الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ فَضْلِ مَقْبَرَةِ مَكَّةَ وَاسْتِقْبَالِهَا الْقِبْلَةَ وَذِكْرُ مَقْبَرَةِ مَكَّةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ
وَلَا يُعْلَمُ بِمَكَّةَ شِعْبٌ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ لَيْسَ فِيهِ انْحِرَافٌ عَنْهَا إِلَّا شِعْبُ مَقْبَرَةِ أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْكَعْبَةِ كُلِّهَا مُسْتَقِيمًا
2369 -
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ: بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي خِدَاشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " نِعْمَ الْمَقْبَرَةُ هَذِهِ " قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يَعْنِي: مَقْبَرَةَ مَكَّةِ
2370 -
وَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَقْبَرَةِ وَلَيْسَ بِهَا يَوْمَئِذٍ مَقْبَرَةٌ فَقَالَ: " يَبْعَثُ اللهُ تبارك وتعالى مِنْ هَذِهِ الْبُقْعَةِ وَمِنْ هَذَا الْحَرَمِ كُلِّهِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، يَشْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي سَبْعِينَ، وُجُوهُهُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَنْ هُمْ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مِنَ الْغُرَبَاءِ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: مَا لِمَنْ هَلَكَ فِي حَرَمِ اللهِ عز وجل؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَلَكَ فِي حَرَمِ اللهِ تَعَالَى مُحْتَسِبًا دَارَهُ بُعِثُوا آمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". قَالَ: فَمَا لِمَنْ هَلَكَ فِي حَرَمِكَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَلَكَ بِالْمَدِينَةِ مُحْتَسِبًا دَارَهُ حُبًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ بُعِثُوا آمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "، قَالَ: فَمَا لِمَنْ هَلَكَ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَلَكَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ طَلَبَ طَاعَةً مِنْ طَاعَةِ اللهِ عز وجل بُعِثُوا آمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
2371 -
حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْحَكَمِ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُعْشُمٍ قَالَ: أنا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، فِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ إِلَى
⦗ص: 52⦘
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ائْتُوا مَوْتَاكُمْ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا؛ فَإِنَّ لَكُمْ فِيهِمْ عِبْرَةٌ "
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: " وَرَأَيْتُ أَنَا عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها تَزُورُ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم، وَمَاتَ بِالْحُبْشِيِّ عَلَى بَرِيدٍ مِنْ مَكَّةَ، وَقُبِرَ رضي الله عنه بِمَكَّةَ "
2372 -
وَحَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُعْشُمٍ قَالَ: أنا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَقَابِرِ فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا ثُمَّ تَخَطَّا إِلَى الْقُبُورِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نَحِيبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَاكِيًا فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ إِلَيْنَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبْكَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ لَقَدْ أَبْكَانَا وَأَفْزَعَنَا، فَأَخَذَ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ عُمَرَ رضي الله عنه وَأَوْمَأَ إِلَيْنَا فَأَشَارَ فَقَالَ:" أَفْزَعَكُمْ بُكَائِي؟ " فَقُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي عِنْدَهُ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَإِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَتِهَا فَأَذِنَ لِي، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ". فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] كَذَلِكَ حَتَّى تَقَصَّى الْآيَاتِ
⦗ص: 53⦘
كُلَّهَا: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} [التوبة: 114] فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ فِي الرِّقَةِ فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي، أَلَا إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، وَأَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، لِيَسَعَكُمْ، وَعَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وَكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ وَأَبْقُوا مِنْهَا مَا شِئْتُمْ فَإِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ أَنَّ الْخَيْرَ قَلِيلٌ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ وِعَاءٍ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا، كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ "
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ: " إِنَّ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أُمُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُفِنَتْ فِي شِعْبِ أَبِي دُبٍّ "
