الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: ما يجوز فيه التفاضل، والنسيئة
الفصل الأول: ما يجوز فيه التفاضل والنساء
أولاً: جواز التفاضل إذا انتفت العلة:
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((أجمع العلماء على جواز بيع ربوي بربوي لا يشاركه في العلة متفاضلاً، ومؤجلاً؛ وذلك كبيع الذهب بالحنطة، وبيع الفضة بالشعير، وغيره من المكيل.
وأجمعوا كذلك على أنه يجوز التفاضل عند اختلاف الجنس إذا كان يداً بيد، كصاع حنطة بصاعي شعير، ولا خلاف بين العلماء في شيء من هذا)) (1).
ثانياً: جواز التفاضل في غير المكيلات، والموزونات:
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: ((باب بيع العبيد، والحيوان بالحيوان نسيئة)) (2).
قلت: اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة؛ فذهب الجمهور من علماء الأمة إلى الجواز، واحتجوا بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، فعنه رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبعث
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، ببعض التصرف، 11/ 9.
(2)
البخاري، 3/ 41، كتاب البيوع، باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة، قبل الحديث رقم 2228، وانظر: الفتح، 4/ 419.
جيشاً على إبل كانت عندي، قال: فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل، وبقيت بقية من الناس لا ظهر لهم، قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ابتع علينا بقلائص (1) من إبل الصدقة إلى محلها حتى نفذ هذا البعث))، قال: فكنت أبتاع البعير بالقلوصين والثلاث من إبل الصدقة إلى محلها، حتى نفَّذت ذلك البعث، قال: فلما حلت الصدقة أدَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وعن جابر رضي الله عنه قال: جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة، ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:((بعنيه)) فاشتراه بعبدين أسودين، ثم لم يبايع أحداً بعد، حتى يسأله:((أعبد هو))؟ (3).
وهذا فيه جواز بيع عبد بعبدين سواء كانت القيمة متفقة أو مختلفة، وهذا مجمع عليه إذا بيع نقداً، وكذا حكم سائر الحيوانات (4).
فإن باع عبداً بعبدين، أو بعيراً ببعيرين إلى أجل، فالراجح الجواز كما سبق، وهذا هو مذهب الشافعي، والجمهور (5).
فظهر مما تقدم أن الراجح في بيع الحيوان بالحيوان متفاضلاً ونسيئة:
(1) القلائص: جَمْع قَلُوص، وهي الناقة الشابَّة. وقيل: لا تزال قَلُوصاً حتى تصير بازِلاً، وتُجْمَع على قِلاص، وقُلُص أيضاً. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (قلص)، 4/ 156.
(2)
مسند الإمام أحمد، 2/ 216، برقم 7025، وانظر: سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ، برقم 3357.
(3)
مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلاً، برقم 1602، وانظر: شرح النووي، 11/ 39.
(4)
انظر: شرح النووي، 11/ 39.
(5)
انظر: شرح النووي، 11/ 39.
هو الجواز، والآثار عن بعض الصحابة والتابعين تدلّ على جواز ذلك، قال البخاري رحمه الله في صحيحه:
1ـ ((اشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالربذة)) (1).
2ـ واشترى رافع بن خديج بعيراً ببعيرين، أعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غداً رهواً (2) إن شاء الله.
3ـ وقال ابن عباس: ((قد يكون البعير خيراً من البعيرين)).
4ـ وقال ابن المسيب: ((لا ربا في البعير بالبعيرين، والشاة بالشاتين إلى أجل)) (3).
(1) الرَّبَذة - بالتحريك-: قَرْية معروفة قُرْب المدينة، بها قَبْر أبي ذَرّ الغِفارِي. النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (ربذ)، 2/ 456.
(2)
رهواً: أي عَفْواً سَهلاً لا احْتباسَ فيه. يقال: جاءت الخيل رهواً: أي مُتتابعة. النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (رهو) ـ 2/ 682.
(3)
انظر: صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة، قبل الحديث رقم 2228، فكل هذه الآثار هناك.