَّةَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ، قَبْلَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إِنَّمَا دَعَا بَعْضُهُمْ فِيمَا كَانَ اللَّهُ جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الدَّعْوَةِ الْمُجَابَةِ سَأَلُوهَا رَبَّهُمْ، وَدَعَا بَعْضُهُمْ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ، عَلَى قَوْمِهِ، لِيَهْلِكُوا فِي الدُّنْيَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْأَفَ بِأُمَّتِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ لَفْظَةٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ حَسِبَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَغَيْرِهِمْ لِجَهْلِهِمْ بِالْعِلْمِ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تُضَادُّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ أَنَّهَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَتْ كَمَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِالْكَبَائِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا هُوَ دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الشِّرْكَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» إِنَّمَا أَرَادَ أُمَّتَهُ الَّذِينَ أَجَابُوهُ فَآمَنُوا بِهِ وَتَابُوا عَنِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي ذُكِرَتْ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهِيَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتُهُ، وَأَنَّهَا لِمَنْ قَدْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَالَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، بَلْ لِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا وَخَطَايَا فَأُدْخِلُوا النَّارَ لِيُصِيبَهُمْ سَفَعًا مِنْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِرْضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِمَا قَدْ أُعْطِيَ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الشَّفَاعَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عز وجل، إِخْرَاجُهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِالشَّفَاعَةِ يَصِيرُونَ فِيهَا فَحْمًا يُمِيتَهُمُ اللَّهُ فِيهَا إِمَاتَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُؤْذَنُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الشَّفَاعَةِ وَصِفَةُ إِحْيَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، بَعْدَ إِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَقَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةِ بِلَفْظَةٍ عَامَّةٍ مُرَادُهَا خَاصٌّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِنَّمَا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُلَيَّةَ، أَذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَيَصِيرُونَ فَحْمًا، أَيْ أَبْدَانُهُمْ خَلَا صُوَرِهِمْ وَآثَارِ السُّجُودِ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَكْلَ أَثَرِ السُّجُودِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِاللَّهِ، فَنَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَعَذَابِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مَنْ قَضَى اللَّهُ إِخْرَاجَهُمْ مِنَ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَهْلِ النَّارِ، أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، يَمُوتُونَ فِيهَا إِمَاتَةً وَاحِدَةً، تُمِيتُهُمُ النَّارُ إِمَاتَةً ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، لَا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ أَحْيَاءَ يَذُوقُونَ الْعَذَابَ، وَيَأْلَمُونَ مِنْ حَرِّ النَّارِ حَتَّى يَخْرُجُوا