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي خِدَاشٍ قَالَ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَقْبَرَةِ وَهُوَ عَلَى طَرِيقِهِ الْأَوَّلِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَرَاءَ الضَّفِيرَةِ فَقَالَ:" نِعْمَ الْمَقْبَرَةُ هَذِهِ " قُلْتُ لِلَّذِي يُخْبِرُنِي: أَخَصَّ الشِّعْبَ؟ قَالَ: هَكَذَا قَالَ، وَلَمْ يُخْبِرْنِي أَنَّهُ خَصَّ شَيْئًا إِلَّا كَذَلِكَ أَشَارَ بِيَدِهِ وَرَاءَ الضَّفِيرَةِ
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَحُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَاءَ مَقْبَرَةَ مَكَّةَ فَقِيلَ لَهُ: أَتَطَأُ عَلَى الْقَبْرِ؟ فَقَالَ: " أَيْنَ أَطَّأُ أَهَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ "
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: قَالَ لِي عَطَاءٌ: " يُكْرَهُ أَنْ تُوطَأَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُجْلَسَ عَلَيْهَا "، فَقُلْتُ: أَتُخَطَّا؟ قَالَ: " أَكْرَهُهُ ". قَالَ: " وَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ إِنَّا إِذَا بَلَغْنَا قَبْرَ أَحَدِهِمْ إِنَّا لَنَطَؤُهُ "
2373 -
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَسَدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ سُرَيْجٍ، عَنْ بِشْرٍ النَّدَبِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى مَقْبَرَةً فَخَلَّى عَنْ نَاقَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَأْخُذُ بِرَأْسِهَا وَلَمْ تَكُنْ تَقَرُّ لَمُنَافِقٍ فَأَخَذَ رَجُلٌ بِرَأْسِهَا، فَفَتَلَ رَأْسَهَا، فَدَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَدْنُو حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ فِينَا شَيْءٌ، فَتَوَجَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَلَمَّا رَآهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ:" هَذَا قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةِ أُمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُشَفِّعَنِيَ فِيهَا، وَأَنَّهُ أَبَى عَلَيَّ " وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِي شِعْبِ أَبِي دُبٍّ، وَقَامَ الْإِسْلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَهُمْ يُدْفَنُونَ هُنَالِكَ وَبِالْحَجُونِ أَيْضًا إِلَى شِعْبِ الصَّفِّيِّ، صُفِيُّ السِّبَابِ وَفِي الشِّعْبِ اللَّاصِقِ بِثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ، الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ مَقْبَرَةُ أَهْلِ مَكَّةَ، ثُمَّ تَمْضِي الْمَقْبَرَةُ مُصْعِدَةً بِالْجَبَلِ إِلَى ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ بِحَائِطِ خُرْمَانَ. وَكَانَ يُدْفَنُ فِي هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ
⦗ص: 55⦘
الَّتِي عِنْدَ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ آلُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَفِيهَا دُفِنَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذْ مَاتَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ نَازِلًا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ فِي دَارِهِ، وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ وَخَاصًّا
2374 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ أَهْدَى إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ صَدَقَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَتِ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما الْوَفَاةُ أَوْصَى عَبْدَ اللهِ بْنَ خَالِدٍ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ بِمَكَّةَ وَالِيًا بَعْدَ مَقْتَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما فَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ خَالِدٍ لَيْلًا عَلَى رَدْمِهِمْ عِنْدَ بَابِ دَارِهِ، وَدَفَنَهُ فِي مَقْبَرَتِهِمْ هَذِهِ عِنْدَ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ بِحَائِطِ خُرْمَانَ رحمه الله وَغَفَرَ لَهُ " وَيُدْفَنُ فِي هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ مَعَ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ آلُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. وَشِعْبُ أَبِي دُبٍّ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ الْجَزَّارُونَ بِمَكَّةَ فَسُمِّيَ بِهِ وَعَلَى فَمِ الشِّعْبِ سَقِيفَةٌ مِنْ حِجَارَةٍ بَنَاهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه وَنَزَلَهَا
⦗ص: 56⦘
حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الْحَكَمَيْنِ، وَقَالَ فِيمَا ذَكَرُوا: أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدُرُونَ وَلَا يَمْكُرُونَ - يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْمَقَابِرِ - وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: إِنَّ فِي هَذَا الشِّعْبِ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ أُمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَبْرُهَا فِي دَارِ رَائِعَةَ فَاللهُ أَعْلَمُ
2375 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَ أُمِّي فَأَذِنَ لِيَ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَدْعُوَ لَهَا فَأَبَى أَنْ يَأْذَنَ لِي ".
