المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر البيان إن جميع المؤمنين يرون الله يوم القيامة مخليا به عز وجل وذكر تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم برؤية القمر، خالقهم، ذلك اليوم بما يدرك عليه، في الدنيا عيانا ونظرا ورؤية - التوحيد لابن خزيمة - جـ ٢

[ابن خزيمة]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْظُرُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ الْمُنْكِرَةِ لِصِفَاتِ خَالِقِنَا جَلَّ ذِكْرُهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ جَمِيعَ أُمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ، مُؤْمِنَهُمْ وَمُنَافِقَهُمْ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَرَوْنَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ، لَا رُؤْيَةَ سُرُورٍ وَفَرَحٍ، وَتَلَذُّذٍ بِالنَّظَرِ فِي وَجْهِ رَبِّهِمْ عز وجل ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ: قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ إِنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَخْلِيًّا بِهِ عز وجل وَذِكْرُ تَشْبِيهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ، خَالِقَهُمْ، ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَا يُدْرِكُ عَلَيْهِ، فِي الدُّنْيَا عِيَانًا وَنَظَرًا وَرُؤْيَةً

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِقَهُ الْعَزِيزَ الْعَلِيمَ الْمُحْتَجِبَ عَنْ أَبْصَارِ بَرِيَّتِهِ، قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي تُجْزَى فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ وَذِكْرِ اخْتِصَاصِ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالرُؤْيَةِ كَمَا خَصَّ نَبِيَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِالْخَلَّةِ

