الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2432 -
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ قَالَ: أنا الثَّقَفِيُّ قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها جَاوَرَتْ بَيْنَ حِرَاءٍ وَثَبِيرٍ شَهْرَيْنِ، فَكُنَّا نَأْتِيهَا، وَيَأْتِيهَا نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم صَلَّى بِهَا غُلَامُهَا ذَكْوَانُ أَبُو عَمْرٍو "
ذِكْرُ الْآبَارِ الَّتِي كَانَتْ بِمَكَّةَ تُشْرَبُ مَعَ زَمْزَمَ
وَيُقَالُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - إِنَّ أَوَّلَ بِئْرٍ حُفِرَتْ بِمَكَّةَ حِينَ أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ عليه الصلاة والسلام إِلَى مَكَّةَ حَفَرَهَا آدَمُ وَسَمَّاهَا: كَرَّ آدَمَ فِي شِعْبِ حَوَّاءَ، مِنَ الْمَفْجَرِ.
⦗ص: 97⦘
وَزَعَمُوا أَنَّ مُرَّةَ بْنَ كَعْبٍ حَفَرَ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا: رُمُّ، وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ مِنْ حَفَائِرِ كِلَابِ
بْنِ مُرَّةَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ مَوْضِعَهَا عِنْدَ طَرَفِ الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ، قَرِيبًا مِنْ عُرَنَةَ. وَحَفَرَ كِلَابُ بْنُ مُرَّةَ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا: خُمٌّ كَانَتْ مَشْرَبَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا كَانَتْ لِبَنِي مَخْزُومٍ
2433 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ احْتَفَرَ بِأَبْطُحِ مَكَّةَ سِقَايَةً يَشْرَبُهَا الْحَاجُّ وَالنَّاسُ غَيْرَ زَمْزَمَ، فَحَفَرَ قُصَيٌّ رَكِيَّةَ، مَوْضِعُهَا فِي دَارِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنها، وَسَمَّاهَا الْعَجُولَ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا اسْتَقَوْا مِنْهَا ارْتَجَزُوا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ وَارِدِيهَا:
[البحر الرجز]
نَرْوِي عَلَى الْعَجُولِ ثُمَّ نَنْطَلِقْ
إِنَّ قُصَيًّا قَدْ وَفَى وَقَدْ صَدَقْ
بِالشَّبْعِ لِلْحَاجِّ وَرِيِّ الْمُغْتَبِقْ
وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي دَفَعَ فِيهَا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخَا بَنِي ظُوَيْلِمِ بْنِ عَمْرٍو النَّصْرِيَّ فِيهَا فَمَاتَ "
2434 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ
⦗ص: 98⦘
أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ شَمْسٍ احْتَفَرَ بَعْدَ الْعَجُولِ خُمًّا، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي عِنْدَ الرَّدْمِ عِنْدَ دَارِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَهَذِهِ خَلْفَ دَارِ آلِ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيِّ، الَّتِي يُقَالُ لَهَا: دَارُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، يُقَالُ: إِنَّ قُصَيًّا حَفَرَهَا فَدَثَرَتْ، وَإِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ رضي الله عنه نَثَلَهَا وَأَحْيَاهَا، وَعِنْدَهَا مَسْجِدٌ بَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ، يُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِيهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهَا: الْبِئْرُ الْعُلْيَا، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَفَرَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بَذَّرَ، وَقَالَ حِينَ حَفَرَهَا لَأَجْعَلَنَّهَا بَلَاغًا لِلنَّاسِ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي فِي حَقِّ الْمُقَوِّمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فِي ظَهْرِ دَارِ طَلُوبَ، مَوْلَاةِ زُبَيْدَةَ فِي أَصْلِ الْمُسْتَنْذَرِ