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِخْرَاجِ شَاهِدِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَفْرَقُ أَنْ يَسْمَعَ بِهِ بَعْضُ الْجُهَّالِ، فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ قَائِلَهُ بِلِسَانِهِ، مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ قَلْبٍ، يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، جَهْلًا وَقِلَّةَ مَعْرِفَةٍ بِدِينِ اللَّهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَلِجَهْلِهِ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَشْفَعُ لِلشَّاهِدِ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ الْمُوَحِّدِ لِلَّهِ بِلِسَانِهِ إِذَا كَانَ مُخْلِصًا وَمُصَدِّقًا بِذَلِكَ بِقَلْبِهِ، لَا لِمَنْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ مُنْفَرِدَةً عَنْ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ دَالٍّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ شَاهِدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِذَا كَانَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ لِسَانُهُ إِلَّا أَنَّهُ كَنَّى عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ بِالْخَيْرِ، فَعَانَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْجِهَادِ وَالْعِنَادِ، وَادَّعَى أَنَّ ذِكْرَ الْخَيْرِ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَيْسَ بِإِيمَانِ قِلَّةِ عِلْمٍ بِدَيْنِ اللَّهِ وَجُرْأَةٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الصِّدِّيقِينَ يَتْلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، يَتْلُونَ الصِّدِّيقِينَ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ يَتْلُونَ الْأَنْبِيَاءَ عليهم السلام إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَثْرَةِ مَنْ شَفَعَ لَهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْتُ قَبْلَ أَنْ يَشْفَعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا يُعْطِي اللَّهُ عز وجل مِنْ نِعَمِ الْجَنَّةِ وَمُلْكِهَا تَفَضُّلًا مِنْهُ عز وجل، وَسَعَةَ رَحْمَتِهِ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا وَزَحْفًا لَا مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا بِالشَّفَاعَةِ بَعْدَمَا مَحَشَتْهُمُ النَّارُ وَأَمَاتَهُمْ فَصَارُوا فَحْمًا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ اللَّهُ بِتَفَضُّلِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرْنَا صِفَتَهُ وَخَبَّرْنَا أَنَّهُ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ زَحْفًا لَا مِمَّنْ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَأَنَّ مَنْ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ يَبْقَى بَعْدَهُمْ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ يُدْخِلُهُ اللَّهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّارَ إِنَّمَا تَأْخُذُ مِنْ أَجْسَادِ الْمُوَحِّدِينَ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ وَحُوبَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا ارْتَكَبُوهَا فِي الدُّنْيَا مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ مِمَّنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ وَلَا فَهْمَ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّارَ لَا تُصِيبُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَلَا تَمَسُّهُمْ

- ‌إِعْلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِرْمَانَ الْجَنَّةِ لِمُرْتَكِبِ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا مِنَ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَلَا يُزِيلُ الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ، وَلَا عَلَى مَا تَتَوَهَّمُهُ الْخَوَارِجُ، وَالْمُعْتَزِلَةُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ ثَابِتَةِ السِّنْدِ صَحِيحَةِ الْقَوَّامِ قَدْ يَحْسِبُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ أَنَّهَا خِلَافُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا، لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا، وَلَيْسَتْ عِنْدَنَا مُخَالَفَةٌ لِسِرِّ مَعْنَاهَا وَنُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُرَادِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ ذِكْرِنَا الْأَخْبَارَ بِأَلْفَاظِهَا، إِنَّ اللَّهَ وَفَّقَ لِذَلِكَ وَشَاءَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ أَيْضًا فِي حِرْمَانِ الْجَنَّةِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَا تُزِيلُ الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ وَجَهِلَ مَعْنَاهَا الْمُعْتَزِلَةُ، وَالْخَوَارِجُ، فَأَزَالُوا اسْمَ الْمُؤْمِنِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا وَمُرْتَكِبِي بَعْضِهَا أَنَا ذَاكِرُهَا بِأَسَانِيدِهَا وَمُبَيِّنٌ مَعَانِيَهَا، وَمُؤَلِّفٌ بَيْنَ مَعَانِيهَا وَمَعَانِي الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَوْضِعِ عَرْشِ اللَّهِ عز وجل قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ

- ‌وَيُلْحَقُ فِي الْأَبْوَابِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ

الفصل: ‌أخبار عبد الله بن مسعود

‌أَخْبَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

ص: 497

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: ثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عز وجل:{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]، قَالَ: فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 497

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ زِرِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: «رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 498

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ زُهَيْرٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {فَكَانَ قَابَ

⦗ص: 499⦘

قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 498

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ إِيَاسَ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَرَّانِيَّ، قَالَ: ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَتَيْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وَعَلَيَّ دُرَّتَانِ أَوْ فِي

⦗ص: 500⦘

أُذُنِي دُرَّتَانِ فَأُلْقِيَتْ عَلَيَّ مِنْهُ مَحَبَّةٌ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ لِي: سَلْهُ سَلْهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عز وجل:{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] قَالَ: ثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 499

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، يَتَنَاثَرُ مِنْهَا التَّهَاوِيلُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ»

ص: 500

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ عَلَى السِّدْرَةِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 501

