الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن فرعون مصر الريان غضب على الساقي والخباز فحبسهما عند يوسف. فرأى كل منهما رؤيا وقصها على يوسف، وقد اقترحاهما ليختبرا يوسف، فعبر لهما يوسف كما قال الله تعالى في القرآن: (ودخلَ معهُ السِّجنَ فتيانِ قالض أحدهما إنِّي أراني
…
) فلما عبرهما لهما، فقالا له: عجباً منك تعبر لنا رؤيتين كاذبتين! فقال يوسف قوله تعالى: (
…
قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) وبعد ثلاثة أيام رضي فرعون عن الساقي وأعاده، وصلب الخباز، ولبث يوسف في السجن بضع سنين، يعني سبع سنين، وقيل اثني عشر سنة بعدد الحروف التي قالها الساقي وهي قوله تعالى: (
…
اذكرني عند ربك
…
9 ثم إن الريان رأى الرؤيا فتذكر الساقي يوسف فوصفه للريان فأرسل إليه فعبرها له، ثم أحضره وأعجبه حسنه فاصطفاه لنفسه.
ومات العزيز فجعل الريان يوسف مكانه، فأحسن يوسف عليه السلام السياسة، وجمع الأقوات في تلك السبع سنين، فلما جاءت أيام القحط إلى أرض كنعان، وباعت زليخا جميع ضياعها وصرفت جميع مالها وافتقرت، فجاءت تستطعم يوسف فعرفها، فردها إلى نزلها ورد عليها ضياعها وأموالها وأملاكها وأرسل إليها طعاماً كثيراً، ثم استأذن ربه في زواجها فأذن له فتزوجها يوسف ورد الله عليها حسنها وجمالها، ودخل عليها فوجدها عذراء، وولد منها ولدين، إفرائيم وميشا.
وذكر الرازي في تفسيره: قال وهب: إن فرعون يوسف هو فرعون موسى، وهذا غير صحيح، إذ كان بين دخول يوسف مصر وموسى أكثر من أربعمائة، وقال محمد بن إسحاق: هو غير فرعون موسى عليه السلام فإن فرعون يوسف اسمه الريان بن الوليد.
وذكر في كتاب "تاريخ الأنبياء والدول": قال ابن عبد الحكيم: اشتد الجوع بمصر فاشترى يوسف من أهل مصر الفضة والذهب بالطعام، ثم اشتروا بأغنامهم ومواشيهم حتى لم يبق لهم شيء في سنتين، وفي السنة الثالثة اشترى أرضهم كلها لفرعون.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فوض الريان إلى يوسف تدبير الملك وهو ابن ثلاثين سنة، وقيل: أوحى الله إلى يوسف في الصغر كما أوحى إلى يحيى عليه السلام وألقي في الجب، وعمره سبع عشرة سنة، واجتمع مع أبيه وأمه وأخوته بعد انقضاء خمس عشرة سنة، وذلك سنة ثلاثة آلاف وستمائة وثلاث عشرة سنة من هبوط آدم عليه السلام وتوفيت زليخا في حياة يوسف عليه السلام ودفنت في مصر، ثم توفي يوسف ودفن في مصر نحو ثلاثمائة سنة، ثم حمل إلى بيت المقدس، وعاش مائة وعشرين سنة.
وقيل: إن يوسف عليه السلام لما ألقي في الحب دعا بهذا الدعاء وهو قوله: يا عدتي في شدتي، ويا مؤنسي في وحشتي، ويا راحم عبرتي، ويا كاشف كربتي، ويا مجيب دعوتي، ويا إلهي ويا إله آبائي: إبراهيم وإسحاق ويعقوب ارحم صغر سني وضعف ركني وقلة حيلتي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
وذكر في "كشف الأسرار" قوله: لم قطعن أيديهن ولم تقطع زليخا يديها؟ قيل: لأن يوسف كان في منزلها، ولم تخف الفراق، وهن قطعن أيديهن للفراق، وقيل: لأنهن كن يغبن زليخا، وللبغي مصرع ويقال قطعن أيديهن لدهشتهن، والمدهوش لا يدرك وما يعقل.
وقال الكرماني في "العجائب" في قوله تعالى: (نحنُ نقصُّ عليكَ أحسنَ القصصِ) قيل: هي قصة يوسف لاشتمالها على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وسجن وخلاص، وخصب وجدب وغيرها.
وقال في "خلاصة الإتقان": وقد صحح الحاكم النهي عن التعليم سورة يوسف للنساء، وعن الحسن: أن يوسف عليه السلام ألقي في الجب وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ولقي أباه بعد الثمانين، وتوفي وله مائة وعشرون سنة، والله أعلم.
[8]
رحمة
بنت أفرائيم بن يوسف عليه السلام بن يعقوب عليه السلام بن إبراهيم الخليل عليه السلام وهي زوجة أيوب عليه السلام بن موهب بن تاريخ بن روم بن العيص بن إسحاق عليه السلام بن إبراهيم الخليل عليه السلام وأم أيوب عليه السلام بنت لوط عليه السلام. وتزوج أيوب عليه السلام رحمة وله حشمة وأموال وبغل وبقر وغنم وخيل وبغال وحمير، وله خمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة ولد. وبعثه الله رسولاً لما بلغ من العمر أربعين سنة إلى أهل البثنية من الجولان من بلاد دمشق والجابية.