⦗ص: 99⦘
وَيُقَالُ: إِنَّ قُصَيًّا حَفَرَهَا فَنَثَلَهَا أَبُو لَهَبٍ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا بَذَّرْ
بِجَانِبِ الْمُسْتَنْذَرْ
وَهِيَ فِي زُقَاقٍ يُعْرَفُ بِأَبِي ذَرٍّ، وَذَكَرُوا أَنَّ هَاشِمًا حَفَرَ سَجْلَةَ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِئْرُ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ، كَانَتْ دَخَلَتْ فِي دَارِ الْقَوَارِيرِ، أَدْخَلَهَا حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ، حِينَ بَنَى الدَّارَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ، فَكَانَتِ الْبِئْرُ شَارِعَةً فِي الْمَسْعَى، وَيُقَالُ: إِنَّ جُبَيْرًا ابْتَاعَهَا مِنْ هَاشِمٍ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: إِنَّ عَدِيَّ بْنَ نَوْفَلٍ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ، وَيُقَالُ: بَلْ وَهَبَهَا لَهُ أَسَدٌ، حِينَ ظَهَرَتْ زَمْزَمُ، وَيُقَالُ: لَا، بَلْ كَانَتْ هَذِهِ الْبِئْرُ لِعَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنْبَطَهَا بَيْنَ الْمَشْعَرَيْنِ، وَكَانَ يَسْقِي عَلَيْهَا الْحَاجَّ. وَقَدْ قَالَ مَطْرُودُ بْنُ كَعْبٍ الْخُزَاعِيُّ، يَذْكُرُ ذَلِكَ فَقَالَ:
[البحر الطويل]
فَمَا النِّيلُ يَأْتِي بِالسَّفِينِ يَكُبُّهُ
…
بِأَجْوَدَ سَيْبًا مِنْ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ
وَأَنْبَطْتَ بَيْنَ الْمَشْعَرَيْنِ سِقَايَةً
…
لِحُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ أَفْضَلَ مَنْهَلِ
وَيُقَالُ: بَلْ وَهَبَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حِينَ حَفَرَ زَمْزَمَ، وَاسْتَغْنَى عَنْهَا لِلْمُطْعِمِ بْنِ
⦗ص: 100⦘
عَدِيٍّ، فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَضَعَ حَوْضًا عِنْدَ زَمْزَمَ مِنْ أَدَمٍ يَسْتَقِي مِنْهَا، وَيَسْقِي الْحَاجَّ، وَهُوَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَهُمْ
2435 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ أَعْطَى الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ حَوْضًا مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، فَكَانَ يَسْقِي فِيهِ الْحَاجَّ "
2436 -
وَحَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ النَّوْفَلِيُّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، خَرَجَ هُوَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَعُمَرُ رضي الله عنه بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا كَانَ بِرَأْسِ الرَّدْمِ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ: أَيْنَ حَقُّكَ مِمَّا هَا هُنَا؟ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ حَتَّى تَجْنَا قَالَ: إِنَّ ظُلْمَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ لَقَدِيمٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ هَاهُنَا مِلْكٌ، وَلَا يُنْقَلُ، هَذِهِ مَذَاهِبُ الْحَاجِّ، وَمَنَافِذُهُمْ، فَسُرَّ بِذَلِكَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، وَلَهُ دَارٌ عَلَى بِئْرٍ فَهَدَمَهَا، وَأَبَاحَ بِئْرَهُ، وَحَفَرَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا: الطَّوِيُّ، وَمَوْضِعُهَا دَارُ ابْنِ يُوسُفَ "
