المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطوات استفادة أهل الحق من النوادي: - السباق إلى العقول - جـ ١

[عبد الله قادري الأهدل]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ما يراد السباق به إلى العقول

- ‌خلق الله الكون كله بالحق

- ‌أرسل الله رسله وأنزل كتبه بالحق

- ‌سعادة أهل الحق بقبول الحق وشقاوة أهل الباطل برفضه

- ‌المعنى الشرعي للحق والمعنى الشرعي للباطل

- ‌أيهما أسبق وجودا الحق أم الباطل

- ‌من هم أهل الحق

- ‌هل يعد متبع الباطل عاقلا

- ‌منزلة العقل عند الله وأثره في الحياة

- ‌أسباب تأليف هذا الكتاب

- ‌أولا: تبليغ رسالات الله إلى الناس

- ‌ثانيا: إقامة الحجة على الناس

- ‌أمثلة لحياة القوم -المتحضرين- في بعض المجالات:

- ‌دعاة حقوق الإنسان يكرهون الإنسان على التخلي عن عقيدته

- ‌دعاة حقوق الإنسان يحرمون الإنسان من المساواة التي منحه الله

- ‌دعاة الديمقراطية يحرمون الإنسان من الديمقراطية

- ‌لا حرية للإنسان إلا بتوحيد الله

- ‌تنبيه مهم:

- ‌خامسا: غرس الإيمان بالغيب في النفوس

- ‌سادسا: تحكيم شرع الله في حياة الناس

- ‌سابعا: تثبيت الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين والبراء من الكافرين

- ‌نماذج من الأخلاق الفاضلة

- ‌تاسعا: من غايات أهل الحق: طلب العزة من الله تعالى وحده

- ‌عاشرا إقامة الخلافة في الأرض على أساس هدى الله

- ‌وسائل أهل الحق في السباق إلى العقول

- ‌تمهيد:

- ‌الوسيلة الأولى: التربية الأسرية:

- ‌الوسيلة الثانية. تلاوة كتاب الحق على الخلق

- ‌الوسيلة الثالثة: الموعظة

- ‌الأنموذج الأول: يتعلق بمعبودات قومه السماوية

- ‌الأنموذج الثاني: يتعلق بمعبوداتهم الأرضية

- ‌الأساس الأول: وضوح الغايات

- ‌الأساس الثاني: وضع مناهج للتعليم تتحقق بها تلك الغايات

- ‌الأساس الثالث: وضع الكتب المناسبة للمراحل الدراسية

- ‌الأساس الرابع: إعداد المدرسين والأساتذة المتخصصين

- ‌الأساس الخامس. ربط التعليم بالتربية الإسلامية

- ‌حكمة وصف القرآن بأنه عربي

- ‌انتشار لغة الأمة من علامات قوتها

- ‌الوسيلة السابعة: القدوة الحسنة

- ‌الوسيلة الثامنة. الفطرة

- ‌خطب الجمعة ودورها في السبق إلى العقول

- ‌تفاوت المساجد وأثره في السبق إلى العقول

- ‌تدريب حفظة القرآن على السبق بالحق إلى العقول

- ‌رضا الله وتمكينه أو مقته واستبداله

- ‌الأساليب الإعلامية المطلوبة لسبق الحق إلى العقول

- ‌قلة القيود الإعلامية في الإسلام وثمرات الالتزام بها

- ‌استغلال إمكانات المسلمين في تحقيق رغبات أعدائهم

- ‌مشروع مقارنات إعلامية ميدانية

- ‌المثال الأول: إلهاء الشعوب عن الإعداد للجهاد في سبيل الله

- ‌المثال الثاني: اليهود والسلاح النووي والمسلمون وآلات الطرب

- ‌المثال الثالث: الإسهام في إضعاف القريب وتقوية البعيد

- ‌المثال الرابع: هذا يموت من التخمة، وذلك يموت من الجوع

- ‌الجانب الأول:

- ‌الجانب الثاني:

- ‌الجانب الثالث:

- ‌الجانب الرابع:

- ‌الجانب الخامس:

- ‌الجانب السادس:

