الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون نطقاً نافعاً إلا إذا أعرب عما في الضمير، ولا يكون معرباً إلا بحضور قلب.
5 -
دعاء الاستفتاح:
يا أخي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية عدة (1) كان يدعوا بها في استفتاحه الصلاة.
ويحسن بالمصلّي أن لا يقتصر على دعاء واحد منها في الصلاة، بل يأتي بهذا مرة وبالثاني مرة، حتى لا يكون لفظاً معتاداً يردّده دون تدبّر؛ هذا إن استطاع.
ونود أن نتأمل واحداً منها وهو ما أورده الإمام مسلم عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ
(1) أوردها الإمام النووي في «الأذكار» .
رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» (1).
عليك يا أخي أن تتأمل في معنى هذا الدعاء وتتدبّره.
فقولك: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) يذكّرك بسيدنا إبراهيم الذي قال هذه الكلمة عندما أراد أن يقرّر لقومه فساد ما هم عليه من العبادة.
ومعنى (وجّهت وجهي) -كما قال ابن كثير- (2).
أي أخلصت ديني وأفردت عبادتي للذي فطر السماوات والأرض، أي خلقهما وابتدعهما على غير مثال سبق، (حنيفاً) أي في حال كوني حنيفاً أي مائلاً عن الشرك إلى التوحيد، ولهذا قال:(وما أنا من المشركين).
(1) صحيح مسلم برقم 771.
(2)
تفسير ابن كثير 3/ 285 ط الشعب.
وقال أيضاً (1).
أي إنما أعبد خالق الأشياء ومخترعها ومقدّرها ومدبّرها الذي بيده ملكوت كل شيء، وخالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه.
قال القرطبي (2): [أي قصدت بعبادتي وتوحيدي الله عز وجل وحده، وذَكَرَ الوجه لأنه أظهر ما يعرف به الإنسان صاحبه].
ثم تؤكد هذه الحقيقة بنفي الشرك عنك فتقول: (وما أنا من المشركين).
هذه الجملة (وجّهت وجهي) تدل على التوجه لعبادة الله وإفراده بها، وقد ورد هذا المعنى في مواضع من كتاب الله؛ فمن ذلك قوله:{وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 29]، معناه: أخلصوا العبادة له في الصلاة. ومن ذلك
(1) تفسير ابن كثير 3/ 286 ط الشعب.
(2)
تفسير القرطبي 7/ 28.