2437 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: إِنَّ عَبْدَ شَمْسٍ حَفَرَ الطَّوِيَّ، وَهِيَ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ دَارِ الْبَيْضَاءِ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، فَقَالَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ عَبْدِ شَمْسٍ:
[البحر الطويل]
إِنَّ الطَّوِيَّ إِذَا ذَكَرْتُمْ مَاءَهَا
…
صَوْبُ السَّمَاءِ عُذُوبَةً وَصَفَاءَ "
2438 -
وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: ثُمَّ احْتَفَرَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ الْجَفْرَ، فَسَمَّاهَا الْجَفْرَ، وَقَالَ أُمَيَّةُ:
[البحر الرجز]
أَنَا حَفَرْتُ لِلْحَجِيجِ الْجَفْرَا
وَهُوَ فِي وَجْهِ الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَ لِبَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عِكْرِمَةَ الْمَخْزُومِيِّ، وَهِيَ بِطَرَفِ أَجْيَادٍ الْكَبِيرِ، فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَسْكَنَ يَاسِرٌ، خَادِمُ زُبَيْدَةَ، فَأَدْخَلَهُ فِي الْمُتَوَضَّآتِ الَّتِي عَمِلَهَا عَلَى بَابِ أَجْيَادٍ، وَكَانَتْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ جَعْلَانَ، مَوْضِعُهَا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
⦗ص: 102⦘
وَكَانَتْ لَهُمْ أَيْضًا بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: الْعَلُوقُ، عِنْدَ دَارِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَكَانَتْ لِبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: شُفَيَّةُ وَيُقَالُ: سُقْيَةُ، مَوْضِعُهَا فِي دَارِ أُمِّ جَعْفَرٍ، يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ الْأَسْوَدِ، وَلَهَا يَقُولُ الْحُوَيْرِثُ بْنُ أَسَدٍ
2439 -
كَمَا حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ:
[البحر الرجز]
مَاءُ شُفَيَّةَ كَصَوْبِ الْمُزْنِ
…
وَلَيْسَ مَاؤُهَا بِطَرْقٍ أَجْنِ
وَكَانَتْ لِبَنِي جُمَحَ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: سُنْبُلَةُ، كَانَتْ لِخَلَفِ بْنِ وَهْبٍ فِي
⦗ص: 103⦘
خَطِّ الْحِزَامِيَّةِ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، قُبَالَةَ دَارِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه، يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ: بِئْرُ أُبَيٍّ، وَيُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَصَقَ فِيهَا - وَاللهُ أَعْلَمُ كَيْفَ ذَلِكَ - وَيُقَالُ: إِنَّ مَاءَهَا جَيِّدٌ مِنَ الصُّدَاعِ، مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى، وَكَانَتْ لَهُمْ عِنْدَ رَدْمِ الْجُمَحِيِّينَ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ حُرْدَانَ، ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَنْ حَفَرَهَا، ثُمَّ صَارَتْ لِبَنِي جُمَحَ، وَيُقَالُ: هِيَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ. وَكَانَتْ لِبَنِي سَهْمٍ بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: مَرَمْرَمُ، يُقَالُ: دَخَلَتْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حِينَ وَسَّعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي نَاحِيَةِ بَنِي سَهْمٍ، وَكَانَتْ لِبَنِي سَهْمٍ أَيْضًا بِئْرٌ يُقَالُ لَهَا: الْغَمْرُ لَمْ يُذْكَرْ مَوْضِعُهَا
2440 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: فَحَفَرَتْ بَنُو سَهْمٍ الْغَمْرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا الْغَمْرَ لِلْحَجِيجِ
…
تَثُجُّ الْمَاءَ أَيَّمَا ثَجِيجِ
وَقَدْ سَمِعْنَا فِي الْبِئَارِ حَدِيثًا جَامِعًا.
