الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل تطهير النجاسات
ويطهر ما تنجس بغسله حتى لا يبقى عين ولا لون ولا ريح ولا طعم والنعل بالمسح والاستحالة مطهرة لعدم وجود الوصف المحكوم عليه وما لا يمكن غسله فبالصب عليه أو النزح منه حتى لا يبقى للنجاسة أثر والماء هو الأصل في التطهير فلا يقوم غيره مقامه إلا بأذن من الشارع.
أقول: تطهير النجاسات إن ورد فيه شيء عن الشارع كان الواجب الاقتصار في صفة التطهير على ذلك الوارد من دون مخالفة بزيادة عليه أو نقصان كما ورد في أن النعل إذا تلوث بالنجاسة طهر بمسحه وقد تقدم ما يدل على ذلك وتقدم أيضا ما ورد في كيفية تطهير ما ينجس بدم الحيض وبلعاب الكلب.
وبالجملة فكل ما علمنا الشارع كيفية تطهيره كان علينا أن نقتصر على تلك الكيفية وأما ما ورد فيه عن الشارع أنه نجس ولم يرد فيه بيان كيفية تطهيره فالواجب علينا إذهاب تلك العين حتى لا يبقى لها ريح ولا لون ولا طعم لأن الشيء الذي يجد الإنسان ريحه أو طعمه قد بقي فيه جزء من العين وإن لم يبق جرمها أو لونها إذ انفصال الرائحة لا يكون إلا عن وجود شيء من ذلك الشيء الذي له الريح وكذلك وجود الطعم لا يكون إلا عن وجود شيء عن ذلك الشيء الذي له طعم وإذا استحال الشيء إلى شيء آخر حتى كان ذلك الشيء الآخر مخالفا للشيء الأول لونا وريحا وطعما كاستحالة العذرة رمادا فقد فُقد الوصف الذي وقع الحكم من الشارع بالنجاسة عليه وهذا هو الحق والخلاف في ذلك معروف وما كان لا يمكن غسله من المتنجسات كالأرض
= وأما التعليل في الحديث بقوله: فإنها رجس أو نجس، فقد شك فيه الراوي وقد عرفت احتمال معنى رجس ونجس. من خطه رحمه الله.
والبئر فتطهيره بالصب عليه والنزح منه حتى لا يوجد للنجاسة أثر لأنها لو كانت باقية لكان التعبد بإذهابها باقيا ولكن هذا إنما يكون في مثل النجاسة التي لها جرم ولون وأما مثل البول فقد ورد عن الشارع أن تطهيره بأن يصب عليه ذنوب من ماء فإذا وقع ذلك صارت الأرض المتنجسة بالبول طاهرة.
وأما كون الأصل في التطهير هو الماء فقد وصف بذلك الكتاب والسنة وصفا مطلقا غير مقيد بل قوله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور" يرشد إلى ما ذكرنا إرشاد يشهد له قواعد علم المعاني وعلم الأصول فإذا ثبت الشارع أن تطهير شيء من المتنجسات يكون بغير الماء كمسح النعل بالأرض ونحو ذلك كان الماء غير متعين في تطهير تلك النجاسة بخصوصها ويتعين فيما عداها وهذا هو الحق وقد ذهب بعض الجمهور إلى أن الماء هو المتعين في تطهير النجاسات وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه يجوز التطهير بكل مائع طاهر وإليه ذهب الداعي من أهل البيت ويرد على الجمهور بما ثبت عن الشارع تطهيره بغير الماء إن كانوا يقولون إن الماء يتعين في مثل ذلك ويرد على أبي حنيفة ومن معه بأن إثبات مطهر لم يرد الشارع أو تطهير على غير الصفة الثابتة عنه مدفوع.