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] قَالَ: «رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 502

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ»

ص: 503

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ

⦗ص: 504⦘

عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] قَالَ: «رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ يَنْتَثِرُ مِنْهَا تَهَاوِيلُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ»

ص: 503

ثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ، مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»

ص: 504

حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عنِ الشَّيْبَانِيِّ، عنْ زِرٍّ، عنْ عَبْدِ اللَّهِ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ، أَوْ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: «جِبْرِيلُ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 504

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] أَوْ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: «رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ»

ص: 505

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ السِّدْرَةِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ تَنْهَالُ مِنْهَا تَهَاوِيلُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ»

ص: 505

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ طَارَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَلَاءِ فَفَزِعَ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْخَلَاءُ، يُرِيدُ الْخَلْوَةَ الَّتِي ضِدَّ الْمَلَإِ، أَيْ: لَمْ يَكُنْ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ وَحْدَهُ

ص: 506

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ

⦗ص: 507⦘

: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]، قَالَ:«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

ص: 506

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] قَالَ: «رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ، قَدْ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُ بَقِيَّةَ هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزَلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ

⦗ص: 508⦘

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَخْبَارُ ابْنُ مَسْعُودٍ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] تَأْوِيلُهُ: أَيْ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ، لَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ خَبَرٌ قَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي تَأْوِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا، عَلَى سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ

ص: 507

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي التُّسْتَرِيَّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ

⦗ص: 509⦘

: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَسَأَلْتُهُ، قَالَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: لَسَأَلْتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«أَنَّى أَرَاهُ»

ص: 508

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الدِّرْهَمِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَسَأَلْتُهُ، قَالَ: عَمَّا كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: إِذَنْ لَسَأَلْتُهُ: هَلْ رَأَى رَبَّهُ؟ فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ أَنَا، قُلْتُ: فَمَا قَالَ؟ قَالَ: «نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ»

ص: 509

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي ذَرٍّ لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَسَأَلْتُهُ، قَالَ: عَمَّا كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُهُ، قَالَ:«نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ»

⦗ص: 511⦘

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْقَلْبِ مِنْ صِحَّةِ سَنَدِ هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ، لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْآثَارِ فَطِنَ لِعِلَّةٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْخَبَرِ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ، كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُثْبِتُ أَبَا ذَرٍّ، وَلَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ

ص: 510

لِأَنَّ أَبَا مُوسَى مُحَمَّدَ بْنَ الْمُثَنَّى ثَنَا قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى غَرَائِرَ سُودٍ، يَقُولُ:«لِيَبْشِرْ أَصْحَابُ الْكُنُوزِ بُكْرَةً فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ» فَقَالُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ، صَاحِبُ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ يَذْكُرُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى غَرَائِرَ سُودٍ، خُبِّرَ أَنَّهُ أَبُو ذَرٍّ، كَأَنَّهُ لَا يُثْبِتُهُ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَبُو ذَرٍّ

ص: 511

وَقَوْلُهُ: «نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ» ، يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَفْيٌ، أَيْ: كَيْفَ أَرَاهُ، وَهُوَ نُورٌ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ، وَأَيْنَ رَأَيْتَهُ، وَهُوَ نُورٌ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ إِدْرَاكَ مَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، كَمَا قَالَ عِكْرِمَةُ:«إِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ» وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي: أَنَّ إِمَامَ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي الْعِلْمِ وَالْأَخْبَارِ: مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ ثَنَا بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ

ص: 512

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ،: قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ لَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟

⦗ص: 513⦘

فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«رَأَيْتُ نُورًا» حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَقَالَ:«نُورًا أَنَّى أَرَاهُ»

ص: 512

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، أَيْضًا، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ، لَوْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَسَأَلْتُهُ. قَالَ: وَعَنْ أَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«نُورًا أَنَّى أَرَاهُ كَذَا قَالَ لَنَا بُنْدَارٌ» أَنَّى