⦗ص: 104⦘
وَيُقَالُ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا مُرَّةُ، حَفَرَ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا: الْيُسَيْرَةُ، خَارِجَةً مِنَ الْحَرَمِ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهَا دَهْرًا، إِذَا كَثُرَتِ الْأَمْطَارُ فَشَرِبُوا، وَإِذَا قَحَطُوا ذَهَبَ مَاؤُهَا. وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ أَغَادِيرَ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ، وَحَفَرَ مُرَّةُ بِئْرًا أُخْرَى يُقَالُ لَهَا: الرَّوَاءُ، وَهُمَا خَارِجَتَانِ مِنْ مَكَّةَ، فِي بَوَادِيهَا مِمَّا يَلِي عَرَفَةَ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَوْلَ مَكَّةَ، ثُمَّ حَفَرَ كِلَابُ بْنُ مُرَّةَ خُمًّا، وَرُمًّا، وَالْجَفْرَ، وَهَذِهِ بِئَارُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ، وَكُلُّهَا خَارِجاً مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ كَانَ قُصَيٌّ حِينَ جَمَعَ قُرَيْشًا بِمَكَّةَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ مِنَ الشُّرْبِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ، وَمِنْ هَذِهِ الْآبَارِ الْخَارِجَةِ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ قُصَيٌّ، ثُمَّ وَلَدُهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ أَعْيَانُ بَنِي قُصَيٍّ: عَبْدُ الدَّارِ، وَعَبْدُ مَنَافٍ، وَعَبْدُ الْعُزَّى، وَعَبْدٌ بَنُو قُصَيٍّ، فَخَلَفَ أَبْنَاؤُهُمْ فِي قَوْمِهِمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَمَّا حَفَرَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ الْجَفْرَ لِنَفْسِهِ، حَفَرَ مَيْمُونُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ بِئْرَهُ، وَكَانَتْ آخِرَ بِئْرٍ حُفِرَتْ مِنْ هَذِهِ الْبِئَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مَاءٌ يُشْرَبُ إِلَّا زَمْزَمُ، وَبِئْرُ مَيْمُونٍ قَالَ اللهُ عز وجل:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30] فَقَالَ
⦗ص: 105⦘
- وَاللهُ أَعْلَمُ - إِنَّ تِلْكَ الْآبَارَ كَانَتْ تَغُورُ فَيَذْهَبُ مَاؤُهَا {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30]، وَزَمْزَمُ مَاؤُهَا مَعِينٌ
2441 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30] قَالَ: " نَزَلَتْ فِي زَمْزَمَ وَبِئْرِ مَيْمُونِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَكَانَتْ بِئْرًا جَاهِلِيَّةً "
2442 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ لَيْلَةَ الصَّدْرِ يَبِيتُ مِنْ وَرَاءِ بِئْرِ مَيْمُونٍ إِلَى مَكَّةَ، وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ فِي بِئْرِ مَيْمُونٍ هَذِهِ:
[البحر البسيط]
يَا بِئْرَ مَيْمُونٍ قَدْ هَيَّجْتِ لِي طَرَبًا
…
يَا لَيْتَ مَيْمُونَ لَمْ تُحْفَرْ لَهُ بِيرُ
فَلَوْ تَرَاهَا وَقَدْ جَادَ الرَّبِيعُ بِهَا
…
وَأَنْبَتَتْ مِنْ أَفَانِينٍ وَتَنْوِيرِ
يَا بِئْرَ مَيْمُونَ لَا أَخْطَتْكِ غَادِيَةٌ
…
تَغْدُو عَلَيْكِ بِسَحٍّ غَيْرِ مَبْرُورِ "
2443 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ بِئْرُ مَيْمُونِ بْنِ
⦗ص: 106⦘
الْحَضْرَمِيِّ، أَخِي عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَكَانَتْ بِئْرًا جَاهِلِيَّةً، وَفِيهَا يَقُولُ الْقَائِلُ
[البحر الوافر]
إِلَى بِئْرِ مَيْمُونٍ: فَمَا حَازَ حَوْزُهَا
…
إِلَى شِعْبِ عُثْمَانَ فَاسْقِي مُقَيْصِرًا "
2444 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَحَفَرَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ أُمَّ أَحْرَادٍ، فَقَالَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عُمَيْلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ امْرَأَةُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا الْبَحْرَ أَمَّ أَحْرَادْ
…
لَيْسَتْ كَبَذَّرِ النَّزُورِ الْجَمَادْ
قَالَ: فَأَجَابَتْهَا ضَرَّتُهَا صَفِيَّةُ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا بَذَّرْ
…
تَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَكْبَرْ
مِنْ مُقْبِلٍ وَمُدْبِرْ
…
وَأَنْتُمُ أَحْرَادُكُمْ لَمْ تُذْكَرْ
وَحَفَرَتْ بَنُو مَخْزُومٍ سُقْيًا، بِئْرَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ.
