الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معرضة للخلل لأي سبب من الأسباب، والأمثلة على ذلك كثيرة. كذلك قد يمرض المؤذن المنوط به هذه المهمة أو قد يغيب لأي سبب، أو قد يتأخر وصوله عن دخول الوقت، وفي كلتا الحالتين سيحدث الاضطراب والفوضى في المساجد وقت حلول الأذان.
- المعروف في أذان الجمعة أنه يؤتى به بين يدي الخطيب إذا صعد على المنبر وجلس، وهذا الأمر لا يمكن ضبطه في جميع المساجد، إذ قد يتأخر خطيب بعض الوقت وقد يتقدم آخر، فكيف يكون التصرف حينئذ؟
- من السنة أن المؤذن هو الذي يقيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أذن فهو يقيم» رواه ابن ماجه
(1)
، وموعد الإقامة يختلف من مسجد إلى مسجد، والمؤذن هو أعلم بالمنطقة التي يعمل في مساجدها، وأدرى بروّاد المسجد وموعد الإقامة المناسب، فإذا غاب المؤذن اختلف المصلون، فواحد يطلب سرعة الإقامة وآخر يطلب الانتظار، فتحدث الفوضى.
وعليه؛ فإن اللجنة ترى عدم جواز تنفيذ هذا الاقتراح لما تقدم. والله أعلم.
[16/ 41 / 4869]
توحيد الأذان بجهاز تحكم آلي
315 -
اطلعت اللجنة على الاستفتاء المقدَّم بخصوص اقتراح لعمل نظام لإذاعة الأذان للصلوات الخمس إلكترونياً، ونص الاستفتاء كما يلي:
نتيجة للتطورات الحديثة للأجهزة الإلكترونية خاصة في مجال الحاسب
(1)
سبق تخريجه.
الآلي، وتعدد التطبيقات العلمية لها فقد أصبح بالإمكان تسجيل الأصوات إلكترونيا في ذاكرة الحاسب الآلي عن طريق دوائر إدخال خاصة، ومن ثمّ بتصميم نظام متكامل يقوم بتسجيل الأذان إلكترونياً وتخزينه في ملفات إلكترونية خاصة بالنظام، ثم اختيار الأذان المطلوب وبثه إذاعياً حسب أوقات الصلاة، والتي يقوم الجهاز باحتسابها تلقائيا، ويتكون النظام المقترح من جهاز للحاسب الآلي المصغر الذي يحتوي على: ساعة زمنية فعلية، وأجهزة إدخال وإخراج للصوت مناسبة للاستعمال ترتبط مع شبكة المكبرات والموزعات الصوتية الموجودة داخل المسجد، نرجو إفادتنا عن رأي اللجنة الموقرة في ذلك.
وبعد التداول أقرت اللجنة الإجابة كما يلي:
إن فكرة تسجيل أنواع وأصوات من الأذان إلكترونياً، وتخزينها في ملفات إلكترونية خاصة، ثم اختيار الأذان المطلوب، وبثه إذاعياً حسب أوقات الصلاة بواسطة أجهزة ترتبط مع شبكة المكبرات والموزعات الصوتية الموجودة داخل المساجد، لابد أن تستهوي كل قارئ وسامع، لاشتمالها على توحيد الأذان في البلد، وتخيّر الأصوات الندية للتأذين، وتحديد أوقات الأذان بواسطة جهاز الحاسب الإلكتروني الذي يقوم بضبطها بدقة.
لكن هناك سلبيات ومحاذير تقابل هذه المحسنات، وتقلل من شأنها، منها:
أولاً: إن المطلوب في الشرع هو إنشاء الأذان والقيام بعملية التأذين فعلاً، وهذا البث الإلكتروني إنما هو صدى للتأذين، وليس هو الأذان الفعلي المطلوب في الشرع.
فكما أن المطلوب شرعاً هو أن يؤدي المسلمون الصلاة فعلاً، لا أن توجد مجرد صلاة، كذلك المطلوب هو أن يؤذن كل جَمْع من المصلين قبل صلاتهم
فعلاً، لا أن يكون هناك مجرد أذان أو صدى تأذين، لأن الأذان عبادة لابد فيها قصد التعبد، وهو لا يحصل من الآلة.
ثانياً: إن الأذان سنة للصلاة وشعيرة من شعائر الدين تتقدم الصلاة فعلاً، ويؤذن للصلاة نفسها بعض المصلين أنفسهم، بل الأفضل عند الحنفية أن يكون الإمام هو المؤذن، كما كان عليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى كما ذكر ذلك الكمال في فتح القدير (1/ 178 ط. بولاق)، ونقله الطحاوي في حاشيته على مراقي الفلاح ص (124 ط. بولاق)، وإذاعة الأذان الواحد المذكورة بواسطة الأجهزة يُخْلي الصلاة من هذه الشعيرة، لأنه كما ذكرنا ليس تأذينا فعلاً، بل هو صدى.
ولهذا يأثم أهل المنطقة بذلك، ويرتكبون الكراهة بسبب ترك سنة الهدى التي أشار إليها الإمام أبو حنيفة بقوله:«لو اجتمع أهل بلدة على تركه قاتلتهم، ولو تركه واحد ضربته وحبسته» .
ثالثاً: إن هذا الأسلوب المقترح للأذان لو سلمنا بشرعيته يحصر فضله في مؤذن واحد، بل قد يفقد المؤذن مطلقاً إذا كان تشغيل الجهاز أتوماتيكياً كاملاً، ويَحْرِم كثيراً من المؤذنين من فضل الأذان العظيم، وقد صرحت به أحاديث وآثار كثيرة نذكر منها:
1 -
حديث: «لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» رواه البخاري
(1)
.
2 -
وحديث: «المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة» رواه مسلم
(2)
.
3 -
وحديث: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا
(1)
سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
أن يستهموا عليه لاستهموا عليه
…
» متفق عليه
(1)
، ومعناه:«لتنافسوا حتى يجروا القرعة للفوز عليه» .
بل لقد تمنى عمر رضي الله تعالى عنه أن يكون هو المؤذن للصلاة، وقال:«لولا الخلافة لأذّنت»
(2)
.
4 -
أنه يفوت على الناس سنة مأثورة مشهورة، وهي أن يقيم للصلاة من أذن لها، كما روي في الحديث:«من أذن فهو يقيم»
(3)
، وهو حديث فيه ضعف، لكن عليه يحيل الفقهاء، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذَّن في سفر بنفسه وأقام وصلّى الظهر
(4)
.
5 -
أن المأثور في أذان الجمعة أن يكون ابتداؤه حين يجلس الإمام على المنبر، فلو أريد تطبيق هذا النظام بصورة شاملة لما تأتّى ضبط تلك اللحظة في كل المساجد، فقد يتأخر الإمام في جلوسه وقد يتقدم، والسنة أن يؤذن بين يدي الخطيب، ولا يقوم الجهاز مقامه بين يديه.
6 -
هناك فرق واضح بين أن يسمع المصلون الأذان من مؤذن من بينهم يرونه وهو يردد كلمات الأذان ويضفي عليها من نفسه وروحه، وبين أن يسمعوا الأذان من جهاز آلي. لا حركة فيه ولا حياة، وذلك كالفرق بين الحي والميت.
7 -
إن ربط هذه الشعيرة العظيمة المشروعة للصلاة وكأنها بنفسها هي صلاة بهذه الأجهزة فيه تعريضها للاضطراب والفوضى كلما لحق
(1)
البخاري (رقم 615)، مسلم (رقم 437).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
الترمذي (رقم 411).