⦗ص: 514⦘

أَرَاهُ "، لَا كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى، فَإِنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ:«أَنَّى أَرَاهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: أَنَّى، يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا النَّفْيُ، وَالْآخَرُ الْإِثْبَاتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فَمَعْنَى أَنَّى: أَيْ: شِئْتُمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّى أَراهُ» فَمَعْنَى أّنَّى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ، وَأَيْنَ شِئْتُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّى أَرَاهُ أَيْ: أَيْنَ أَرَاهُ، أَوْ كَيْفَ أَرَاهُ، فَهُوَ نُورٌ، كَمَا رَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، خَبَرُ أَبِي ذَرٍّ:«رَأَيْتُ نُورًا» فَعَلَى هَذَا اللَّفْظِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَنَّى أَرَاهُ» أَيْ: أَيْنَ أَرَاهُ؟ أَوْ كَيْفَ أَرَاهُ، فَإِنَّمَا أَرَى نُورًا، وَالْعَرَبُ قَدْ تَقُولُ أَنَّى عَلَى مَعْنَى النَّفْيِ، كَقَوْلِهِ عز وجل قَالُوا {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} [البقرة: 247] الْآيَةَ

⦗ص: 515⦘

يُرِيدُونَ: كَيْفَ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيِّ أَنَّى أَرَاهُ، أَوْ أَنَّى أَرَاهُ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ، فَمَعْنَى الْخَبَرِ: أَنَّهُ نَفْيُ رُؤْيَةِ الرَّبِّ؛ لِأَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأَى رَبَّهُ بِقَلْبِهِ

ص: 513

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، غَيْرَ مَرَّةٍ قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورٌ وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: «رَآهُ بِقَلْبِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم»

ص: 516

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكِ بْنِ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:«رَآهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنِهِ»

ص: 516

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ وَهُوَ ابْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، فِي قَوْلِهِ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قَالَ: «رَآهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِبَصَرِهِ»

ص: 517

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: أَنْبَأَ سَالِمٌ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّهُ قَالَ:«رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنِهِ»

ص: 518

49 -

حَدَّثَنا ابْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة: النجم، آية رقم: 13] قَالَ: رَأَى نُورًا عَظِيمًا عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَلَوْ كَانَ أَبُو ذَرٍّ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُنْكِرُ رُؤْيَةَ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا بِقَلْبِهِ وَعَيْنِهِ جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ: «نُورًا أَنَّى أَرَاهُ» ، لَمَّا تَأَوَّلَ الْآيَةَ الَّتِي تَلَاهَا: قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة: النجم، آية رقم: 13] خِلَافَ مَا سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا

⦗ص: 519⦘

يَقُولُ خِلَافَ الْكِتَابِ، وَلَا يَكُونُ الْكِتَابُ خِلَافَ الثَّابِتِ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ خَبَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبَدًا مُوَافِقًا لِكِتَابِ اللَّهِ، لَا مُخَالِفًا لِشَيْءٍ مِنْهُ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ لَفْظُ الْكِتَابِ لَفْظًا عَامًّا مُرَادُهُ خَاصٌّ، وَقَدْ يَكُونُ خَبَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَفْظُهُ لَفْظٌ عَامٌّ، مُرَادُهُ خَاصٌّ، مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَدْ بُيِّنَا جَمِيعًا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ فِي كُتُبِنَا الْمُصَنَّفَةِ مَا فِي بَعْضِهَا الْغُنْيَةُ وَالْكِفَايَةُ عَنْ تَكْرَارِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَوْلَا أَنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ صَحَّ عِنْدَنَا، وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو ذَرٍّ رحمه الله، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ خَبَرَا أَبِي ذَرٍّ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يُقَالُ: جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ أَبُو ذَرٍّ، فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ هَلْ رَأَى رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا وَلَمْ يَكُنْ قَدْ رَآهُ بَعْدُ، فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ، ثُمَّ رَأَى رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَلَا عَلَيْهِ الْآيَةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ رَآهُ بِقَلْبِهِ، وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى صُورَتِهِ، فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة: النجم، آية رقم: 13] إِنَّمَا هُوَ رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ، لَا رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ عز وجل، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأَى رَبَّهُ، عَلَى مَا أَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَمَنْ قَالَ