- ‌أَخْبَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي إِنْكَارِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا قَبْلَ نُزُولِ الْمَنِيَّةِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ أَهْلُ قِبْلَتِنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَاتِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَنْ شَاهَدَنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا، لَمْ يَخْتَلِفُوا وَلَمْ يَشُكُّوا وَلَمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ ضَحِكِ رَبِّنَا عز وجل بِلَا صِفَةٍ تَصِفُ ضَحِكَهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، لَا وَلَا يُشَبِّهُ ضَحِكَهُ بِضَحِكِ الْمَخْلُوقِينَ، وَضَحِكُهُمْ كَذَلِكَ، بَلْ نُؤْمِنُ بِأَنَّهُ يَضْحَكُ، كَمَا أَعْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَسْكُتُ عَنْ صِفَةِ ضَحِكِهِ جَلَّ وَعَلَا، إِذِ اللَّهُ عز وجل اسْتَأْثَرَ بِصِفَةِ ضَحِكِهِ، لَمْ يُطْلِعْنَا عَلَى ذَلِكَ، فَنَحْنُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَبْوَابِ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَدْ خَصَّ بِهَا دُونَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَاهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأُمَّتِهِ، وَشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَشَفَاعَةِ بَعْضِ أُمَّتِهِ لِبَعْضِ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ قَدْ أَوْبَقَتْهُمْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبُهُمْ فَأُدْخِلُوا النَّارَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي وَصَفْنَا أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ هِيَ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلْقِ فَعِنْدَهَا يَأْمُرُهُ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُدْخِلَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنَ، فَهُوَ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ إِنَّمَا هِيَ قَبْلَ مُرُورِ النَّاسِ عَلَى الصِّرَاطِ حِينَ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَفَاعَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، أَوَّلُهَا: مَا ذُكِرَ فِي خَبَرِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ شَفَاعَتُهُ لِأُمَّتِهِ لِيُخْلِصُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ، وَلْيُعَجِّلِ اللَّهُ حِسَابَهُمْ وَيَقْضِي بَيْنَهُمْ، ثُمَّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدْ يَشْفَعُ بَعْدَ نَبِيِّنَا غَيْرُهُ عَلَى مَا سَأُبَيِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ أَوَّلُ لِمَا لَا ثَانِيَ لَهُ بَعْدُ وَلَا ثَالِثٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ شِدَّةِ شَفَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِأُمَّتِهِ وَفَضْلِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ، عَلَى شَفَقَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، عَلَى أُمَمِهِمْ إِذِ اللَّهُ عز وجل أَعْطَى كُلَّ نَبِيٍّ دَعْوَةً وُعِدَ إِجَابَتَهَا، فَجَعَلَ كُلُّ نَبِيٍّ مِنْهُمْ صلى الله عليه وسلم مَسْأَلَتَهُ فَأُعْطِيَ سُؤْلَهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَخَّرَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا أَوَّلْتُ قَوْلَهُ يَدْعُو بِهَا أَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ دَعَا بِهَا عَلَى مَا حَكَيْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: يَفْعَلُ فِي مَوْضِعِ: فَعَلَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا كَانَ مِنْ تَخْيِيرِ اللَّهِ عز وجل نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بَيْنَ إِدْخَالِ نِصْفِ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ فَاخْتَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ الشَّفَاعَةَ إِذْ هِيَ أَعَمُّ وَأَكْثَرُ وَأَنْفَعُ لِأُمَّتِهِ خَيْرِ الْأُمَمِ مِنْ إِدْخَالِ بَعْضِهِمُ الْجَنَّةَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ، قَبْلَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إِنَّمَا دَعَا بَعْضُهُمْ فِيمَا كَانَ اللَّهُ جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الدَّعْوَةِ الْمُجَابَةِ سَأَلُوهَا رَبَّهُمْ، وَدَعَا بَعْضُهُمْ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ، عَلَى قَوْمِهِ، لِيَهْلِكُوا فِي الدُّنْيَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْأَفَ بِأُمَّتِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ لَفْظَةٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ حَسِبَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَغَيْرِهِمْ لِجَهْلِهِمْ بِالْعِلْمِ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تُضَادُّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ أَنَّهَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَتْ كَمَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِالْكَبَائِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا هُوَ دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الشِّرْكَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» إِنَّمَا أَرَادَ أُمَّتَهُ الَّذِينَ أَجَابُوهُ فَآمَنُوا بِهِ وَتَابُوا عَنِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي ذُكِرَتْ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهِيَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتُهُ، وَأَنَّهَا لِمَنْ قَدْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَالَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، بَلْ لِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا وَخَطَايَا فَأُدْخِلُوا النَّارَ لِيُصِيبَهُمْ سَفَعًا مِنْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِرْضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِمَا قَدْ أُعْطِيَ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الشَّفَاعَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عز وجل، إِخْرَاجُهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِالشَّفَاعَةِ يَصِيرُونَ فِيهَا فَحْمًا يُمِيتَهُمُ اللَّهُ فِيهَا إِمَاتَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُؤْذَنُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الشَّفَاعَةِ وَصِفَةُ إِحْيَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، بَعْدَ إِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَقَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةِ بِلَفْظَةٍ عَامَّةٍ مُرَادُهَا خَاصٌّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِنَّمَا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُلَيَّةَ، أَذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَيَصِيرُونَ فَحْمًا، أَيْ أَبْدَانُهُمْ خَلَا صُوَرِهِمْ وَآثَارِ السُّجُودِ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَكْلَ أَثَرِ السُّجُودِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِاللَّهِ، فَنَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَعَذَابِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مَنْ قَضَى اللَّهُ إِخْرَاجَهُمْ مِنَ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَهْلِ النَّارِ، أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، يَمُوتُونَ فِيهَا إِمَاتَةً وَاحِدَةً، تُمِيتُهُمُ النَّارُ إِمَاتَةً ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، لَا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ أَحْيَاءَ يَذُوقُونَ الْعَذَابَ، وَيَأْلَمُونَ مِنْ حَرِّ النَّارِ حَتَّى يَخْرُجُوا