⦗ص: 108⦘
وَحَفَرَتْ بَنُو تَيْمٍ الْحَفِيرَ، وَهِيَ بِئْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ "
2445 -
وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَفَرَتْ بَنُو تَيْمٍ الْحَفِيرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر الرجز]
اللهُ سَخَّرَ لَنَا الْحَفِيرَا
…
بَحْرًا يَجِيشُ مَاؤُهُ غَزِيرَا "
2446 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ سَاجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: وَلَمَّا انْتَشَرَتْ قُرَيْشٌ، وَكَثُرَ سَاكِنُ مَكَّةَ قَبْلَ حَفَرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ زَمْزَمَ، قَلَّتْ عَلَى النَّاسِ الْمِيَاهُ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْمُؤْنَةُ، فَحَفَرَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ الطَّوِيَّ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْبَيْضَاءِ، وَحَفَرَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بَذَّرَ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي عِنْدَ الْمُسْتَنْذَرِ بِخَطْمِ الْخَنْدَمَةِ، عَلَى فَمِ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ حِينَ حَفَرَهَا قَالَ: لَأَجْعَلَنَّهَا بَلَاغًا لِلنَّاسِ، وَحَفَرَ سَجْلَةَ، وَهِيَ بِئْرُ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، الَّتِي كَانُوا يَسْقُونَ عَلَيْهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَزْعُمُ بَنُو نَوْفَلٍ أَنَّ مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ كَانَ ابْتَاعَهَا مِنْ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ، وَيَزْعُمُ بَنُو هَاشِمٍ أَنَّمَا وَهَبَهَا حِينَ ظَهَرَتْ زَمْزَمُ، وَاسْتَغْنَوْا بِهَا عَنْ تِلْكَ الْآبَارِ، وَحَفَرَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ الْجَفْرَ، فَلَمَّا حَفَرَتْ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ آبَارًا وَسَقَتْ عَلَيْهَا، حَفَرَتْ قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ آبَارًا يَسْقُونَ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبُونَ مِنْهَا، فَحَفَرَتْ بَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى
⦗ص: 109⦘
سَقِيَّةً بِئْرَ بَنِي أَسَدٍ، وَحَفَرَتْ بَنُو جُمَحَ سُنْبُلَةَ، وَهِيَ بِئْرُ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ، وَحَفَرَتْ بَنُو سَهْمٍ الْغَمْرَ، وَهِيَ بِئْرُ بَنِي سَهْمٍ، وَكَانُوا يَسْقُونَ عَلَيْهَا وَيُبَارُونَ بِهَا، وَيَقُولُونَ فِيهَا الْأَشْعَارَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ عَلَى بِئْرِهِ الْأَجْرَ، مِنْ بَعْضِ النَّاسِ قَالَ فَلَمَّا حَفَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ زَمْزَمَ تَرَكَ النَّاسُ أَوْ عَامَّتُهُمْ تِلْكَ الْآبَارَ، وَأَقْبَلُوا عَلَى زَمْزَمَ لِمَكَانِهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَلَأَنَّهَا بِئْرُ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام ابْنِ خَلِيلِ اللهِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى الله عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِفَضْلِ مَائِهَا عَلَى سَائِرِ الْمِيَاهِ فِي الْعُذُوبَةِ وَالْكَثْرَةِ "
