الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وماتت له صلى الله عليه وسلم شاة، فقال: ما فعلتم بإهابها؟ قالوا إنها ميتة، قال دباغها طهورها.
واقتنى صلى الله عليه وسلم الديك الأبيض، وكان يبيت معه في البيت وقال:«الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو عدوي، والله يحرس دار صاحبه وعشرا عن يمينها، وعشرا عن يسارها، وعشرا من بين يديها، وعشرا من خلفها» وقد جاء: «اتخذوا الديك الأبيض فإن دارا فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان ولا ساحر ولا الدويرات حولها، واتخذوا هذا الحمام المقاصيص في بيوتكم فإنها تلهي الجن عن صبيانكم» .
باب يذكر فيه صفته صلى الله عليه وسلم الظاهرة وإن شاركه فيها غيره
قال: قد خلق الله تعالى أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام سليمة من العيب حتى صلحت لحلول الأنفس الكاملة، وهم في ذلك متفاوتون، ونبينا صلى الله عليه وسلم أصح الأنبياء مزاجا، وأكملهم جسدا.
وعن أنس رضي الله عنه: «ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه، حسن الصوت، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم أحسنهم وجها وصوتا» انتهى. وكانت صفاته صلى الله عليه وسلم الظاهرة لا تدرك حقائقها، وإلى هذا يشير صاحب الهمزية رحمه الله تعالى بقوله:
إنما مثلوا صفاتك للنا
…
س كما مثل النجوم الماء
وتقدم بعض صفته صلى الله عليه وسلم في خبر أم معبد رضي الله عنها.
ووصف صلى الله عليه وسلم بأنه كان ضخم الهامة: أي الرأس. ووصف صلى الله عليه وسلم بأنه كان فخما مفخما: أي عظيما في الصدور والعيون، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر قال: كان في وجهه تدوير، ليس بالمطهم ولا المكلثم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنّ الشمس تجري في وجهه. وفي رواية: «تجري من وجهه» وعن ابن عباس رضي الله عنهما:
لم يقم صلى الله عليه وسلم مع شمس قط إلا غلب ضوؤه ضوء الشمس، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوؤه ضوء السراج انتهى. أقصر من المشذب بضم الميم وفتح الشين والذال المعجمتين مشددة ثم موحدة على وزن معظم: البائن الطويل في نحافة. وأطول من المربوع. قال: وعن علي كرم الله وجهه: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل الممغط ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة القوم، والممغط: المتناهي في الطول. والمتردد
المجتمع الخلق: أي القصير جدا، لم يكن يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فارقه رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب للربعة: أي لا طويل ولا قصير، عظيم الهامة. أي وفي رواية: ضخم الرأس، رجل الشعر إذا انفرقت عقيصته، وفي لفظ عقيقته: وهي الشعر المعقوص فرق: أي إذا انفرقت من ذات نفسها فرقها: أي أبقاها مفروقة وإلا تركها معقوصة: أي تركها على حالها لم يفرقها، لم يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره. قال: أي جعله وفرة.
وحاصل الأحاديث أن شعره صلى الله عليه وسلم وصف بأنه جمة، ووصف بأنه وفرة، ووصف بأنه لمة. وفسرت اللمة: بالشعر الذي ينزل على شحمة الأذن. والجمة بالذي ينزل على المنكبين. قال بعضهم: كان شعره صلى الله عليه وسلم يقصر ويطول بحسب الأوقات، فإذا غفل عن تقصيره وصل إلى منكبيه، وإذا قصره تارة ينزل عن شحمة أذنه وتارة لا ينزل عنها.
وجاء في وصف شعره صلى الله عليه وسلم: ليس بجعد قطط: أي بالغ في الجعودة، ولا رجل سبط: أي بالغ في السبوطة فلا ينافي ما جاء عن علي كرم الله وجهه: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبطا.
وعن أم هانىء رضي الله عنها: كان له صلى الله عليه وسلم أربع غدائر: أي ضفائر، تخرج أذنه اليمنى من بين ضفيرتين، وأذنه اليسرى كذلك. قال ابن القيم رحمه الله: لم يحلق صلى الله عليه وسلم رأسه الشريف إلا أربع مرات انتهى. أزهر اللون: أي أبيض مشرب بحمرة: أي وهي المراد بالسمرة، وفي رواية: كان أسمر، ومن ثم جاء في رواية: كان بياضه صلى الله عليه وسلم إلى سمرة، لأن العرب قد تطلق على ومن كان كذلك أي بياضه إلى حمرة أسمر، ومن ثم جاء: ليس بالأبيض الأمهق: أي شديد البياض الذي لا يخالطه حمرة كلون الجص.