⦗ص: 520⦘

: مِمَّنْ حَكَيْنَا قَوْلُهُ: إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأَى رَبَّهُ لِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [سورة: النجم، آية رقم: 13] ، وَخَبَرُ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ شَبِيهُ الْمَعْنَى بِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ:«رَأَيْتُ نُورًا»

ص: 518

50 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ إِيَاسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الْإِيَادِيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ مِثْلِ وَكْرَيِ الطَّيْرِ، فَقَعَدَ فِي إِحْدَاهُمَا، وَقَعَدْتُ فِي الْأُخْرَى فَسَمَتْ، فَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ وَأَنَا أُقَلِّبُ بَصَرِي، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسِسْتُ، فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ، كَأَنَّهُ جَلِسٌ لَاطِئٌ، فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّ، وَفَتَحَ لِي بَابَيْنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ، وَإِذَا دُونَ الْحِجَابِ رَفْرَفَ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ، فَأَوْحَى إِلَى مَا شَاءَ أَنْ يُوحِيَ»

⦗ص: 521⦘

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا قَوْلُهُ: جَلَّ وَعَلَا: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] ، فَفِي خَبَرِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بَيَانُ وَوُضُوحُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ {دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] إِنَّمَا دَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ، لَا جِبْرِيلُ

ص: 520

51 -

كَذَاكَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ

⦗ص: 525⦘

الْكَعْبَةِ أَنَّهُ " جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: هُوَ هُوَ، فَقَالَ: أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ: آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتِ اللَّيْلَةُ فَلَمْ يَرَهُمْ، حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى، فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ

⦗ص: 526⦘

وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَّجَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، وَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَلْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً فَحَشَا بِهِ جَوْفَهُ وَصَدْرَهُ، وَلَغَادِيدَهُ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا وَأَهْلًا يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى يُعْلِمَهُمْ فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي، فَنِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا قَالَ: ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ، عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ: مَا هَذَا النَّهَرُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ، الَّذِي خَبَّأَ لَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ

⦗ص: 527⦘

، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الْأُولَى: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْسَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ، فَوَعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ، بِفَضْلِ كَلَامِ اللَّهِ، فَقَالَ مُوسَى: لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ، ثُمَّ عَلَا بِهِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ بِهِ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعَرْشِ، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مَعَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مَا أَوْحَى، فَأَوْحَى إِلَيْهِ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِهِ، فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هُبِطَ بِهِ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، ارْجِعْ، فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ، فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عليه السلام كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ، فَعَلَا بِهِ جِبْرِيلُ، حَتَّى أُتِيَ إِلَى الْجَبَّارِ وَهُوَ مَكَانَهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ خَفِّفْ، فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ، فَقَالَ

⦗ص: 528⦘

: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ، فَضَيَّعُوهُ وَتَرَكُوهُ، وَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا، وَقُلُوبًا، وَأَبْصَارًا، وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلُّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ فَرَجَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ، وَقُلُوبُهُمْ، وَأَبْصَارُهُمْ، وَأَسْمَاعُهُمْ، فَخَفِّفْ عَنَّا، فَقَالَ الْجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: خَفَّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشَرَةَ أَمْثَالِهَا، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ فَتَرَكُوهُ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي عز وجل، مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ "

ص: 521

52 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، فَقُلْتُ:{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] مَنْ ذَا يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: «رَبِّي» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي خَبَرِ كَثِيرِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مِثْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 529

