الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: موقف الإسلام من الربا
الفصل الأول: التحذير من الربا
لقد ورد في التحذير من الربا نصوص كثيرة من نصوص الكتاب والسنة؛ وبما أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما المصدران الصافيان، فمن أخذ بهما واتبع ما جاء فيهما، فقد فاز وأفلح، ومن أعرض عنهما فإن له معيشة ضنكاً، وسيحشر يوم القيامة أعمى، ونسمع بعض ما ورد في شأن الربا من نصوص الكتاب والسنة، والله المستعان، وعليه التكلان.
1 -
2 -
وقال سبحانه وتعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (2).
3 -
(1) سورة البقرة، الآية:275.
(2)
سورة البقرة، الآية:276.
(3)
سورة البقرة، الآيتان: 278 - 279.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم)) (1).
4 -
وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2).
5 -
وقال سبحانه وتعالى في شأن اليهود حينما نهاهم عن الربا وحرمه عليهم، فسلكوا طريق الحيل لإبطال ما أمرهم به، قال سبحانه في ذلك:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} (3).
6 -
7 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه))، وقال:((هم سواء)) (5).
8 -
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مُقَدَّسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فَرُدَّ حيث كان فجعل
(1) البخاري، قبل الحديث رقم 2086، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 4/ 314.
(2)
سورة آل عمران، الآية:130.
(3)
سورة النساء، الآية:161.
(4)
سورة الروم، الآية:39.
(5)
مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب لعن آكل الربا ومؤكله، برقم 1597.
كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الربا)) (1).
9 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات))، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال:((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم اللَّهُ إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) (2).
10 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما أحدٌ أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قِلَّة)) (3).
11 -
وعن سلمان بن عمرو عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: ((ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون، ألا وإن كل دم من دم الجاهلية موضوع، وأول دم أضع منها دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل، قال: اللهم هل بلّغت؟ قالوا: نعم، ثلاث
(1) البخاري، كتاب البيوع، باب موكل الر با، برقم 2085، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 4/ 313.
(2)
البخاري، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]، برقم 2765، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الكبائر وأكبرها، برقم 89.
(3)
سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب التغليظ في الربا، برقم 2279، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، 5/ 120، وفي صحيح ابن ماجه، طبعة مكتبة المعارف، 2/ 241.
مرات. قال: اللهم اشهد ثلاث مرّات)) (1).
ففي هذا الحديث أن ما أدركه الإسلام من أحكام الجاهلية فإنه يلقاه بالرّدّ والتّنكير، وأنّ الكافر إذا أربى في كفره ثم لم يقبض المال حتى أسلم، فإنه يأخذ رأس ماله، ويضع الربا، فأما ما كان قد مضى من أحكامهم، فإن الإسلام يلقاه بالعفو فلا يتعرض لهم فيما مضى، وقد عفا الله عن الماضي، فالإسلام يَجبّ ما قبله من الذنوب (2).
12 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليأتينّ على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمِنَ الحلال أم مِنَ الحرام)) (3)، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تحذيراً من فتنة المال، فهو من بعض دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذّمّ من جهة التّسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو، والله أعلم (4).
13 -
وعن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وَكَسْبِ الأَمَةِ، ولعن الواشمة، والمستوشمة، وآكل الربا، وموكله، ولعن المصوِّر)) (5).
(1) سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب في وضع الربا، برقم 3334، وقال الألباني في صحيح أبي داود، برقم 2852:((صحيح)).
(2)
انظر: عون المعبود بشرح سنن أبي داود، 9/ 183.
(3)
البخاري، كتاب البيوع، باب من لم يبال من حيث كسب المال، برقم 2059، و2083.
(4)
انظر: الفتح، 4/ 297.
(5)
البخاري، كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، برقم 2237
14 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أُمَّهُ، وإنَّ أربى الربا عرض الرجل المسلم)) (1).
15 -
ورُوِيَ عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشدُّ من ستٍّ وثلاثين زنية)) (2).
16 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُشْتَرى الثمرة حتى تُطْعَم، وقال:((إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلّوا بأنفسهم عذاب الله)) (3).
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك، 2/ 37، وقال:((حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، وقال شعيب الأرنؤوط:((صححه الحافظ العراقي))، انظر: حاشية: 8/ 55 من شرح السنة للبغوي، تحقيق زهير الشاويش وشعيب الأرنؤوط، وأخرج نصفه الأول ابن ماجه عن أبي هريرة، برقم 2274، وصححه العلامة الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/ 27، وانظر: كلام العلامة ابن باز في هذا الكتاب، ص 77، حاشية رقم (1).
(2)
أخرجه أحمد، 5/ 225، برقم 22303، قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:((وهذا سند صحيح على شرط الشيخين))، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/ 29، برقم 1033، وقال شعيب في حاشية شرح السنة للبغوي:((صحيح الإسناد))، 2/ 55، وهذا إسناد أحمد، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا جرير – يعني ابن حازم – عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله
…
الحديث.
(3)
أخرجه الطبراني، 1/ 178، برقم 460، والحاكم، 2/ 37، برقم 2261، وقال:((صحيح الإسناد))، والبيهقي في شعب الإيمان، 4/ 363، برقم 5416، وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1859.