وعن علي كرم الله وجهه: ليس أبيض شديد الوضح. وفي رواية: شديد البياض، ولا معارضة لأنه محمول على ما كان من جسده تحت الثياب، ومن ثم جاء: أنور المتجرد: وهو ما كشف عنه الثوب من البدن.
وقيل المراد بالأمهق الأخضر، فقد قيل إن المهق خضرة الماء، ولا بالآدم: أي شديد الأدمة. واسع الجبين، أي وفي رواية مفاض الجبين: أي واسعه. وفي رواية كان جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم صلتا: أي أملس. وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين كأنه السراج المتوقد يتلألأ، أزج الحاجبين، سوابغ من غير قرن: أي بين حاجبيه فرجة، وهو البلج، أي والقرن بالتحريك: اتصال شعر الحاجبين. وورد:
مقرون الحاجبين: أي شعرهما متصل بالآخر، لا حاجز بينهما. ولا منافاة لأن ذلك لا يجوز أن يكون بحسب الرائي، لأن الفرجة التي كانت بين حاجبيه يسيرة لا تبين
إلا لمن دقق النظر. بينهما عرق يدره الغضب: أي إذا غضب امتلأ ذلك العرق دما فيظهر ويرتفع. أقنى العرنين: أي سائله مرتفع وسطه: أي وفي وسطه احديداب.
وفي رواية: دقيق العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم: أي مرتفعا.
أدعج العينين أي شديد سواد العينين. وفي كلام بعضهم: الدعج سواد العين، ويقابله الأشهل وهو من في سواد عينيه حمرة. وقد جاء: أشهل العينين، وأشكل العينين:
أي في بياض عينيه صلى الله عليه وسلم حمرة. وكانت في الكتب القديمة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم كما تقدم، أي وفي رواية: أنجل العينين: أي واسعهما. أهدب الأشفار: أي طويل هدب شعر العينين.
أي وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أكحل العينين. والكحل: سواد هدب العين خلقة.
وعن جابر رضي الله عنه: إذا نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أكحل: أي في عينيه كحل وليس بالكحل. سهل الخدّين أي وفي رواية أسيل الخدّين: أي ليس في خديه نتوء وارتفاع، ضليع الفم: أي واسعه. أشنب: أي في ريقه برد وعذوبة. مفلج الأسنان: أي مفرّق ما بين الثنايا كما في رواية: أفلج الثنيتين، لأن الفلج تباعد ما بين الثنايا والرباعيات. وفي رواية: برّاق الثنايا. كان إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، يفتر عن مثل حب الغمام: أي إذا ضحك بانت أسنانه كالبرد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: حسن الثغر. وعن أنس رضي الله عنه: شممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيت من نكهته صلى الله عليه وسلم. كث اللحية: أي كثير شعرها. وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيف اللحية، وكان يسرحها بالماء، وكان له صلى الله عليه وسلم مشط من العاج وهو الدبل. وقيل شيء يتخذ من ظهر السلحفاة البحرية، ويقال لعظم الفيل عاج أيضا: أي وليس مرادا هنا أي وكان له مقراض: أي مقص يقص به أطراف شاربه.
وفي المشكاة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» .
أي وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ بالمقراض من عرض لحيته وطولها.
وقد لا ينافي ذلك ما جاء: «أمرني ربي بإعفاء لحيتي وقص شاربي» وقال:
«من الفطرة قص الأظفار والشارب، وحلق العانة» .
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه حتى كأن ثيابه ثياب زيات أو دهان. أي وفي لفظ:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر التقنع حتى يرى حاشية ثوبه كأنه ثوب زيات أو دهان وليس في شعر رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
وعن أنس رضي الله عنه أن شيب لحيته صلى الله عليه وسلم كان في عنفقته وصدغيه متفرقا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: عرف من مجموع الروايات أن الذي شاب في عنفقته صلى الله عليه وسلم أكثر مما شاب في غيرها.
وقال صلى الله عليه وسلم: «شيبتني هود وأخواتها، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: ما أخواتها يا رسول الله؟ قال: الواقعة، والقارعة، وسأل سائل، وإذا الشمس كورت، واقتربت الساعة» .
وفي رواية: «شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعمّ يتساءلون، وإذا الشمس كوّرت، واقتربت الساعة» وقال صلى الله عليه وسلم: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة» ولعل شيبه صلى الله عليه وسلم لم يخضب. وقيل كان يخضب بالحناء والكتم.
وقال: صلى الله عليه وسلم «أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم» ونهى صلى الله عليه وسلم عن الخضاب بالسواد وقد تقدم. ضليع الفم: أي واسعه وهو مما تمدح به العرب، وتذم بصغر الفم، غاض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة، دقيق المسربة بفتح الميم وإسكان السين ثم راء مضمومة: وهو الخيط الشعر الذي بين الصدر والسرة، كأن عنقه جيد دمية: هي صورة تتخذ من العاج في صفاء الفضة.