2447 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، نَحْوَ ذَلِكَ، وَزَادَ فِيهِ قَالَ: وَقَدْ قَالَتْ خَالِدَةُ بِنْتُ هَاشِمٍ تَذْكُرُ سَجْلَةَ: "
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا يَا لِقَوْمٍ سَجْلَهْ
…
فِي دَارِنَا ذَاتِ فُصُولٍ سَهْلَهْ
نَابِتَةٌ فَوْقَ سِقَائِهَا بَقْلَهْ
…
تَسْقِي الْحَجِيجَ زُعْلَةً فَزُعْلَهْ "
وَزَادَ فِيهِ: وَحَفَرَ عَبْدُ شَمْسٍ الطَّوِيَّ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي عِنْدَ دَارِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَقَالَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، حِينَ حَفَرَ بِئْرَهُ الطَّوِيَّ، قَالَ:
[البحر الكامل]
إِنَّ الطَّوِيَّ إِذَا ذَكَرْتُمْ مَاءَهَا
…
صَوْبُ السَّحَابِ عُذُوبَةً لَا يُتْرَكُ
كَانَتْ عَطَاءً مِنْ قَدِيرٍ مَالِكٍ
…
يَسْقِي بِهَا الْحُجَّاجَ لَيْسَتْ تُفْرَكُ
⦗ص: 110⦘
فَلَأَسْخَرَنَّ مِنَ التَّتَارِ وَذِكْرِهَا
…
بِمُلُوحَةٍ يَسْقُونَ مِنْهَا الْهُلَّكُ
وَلَأَفْخَرَنَّ بِأَنَّ بِئْرِي ذِكْرُهَا
…
أَكْنَافُ قَيْصَرَ لَا تُبَاعُ فَتُمْلَكُ
وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ حِينَ حَفَرَ بِئْرَهُ الْجَفْرَ لِنَفْسِهِ:
[البحر الرجز]
هَمَمْتُ هَمًّا أَنْ أَمُوتَ غَمًّا
…
حَفَرْتُ جَفْرًا وَدَفَنْتُ خُمًّا
وَالْجَفْرُ لَا بُدَّ بِأَنْ تَطِمَّا
…
حَتَّى يُرَى الْأَمْرُ لَنَا خِضَمًّا
وَنَعْرِفُ الْحَقَّ إِذَا أَلَمَّا
…
نَحْنُ وَلَيْنَاكُمْ فَلَمْ نُذَمَّا
ثُمَّ فَرَجْنَا الْهَمَّ بَعْدَ مَا أَهَمَّا
…
ثُمَّ قَمَعْنَا الْأَبْلَحَ الْغِشَمَّا
حَتَّى تَرَكْنَا سَمْعَهُ أَصَمَّا
…
وَالْحَقُّ لَا بُدَّ بِأَنْ يُحَمَّا
حَتَّى يَكُونَ أَمْرُنَا أَعَمَّا
…
لِأَنَّ قَوْمِي فَرَجُوا الْمُهِمَّا
وَزَادَ فِيهِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ فِيمَا ذَكَرُوا يَأْخُذُ عَلَى بِئْرِهِ الْأَجْرَ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ، فَقَالَ الْحُوَيْرِثُ بْنُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى لِشُفَيَّةَ، بِئْرِ بَنِي أَبِيهِ، يَفْخَرُ بِشُفَيَّةَ:
[البحر الكامل]
هَذِي الشُّفَيَّةُ قَدْ عَرَفْتُمْ فَضْلَهَا
…
مِثْلَ الصِّيَاحِ مُصِيبَةٌ لِلْفَاجِرِ
كَانَتْ عَطَاءً لَا يُنَالُ وَفَضْلُهَا
…
بَادٍ لَعَمْرُكَ زِينَةً لِلذَّاكِرِ
صَوْبُ السَّمَاءِ فَلَا يُذَاقُ كَطَعْمِهَا
…
إِلَّا الْمُدَامُ عُمَارَةً لِلْعَامِرِ
فِيهَا نُفَاخِرُ مَنْ أَتَانَا فَاخِرًا
…
وَهِيَ الْمُغَاثُ لِبَدْوِنَا وَالْحَاضِرِ
وَقَالَ شَاعِرُ بَنِي سَهْمٍ، يَذْكُرُ الْغَمْرَ، بِئْرَ بَنِي سَهْمٍ:
[البحر الكامل]
مَاذَا يَقُولُ الْفَاخِرُونَ بِمَائِهِمْ
…