- ‌القسم الأول: مؤتمرات رسمية

- ‌القسم الثاني: مؤتمرات شعبية

- ‌غايات للمؤتمرات العامة

- ‌غايات المؤتمرات الخاصة

- ‌مؤتمرات تعليمية

- ‌مؤتمرات دعوية

- ‌مؤتمرات عملية

- ‌خطوات استفادة أهل الحق من النوادي:

- ‌ثانيا: المخيمات

الفصل: ‌خطوات استفادة أهل الحق من النوادي:

‌خطوات استفادة أهل الحق من النوادي:

والخطوات التي يجب اتخاذها لمحاولة استفادة أهل الحق من تلك النوادي كثيرة، ومنها ما يأتي:

الخطوة الأولى: توجيه بعض الشباب المسلم المثقف ثقافة إسلامية جيدة والمربّى تربية إسلامية عالية، إلى الدراسة التي تؤهلهم لقيادة نشاطات تلك النوادي الرياضية والثقافية والأدبية والاجتماعية، حتى يكون تأثيرهم في أعضاء النوادي تأثيرا إيجابيا، لكونهم في مراكز توجيه فيها.

الخطوة الثانية: السعي لتوظيف أولئك الشباب المتخصص في النوادي المناسبة لتخصصاتهم، حتى يكون نشاطهم مشروعا بمقتضى نظمها، وتكون غايتهم غرس الإيمان بهذا الدين في نفوس أعضاء النوادي، وتثقيفهم ثقافة إسلامية تجعلهم واعين بما يحيط بهم، وبكيفية التعامل مع الواقع تعاملا هادئا مؤثرا بدون ضجيج، وبتربيتهم تربية إسلامية تحقق فيهم معنى العبودية لله تعالى والتحلي بالأخلاق الإسلامية العالية، وتحبب إليهم التطبيق العملي للإسلام في أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم.

الخطوة الثالثة: ينبغي أن يفرز عدد مناسب من الشباب الإسلامي المتربي على الإسلام، ليكونوا أعضاء في تلك النوادي من أجل التأثير في أعضائها بمعاني الإسلام.

ص: 484

الخطوة الرابعة: ينبغي أن يخطط أهل الحق لإبلاغ الحق إلى أعضاء النوادي، بكل الطرق والوسائل المشروعة المتاحة، من كتيبات ونشرات وصحف ومجلات إسلامية، وشُرُطْ كاسيت أو فيديو لتحقيق أهداف الدعوة الإسلامية في الأعضاء.

الخطوة الخامسة: يجب أن يعد أعضاء النوادي لحمل الدعوة الإسلامية إلى زملائهم في النوادي الأخرى، سواء كان في نفس بلدانهم أو في البلدان الأخرى إسلامية كانت تلك البلدان أو غير إسلامية.

وقد أصبحت الفرق الرياضية وغيرها في هذا العصر تجوب العالم كله للاشتراك في المسابقات الدولية، ولو أن هذه الفرق التي تنفق على تدريبها الأموال الكثيرة اعتني بها في الثقافة الإسلامية والتربية الإسلامية الشاملة، وحببت إليها الدعوة الإسلامية، والتزمت بالإسلام فكانت قدوة حسنة لغيرها، لكان لها أثر عظيم في نشر الإسلام وإظهار محاسنه، ولكانت من أهم وسائل إبلاغ الحق والسبق به إلى عقول الناس، وهكذا الفرق الثقافية والاجتماعية وغيرها.

ص: 485

الخطوة السادسة: ينبغي أن تهتم الجماعات أو الجمعيات الإسلامية بإنشاء نواد شعبية متنوعة، كتلك النوادي الرسمية أو شبه الرسمية، وتضع لها الأهداف والخطط والوسائل الممكنة، لتؤدي الدور المطلوب الذي قد يصعب تحقيقه في النوادي الرسمية، وإذا تعذّر إنشاء مثل هذه النوادي الشعبية في مَقَارَّ - جمع مقر - معينة لأسباب مادية وعسر في النفقات أو أمنية، كعدم إذن الجهات الرسمية - المحاربة للدعوة الإسلامية - بذلك، فينبغي إنشاء نواد مفتوحة متنقلة في الحدائق العامة أو الملاعب الشعبية، وهي الساحات التي توجد في الحارات أو في أطراف القرى والمدن تقام عليها المسابقات الرياضية المتنوعة بما أمكن من الأدوات والتخطيط.