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِخْرَاجِ شَاهِدِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَفْرَقُ أَنْ يَسْمَعَ بِهِ بَعْضُ الْجُهَّالِ، فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ قَائِلَهُ بِلِسَانِهِ، مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ قَلْبٍ، يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، جَهْلًا وَقِلَّةَ مَعْرِفَةٍ بِدِينِ اللَّهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَلِجَهْلِهِ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَشْفَعُ لِلشَّاهِدِ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ الْمُوَحِّدِ لِلَّهِ بِلِسَانِهِ إِذَا كَانَ مُخْلِصًا وَمُصَدِّقًا بِذَلِكَ بِقَلْبِهِ، لَا لِمَنْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ مُنْفَرِدَةً عَنْ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ دَالٍّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ شَاهِدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِذَا كَانَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ لِسَانُهُ إِلَّا أَنَّهُ كَنَّى عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ بِالْخَيْرِ، فَعَانَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْجِهَادِ وَالْعِنَادِ، وَادَّعَى أَنَّ ذِكْرَ الْخَيْرِ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَيْسَ بِإِيمَانِ قِلَّةِ عِلْمٍ بِدَيْنِ اللَّهِ وَجُرْأَةٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الصِّدِّيقِينَ يَتْلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، يَتْلُونَ الصِّدِّيقِينَ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ يَتْلُونَ الْأَنْبِيَاءَ عليهم السلام إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَثْرَةِ مَنْ شَفَعَ لَهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْتُ قَبْلَ أَنْ يَشْفَعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا يُعْطِي اللَّهُ عز وجل مِنْ نِعَمِ الْجَنَّةِ وَمُلْكِهَا تَفَضُّلًا مِنْهُ عز وجل، وَسَعَةَ رَحْمَتِهِ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا وَزَحْفًا لَا مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا بِالشَّفَاعَةِ بَعْدَمَا مَحَشَتْهُمُ النَّارُ وَأَمَاتَهُمْ فَصَارُوا فَحْمًا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ اللَّهُ بِتَفَضُّلِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرْنَا صِفَتَهُ وَخَبَّرْنَا أَنَّهُ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ زَحْفًا لَا مِمَّنْ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَأَنَّ مَنْ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ يَبْقَى بَعْدَهُمْ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ يُدْخِلُهُ اللَّهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّارَ إِنَّمَا تَأْخُذُ مِنْ أَجْسَادِ الْمُوَحِّدِينَ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ وَحُوبَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا ارْتَكَبُوهَا فِي الدُّنْيَا مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ مِمَّنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ وَلَا فَهْمَ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّارَ لَا تُصِيبُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَلَا تَمَسُّهُمْ

- ‌إِعْلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِرْمَانَ الْجَنَّةِ لِمُرْتَكِبِ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا مِنَ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَلَا يُزِيلُ الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ، وَلَا عَلَى مَا تَتَوَهَّمُهُ الْخَوَارِجُ، وَالْمُعْتَزِلَةُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ ثَابِتَةِ السِّنْدِ صَحِيحَةِ الْقَوَّامِ قَدْ يَحْسِبُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ أَنَّهَا خِلَافُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا، لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا، وَلَيْسَتْ عِنْدَنَا مُخَالَفَةٌ لِسِرِّ مَعْنَاهَا وَنُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُرَادِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ ذِكْرِنَا الْأَخْبَارَ بِأَلْفَاظِهَا، إِنَّ اللَّهَ وَفَّقَ لِذَلِكَ وَشَاءَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ أَيْضًا فِي حِرْمَانِ الْجَنَّةِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَا تُزِيلُ الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ وَجَهِلَ مَعْنَاهَا الْمُعْتَزِلَةُ، وَالْخَوَارِجُ، فَأَزَالُوا اسْمَ الْمُؤْمِنِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا وَمُرْتَكِبِي بَعْضِهَا أَنَا ذَاكِرُهَا بِأَسَانِيدِهَا وَمُبَيِّنٌ مَعَانِيَهَا، وَمُؤَلِّفٌ بَيْنَ مَعَانِيهَا وَمَعَانِي الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَوْضِعِ عَرْشِ اللَّهِ عز وجل قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ

- ‌وَيُلْحَقُ فِي الْأَبْوَابِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ

الفصل: ‌باب ذكر البيان إن جميع المؤمنين يرون الله يوم القيامة مخليا به عز وجل وذكر تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم برؤية القمر، خالقهم، ذلك اليوم بما يدرك عليه، في الدنيا عيانا ونظرا ورؤية

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ إِنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَخْلِيًّا بِهِ عز وجل وَذِكْرُ تَشْبِيهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ، خَالِقَهُمْ، ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَا يُدْرِكُ عَلَيْهِ، فِي الدُّنْيَا عِيَانًا وَنَظَرًا وَرُؤْيَةً

ص: 437

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَكُلُّنَا نَرَى اللَّهَ مَخْلِيًّا بِهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ كُلُّكُمْ يَرَى الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَاللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ

ص: 438

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَكُلُّنَا يَرَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟

⦗ص: 440⦘

قَالَ: «أَلَيْسَ كُلُّكُمْ يَنْظُرُ إِلَى الْقَمَرِ مَخْلِيًّا بِهِ؟» قُلْتُ: بَلَى، قَالَ:«فَاللَّهُ أَعْظَمُ، وَذَلِكَ آيَتُهُ فِي خَلْقِهِ» حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِمِثْلِهِ سَوَاءً إِلَى قَوْلِهِ: فَاللَّهُ أَعْظَمُ وَزَادَ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ فَقَالَ: " يَا أَبَا رَزِينٍ: أَمَا مَرَرْتَ بِوَادِي أَهْلِكَ مَحْلًا؟ ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا، ثُمَّ أَتَيْتَ عَلَيْهِ مَحْلًا، ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ "

