الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس: مفاسد الربا وأضراره وأخطاره وآثاره
لا شكّ أنّ للرّبا أضراراً جسيمة، وعواقب وخيمة، والدين الإسلامي لم يأمر البشرية بشيء إلا وفيه سعادتها، وعزّها في الدنيا والآخرة، ولم ينهها عن شيء إلا وفيه شقاوتها، وخسارتها في الدنيا والآخرة، وللربا أضرار عديدة، منها:
1 - الربا له أضرار أخلاقية وروحية
؛ لأننا لا نجد من يتعامل بالربا إلا إنساناً منطبعاً في نفسه البخل، وضيق الصدر، وتحجُّر القلب، والعبودية للمال، والتكالب على المادة وما إلى ذلك من الصفات الرذيلة.
2ـ الربا له أضرار اجتماعية
؛ لأن المجتمع الذي يتعامل بالربا مجتمع مُنْحَلٌ، مُتفكِّكٌ، لا يتساعد أفراده فيما بينهم، ولا يُساعد أحد غيره إلا إذا كان يرجو من ورائه شيئاً، والطبقات الموسرة تضاد وتعادي الطبقات المعدمة.
ولا يمكن أن تدوم لهذا المجتمع سعادته، ولا استتباب أمنه، بل لا بد أن تبقى أجزاؤه مائلة إلى التفكُّك، والتشتَّت في كل حين من الأحيان.
3ـ الربا له أضرار اقتصادية
؛ لأن الربا إنما يتعلق من نواحي الحياة الاجتماعية بما يجري فيه التداين بين الناس، على مختلف صوره وأشكاله.
والقروض على أنواع:
النوع الأول: قروض يأخذها الأفراد المحتاجون؛ لقضاء حاجاتهم
الذاتية، وهذا أوسع نطاق تحصل به المراباة ولم يسلم من هذه الآفة قطر من أقطار العالم إلا من رحم الله، وذلك لأن هذه الأقطار لم تبذل اهتمامها لتهيئة الظروف التي ينال فيها الفقراء، والمتوسطون القرض بسهولة، فكل من وقع من هؤلاء في يد المرابي مرة واحدة لا يكاد يتخلَّص منه طول حياته، بل لا يزال أبناؤه، وأحفاده يتوارثون ذلك الدين (1).
النوع الثاني: قروض يأخذها التجار، والصُّنَّاع، ومُلَاّك الأراضي لاستغلالها في شؤونهم المثمرة.
النوع الثالث: قروض تأخذها الحكومات من أسواق المال في البلاد الأخرى لقضاء حاجاتها.
وهذه القروض ضررها يعود على المجتمع بالخسارة، والتعاسة مدة حياته، سواء كانت تلك القروض لتجارة، أو لصناعة، أو مما تأخذه الحكومات الفقيرة من الدول الغنية، فإن ذلك كله يعود على الجميع بالخسارة الكبيرة التي لا يكاد يتخلص منها ذلك المجتمع أو تلك الحكومات، وما ذلك إلا لعدم اتباع المنهج الإسلامي، الذي يدعو إلى كل خير ويأمر بالعطف على الفقراء والمساكين، وذوي الحاجات، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
(1) انظر الربا لأبي يعلى المودودي، ص40.