كَذَاكَ ثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا كَثِيرُ بْنُ حُبَيْشٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " بَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعٌ فِي الْمَسْجِدِ، رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ أَقْبَلُوا إِلَيَّ، فَقَالَ الْأَوَّلُ: هُوَ هُوَ، فَقَالَ الْأَوْسَطُ: نَعَمْ، فَقَالَ الْآخَرُ: خُذُوا سَيِّدَ الْقَوْمِ: فَرَجَعُوا إِلَيَّ، فَاحْتَمَلُونِي، حَتَّى أَلْقَوْنِي عَلَى ظَهْرِي، عِنْدَ زَمْزَمَ، فَشَقُّوا بَطْنِي، فَغَسَلُوهُ، فَسَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يُوصِي بَعْضًا يَقُولُ: أَنْقُوهَا، فَأَنْقَوْا حَشْوَةَ بَطْنِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطِشْتٍ مِنْ ذَهَبٍ

⦗ص: 531⦘

مَمْلُوءٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَوْعَى فِي قَلْبِي، ثُمَّ صَعِدُوا بِي إِلَى السَّمَاءِ فَاسْتُفْتِحَ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ فَإِذَا آدَمُ، إِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ عَنْ شِمَالِهِ بَكَى، قَالَ: قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، إِذَا نَظَرَ إِلَى الْجَنَّةِ عَنْ يَمِينِهِ فَرَأَى مَنْ فِيهَا مِنْ وَلَدِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ إِلَى النَّارِ عَنْ يَسَارِهِ فَنَظَرَ إِلَى وَلَدِهِ فِيهَا بَكَى "، قَالَ أَنَسٌ: إِنْ شِئْتَ سَمَّيْتُ لَكَ كُلَّهُمْ، وَلَكِنْ يَطُولُ عَلَيَّ الْحَدِيثُ، فَعَرَجَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، فَفُتِحَ، فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: فَعَرَجَ بِي حَتَّى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ، فَأَدْخَلْتُ الْجَنَّةَ فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، وَهُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، شَاطِئُهُ يَاقُوتٌ مُجَوَّفٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَدَنَا إِلَى رَبِّهِ فَتَدَلَّى، {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] ، فَفَرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: كَمْ فَرَضَ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكَ وَعَنْ أُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ عَنَى عَشْرَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: كَمْ فَرَضَ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيَّ أَرْبَعِينَ

⦗ص: 532⦘

صَلَاةً، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكَ، وَعَنْ أُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَشْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى عَشْرٍ قَالَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أُمِرُوا بِأَيْسَرَ مِنْ هَذَا فَلَمْ يُطِيقُوهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَوَضَعَ خَمْسًا، ثُمَّ قَالَ: لَا يُبَدَّلُ قَوْلِي وَلَا يُنْسَخُ كِتَابِي، هُوَ فِي التَّخْفِيفِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ، وَفِي التَّضْعِيفِ فِي الْأَجْرِ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَمْ فَرَضَ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكَ وَعَنْ أُمَّتِكَ، قَالَ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى أَنِّي لَأَسْتَحِي مِنْهُ " وَقَدْ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ خَبَرًا يَتَوَهَّمُ كَثِيرٌ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ عِلْمَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ، مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَنَا مُبِيِّنٌ عِلَلَهُ إِنْ وَفَّقَ اللَّهُ لِذَلِكَ، حَتَّى لَا يَغْتَرَّ بَعْضُ طُلَّابِ الْحَدِيثِ بِهِ، فَيَلْتَبِسُ الصَّحِيحُ بِغَيْرِ الثَّابِتِ مِنَ الْأَخْبَارِ، قَدْ أَعْلَمْتُ

⦗ص: 533⦘

مَا لَا أُحْصِي مِنْ مَرَّةٍ أَنِّي لَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أُمَوِّهَ عَلَى طُلَّابِ الْعِلْمِ بِالِاحْتِجَاجِ بِالْخَبَرِ الْوَاهِي، وَإِنِّي خَائِفٌ مِنْ خَالِقِي، جَلَّ وَعَلَا إِذَا مَوَّهْتُ عَلَى طُلَّابِ الْعِلْمِ بِالِاحْتِجَاجِ بِالْأَخْبَارِ الْوَاهِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً لِمَذْهَبِي