⦗ص: 441⦘

قُلْتُ: بَلَى، قَالَ:«كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَكَذَلِكَ آيَةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ»

ص: 439

حَدَّثَنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَسْلَمَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي مُرَايَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: شَخَصَ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ، قَالَ: رَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ يَنْظُرُونَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا تَنْظُرُونَ؟»

⦗ص: 442⦘

قَالُوا: الْهِلَالَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَتَرَوْنَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْهِلَالَ " قَالَ أَبُو بَكْرِ: ذِكْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْخَبَرِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِلْمِي وَهْمٌ، هَذَا مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، لَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 441

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ التَّيْمِيَّ، عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي مُرَايَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى يُعَلِّمُنَا سُنَّتَنَا وَأَمْرَ دِينِنَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: «فَكَيْفَ إِذَا أَبْصَرْتُمُ اللَّهَ جَهْرَةً» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذُكِرَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى، لَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 442

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا أَوْلِيَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هِيَ الَّتِي ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ: {وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] وَيُفَضَّلُ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ أَوْلِيَاؤُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحْجَبُ جَمِيعُ أَعْدَائِهِ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهِ مِنْ مُشْرِكٍ وَمُتَهَوِّدٍ وَمُتَنَصِّرٍ وَمُتَمَجِّسٍ وَمُنَافِقٍ، كَمَا أَعْلَمَ فِي قَوْلِهِ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] وَهَذَا نَظَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ إِلَى خَالِقِهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْدَ دُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلِ النَّارِ النَّارَ، فَيَزِيدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ كَرَامَةً وَإِحْسَانًا إِلَى إِحْسَانِهِ تَفَضُّلًا مِنْهُ، وَجُودًا بِإِذْنِهِ إِيَّاهُمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَيُحْجَبُ عَنْ ذَلِكَ جَمِيعُ أَعْدَائِهِ

ص: 443

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيِّ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي

⦗ص: 444⦘

لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، قَالَ:" إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، نَادَى مُنَادٍ، يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ: إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مَوْعِدًا قَالُوا: أَلَمْ تُبَيِّضْ وجُوهَنَا، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ وَتُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ؟ " قَالَ: فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ قَالَ: «فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ»

ص: 443

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، وزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ إِيَاسَ، قَالَا: ثَنَا أَسَدٌ وَهُوَ ابْنُ مُوسَى، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِهِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 446⦘

قَالَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، نُودُوا: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ: إِنَّ لَكُمْ مَوْعِدًا لَمْ تَرَوْهُ، فَقَالُوا: مَا هُوَ؟ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَتُزَحْزِحْنَا عَنِ النَّارِ، وَتُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ؟ فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ: فَيَنْظُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] هَذَا حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَلَيْسَ فِي خَبَرِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى قِرَاءَةُ الْآيَةِ وَقَالَ بَحْرٌ فِي حَدِيثِهِ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثْقِلْ مَوَازِينَنَا، وَيُبَيِّضْ وجُوهَنَا وَأَدْخَلَنَا الْجَنَّةَ وَأَخْرَجَنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ " وَفِي خَبَرِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا، فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟

⦗ص: 447⦘

أَلَمْ يُثْقِلْ مَوَازِينَنَا، وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَأَدْخَلَنَا الْجَنَّةَ وَنَجَّانَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا قَطُّ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ "

ص: 445

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ أُعْطُوا فِيهَا مَا شَاءُوا وَمَا سَأَلُوا، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: إِنَّهُ بَقِيَ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْءٌ لَمْ تُعْطَوْهُ قَالَ: يَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمْ مَا أُعْطَوْهُ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَلَا:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، قَالَ: الْحُسْنَى نَظَرُهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ: {وَلَا يَرْهَقُ وجُوهَهُمْ قَتَرٌ

⦗ص: 448⦘

وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] ، بَعْدَ نَظَرِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ

ص: 447

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ أُعْطُوا فِيهَا مَا سَأَلُوا، قَالَ: يُقَالُ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْءٌ لَمْ تُعْطَوْهُ قَالَ: فَيَتَجَلَّى لَهُمْ تبارك وتعالى

