الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: حكم الربا:
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((أجمع المسلمون على تحريم الربا في الجملة، وإن اختلفوا في ضابطه وتعاريفه)) (1)، ونص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم الربا في ستة أشياء: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح.
قال أهل الظاهر: لا ربا في غير هذه الستة، بناء على أصلهم في نفي القياس.
وقال جميع العلماء سواهم: لا يختص بالستة، بل يتعدّى إلى ما في معناها، وهو ما يشاركها في العلَّة.
واختلفوا في العلَّة التي هي سبب تحريم الربا في الستة:
فقال الشافعية: العلة في الذهب، والفضة: كونهما جنس الأثمان، فلا يتعدَّى الربا منهما إلى غيرهما من الموزونات، وغيرها؛ لعدم المشاركة، والعلَّة في الأربعة الباقية: كونها مطعومة فيتعدَّى الربا منها إلى كل مطعوم.
ووافق مالك الشافعي في الذهب والفضة.
أما في الأربعة الباقية فقال: العلَّة فيها: كونها تُدَّخَر للقوت وتصلح له.
وأما مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى: فهو أن العلَّة في الذهب والفضة الوزن، وفي الأربعة الكيل، فيتعدَّى إلى كل موزون
…
وإلى كل مكيل.
ومذهب أحمد، والشافعي في القديم، وسعيد بن المسيب: أن العلَّة في
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 9، وانظر: المغني لابن قدامة، 6/ 54 - 58 ..
الأربعة كونها مطعومة موزونة، أو مكيلة، بشرط الأمرين (1).
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((اتفق جمهور الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة على أنه لا يباع الذهب، والفضة، والحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، بجنسه إلا مثلاً بمثل، إذ الزيادة على المثل أكلٌ للمال بالباطل)) (2).
وأجمع العلماء كذلك على أنه لا يجوز بيع الربوي بجنسه وأحدهما مُؤجَّل، وعلى أنه لا يجوز التفاضل إذا بيع بجنسه حالاً: كالذهب بالذهب، وأجمعوا على أنه لا يجوز التفرق قبل التقابض إذا باعه بجنسه: كالذهب بالذهب، أو التمر بالتمر - أو بغير جنسه مما يشاركه في العلَّة، كالذهب بالفضة والحنطة بالشعير (3)، وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في حكم الربا:((وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع)) (4).
والحاصل مما تقدم أن العلة في جريان الربا في الذهب والفضة: هو مطلق الثمنية، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (5)، فيلحق بالذهب والفضة ما كان في معناهما، ويكون ثمناً للأشياء.
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 9.
(2)
فتاوى ابن تيمية، 20/ 347، وانظر: الشرح الكبير، 12/ 11، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي، 12/ 11، وشرح الزركشي، 3/ 414.
(3)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 9.
(4)
المغني، 6/ 51.
(5)
انظر: المغني لابن قدامة، 6/ 56، ومجموعة فتاوى شيخ الإسلام، 29/ 471، وانظر للفائدة: الشرح الممتع، 8/ 390، والربا والمعاملات المصرفية، ص 111.