وكثير من الشباب يفعلون ذلك بأنفسهم، ويمكن للشباب الإسلامي أن يختلط بهم ويشاركهم في نشاطهم، ويتخذ الأساليب والوسائل المناسبة لهدايتهم وتربيتهم وحفظهم من الضياع، بترتيب أوقاتهم في هذه النشاطات، وفي المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وفي استذكار دروسهم وتحسين العلاقات معهم حتى تحصل الثقة بهم وقبول التوجيه منهم.

ص: 486

فالشباب المشتركون في هذه النشاطات يؤثر بعضهم في بعض أشد من تأثير غيرهم ممن لا يشاركهم في النشاطات، وبخاصة إذا أُحْسِنَتْ مداخل خطابهم في كل نشاط بما يناسبه من الموضوعات الإسلامية، كالفروسية وارتباطها في الإسلام بأهدافها العليا، كإعداد القوة للجهاد في سبيل الله ورفع راية الإسلام

الخطوة السابعة: ينبغي أن يبتعد من يريد هداية الشباب في تلك النوادي، عن الدعوة إلى الحزبيات الضيقة التي تصدع صف المسلمين وتحدث التنازع بينهم، وأن يغرسوا في نفوسهم - فقط - الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، حرصا على جمع كلمة المسلمين تحت راية [لا إله إلا الله محمد رسول الله] وعملا بقول الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} . (1) وقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} . (2) وفي تطبيق هذا الأمر فائدتان

الفائدة الأولى: ما سبق من اجتماع الكلمة واتقاء التنازع.

(1) آل عمران: 103.

(2)

الأنفال: 46.

ص: 487

الفائدة الثانية: سد الباب على دعاوى من يضيقون ذرعا، بالتمسك بالإسلام، حيث يحاربون من يتمسك به، بحجة الدعوة إلى الحزبية.

ص: 488

ولكن هناك أهدافا أخرى عليا يحرص عليها المؤمن التقي وبخاصة الراغب في هداية الناس بمنهج الله، ومن تلك الأهداف:

1 -

تقوية المسافر إيمانه بسياحته في الأرض ونظره في الكون وتأمله فيه وأخذ العبرة منه، سواء مشى على قدميه أم استقل دابة، أم صعد إلى السماء في طائرة، أم ركب سيارة أو قطارا، أم مخر عباب البحر في سفينة.

فهو عندما يسيح في الأرض يرى كل شيء في الكون كأنه جديد: البحار والأنهار، والغابات، والحيوانات، والسحاب والمطر والجبال، والكواكب، والبشر الذين تختلف ألوانهم ولغاتهم وعاداتهم وغير ذلك، كما أن في الاطلاع على آثار الماضين - صالحين أو طالحين - عبرة لمن اعتبر، فيزداد المعتبر باعتباره صلاحا، ويهرب من الاتصاف بفساد الفاسدين، قال تعالى:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} . (1)

وقال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . (2)

وقال تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . (3)

(1) الأعراف: 185.

(2)

يونس: 101.

(3)

الروم: 50.

ص: 489

وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} . (1)

وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} . (2)

وقال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} . (3)

إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذه المعاني.

(1) البقرة: 164.

(2)

الحج: 46.

(3)

آل عمران: 137.

ص: 490

2 -

ومن الأهداف العليا للراحل والمسافر، الدعوة إلى الله وبيان الحق للناس والحث على قبوله، وبيان الباطل والحض على تركه والبعد عنه، فقد سن الله تعالى لملائكته الانتقال من مواطنهم في السماء، والهبوط منها إلى الأرض لتبليغ وحيه إلى رسله، وكذلك شرع لرسله عليهم السلام أن يرحلوا من أجل إبلاغ الحق إلى الناس في بلدان نائية وتوطين الحق وأهله فيها، كما سافر إبراهيم عليه السلام بزوجه هاجر إلى مكان البيت الحرام، وتركها هنالك وولدت ابنه إسماعيل عليه، ثم بني بعد ذلك معه البيت، فكان ذلك نواة لانبثاق الرسالة الخاتمة بعد ذلك التي انطلقت من هناك، وهكذا كان للرسول صلى الله عليه وسلم نصيب وافر في ذلك، حيث كان يؤم أسواق الناس ومخيماتهم بل وقراهم، مبلغا دعوة الله كما حصل له ذلك مع أهل الطائف، وهكذا هاجر هو وأصحابه إلى المدينة، حيث قامت دولة الإسلام، وقبل ذلك هاجر أصحابه إلى الحبشة، فرارا بدينهم ودعوة إليه، وقد بذروا الإسلام في الحبشة التي استوطنها قبل غيرها من مدن الجزيرة العربية بما فيها المدينة المنورة، ولا زال راسخا فيها إلى اليوم برغم كيد أعدائه له ولأهله، وهكذا انطلق الصحابة والتابعون فيما بعد

