المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌صلاة الليل .. والخشوع

وكان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلّين، وكان إذا صلّى ضربت ابنته بالدف، وتحدث النساء بما يردن في البيت، ولم يكن يسمع ذلك ولا يعقله.

وقيل له ذات يوم: هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء؟ قال: نعم، بوقوفي بين يدي الله عز وجل، ومنصرفي إلى إحدى الدارين.

قيل: فهل تجد شيئاً مما تجد من أمور الدنيا؟ فقال: لأن تختلف الأسنة فيّ أحبُّ إليّ من أن أجد في صلاتي ما تجدون (1).

‌صلاة الليل .. والخشوع

إن صلاة الليل مظنة أن يحضر الخشوع فيها؛ لأن المرء يصلّيها بإقبال على الله، والناس

(1) الإحياء 1/ 177، والحلية 2/ 192، وعامر بن عبد الله بن قيس زاهد تابعي توفي سنة 55 هـ.

ص: 96

نائمون، والجوّ هادئ. وقد سبق أن ذكرناها في الأمور المعينة على الخشوع.

فممّا يساعد على التدبر والخشوع في صلاة الليل القراءة بصوت حسن مرتفع، فيكون اللسان والأذن متعاونين على التفكير بالمعنى والتدبر. وقد ورد أن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً؛ عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا» رواه الدارمي (1)، وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» (2)، وينبغي أن تعطى القراءة حقها من الترتيل ومراعاة أحكام التجويد.

(1) الدارمي (آخر الكتاب) وفي الطبعة الأخرى برقم 3504.

(2)

أبو داود برقم 1468، وابن ماجة برقم 1342، والنسائي 2/ 179، والدارمي (آخر الكتاب) وفي الطبعة الأخرى برقم 3505، والبيهقي في الكبرى 2/ 53.

ص: 97

وقد ناقش الإمام النووي في كتاب «الأذكار» المفاضلة بين طول القيام وكثرة الركوع والسجود فذكر أن مذهب الشافعي ومن وافقه أن القيام أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» (1) ومعناه القيام، ولأن ذكر القيام هو القرآن وذكر السجود هو التسبيح، والقرآن أفضل، فكان ما طوّل به أفضل. وذهب بعض العلماء إلى أن السجود أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم:«أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» (2) ثم نقل كلام الترمذي في هذا الموضوع. والأرجح أن القيام أفضل لأنه صلى الله عليه وسلم-قال ذلك باللفظ الصيح عندما قال: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أما

(1) صحيح مسلم برقم 756، ومسند أحمد 3/ 302، والنسائي 5/ 58، والترمذي برقم 387، وابن ماجة برقم 1421.

(2)

الأذكار: للنووي ص 46، تحقيق عبد القاد الأناؤوط.

ص: 98