وذكر في "الجامع" قوله تعالى: (وأيُّوبَ إذْ نادى ربَّهُ أنِّي مسَّنيَ الضُّرُّ وأنتَ أرحمُ الرَّاحمينَ) وكان نبياً مرسلاً صاحب أنعام وحرث وأولاد، فابتلاه الله بذهاب كلها، وهلاكها، ثم ابتلاه بجسده فلم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما ربه ويقال: إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من اجله، وقوله تعالى:(فاستجبنا لهُ فكشفنا ما بهِ منْ ضرٍّ وآتيناهُ أهلهُ ومثلهمْ معهمْ) بإحياء من مات من أولاده، أو أعطاه مثلهم من أولاده، قيل: إنه قيل له: إن أهلك في الجنة إن شئت أتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك فيها، وعوضناك مثلهم في الدنيا، فاختار الثانية.
وذكر في كتاب "كشف الأسرار": لما قصدت رحمة زوجة أيوب أن تقطع ذوائبها فعرف أيوب ذلك، حلف غضباً لله تعالى لان امرأته كانت محرمة وطلبت قطع ذوائبها، فأبى وحلف، ولذلك لما عوفي قا [ل] له تعالى: (وخذْ بيدكَ ضغثاً فاضربْ بهِ ولَا تحنثْ
…
) ثم أمطر الله عليه جراراَ من ذهب، وذلك عوضاً عن البلاء الذي أصاب جسمه، ولم يسلم سوى لسانه وقلبه.
وذكر في "المدارك" في تفسير قوله تعالى: (
…
وآتيناه أهله ومثلهم معهم
…
) وروي، أن أيوب عليه السلام وكان له من البنين سبعون، ومن البنات سبعة، وله ثلاث آلاف بعير، وسبعة آلاف شاة، وخمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد، فابتلاه الله بذهاب أولاده وماله، وتمرض في بدنه ثماني عشرة سنة، أو ثلاث عشرة سنة، أو ثلاث سنين، فقالت له امرأته رحمة يوماً: لو دعوت الله عز وجل فقال لها: كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت: ثمانين سنة، فقال: أنا أستحي من الله أن أدعوه، وما بلغت من بلائي مدة رخائي، فلما كشف الله عنه أحيا أولاده ورزقه مثلهم معهم.
وذكر في "الإتقان": قال ابن أبي حيثمة: كان أيوب عليه السلام بعد سليمان عليه السلام وابتلي وهو ابن سبعين سنة ومدة بلائه سبع سنين، وروى الطبري، أن مدة عمر أيوب ثلاث وتسعون سنة.
وذكر في "كشف الأسرار": اختلف في مدة بلائه. [و] روى ابن شهاب عن انس رضي الله عنه يرفعه: "أنَّ أيُّوبَ لبثَ في بلائهِ ثماني عشرة سنة" وقال وهب: ثلاث سنين لم يزد يوماً، وقال كعب: سبع سنين، وقيل: سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام.
وذكر في كتاب "البستان" أن أيوب عليه السلام تزوج ليا بنت يعقوب عليه السلام وقيل: رحمة بنت ابن يوسف، وهو الأصح. وقيل: إن رحمة بنت ميشا ابن يوسف عليه السلام وذكر في "تاريخ ابن الوردي" ناقلاً عن "الكامل لابن الأثير: أن أيوب عليه السلام بن موص بن رازج بن عيص بت إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام وكان صاحب أموال عظيمة، وكانت له البثنية من أعمال دمشق ملكاً، وكانت زوجته رحمة، فابتلاه الله في جسده وكانت وتقوم بنفسها وبه، ولأنها قطعت ضفائرها، وحلف لئن عافاه الله ليضربنها مائة سوط، ولما أراد الله كشف البلاء عنه عجزت رحمة. في ذلك اليوم عن القوت فباعت ضفيرتها من امرأة برغيفين من الخبز، وأتت إلى أيوب وأخبرته فقال عند ذلك: (
…
أنِّي مسَّنيَ الضُّرُّ وأنتَ أرحمُ الراحمينَ) قال تعالى: (فاستجبنا لهث فكشفنا ما بهِ منْ ضرٍّ
…
) فأرجل جبرائيل فبشره وأخذه بيده وأقامه، وأنبه الله له عيناً من تحت قدميه، فشرب منها، فشفي من جميع ما في بدنه من العلل، ثم اغتسل فيها فخرج كأحسن ما كان، ورد الله عليه ضعف ما فقد له من الأموال، ورد إليه أهله وأولاده، ورد إلى زوجته رحمة حسنها وجمالها، وولدا لأيوب ستة وعشرين ولداً ذكراً. ومنهم: بشر وهود والكفل عليه السلام.
ولما عوفي أيوب أمره الله أن يأخذ عرجوناً من النخل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته ضربة واحدة ليبر في يمينه ففعل كذلك وكان أيوب عليه السلام نبياً في عهد يعقوب عليه السلام في قول بعضهم.
وذكر في "التحفة" لابن حجر: أن الرسول من البشر ذكر حر، أكمل معاصريه غير الأنبياء عقلاً وفطنةً، وقوة رأي، وخلق معصوماً، ولو من الصغيرة سهواً، ولو قبل النبوة على الأصح. سليم من دناءة أب، وخنا أم وإن عليا، ومن منفر كعمى وبرص وجذام.
وذكر في "المصابيح" قال صلى الله عليه وسلم: "بينا أيُّوُب يغتسلُ عرياناً فخرَّ عليهِ جرادٌ من ذهبٍ، فجعلَ أيُّوبُ يحتثي في ثوبهِ، فناداهُ ربُّهُ: يا أيوبُ، ألمْ أكنْ أغنيتكَ عمّا ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن ركبتك".