ص: 491

بالحق إلى كل أنحاء الأرض المعروفة آنذاك، فارتفعت راية الإسلام ودولته في مشارق الأرض ومغاربها.

3 -

ومن الأهداف العليا للراحل: رفع راية الجهاد في سبيل الله، لتحطيم الحواجز التي توضع للصد عن سبيل الله والدعوة إليه، ولدفع عدوان أعداء الإسلام وتحصين الثغور منهم.

وقد بسطت القول في هذا في مجلدين كبيرين بعنوان: الجهاد في سبيل الله، حقيقته وغايته، وسيأتي توضيح كون الجهاد وسيلة من وسائل السباق إلى العقول، ليس لإكراه الناس على الدخول في الإسلام وإنما لفتح المجال لإبلاغ الحق وسماعه.

4 -

ومن الأهداف العليا للراحل، تفقد أحوال المسلمين، ومد يد العون لهم من ذوي اليسار والغنى، بإنشاء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية وغير ذلك مما المسلمون في أمس الحاجة إليه في كل مكان، ولا سيما الأقليات منهم في البلدان غير الإسلامية.

5 -

ومن أهم الرحلات المؤثرة في السباق إلى العقول بالحق، الرحلات العبادية، كرحلات الحج والعمرة من بلدان المسلمين القريبة والبعيدة، فإن أجواء هذه الرحلات مهيأة للأخذ والعطاء، صاحب الحق القادر على إبلاغه يعطي، ومرافقه المحتاج إلى سماع ذلك الحق يسمع ويأخذ.

ص: 492

6 -

هذا عدا الرحلات التي ينبغي أن ينظمها أهل الحق للشباب، لتحقيق إبلاغ الحق إلى عقولهم وإقناعهم به بالطرق والأساليب الممكنة المناسبة، سواء كانت رحلات استجمام أو رحلات صيد أو رحلات رياضية، أو غيرها.

إن هذه الأهداف وغيرها من الأهداف الحميدة النافعة، ينبغي أن تبين للمسلمين وأن يضعوها نصب أعينهم وهم يرحلون من بلادهم، وإذا تمكن القادرون على السباق بالحق إلى العقول من مرافقة الراحلين من إخوانهم وأبنائهم في أسفارهم، فعليهم أن يغتنموا الفرصة بتطبيق هذه الأهداف فيهم عملا.

ص: 493

ولما كان الراحل معرضا للمغريات والشهوات والتعامل مع غير أهل بلده ممن لا يعرفونه، وقد يدفعه ذلك إلى عدم الاحتراز عن مقارفة بعض الخلال السيئة في غربته، بخلاف بلده الذي يعرفه فيه أهله وجيرانه ومجتمعه، ولهم أخلاق وعادات يلتزمون بها ويعدون الخروج عنها شاذا عن ضوابط حياتهم، ولما كان الشارع يريد منه الالتزام بضوابط الشريعة في سفره كحضره، ويزيد على ذلك الإكثار من فعل الخير بما في ذلك الدعوة إلى الله وهداية الضال بإبلاغ الحق إلى العقول، فقد شرع الله له دعاء يلجأ به إليه عند سفره، ليحقق له به كل تلك الأهداف وغيرها من أعمال الخير، وهو يبدأ بهذه العبارة العظيمة التي تعتبر - مع كونها دعاء - توجيها للمسافر ليبني تصرفاته عليها:«اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى» ..] . وتأتي في أثنائه هذه العبارة الدالة على حرص المسافر على حفظ الله إياه حفظا يجعله هو وأهله ممن يلازمون البر والتقوى والعمل بما يرضي الله: «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل» ..] .

ص: 494