الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ أَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَبْلُغْ
2269 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلْكَزُهُ الشَّيْطَانُ فِي حِضْنَيْهِ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا»
2270 -
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» يَعْنِي الْفِطْرَةَ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْخَلْقَ، فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يُفْصِحُوا بِالْقَوْلِ فَيَخْتَارُوا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ الْإِيمَانَ أَوِ الْكُفْرَ لَا حُكْمَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا الْحُكْمُ لَهُمْ بِآبَائِهِمْ فَمَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَوْمَ يُولَدُونَ فَهُوَ بِحَالَهِ إِمَّا مُؤْمِنٌ فَعَلَى إِيمَانِهِ أَوْ كَافِرٌ فَعَلَى كُفْرِهِ.
2271 -
قُلْتُ: وَأَمَّا حُكْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَهُوَ صَغِيرٌ فَقَالَ: «اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ»
2272 -
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرَةَ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الْمُؤْمِنُ تَلْحَقُ بِهِ ذُرِّيَّتُهِ لِيُقِرَّ اللَّهُ بِهِمْ عَيْنَهُ وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي الْعَمَلِ. وَأَمَّا الْغُلَامُ الْعَاقِلُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَهُوَ
⦗ص: 349⦘
لِذِمِّيٍّ إِذَا وَصَفَ الْإِسْلَامَ» فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَتْبَعَهُ وَأَنْ تُبَاعَ عَلَيْهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُبَاعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِفَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْحُكْمِ، أَوِ اسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَيَكُونُ فِي السِّنِّ الَّتِي لَوْ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ بَعْدَهَا قُتِلَ. قَالَ فِي الْقَدِيمِ: فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِأَنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ وَهُوَ فِي حَالِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فَعَدَّ ذَلِكَ إِسْلَامًا. وَقِيلَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟ يُقَالُ لَهُ: إِنَّمَا قَالَ النَّاسُ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلِيُّ. بِذَلِكَ جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَغَيْرِهِ. فَقَدْ رَأَيْنَا الصَّغِيرَ يَرَى الصَّلَاةَ فَيُصَلِّي وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ بِالْإِيمَانِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَكَمَ لِعَلِيٍّ بِخِلَافِ حُكْمِ أَبَوَيْهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ.
2273 -
قُلْتُ: وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي سِنِّ عَلِيٍّ يَوْمَ أَسْلَمَ، فَذَهَبَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَذَهَبَ مُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ إِلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَذَهَبَ شَرِيكٌ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً
2274 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، فِي جَامِعِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، قَالَ:«أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ بَعْدَ خَدِيجَةَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً»
2275 -
قُلْتُ: وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَا رَوَى عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، عَشْرَةَ سَنَةً يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَيَرَى الضَّوْءَ سَبْعَ سِنِينَ وَلَا يَرَى شَيْئًا، وَثَمَانِ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرًا» وَعَلَى مَا رُوِيَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عَلِيًّا قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، فَيَكُونُ إِسْلَامُهُ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ وَهُوَ بَعْدَ نُزُولُ الْوَحْي فَمَكَثَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ثَمَانِيًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَعَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَيَكُونُ يَوْمَ أَسْلَمَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِلَى مِثْلِ رِوَايَةِ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَهَبَ الْحَسَنُ وَذَلِكَ فِيمَا
2276 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، نا أَبُو عَمْرٍو السَّمَّاكُ، ثنا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
⦗ص: 350⦘
، ثنا رَوْحٌ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:«نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِ سِنِينَ بِمَكَّةَ وَعَشْرًا بَعْدَمَا هَاجَرَ» وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: عَشْرًا بِمَكَّةَ وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ. وَالَّذِي قَالَ الْحَسَنُ فِي سِنِّ عَلِيٍّ إِنَّمَا قَالَهُ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ وَحَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ، وَعَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ إِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ وَإِلَى عَامِ الْخَنْدَقِ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالتَّمْيِيزِ وَعَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَدْ خَاطَبَهُ بِالْإِيمَانِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِصِحَّةِ إِيمَانِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِتَخْصِيصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ بِالْخِطَابِ، وَاللهُ أَعْلَمُ