2376 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ثنا أَبُو مُنَيْنٍ: يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ:" فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الْمَوْتَ "
2377 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ أَتَى جِذْمَ قَبْرٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ، فَجَعَلَ صلى الله عليه وسلم كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبُ ثُمَّ قَامَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبْكِي فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَكَانَ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي وَأُمِّي مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا قَبْرُ أُمِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِيَ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِيَ، فَذَكَرْتُهَا فَوَقَفْتُ فَبَكَيْتُ ". قَالَ: فَلَمْ يُرَ بَاكِيًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ "
2378 -
وَحَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَنْبَلٍ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ لِي: كُنْتُ مَعَ عَمِّي الزَّنْجِيِّ بْنِ خَالِدٍ هَا هُنَا فِي جِنَازَةٍ، فَدَعَا دَاوُدَ الْأَعْوَرَ الَّذِي كَانَ يَكُونُ عَلَى الْمَقَابِرِ فَقَالَ لَهُ: يَا دَاوُدُ أَنْتَ بَيْتُكَ فِي الْمَقَابِرِ وَأَنْتَ تَنَامُ فِيهَا فَهَلْ رَأَيْتَ فِيهَا شَيْئًا يُعْجِبُكَ أَوْ تُنْكِرُهُ؟ فَقَالَ: وَاللهِ لَأُحَدِّثَنَّكَ، إِنِّي كُنْتُ فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ مُقْمِرَةٍ، فَدَخَلْتُ فِي الْمَقْبَرَةِ سَاعَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَتَيْتُ خَيْمَتِي
⦗ص: 58⦘
لِأَرْقُدَ فَلَمَّا تَلَفَّفْتُ بِكِسَائِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ أَقْصَى الْمَقْبَرَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَقَعَدْتُ أَسْمَعُ سَاعَةً فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، فَلَمَّا أَنْ هَوَيْتُ لِأَرْقُدَ إِذَا أَنَا بِالصَّوْتِ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَخَرَجْتُ وَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَنْظُرَ مَا الْخَبَرُ فَدُرْتُ فِي الْمَقْبَرَةِ سَاعَةً مَا أَسْمَعُ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَحَدًا حَتَّى إِذَا هَوَيْتُ لِأَخْرُجَ سَمِعْتُ الصَّوْتَ فَخَرَجْتُ أَؤُمُّ الصَّوْتَ، فَقَعَدْتُ لَيْلًا لِأَسْتَمِعَ فَإِذَا بِالصَّوْتِ يَخْرُجُ مِنَ الْقَبْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَأَتَيْتُ الْقَبْرَ فَعَلَّمْتُهُ بِحِجَارَةٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَرَقَدْتُ ثُمَّ تَرَدَّدْتُ إِلَى الْقَبْرِ أَطْلُبُ أَيْنَ هُوَ فَوَجَدْتُ عَجُوزًا عِنْدَهُ فَقُلْتُ لَهَا: أَيَا أُمَّةَ، مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرَ؟ فَارْتَاعَتْ لِمَسْأَلَتِي عَنْهُ وَقَالَتْ: مَا لَهُ، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْهُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي سَمِعْتُ فَقَالَتْ: وَسَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا فَاتَتْهُ فِي رُقَادِهِ يَتَكَلَّمُ بِهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيُقَالُ: إِنَّ قُصَيَّ بْنَ كِلَابٍ دُفِنَ بِالْحَجُونِ وَهِيَ الْمَقْبَرَةُ الْأُولَى. وَحَدُّ الْحَجُونِ: الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ الَّذِي بِحِذَاءِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي شِعْبَ
