الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القضاء للفوائت
إن كان الترك عمدا لا لعذر فدين الله أحق أن يقضى وإن كان لعذر فليس بقضاء بل أداء في وقت زوال العذر إلا صلاة العيد ففي ثانية.
أقول قد اختلف أهل العلم في قضاء الفوائت المتروكة لا لعذر فذهب الجمهور إلى وجوب القضاء وذهب داود الظاهري وابن حزم وبعض أصحاب الشافعي وحكاه في البحر عن ابني الهادي والأستاذ ورواية عن القاسم والناصر إلى أنه لا قضاء على العامد غير المعذور بل قد باء بإثم ما تركه من الصلاة وإليه ذهب شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية ولم يأت الجمهور بدليل يدل على ذلك ولم أجد دليلا لهم من كتاب ولا سنة إلا ما ورد في حديث الخثعمية حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "فدين الله أحق أن يقضى" وهو حديث صحيح وفيه من العموم الذي يفيده المصدر المضاف ما يشمل هذا الباب فهذا الدليل ليس بأيدي الموجبين سواه وقد اختلف أهل الأصول هل القضاء يكفي فيه دليل وجوب المقضي أم لابد من دليل جديد يدل على وجوب القضاء؟ والحق لا بد من دليل جديد لأن إيجاب القضاء هو تكليف مستقل غير تكليف الأداء ومحل الخلاف هو الصلاة المتروكة لغير عذر عمدا.
وأما إذا كان الترك لعذر من نوم أو سهو أو نسيان أو اشتغال بملاحمة القتال مع عدم إمكان صلاة الخوف والمسايفة فإنه يجب تأدية تلك الصلاة المتروكة عند زوال العذر وذلك وقتها وفعلها فيه أداء كما يفيد ذلك أحاديث "من نام عن صلاته أو سها عنها فوقتها حين يذكرها" وقد تقدمت في أول
كتاب الصلاة وفي ذلك خلاف والحق أن ذلك هو وقت الأداء لا وقت القضاء للتصريح منه صلى الله عليه وسلم أن وقت الصلاة المنسية أو التي نام المصلى وقت الذكر وأما المتروكة لغير نوم وسهو كمن يترك الصلاة لاشتغاله بالقتال كما سبق فقد شغل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر وما صلاهما إلا بعد هوى من الليل كما أخرجه أحمد والنسائي من حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين من حديث جابر وليس فيه ذكر الظهر بل العصر فقط.
وأما كون صلاة العيد المتروكة لعذر وهو عدم العلم بأن ذلك اليوم يوم عيد تفعل في اليوم الثاني ولا تفعل في يوم العيد بعد خروج الوقت إذا حصل العلم بأن ذلك اليوم يوم عيد فلحديث عمير بن أنس عن عمومة له أنه غم عليهم الهلال فأصبحوا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وصححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم والخطابي وابن حجر في بلوغ المرام.