الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوسيلة الثانية. تلاوة كتاب الحق على الخلق
.
من أهم الوسائل التي يجب على أهل الحق أن يسابقوا بها إلى العقول، تلاوة كتاب الحق على الخلق، وبيان معانيه لهم، حتى يفهم مراد الله تعالى منهم في أمره ونهيه، وبهذه الوسيلة يتحقق إدراك مراد الله من عباده وتقوم حجته عليهم.
وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يبعث في هذه الأمة هذا الرسول الكريم ليتلو عليهم آيات كتابه العظيم، كما قال تعالى:{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129] .
وقد استجاب الله تعالى دعوة إبراهيم، فحقق بعثه هذا الرسول في هذه الأمة يتلو عليهم آيات الله، كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة: 2] .
وأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بتلاوة كتابه -وأمره له أمر لعلماء أمته بعده- فقال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} وقال تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} [الكهف:27] .
وبين تعالى أن الأمم التي تكفر بالرسل في الدنيا تعترف يوم القيامة بأن أولئك الرسل الذين بعثهم الله إليهم قد أقاموا عليهم الحجة وبلغوهم رسالات الله بتلاوتهم آيات الله عليهم، كما قال تعالى:{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: 71] .
وليس المقصود من التلاوة مجرد قراءة القرآن على الناس دون أن يفهموا معانيه، فالتلاوة وحدها تكون كافية إذا كان المتلو عليه يفقه معاني المتلو، أما إذا كان لا يفهم ذلك، كأن يكون جاهلا من العرب، أو أعجميا لا يفهم اللغة العربية، فلا بد مع تلاوة القرآن عليه من بيان معنى ما يتلى عليه، كل بما يناسبه من اللغة العربية أو بالترجمة إلى لغته، وبدون ذلك لا تقوم الحجة، لأن التكليف مناطه العقول التي وصل إليها ما عقلته، وذلك لا يكون إلا بالبيان، كما قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] .
ويجب أن يشمل بيان العلماء للناس كل المصالح المعتبرة في شرع الله، وكل المفاسد التي اعتبرها الشرع مفاسد، بلا فرق بين ما تعلق منها بالجانب الإيماني أو الجانب العبادي أو الجانب الفكري، أو الجانب التشريعي، أو الجانب السياسي، أو الجانب الاقتصادي والمالي، أو الجانب الاجتماعي، أو الجانب التعليمي، أو الجانب الإعلامي، أو غير ذلك مما يمس حياتهم، لأن الإسلام شامل لكل ذلك، فلا بد أن يكون البيان شاملا لما يشمله الإسلام [سيأتي مزيد بيان لهذا في موضعه إن شاء الله] .