⦗ص: 449⦘

قَالَ: وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، الْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى رَبِّهِمْ، {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] بَعْدَ نَظَرِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ "

ص: 448

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:«الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ»

ص: 449

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، تبارك وتعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ، قَالَ: " إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ

⦗ص: 450⦘

وَأُعْطُوا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ، نُودُوا يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَكُمُ الزِّيَادَةَ، قَالَ: فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ تبارك وتعالى، فَمَا ظَنُّكَ بِهِمْ حِينَ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُمْ وَحِينَ طَارَتْ صُحُفُهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ، وَحِينَ جَازُوا جِسْرَ جَهَنَّمَ فَقَطَعُوهُ، وَحِينَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ فَأُعْطُوا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ قَالَ: فَكَأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ شَيْئًا فِيمَا أُعْطُوهُ

ص: 449

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ

⦗ص: 451⦘

، وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ، قَالَ: " النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

ص: 450

وَثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: ثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، " {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ، قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّكُمْ "

ص: 452

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ، قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ لَمْ يَقُلْ سُفْيَانُ فِي هَذَا السِّنْدِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَهُ: إِسْرَائِيلُ

⦗ص: 453⦘

وَرَوَاهُ أَبُو الرَّبِيعِ أَشْعَثُ السَّمَّانُ، وَلَيْسَ مِمَّنْ يَحْتَجُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِحَدِيثِهِ لِسُوءِ حِفْظِهِ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

⦗ص: 454⦘

، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِسْرَائِيلُ أَوْلَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ أَبِي الرَّبِيعِ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يُصَحِّحُ أَحَادِيثَ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَالَ: إِنَّمَا فَاتَنِي مَا فَاتَنِي مِنَ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ اتِّكَالًا مِنِّي عَلَى إِسْرَائِيلَ

ص: 452

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ

ص: 454

: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَرَى الْخَلْقُ رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَرَاهُ مَنْ يَشَاءُ أَنْ يَرَاهُ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَرَاهُ الْخَلْقُ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَاللَّهُ وَاحِدٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَرَأَيْتُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي يَوْمٍ صَحْو لَا غَيْمَ دُونَهُمَا، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا؟» قَالُوا: لَا قَالَ: «إِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا» قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَمْلَيْتُ هَذَا الْخَبَرَ مُرْسَلًا لِأَنَّ بَعْضَ الْجَهْمِيَّةِ ادَّعَى بِأَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الزِّيَادَةَ: الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْفٍ، تَمْوِيهًا عَلَى بَعْضِ الرِّعَاعِ وَالسُّفْلِ، وَإِنَّ الْحَسَنَ كَانَ يُنْكِرُ رُؤْيَةَ الرَّبِّ عز وجل فَفِي رِوَايَةِ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ بَيَانٌ أَنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ مُقِرًّا بِلِسَانِهِ، أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ خَالِقَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، لَا يُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي الدُّنْيَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُمَا غَيْمٌ

ص: 455

وَإِنْ عَلِمْنَا بِأَنَّ هَذَا كَانَ قَوْلَ الْحَسَنِ

ص: 456

فَإِنَّ بَحْرَ بْنَ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيَّ قَالَ: ثَنَا أَسَدٌ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، قَالَ: ثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] قَالَ: " النَّاضِرَةُ: الْحَسَنَةُ، حَسَّنَهَا اللَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى رَبِّهَا، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَنْضُرَ وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا "

ص: 456

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ وَهُوَ الْهُجَيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى وَهُوَ الْأَشْعَرِيُّ:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26] قَالَ: " الْجَنَةُ، وَالزِّيَادَةُ هِيَ: النَّظَرُ إِلَى اللَّهِ عز وجل "

ص: 456

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26] ، " الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: فِيمَا بَلَغَنَا النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عز وجل "

ص: 457

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قَالَ: " ذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ نَادَاهُمْ مُنَادٍ، إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى وَعَدَكُمُ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ: فَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاسْمَعُوا الْآنَ خَبَرًا ثَابِتًا صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ خَالِقَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ قَبْلَ الْمَمَاتِ، وَلَوْ

⦗ص: 459⦘

كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] عَلَى مَا تَتَوَهَّمُهُ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ لُغَةَ الْعَرَبِ، فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّظَرِ وَبَيْنَ الْإِدْرَاكِ، لَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] أَيْ: أَبْصَارُ أَهْلِ الدُّنْيَا قَبْلَ الْمَمَاتِ

