الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأصل الثاني الهدف من الإقناع]
الأصل الثاني: الهدف من الإقناع إن بداية أي نشاط اتصالي هو تحديد الأهداف وترتيب الأولويات في ضوء الموازنة بين الإمكانيات والواجبات.
والهدف في اللغة: الغرض توجه إليه السهام ونحوها، والمطلب يوجه إليه القصد (1) .
الأهداف في الاصطلاح: هي: الحالات المرغوبة والتي تسعى المنظمة إلى تحقيقها (2) .
إذا فالأهداف هي النتائج المرغوب فيها والمطلوب تحقيقها سواء كانت مادية أم معنوية.
ويمكن تقسيم الأهداف إلى استراتيجية عامة وكلية وأهداف مرحلية وجزئية (3) .
والمتتبع لخطب النبي صلى الله عليه وسلم بدءا بخطبة الصفا وحتى خطبة حجة الوداع يجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتصل وفق أهداف محددة، فلقد كانت أهدافه في خطبة الصفا مجملة إذ لم يطلب من الناس سوى إنقاذ أنفسهم من النار بعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام والأوثان.
أما أهداف خطبة فتح مكة وخطبة حجة الوداع فقد كانت
(1) د. إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، مرجع سابق، جـ 2، ص:977.
(2)
طلال بن سراج الغرياني، التخطيط بين النظرية والممارسة، (الرياض: شركة العبيكان 1412هـ) ، ص:112.
(3)
انظر محمود كرم سليمان، التخطيط الإعلامي في ضوء الإسلام، (المنصورة: دار الوفاء 1409هـ) ، ص:70.
الأهداف فيها أكثر تفصيلا في مقدمتها:
1 -
إخلاص العبودية لله الواحد الأحد.
2 -
إحقاق الحق وإبطال الباطل.
3 -
إنقاذ الناس من الضلالة إلى الهدى ومن الظلمات إلى النور.
4 -
التأكيد على حرمة بيت الله العتيق.
5 -
إعلان مبدأ المساواة في أكمل صورة.
6 -
بناء الشخصية المسلمة والمجتمع الإسلامي الفاضل.
وفي خطبة حجة الوداع كانت الأهداف التفصيلية أكثر، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو يضع الخطوط العريضة للاتصال بالناس في إطار أهداف محددة كان يستلهم ذلك كلية من المنهج القرآني الكريم، فعن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها قالت:(إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا)(1) .
وقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 58](2) هذا هدف عام ثم جاءت الأهداف المفصلة فيما بعد بفريضة الصلاة والزكاة والصوم والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. . . إلخ أركان الدين وواجباته.
إن تحديد الأهداف من مؤهلات الإقناع بالرسالة، كما أنه من الضرورة بمكان أن يرتبط الهدف بالرسالة الموجهة ارتباطا وثيقا، فليس من
(1) أخرجه الإمام البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، جـ 6، ص: 101 (ك 66 ب 6) .
(2)
سورة الذاريات، الآيات من 56-58.
المعقول أن يكون موضوع الرسالة شيئا والهدف الذي يتجه إليه الاتصال شيئا آخر، أو لا تصل العملية الإعلامية إليه إلا بشكل غامض أو مشوش فلا تتحقق الأهداف، وقد ثبت في الدراسات الاتصالية أن الأهداف تتنوع بتنوع موضوع الرسالة، ويرى بعض الباحثين أنه ليس بالضرورة إعلان كل الأهداف التفصيلية فقد يزيد ذلك من تربص الأعداء ومكرهم؛ ولذا فإن في التصريح بالأهداف العامة المجملة والاكتفاء بها مندوحة عنه (1) هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن المتلقي عندما يدرك عزم المصدر على إقناعه ويكشف عن أهدافه كلها وبالتالي يشعر بأنه يملي عليه شيئا ما فيرفض الرسالة (2) .
وعلى كل حال فإنه لا بد من تحديد الأهداف الكلية والتفصيلية للعمل الإعلامي تأسيا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من إقناع العاملين في حقل الاتصال الإعلامي بهذه الأهداف والتأكد من وضوحها في أذهانهم بل ورغبتهم وقناعتهم بها إذ إن الأهداف المرغوبة أو المقبولة من جانب المنفذين يكون احتمال بلوغها كبيرا.
كما يجب أن يكون الأهداف مرنة تستوعب المتغيرات التي قد تطرأ على العملية الإعلامية، وتتمشى مع الإمكانات المتاحة كما ينبغي أن تكون
(1) انظر د. أبو الفتح البيانوتي، تحديد الأهداف وترتيب الأولويات، (مذكرة لم يذكر مكان النشر، 20 / 11 / 1414هـ)، ص:7.
(2)
انظر د. محمد محمد البادي، الأسس النظرية للإقناع، (جدة: المكتبة الفيصلية 1407هـ) ، ص:202.
وانظر أيضا: عبد الله محمد العوشن، كيف تقنع الآخرين، (الرياض: دار العاصمة، 1414هـ) ، ص:37.
وانظر أيضا: فوزية رضا أمين خياط، الأهداف التربوية والسلوكية عند شيخ الإسلام ابن تيمية، (مكة المكرمة: مكتبة المنارة، 1408هـ) ، ص:154.
متوازنة ومتكاملة مع غيرها من الأهداف كأهداف التربية والتعليم وأهداف المسجد وغير ذلك من المؤسسات التي تعنى بالاتصال والتنشئة الفكرية والثقافية بحيث تتناسق لتحقيق الأهداف الكلية للمجتمع (1) الإسلامي المتمثلة في:
1 -
ترسيخ عقيدة الإيمان بالله الواحد الأحد.
2 -
تحقيق السيادة لشرع الله تعالى.
3 -
إعلاء كلمة الله في الأرض.
4 -
الوصول إلى مجتمع الطهر والنقاء.
كما ينبغي أن تكون الأهداف المرحلية متسلسلة بحيث يؤدي بلوغها وأحد الأهداف إلى تحقيق الآخر حتى يتم الوصول إلى الهدف الأكبر، فقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بترسيخ عقيدة التوحيد، ثم إقامة المجتمع الفاضل في المدينة وتطبيق شريعة الإسلام، ثم جهاد الباطل وهدم النظام الجاهلي في الجزيرة العربية ، ثم إحلال نظام الإسلام مكان النظام العالمي الفاسد؛ وذلك بإرساله صلى الله عليه وسلم الرسل إلى ملوك الأرض وخروجه لحرب الروم في غزوة تبوك.
(1) انظر تفصيل ذلك عند د. سيد محمد الساداتي، الإعلام الإسلامي، الأهداف والوظائف، (الرياض: عالم الكتب، 1411هـ) ، ص:9.