المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

واتفق أنَّ بعض الأعداء تكلَّم في جانب صاحب التَّرجمة بسبب - الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر - جـ ٣

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[إحسانه للغرباء]

- ‌[برُّه لأهل مكة والمدينة:]

- ‌[برُّه بشيوخه:]

- ‌[ستره:]

- ‌[صبره على الطلبة]

- ‌[عاريته للكتب]

- ‌[اهتمامه بطلبته]

- ‌[استجلاب الخواطر]

- ‌[تواضعه:]

- ‌[انبساطه:]

- ‌[رغبته في العلم:]

- ‌[أدبه مع العلماء:]

- ‌[تهجده:]

- ‌[صومه:]

- ‌[تلاوته للقرآن:]

- ‌[عيادته المرضى:]

- ‌[محبته للصالحين:]

- ‌[اتباعه للسنَّة:]

- ‌[خوفه مِن اللَّه:]

- ‌[جمعه بين العلم والعمل:]

- ‌[برنامجه اليومي:]

- ‌[أوصافه الخِلْقيَّة:]

- ‌الباب الثامنفي سَرْد جماعةٍ ممَّن أخذ عنه دراية أو رواية

- ‌ مرضه

- ‌[مَنْ عاد ابن حجر في مرضه]:

- ‌[جنازته]:

- ‌[المنامات التي رؤيت له]:

- ‌[وصيته]:

- ‌[زوجاته وبنوه وذريته]

- ‌[زوجته أنس خاتون]:

- ‌[ابنته زين خاتون]:

- ‌[ابنته فرحة]:

- ‌[ابنته غالية]:

- ‌[ابنته رابعة]:

- ‌[ابنته فاطمة]:

- ‌[سبط ابن حجر]:

- ‌[سُرِّيَّتُه خاص ترك]:

- ‌[ابنه محمد]:

- ‌[أبناء محمد ابن الحافظ ابن حجر]:

- ‌حوراء

- ‌جويرية

- ‌لطيفة

- ‌حسين

- ‌[علي]:

- ‌[ومن زوجاته]:

- ‌[زوجته ليلى الحلبية]:

- ‌[خدمُه]:

- ‌الباب العاشرفيما علمته من مراثي أُدباء العصر فيه مرتبًا لهم على حروف المعجم

- ‌[رثاء البقاعي لابن حجر]:

- ‌الخاتمة

- ‌[كتب السيرة النبوية]:

- ‌[مناقب الأئمة الأربعة]

- ‌[سيرة الملوك والسلاطين]

- ‌آخر الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر

- ‌فهرس المصادر والمراجع الواردة في الكتاب

الفصل: واتفق أنَّ بعض الأعداء تكلَّم في جانب صاحب التَّرجمة بسبب

واتفق أنَّ بعض الأعداء تكلَّم في جانب صاحب التَّرجمة بسبب التَّرِكَة المذكورة، وما دفع عَن نفسه بذلك، واللَّه يعلمُ المفسدَ مِنَ المصلح.

ومع إحسانه للغُرباء، كان يُنكر على أهل مصر مزيد إفراطهم في تعظيم مَنْ يرِدُ عليهم مِنَ الغرباء، مع إهمالهم لمَن هو في بلدهم ممَّن هو أرفعُ بكثيرٍ، حتَّى رأيته كتب بخطه في ترجمة ابن الفناري الذي قدِمَ مِنْ بلاد الرُّوم ما نصُّه: وأهل مصر كما قال فيهم أبو عبيد بن حربويه: (إنَّ البغَاثَ بأرضكم يَسْتَنْسِرُ). انتهى. والبُغَاث: قال في "الصحاح"(1) عن ابن السِّكِّيت: طائر أبْغَث إلى الغُبرَةِ دُوَين الرَّخَمة، بطيءُ الطيران. والمعنى: مِنْ جاوركم عزَّ بكم.

قلت: وصاحبُ التَّرجمة معذورٌ، فإنه بمجرَّد تحول الفلاح ونحوه مِنْ ذوي الكثافة وغلظ الطَّبع في إكرامهم ومزيد إنعامهم، بحيث يَنسى ما كان فيه مِنَ الذُّلِّ والخمول والأحوال التي شرح تفاصيلها يطولُ، يأخذ في عداوتهم، والفحص عمَّا لعلَّه يتَّفق مِنْ عثراتهم واحدًا بعد واحدٍ، ويلصق بأهل مصر كل ما يتخيَّلُه مِنَ المفاسد، وهذا ممَّا يشهد له قولُ إمامِنا الشَّافعي رحمه الله: ما أكرمتُ أحدًا فوقَ مقدارِه، إلَّا اتَّضع مِنْ قدري عنده بمقدارِ ما أكرمتُه به.

ونحوه القول بأن ثلاثةً إن أكرمتهم أهانوك، منهم الفلاح.

[برُّه بشيوخه:]

وأما بره بشيوخه، فوراء العقل، حتى إنه همَّ بتتبع شيخه الحافظ نور الدين أبي الحسن الهيثمي في كتابه "مجمع الزوائد"، فبلغه أنَّ الشَّيخ تأثَّر مِنْ ذلك، فرجع مراعاةً لخاطره.

وكذا برُّه لأبناء شيوخه وذوي البيوت، بل طلبة العلم، فغير مُنكَرٍ، حتى ولو كان ابنُ الشَّيخ يُؤذيه. وباللَّه لقد همَّ الظاهر جقمق أن يفعل بكلٍّ

(1) في (ب، ط): "الصحيح"، تحريف.