جَهْلًا وَبِئْرِي ذِكْرُهَا لَا يَنْفَدُ
⦗ص: 111⦘
فَضَلَتْ بِئَارَكُمُ بِصَوْبِ سَحَابَةٍ
…
عَلَى صِلَةِ الطَّرِيقِ تُرْصَدُ
فِيهَا عُذُوبَةُ مَاءِ مُزْنٍ فَارِسٍ
…
فَلَهَا عُذُوبَتُهُ وَلَيْسَتْ تَفْسُدُ
وَقَالَ شَاعِرُ بَنِي جُمَحَ يَمْتَدِحُ سُنْبُلَةَ، بِئْرَ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ الْجُمَحِيِّ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا بِئْرَ صِدْقٍ سُنْبُلَهْ
…
ثُمَّ تَرَكْنَاهَا بِرَأْسِ الْقُنْبُلَهْ
تَصُبُّ مَاءً مِثْلَ فَيْضِ الْعَنْبَلَهْ
…
لَيْسَتْ كَبَذَّرَ لَا وَلَا كَالْحَرْمَلَهْ
تَسْقِي عَبِيطًا عِنْدَهَا كَالْيَعْمَلَهْ
…
ثُمَّ سَقَيْنَا النَّاسَ عِنْدَ الْمُسْهَلَهْ
صَوْبَ سَحَابٍ رَبِّنَا هُوَ أَنْزَلَهْ
وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، يَفْخَرُ عَلَى خِدَاشِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، فِي شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَيَذْكُرُ فَضْلَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ:
[البحر الطويل]
نَحْنُ حَفَرْنَا فِي أَبَاطِحِ مَكَّةٍ
…
حَفِيرًا لِطُولِ الدَّهْرِ عِنْدَ الْعَوَاقِبِ
نَسْقِي بِهَا الْحَجِيجَ فِي كُلِّ ضَيْقَةٍ
…
إِذَا عَطِشُوا يَنْزُونَ نَزْوَ الْجَنَادِبِ
وَإِنَّ عَلَى أَسْيَافِنَا السُّمَّ مَنْ يُعِدْ
…
يَبُوءُ بِخَسْفٍ أَنْ يَبُوءْ غَيْرَ غَالِبٍ
وَيَرْجِعُ مَذْمُومًا مَلُومًا مُقَصِّرًا
…
خِدَاشٌ لَئِيمًا كَعْبُهُ غَيْرُ رَاتِبِ
لَنَا مُكْرَمَاتٌ مَنْ يَنَلْهَا مِنَّا غَدًا
…
تَقْصُرُ لِذَا تِلْكَ الْأُمُورُ الْمَصَاعِبُ
إِذَا فَزِعَ الْحَيُّ التِّهَامُونَ أَرْفَضُوا
…
إِلَيْنَا رِجَالًا بَيْنَ رَاضٍ وَعَاتِبِ
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنها بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ وَهِيَ تُفَاخِرُ أُمَيْمَةَ بِنْتَ عُمَيْلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَكَانَتَا عِنْدَ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ ضَرَّتَيْنِ، تَفْخَرُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى:
⦗ص: 112⦘
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا بَذَّرْ
…
بِجَانِبِ الْمُسْتَنْذَرْ
الطَّيِّبَ الْعَذْبَ الَّذِي لَمْ يُمْقَرْ
…
كَانَتْ بَلَاغًا لِلْحَجِيجِ الْأَكْبَرْ
وَأُمُّ أَحْرَادِكُمْ لَمْ تُذْكَرْ
…
وَنَحْنُ نَسْقِي عِنْدَ كُلِّ صَرْصَرْ
مِثْلَ سَحَابٍ مَاؤُهُ لَمْ يُقْصَرْ
…
أَوْ كَغَزِيرِ الْمُزْنِ عِنْدَ الْأَحْجَرْ
نَسْقِي بِغَيْرِ الْجَعْلِ لَمَّا نَفْخَرْ
قَالَ: فَأَجَابَتْهَا أُمَيَّةُ بِنْتُ عُمَيْلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ تَقُولُ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا الْبِئْرَ أُمَّ أَحْرَادِ
…
نَسْقِي الْحَجِيجَ كَدَمِ الْفَصَادِ
دَمًا عَبِيطًا لَيْسَ مِنْ أَعْوَادِ
…
ثُمَّ يَسِيحُ الْمَاءُ فِي الْجَمَادِ
سَيْحَ سَحَابٍ سَالَ فِي رَمَادِ
…
أَتَفْخَرِي بِبَذَّرِكِ الرَّهَادِ؟ "