ص: 458

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ ثَنَا عَمِّي، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَسَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، يُحَدِّثُ

⦗ص: 460⦘

عَنْ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيِّ، مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، وَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ ذِكْرَ الدَّجَّالِ فَأَخَذَ يُحَدِّثُنَا عَنْهُ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، وَقَالَ فِي الْخَبَرِ: فَيَقُولُ: يَعْنِي الدَّجَّالَ: " أَنَا نَبِيٌّ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، قَالَ: ثُمَّ يُثْنِي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، وَهُوَ أَعْوَرُ، وَرَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَلَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَوْلِهِ: «لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا» ، دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

ص: 459

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَوَّازُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ

⦗ص: 461⦘

بْنِ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ السَّمَعِيُّ، عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ خَرَجَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 462⦘

وَمَعَهُ نَهِيكُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ قَالَ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لِانْسِلَاخِ رَجَبٍ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكُمْ صَوْتِي مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَلَا لَأُسْمِعُكُمْ، فَهَلْ مِنَ امْرِئٍ بَعَثَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا: اعْلَمْ، اعْلَمْ لَنَا مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ لَعَلَّهُ أَنْ يُلْهِيَهُ حَدِيثُ نَفْسِهِ، أَوْ حَدِيثُ صَاحِبِهِ، أَوْ تُلْهِيَهُ الضُّلَالُ، أَلَا إِنِّي مَسْئُولٌ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ أَلَا اسْمَعُوا تَعِيشُوا، أَلَا اجْلِسُوا أَلَا اجْلِسُوا " فَجَلَسَ النَّاسُ، وَقُمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى إِذَا فَرَغَ لَنَا فُؤَادُهُ وَبَصَرُهُ قُلْتُ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ حَاجَتِي، فَلَا تَعْجَلَنَّ عَلَيَّ، قَالَ: سَلْ عَنْ مَا شِئْتَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ عِنْدَكَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ؟ فَضَحِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَهَزَّ رَأْسَهُ، وَعَلِمَ أَنِّي أَبْتَغِي تَسَقُّطَهُ فَقَالَ:«ضَنَّ رَبُّكَ بِمَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقُلْتُ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عَلِمَ الْمَنِيَّةَ، قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنِيَّةُ أَحَدِكُمْ وَلَا تَعْلَمُونَهُ، وَعَلِمَ يَوْمَ الْغَيْثِ يُشْرِفُ عَلَيْكُمْ آزِلِينَ مُشْفِقِينَ فَيَظَلُّ يَضْحَكُ، قَدْ عَلِمَ أَنَّ غَوْثَكُمْ قَرِيبٌ» قَالَ لَقِيطٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَعَلِمَ مَا فِي غَدٍ، قَدْ عَلِمَ مَا أَنْتَ طَاعِمٌ غَدًا، وَلَا تَعْلَمُهُ

⦗ص: 463⦘

، وَعَلِمَ يَوْمَ السَّاعَةِ» قَالَ: وَأَحْسِبُهُ ذَكَرَ مَا فِي الْأَرْحَامِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنَا مِمَّا تُعَلِّمُ النَّاسَ وَمَا تَعْلَمُ، فَأَنَا مِنْ قَبِيلٍ لَا يُصَدِّقُونَ تَصْدِيقَنَا أَحَدٌ مِنْ مَذْحِجَ، الَّتِي تَدْنُو إِلَيْنَا، وَخَثْعَمٍ الَّتِي تُوَالِينَا، وَعَشِيرَتِنَا الَّتِي نَحْنُ مِنْهَا، قَالَ: " تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ يُتَوَفَّى نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ، ثُمَّ تُبْعَثُ الصَّيْحَةُ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا شَيْئًا إِلَّا مَاتَ، وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ مَعَ رَبِّكَ فَخَلَتِ الْأَرْضُ، فَأَرْسَلَتِ السَّمَاءُ بِهَضِيبٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ مَصْرَعِ قَتِيلٍ، وَلَا مَدْفِنِ مَيِّتٍ إِلَّا شَقَّتِ الْقَبْرَ عَنْهُ حَتَّى يَخْلُقَهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَيَسْتَوِي جَالِسًا