ص: 1014

مِنْ قاضي القُضاة علم الدين وابن أخيه القاضي تاج الدين في وقتين مختلفين أمرًا مهولًا، فطلع مِنْ فوره إلى السُّلطان، وتوسل إليه في كل منهما بكلِّ طريق في إبطال ذلك، مع مشقَّة إبطاله على السُّلطان في أحدهما، حتَّى تمَّ. وكلَّمه مرَّة أخرى في أوائل ولايته مِنْ سنة اثنتين وأربعين في كائنةٍ مُفتَعَلةٍ في حق آخر مِنْ أقرباء قاضي القُضاة علم الدين فما خالفه، بل قال له: واللَّه لولا أنت، لكنتُ حرقتُه بالنَّارِ لما صنع، واللَّه يأخذ الحقَّ ممن افترى على المشار إليه. وقرر عند السلطان ما كان سببًا لبلوغه إلى هذا الحدَّ، هذا وقريبُه لم ينفعُه في هذه الكائنة بشيء.

واتَّفق مرَّة أن السُّلطان أيضًا حلف ليضربنَّ شخصًا معيَّنًا مِنْ أبناء العُلماء ألف عصا، فراجعه في إعفائه والصَّفح عنه، وأنَّه يُكَفِّرُ عَن يمينه، فامتنع، فلا زال يتلطَّفُ به حتى أمر بجمع عيدان، فضرب بها دفعةً واحدًا بعد أن قرأ قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44].

ومن إكرامه لذوي البُيوت -لا سيَّما العلماء وأهل الولايات منهم- ما صنعه مع السيد علاء الدين محمد ابن السيد عفيف الدين محمد الإيجي، حيث قدم عليه قصدًا للأخذ عنه مِنَ البلاد النائية، فإنه تفرَّغ له حتَّى قرأت له (1) عليه في ثلاثة أيام عليه شيئًا كثيرًا، بل وحدَّثه مِنْ لفظه ببعض ذلك، وناوله كثيرًا مِنْ مروياته ومصنَّفاته، وتأدَّب معه إلى الغاية، وأهدى إليه بعضَ الكتب، وقال له: المناولة في هذا أقربُ إلى الصِّحَّة، يعني لكونه لم يسترده.

[والتمس منه السيد زين الدين (2) عبد اللطيف بن أبي السُّرور (3)

(1) في (أ): "قرأت عليه"، وفي (ب، ط، ح): "قرأت له"، والصواب ما أثبت فيما أظن، فإن المصنف قال في ترجمة الإيجي مِنْ الضوء اللامع 9/ 232: إنه قصد ابن حجر بالرحلة "وسمع منه وعليه بقراءتي أشياء. . . ".

(2)

كذا في (ب، ط)، وهو في (ب) بخط المصنف، وفي (أ، ح) والضوء اللامع 4/ 333: سراج الدين.

(3)

في (أ): "عبد اللطيف أبو السرور"، خطأ. وأبو السرور لقب أبيه الذي ترجمه المصنف في الضوء اللامع 8/ 41، وكذا هو في إتحاف الورى بأخبار أم القرى للنجم ابن فهد 4/ 413.

ص: 1015

محمد ابن الشَّيخ زين الدين عبد الرحمن الحسني الفاسي المكي قريب صاحبه التَّقي الفاسي حين قدِمَ عليه الإخبار بنسَبِه، فكتب في محضر (1) عمل مِنْ أجله مستندًا في ذلك إلى الاستفاضة ما نصُّه: الأمرُ على ما نصَّ وشرح فيه مِنْ نسبه مُنهيه للسَّيِّد أمير المؤمنين: أبي محمد الحسن بن علي رضي الله عنهما، وكتب أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن حجر عفا اللَّه تعالى عنه آمين.

وثبت بأخباره مع غيره عند بعض النُّوَّاب، وكان ذلك قبل استقراره في القضاء الأكبر بأشهر.

وقد سبقه لمثل ذلك الإمام أبو محمد بن أبي زيد المالكي صاحب "الرسالة". وكذا شهد غيرُ واحد في محضر (2) متضمن لنفي طائفة مخصوصة عَنِ الشَّرف؛ منهم: أبو حامد الإسفرايني الشافعي، وأبو الحسين القُدوري الحنفي -وناهيك بهما- في جماعة مِنَ العُلماء والسَّادة (3).

وقدم عليه عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الوهاب بن علي بن نزار الظَّفاري، الذي كان جد أبيه انتزع ظفار مِنْ يد صاحبها وحيدًا فقيرًا، فشكا إليه حاله، فبرَّه وأحسَن إليه (4).

وكذا قدم عليه العلامة محمد بن أحمد بن أبي عبد اللَّه بن مرزوق حفيد العالم، فأتحفه "بشرح الشفا" لجده العلامة المفنَّن أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن مرزوق بخطِّه، وسُرَّ به سرورًا كثيرًا.

قلت: وهذا "الشَّرح" ما رأيتُه.

وقد كتب عليه بعضُ المغاربة أيضًا -وهو أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم التَّجاني شرحًا حافلًا، لكنه لم يُكمله، والموجود منه في أوقات المؤيِّدية مِنْ أوله إلى بعد قوله: "فصل في

(1) في (أ): "مختصر"، والمثبت مِنْ (ب) مِنْ خط المصنف.

(2)

في (أ): "مختصر"، والمثبت مِنْ (ب) مِنْ خط المصنف.

(3)

مِنْ قوله: "والتمس منه السيد. . " إلى هنا، ورد ملحقًا في هامش (ب) بخط المصنف.

(4)

انظر إنباء الغمر 7/ 440، والضوء اللامع 5/ 59 - 60.

ص: 1016