الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى الشرعي للحق والمعنى الشرعي للباطل
.
فالمعنى الشرعي -وأقصد هنا: المعنى الشرعي العام للحق، كما يتضح مما مضى ومن الرسالة الربانية، منذ خلق الله تعالى الخلق وشرع لهم منهاجه الذي فرض عليهم السير عليه- هو الإيمان به وبكل ما أخبر به من الغيب، وطاعته المطلقة وعبادته واتباع رسله، وعدم معصيته، والكفر بكل من يخالف منهجه، وتطبيق شرعه، والاستسلام لذلك والرضا به.
أما الباطل، فمعناه الشرعي-وأقصد أيضا المعنى الشرعي العام الشامل لكل ما هو باطل عند الله- فهو الكفر بالله تعالى، أو بما أخبر به في وحيه المنزل المحفوظ، وما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من عنده، والاستكبار عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وعدم اتباعه ومحاربة شرعه، وعدم الاستسلام لحكمه وعدم الرضا به، فكل ذلك باطل.
وقد أجمل الحق عز وجل المعنى الشرعي للحق وللباطل في هذه السورة القصيرة، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَصْرِ} {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [رقم السورة في المصحف: 103]
فالإيمان والعمل الصالح يدخل تحتهما كل مفردات الحق، وإنما أفرد التواصي بالحق والتواصي بالصبر لمزيد الاهتمام بهما؛ لأن الحق لا يثبت ويقوى إلا بهما، فهما من ذكر الخاص بعد العام -والعام هنا هو الإيمان الدال عليه الفعل "آمن" والعمل الصالح.
والباطل هو ما كان نقيض ذلك، ولهذا أثبت سبحانه وتعالى لمن لم يكن عنده هذا الحق الخسران المؤكد، وبهذا يعلم عظم هذه السورة القصيرة التي قال عنها الإمام الشافعي رحمه الله:"لو لم ينزل الله على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم".
ومن الآيات التي أجمل فيها معنى الباطل قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] .