أي وعن علي كرم الله وجهه: كأن عنقه إبريق فضة، معتدل الخلق بادنا متماسكا: أي ذو لحم متماسك يمسك بعضه بعضا، ليس مسترخي اللحم سواء البطن والصدر: أي مستويهما عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس: وهي رؤوس العظام: أي ملتقى كل عظمين كالمرفقين والمنكبين والركبتين. موصول ما بين اللبة بفتح اللام وتشديد الموحدة المفتوحة: هو المنحر والسرة بشعر يجري كالخيط، وهو المعبر عنه فيما سبق بدقيق المسربة عاري الثديين والبطن وما سوى ذلك. أشعر الذراعين والمناكب. وأعالي الصدر، طويل الزندين:
أي عظيم الذراعين، رحب الراحة: أي واسعها.
قال أنس رضي الله تعالى عنه: ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، سائل الأصابع أي طويلها شثن الكفين والقدمين: أي يميلان إلى الغلظ، وذلك ممدوح في الرجال مذموم في النساء. أي وكانت سبابة يديه صلى الله عليه وسلم أطول من الوسطى. قال ابن دحية رحمه الله: وهذا باطل بيقين، ولم يقله أحد من ثقات المسلمين: أي وإنما كان ذلك في أصابع قدميه صلى الله عليه وسلم، وهو في ذلك كغيره من الناس.
وفي رواية منهوس بالمهملة والمعجمة العقب: أي قليل لحم القدمين. سبط العظام:
أي ممتدها لا نتوء فيها.
وفي رواية سبط العصب وهو كل عظم فيه مخ خمصان الأخصمين، ينبو عنهما الماء: أي يتجافى أخمص القدم وهو وسطه: أي شديد التجافي عن الأرض. مسيح القدمين: أي أملسهما، وهذا يوافق ما جاء في رواية: إذا وطىء بقدمه وطىء بكلها ليس له أخمص، إذا زال زال: تقلعا: أي يرفع رجله بقوة ويخطو تكفيا: أي يتمايل إلى قدامه. وقيل يمينا وشمالا كالمختال، ولا يذم إلا من تكلفه لا من كان ذلك جبلة له. ويمشي هونا: أي برفق ووقار دون عجلة. ذريع المشية: أي واسعها إذا امشى كأنما ينحط من صبب. أي وذكر في «سفر السعادة» أن هذه المشية مشية أصحاب الهمم العلية ومن قبله حي، وإن هذا النوع من المشي يسمى مشي الهوينا المذكور في قوله تعالى: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً [الفرقان: الآية 63] وهو أعدل أنواع المشي، لأن الماشي إما متهاون بالمشي كالخشبة، أو طائش ينزعج وهذان النوعان في غاية القبح، لأن الأول يدل على الخمول وموت القلب. والثاني يدل على خفة الدماغ وقلة العقل ثم قال: وأنواع المشي عشرة هذه الثلاثة منها، وذكر باقيها.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت جميعا أي بسائر جسده، ولا يلوي عنقه كما يفعله أهل الخفة والطيش، يفتح الكلام ويختمه بأشداقه.
لا يقال: قد ذم صلى الله عليه وسلم المتشدقين. لأنا نقول: المراد بهم من يكثر الكلام من غير احتياط ولا احتراز ومن يلوي أشداقه استهزاء بالناس.
وكان صلى الله عليه وسلم يتكلم بجوامع الكلم: أي بالكلام القليل الألفاظ الكثير المعاني.
فصلا لا فضول فيه ولا تقصير، قال صلى الله عليه وسلم:«أعطيت جوامع الكلم» ، واختصر لي الكلام اختصارا.
قال: ومن تلك الكلمات «لا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له.
ما هلك امرؤ عرف قدر نفسه. رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم. ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها. خير الأمور أوساطها. السعيد من وعظ بغيره» انتهى. إذا أشار بكفه كلها اه وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث قارب يده اليمنى من اليسرى فضرب بإبهام اليمنى راحة اليسرى، أي وربما يسبح عند التعجب وربما حرك رأسه وعض شفته، وربما ضرب بيده على فخذه، وربما نكت الأرض بعود. وإذا غضب أعرض بوجهه.
أي وكان صلى الله عليه وسلم إذا غضب احمر وجهه الشريف، وكان إذا اشتد وجده أكثر من مس لحيته. وفي رواية: إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته وتنفس الصعداء أي تنفس طويلا وقال: حسبي الله ونعم الوكيل، جلّ: أي معظم ضحكة التبسم، وكون معظم ضحكة ذلك لا ينافي أنه صلى الله عليه وسلم ضحك غير ما مرة حتى بدت نواجذه.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه، قال: وكان أكثر أحواله صلى الله عليه وسلم