ص: 530

54 -

رَوَى الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " رَأَيْتُ رَبِّيَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: أَيْ رَبِّي، أَيْ رَبِّي، مَرَّتَيْنِ، فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا، بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا:{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75]

⦗ص: 534⦘

قَالَ: «فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟» قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ يَا رَبِّ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قُلْتُ: الْمَشْيُ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، فَقَالَ اللَّهُ:" مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُوتْ بِخَيْرٍ، وَيَكُونُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَمِنِ الدَّرَجَاتِ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَطَيِّبُ الْكَلَامِ، وَأَنْ تَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ "، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينَ وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ، وَتَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعَلَّمُوهُنَّ، فوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌّ

⦗ص: 536⦘

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ، قَالُوا: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ، وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَاللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرْتُ لَفْظُ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ: بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوُجِدَ بَرْدُهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، قَالَ: وَقَالَ: «وَمَا هُنَّ؟» قَالَ: الْمَشْيُ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً

⦗ص: 537⦘

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ: قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْمٌ، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَحْسِبُهُ أَيْضًا سَمِعَهُ مِنَ الصَّحَابِيِّ؛ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ رَوَاهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاذٍ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

55 -

كَذَلِكَ ثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا زُهَيْرٌ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ عنْ يَزِيدَ، قَالَ أَبُو مُوسَى وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ جَابِرٍ، عنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ، عنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ

⦗ص: 538⦘

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَجَاءَ قَتَادَةُ بِلَوْنٍ آخَرَ، فَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

ص: 533

56 -

حَدَّثَنَاهُ بُنْدَارٌ، وَأَبُو مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " رَأَيْتُ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ لَا أَدْرِي، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

⦗ص: 539⦘

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّي وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَبِّ فِي الْكَفَّارَاتِ، الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ وَإِسْبَاغُ الْوضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِمْ: عَاشَ بِخَيْرٍ، وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " هَذَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى، وَقَالَ بُنْدَارٌ: قَالَ: «أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» ، وَقَالَ:«قُلْتُ فِي الدَّرَجَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ» ، وَقَالَ:«انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ» لَمْ يَقُلِ: «الصَّلَوَاتِ» وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

⦗ص: 540⦘

57 -

حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً، قَالَ: ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ. .» فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْحَدِيثَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " رِوَايَةُ يَزِيدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، حَيْثُ قَالَا: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ، مِنْ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

ص: 538

فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ وَهُوَ ابْنُ عَائِشٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ: احْتَبَسَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ، عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا أَنْ نَتَرَاءَى قَرْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيعًا، فَثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى وَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَا بِصَوْتِهِ: " عَلَى

⦗ص: 541⦘

مَصَافِّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا قَالَ: إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمُ الْغَدَاةَ، إِنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي، فَنَعَسْتُ فِي مُصَلَّايَ، حَتَّى اسْتَثْقَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ، بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قَالَ: قُلْتُ فِي الْكَفَّارَاتِ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قُلْتُ: الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَجُلُوسٌ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوضُوءِ حَتَّى الْكَرِيهَاتِ، قَالَ: وَمَا الدَّرَجَاتُ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، قَالَ: سَلْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهَا حَقٌّ فَتَعَلَّمُوهَا، وَادْرُسُوهَا»

⦗ص: 542⦘

58 -

حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُوسَى، قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ أَبُو هَانِئٍ، قَالَ: ثَنَا جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ أَبُو مُوسَى وَهُوَ ابْنُ عَائِشٍ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَا أَمْلَيْتُهُ