⦗ص: 464⦘

، يَقُولُ رَبُّكَ: مَهْيَمْ، لِمَا كَانَ مِنْهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَمْسِ الْيَوْمِ، لِعَهْدِهِ بِالْحَيَاةِ يَحْسِبُهُ حَدِيثًا بِأَهْلِهِ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ يَجْمَعُنَا بَعْدَ مَا تُمَزِّقُنَا الرِّيَاحُ وَالْبِلَى وَالسِّبَاعُ؟ قَالَ: " أُنَبِّئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ الْأَرْضُ أَشْرَفَتْ عَلَيْهَا مَدَرَةٌ بَالِيَةٌ، فَقُلْتُ: لَا تَحْيَا أَبَدًا فَأَرْسَلَ رَبُّكَ عَلَيْهَا السَّمَاءَ فَلَمْ تَلْبَثْ عَنْهَا إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى أَشْرَفَتْ عَلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ شَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ، هُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَجْمَعَكُمْ مِنَ الْمَاءِ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ نَبَاتَ الْأَرْضِ، فَتَخْرُجُونَ مِنَ الْأَصْوَاءِ وَمِنْ مَصَارِعِكُمْ، فَتَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْكُمْ "

⦗ص: 465⦘

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَنَحْنُ مِلْءُ الْأَرْضِ نَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْنَا؟ قَالَ:«أُنَبِّئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ، الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَةٌ مِنْهُ صَغِيرَةٌ تَرَوْنَهُمَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَرَيَانِكُمْ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ عَلَى أَنْ يَرَاكُمْ وَتَرَوْنَهُ أَقْدَرُ مِنْهَمَا عَلَى أَنْ يَرَيَانِكُمْ وَتَرَوْنَهُمَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَمَا يَفْعَلُ بِنَا رَبُّنَا إِذْ لَقِينَاهُ؟ قَالَ: «تُعْرَضُونَ عَلَيْهِ، بَادِيَةٌ لَهُ صَفَحَاتُكُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، فَيَأْخُذُ رَبُّكَ عز وجل بِيَدِهِ غَرْفَةً مِنَ الْمَاءِ، فَيَنْضَحُ بِهَا قَبْلَكُمْ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ، مَا تُخْطِئُ وَجْهَ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِنْهَا قَطْرَةٌ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَتَدَعُ وَجْهَهُ مِثْلَ الرَّيْطَةِ الْبَيْضَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَضْخُمُهُ بِمِثْلِ الْحُمَمِ الْأَسْوَدِ، أَلَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم، وَيُفَرَّقُ عَلَى أَثَرِهِ الصَّالِحُونَ» ، أَوْ قَالَ

⦗ص: 466⦘

: «يَنْصَرِفُ عَلَى أَثَرِهِ الصَّالِحُونَ» ، قَالَ:" فَيَسْلُكُونَ جِسْرًا مِنَ النَّارِ، يَطَأُ أَحَدُكُمُ الْجَمْرَةَ فَيَقُولُ: حَسْ فَيَقُولُ رَبُّكَ: أَوْ أَنَّهُ قَالَ: " فَتَطَّلِعُونَ عَلَى حَوْضِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَظْمَأَ نَاهِلَةٍ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهَا قَطُّ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ: مَا يَبْسُطُ يَدَهُ " أَوْ قَالَ: «يَسْقُطُ وَاحِدٌ مِنْكُمْ إِلَّا وَقَعَ عَلَيْهَا قَدَحٌ يُطَهِّرُهُ مِنَ الطَّوْفِ وَالْبَوْلِ وَالْأَذَى وَتَخْلُصُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» أَوْ قَالَ: «تُحْبَسُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَلَا تَرَوْنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا» فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَبِمَ نُبْصِرُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بِمِثْلِ بَصَرِكَ سَاعَتِكَ هَذِهِ

⦗ص: 467⦘

، وَذَلِكَ فِي يَوْمٍ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ وَوَاجَهَتِ الْجِبَالُ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَبِمَ نُجَازَى مِنْ سَيِّئَاتِنَا وَحَسَنَاتِنَا؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا أَوْ يَعْفُو» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَمَا الْجَنَّةُ وَمَا النَّارُ؟ قَالَ: «لَعَمْرُ إِلَهِكَ، إِنَّ لِلْجَنَّةِ لَثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، مَا مِنْهُمْ بَابَانِ إِلَّا وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ الرَّاكِبِ سَبْعِينَ عَامًا وَإِنَّ لِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ، مَا مِنْهُنَّ بَابَانِ إِلَّا بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ الرَّاكِبِ سَبْعِينَ عَامًا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا يَطْلُعُ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ كَأْسِ مَا لَهَا صُدَاعٌ، وَلَا نَدَامَةٌ، وَمَاءٌ غَيْرُ آسِنٍ، وَفَاكِهَةٌ، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَعْلَمُونَ، وَخَيْرٌ مِنْ مِثْلِهِ مَعَهُ، وَأَزْوَاجٌ مَطْهَرَةٌ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَوَ لَنَا أَزْوَاجٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنْهُنَّ مُصْلِحَاتٌ

