الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: بيع العينة
أولاً: تعريف العينة:
العينة: هي أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجل ويُسلِّمه إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر (1).
قلت: ومثال ذلك: أن يبيع شخص سلعة على شخص آخر بمبلغ مائة ريال مؤجلة لمدة سنة، ثم في نفس الوقت يشتري البائع سلعته من المشتري بمبلغ خمسين ريالاً نقداً، وتبقى المائة في ذمة المشتري الأول!
ثانياً: بعض ما ورد في ذلك من النصوص:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) (2)، وللحديث روايات أخرى (3).
وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة جمع من العلماء، منهم: الإمام مالك بن أنس، والإمام أبو حنيفة، والإمام أحمد، والهادوية، وبعض
(1) انظر: عون المعبود، 9/ 336.
(2)
أبو داود، كتاب الإجارة، باب في النهي عن العينة، برقم 3462، وانظر: عون المعبود، 9/ 335، وقال الشيخ ناصر الدين الألباني إنه صحيح لمجموع طرقه، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 1/ 15، برقم 11.
(3)
انظر: مسند الإمام أحمد، 2/ 84، برقم 5562.
الشافعية.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: ((ومن المعلوم أن العينة عند من يستعملها إنما يسميها بيعاً، وقد اتفقا – أي البائع والمشتري – على حقيقة الربا الصريح قبل العقد، ثم غيّر اسمها إلى المعاملة وصورتها إلى التبايع الذي لا قصد لهما فيه البتة، إنما هو حيلة ومكر، وخديعة لله، فمن أسهل الحيل على من أراد فعله: أن يعطيه مثلاً: ألفاً إلا درهماً باسم القرض، ويبيعه خرقة تساوي درهماً بخمسمائة درهم. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات)) (1) أصل في إبطال الحيل، فإن من أراد أن يعامله معاملة يعطيه فيها ألفاً بألف وخمسمائة، إنما نوى بالإقراض تحصيل الربح الزائد الذي أظهر أنه ثمن الثوب، فهو في الحقيقة أعطاه ألفاً حالة بألف وخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة القرض وصورة البيع محللاً لهذا المحرم، ومعلوم أن هذا لا يرفع التحريم، ولا يرفع المفسدة التي حُرِّم الربا لأجلها بل يزيدها قوة، وتأكيداً من وجوه، منها: أنه يقدم على مطالبة الغريم المحتاج من جهة السلطان والحكام إقداماً لا يفعله المربي؛ لأنه واثق بصورة العقد الذي تحيّل به)) (2).
(1) البخاري، كتاب باب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي، برقم 1، ومسلم، كتب الإمارة، باب بيان قدر ثواب من غزا فغنم ومن لم يغنم، برقم 1907.
(2)
نيل الأوطار، 6/ 363.