ص: 540

وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ يَحْيَى، وَهُوَ عِنْدِي سُلَيْمَانُ أَوْ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ حَتَّى أَسْفَرَ، فَقَالَ: إِنَّمَا تَأَخَّرْتُ عَنْكُمْ إِنَّ رَبِّيَ قَالَ لِي: " يَا مُحَمَّدُ: هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ " قُلْتُ: لَا أَدْرِي يَا رَبُّ، فَرَدَّدَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ حَسِسْتُ بِالْكَفِّ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، ثُمَّ تَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ، قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ

⦗ص: 544⦘

، يَا رَبِّ يَخْتَصِمُونَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ، وَالْكَفَّارَاتُ: الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوضُوءِ فِي الْكَرِيهَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَالدَّرَجَاتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وَالْقِيَامُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، ثُمَّ قَالَ:«يَا مُحَمَّدُ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ» ، قَالَ: فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ، فَتَوَفَّنِي وَأَنَا غَيْرُ مَفْتُونٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبًّا يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ

59 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا عَمِّي، قَالَ ثَنَا مُعَاوِيَةُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَعْرِفُ أَبَا يَزِيدَ هَذَا بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ

⦗ص: 545⦘

60 -

وَرَوَى شَيْخٌ، مِنَ الْكُوفِيِّينَ يُقَالُ لَهُ سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، هَذِهِ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، تَشْتَبِهُ بِخَبَرِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الْقُرَشِيُّ، كُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الشَّيْخُ سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ لَسْتُ أَعْرِفُهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، هَذَا هُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْكُوفِيُّ، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، الَّذِي رَوَى عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَارًا مُنْكَرَةً، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، مَاتَ مُعَاذٌ فِي أَوَّلِ

⦗ص: 546⦘

خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالشَّامِ، رضي الله عنه، مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فِي طَاعُونِ عَمَوَاسٍ، قَدْ رَأَيْتُ قُبُورَهُمُ، أَوْ بَعْضَهَا قُرْبَ عَمَوَاسٍ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ إِذَا قَصَدَ مِنَ الرَّمْلَةِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَيْسَ يَثْبُتُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ شَيْءٌ، مِنْ عِنْدِ ذِكْرِنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشٍ، إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، فَبَطَلَ الَّذِي ذَكَرْنَا لِهَذِهِ الْأَسَانِيدِ، وَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ يَحْسِبُ أَنَّ خَبَرَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ ثَابِتٌ، لِأَنَّهُ قِيلَ فِي الْخَبَرِ عَنْ زَيْدٍ إِنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيَّ، يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ رحمه الله أَحَدٍ الْمُدَلِّسِينَ، لَمْ يُخْبَرْ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا مِنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ

ص: 543

قَدْ سَمِعْتُ الدَّارِمِيَّ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا

⦗ص: 547⦘

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، بَعَثَ إِلَى مَطَرٍ الْوَرَّاقِ: احْمِلِ الصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ وَتَعَالَى، فَحَمَلْتُ الصَّحِيفَةَ وَالدَّاوَةَ فَأَتَيْنَاهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي وَثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ بَعَثَ إِلَى مَطَرٍ الْوَرَّاقِ: احْمِلِ الصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ، وَتَعَالَ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا كِتَابَ أَبِي سَلَّامٍ، فَقُلْنَا: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ أَبِي سَلَّامٍ؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: فَمِنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَّامٍ؟ قَالَ: لَا، فَقُلْنَا: تُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ مِثْلَ هَذِهِ لَمْ تَسْمَعْهَا مِنَ الرَّجُلِ، وَلَا مِنْ رَجُلٍ سَمِعَهَا مِنْهُ، فَقَالَ:«أَتَرَى رَجُلًا جَاءَ بِصَحِيفَةٍ وَدَوَاةٍ كَتَبَ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ هَذِهِ كَذِبًا؟» هَذَا مَعْنَى الْحِكَايَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَتَبَ عَنِّي مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ هَذِهِ الْحِكَايَةَ

ص: 546