⦗ص: 468⦘

، قَالَ:«الصَّالِحَاتُ لِلصَّالِحِينَ، تَلَذُّونَهُمْ مِثْلَ لَذَّاتِكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَلْذَذْنَكُمْ غَيْرَ أَنْ لَا تَوَالُدَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا أَقْصَى مَا نَحْنُ بَالِغُونَ وَمُنْتَهُونَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَلَمْ يُجِيبْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَامَ أُبَايِعُكَ؟ قَالَ: فَبَسَطَ النَّبِيُّ يَدَهُ فَقَالَ: «عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَزِيَالِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ إِلَهًا غَيْرَهُ» فَقُلْتُ: وَإِنَّ لَنَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، وَبَسَطَ أَصَابِعَهُ وَظَنَّ أَنِّي مُشْتَرِطٌ شَيْئًا لَا يُعْطِينِهِ، فَقُلْتُ: نَحِلُّ مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا وَلَا يَجْنِي عَلَى امْرِئٍ إِلَّا نَفْسَهُ، قَالَ:«ذَلِكَ لَكَ، حُلَّ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتَ، وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ إِلَّا نَفْسُكَ» فَبَايَعْنَاهُ: ثُمَّ انْصَرَفْنَا

⦗ص: 469⦘

فَقَالَ: «هَا إِنَّ ذَيْنَ، هَا إِنَّ ذَيْنَ، هَا إِنَّ ذَيْنَ، ثَلَاثًا لِمَنْ يُقْرِئُنِي حَدِيثًا لِأَنَّهُمْ مِنْ أَتْقَى النَّاسِ لِلَّهِ فِي الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ» فَقَالَ كَعْبُ بْنُ الْخُدَارِيَّةِ: أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «بَنُو الْمُنْتَفِقِ، أَهْلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ» ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ مَضَى مِنَّا فِي جَاهِلِيَّتِهِ مِنْ خَيْرٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عُرْضِ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ فِي النَّارِ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ وَقَعَ حَرٌّ بَيْنَ جِلْدِ وَجْهِي وَلَحْمِهِ مِمَّا قَالَ لِأَبِي عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ نَظَرْتُ: فَإِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ: فَقُلْتُ: وَأَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " وَأَهْلِي لَعَمْرُ اللَّهِ، حَيْثُ مَا أَتَيْتُ عَلَيْهِ مِنْ قَبْرِ قُرَشِيٍّ أَوْ عَامِرِيٍّ مُشْرِكٍ فَقُلْ

⦗ص: 470⦘

: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ فَأَبْشِرْ بِمَا يَسُوءُكَ، تُجَرُّ عَلَى بَطْنِكَ وَوَجْهِكَ فِي النَّارِ " قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا يُحْسِنُونَ إِلَّا إِيَّاهُ؟ وَكَانُوا يَحْسَبُونَهُمْ مُصْلِحِينَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِي آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيًّا، فَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ وَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: غَيْرَ أَنْ لَا تَوَالُدَ أَيْ: لَا يَشْتَهُونَ الْوَلَدَ لِأَنَّ فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبَى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا اشْتَهى أَحَدُكُمُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ»

⦗ص: 476⦘

، وَاللَّهُ عز وجل قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِيهَا مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ، وَمُحَالٌ أَنْ يَشْتَهِيَ الْمُشْتَهِي فِي الْجَنَّةِ وَلَدًا فَلَا يُعْطَى شَهْوَتَهُ، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْوَعْدَ، وَالْأَوْلَادُ فِي الدُّنْيَا قَدْ يَكُونُ عَلَى غَيْرِ شَهْوَةِ الْوَالِدَيْنِ، فَأَمَّا فِي الْجَنَّةِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ إِلَّا أَنْ يَشْتَهِيَ فَيُعْطَى شَهْوَتَهُ عَلَى مَا قَدْ وَعَدَ رَبُّنَا أَنَّ لَهُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُهُمْ "

ص: 460