⦗ص: 59⦘
الْجَزَّارِينَ إِلَى مَا بَيْنَ الْحَوْضَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي حَائِطِ عَوْفٍ، وَبُيُوتُ ابْنِ الصَّيْقَلِ عَلَى الْحَجُونِ. وَابْنُ الصَّيْقَلِ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
2379 -
فَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: مَاتَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ بِمَكَّةَ فَدُفِنَ بِالْحَجُونِ، فَتَدَافَنَ النَّاسُ بَعْدَهُ بِالْحَجُونِ قَالَ: فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِي جَنَبَتَيِ الْوَادِي يَمِينًا وَشِمَالًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ حَوَّلُوا مَقْبَرَتَهُمْ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخَبَرِ لِقَوْلِهِ:" نِعْمَ الْمَقْبَرَةُ، وَنِعْمَ الشِّعْبُ ". فَهِيَ مَقْبَرَةُ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا آلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ فَهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الْمَقْبَرَةِ الْعُلْيَا بِحَائِطِ خُرْمَانَ إِلَى يَوْمَنَا هَذَا "
2380 -
وَفِي مَقْبَرَةِ الْحَجُونِ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ بَعْدُ فِي الْإِسْلَامِ. حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ:
[البحر الخفيف]
عَيْنَيَّ جُودِي بِعِبْرَةٍ أَسْرَابِ
…
بِدُمُوعٍ كَثِيرَةِ التِّسْكَابِ
إِنَّ أَهْلَ الْحِصَابِ قَدْ تَرَكُونِي
…
مُوزِعًا مُولَعًا بِأَهْلِ الْخَرَابِ
كَمْ بِذَاكَ الْحَجُونِ مِنْ حَيِّ صِدْقٍ
…
مِنْ كُهُولٍ أَعِفَّةٍ وَشَبَابِ
سَكَنُوا الْجَزْعَ جَزْعَ بَيْتِ أَبِي
…
مُوسَى إِلَى النَّخْلِ مِنْ صُفِيِّ السِّبَابِ
أَهْلُ دَارٍ تَتَابَعُوا لِلْمَنَايَا
…
مَا عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَهُمْ مِنْ عِتَابِ
فَارَقُونِي وَقَدْ عَلِمْتُ يَقِينًا
…
مَا لِمَنْ ذَاقَ مَيْتَةً مِنْ إِيَابِ
أَحْزَنَتْنِي حُمُولُهُمْ يَوْمَ وَلَّوْا
…
مِنْ بِلَادِي وَآذَنُوا بِالذِّهَابِ
وَزَادَ غَيْرُ الزُّبَيْرِ:
فَلِيَ الْوَيْلُ بَعْدَهُمْ وَعَلَيْهِمْ صِرْتُ خِلْوًا وَمَلَّنِي أَصْحَابِي وَكَانَتْ مَقْبَرَةُ الْمُطَيَّبِينَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَمَقْبَرَةُ الْأَحْلَافِ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ "
2381 -
وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي، يَنْشُدُ لِبَعْضِ أَهْلِ مَكَّةَ فِي الْحَجُونِ وَالْمَقْبَرَةِ الَّتِي بِهِ:
[البحر الكامل]
فَإِذَا مَرَرْتَ عَلَى الْحَجُونِ وَأَهْلِهِ
…
فَصِلِ الْحَجُونَ وَأَهْلَهُ بِسَلَامِ
كَمْ بِالْحَجُونِ وَبَيْنَهُ مِنْ سَيِّدٍ
…
ضَخْمِ الدَّسِيعَةِ مَاجِدٍ مِكْرَامِ
خَلَّى مَنَازِلَهُ وَأَصْبَحَ ثَاوِيًا
…
بِالشِّعْبِ بَيْنَ دَكَادِكٍ وَأَكَامِ
وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ اللِّهْبِيُّ يَذْكُرُ مَنْ قُبِرَ بِمَكَّةَ مِنْ قَوْمِهِ:
[البحر البسيط]
أَبَا الْفَضْلِ تُقًى فِينَا وَمَكْرُمَةً
…
تُنَافِسُ الْأَرْضَ مَوْتَانَا إِذَا قُبِرُوا
تَرَى بِنَا فَضْلَهَا عَنْ كُلِّ مَقْبَرَةٍ
…
إِذَا الْعِبَادُ لِفَضْلٍ بَيْنَهُمْ حُشِرُوا
تَبْكِي السَّمَاءُ عَلَيْنَا فِي مَقَابِرِنَا
…
إِذَا تُسَوَّى عَلَى أَمْوَاتِنَا الْحُفَرُ
وَالشَّمْسُ تَبْكِي عَلَى هُلَّاكِنَا جَزَعًا
…
لَوْ تَسْتَطِيعُ لَهُمْ نَشْرًا لَقَدْ نُشِرُوا "