الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ذكر عمره صلى الله عليه وسلم
قد اعتمر صلى الله عليه وسلم: أي بعد الهجرة أربع عمر. فقد قال بعضهم: لا خلاف أن عمره صلى الله عليه وسلم لم تزد على أربع أي كلهن في ذي القعدة، مخالفا للمشركين، فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج ويقولون هي من أفجر الفجور أي كما تقدم.
وأول تلك الأربعة عمرة الحديبية، أي وكانت في ذي القعدة التي صده فيها المشركون عن البيت.
وثانيها: عمرته صلى الله عليه وسلم من العام المقبل، أي وهي عمرة القضاء، وكانت في ذي القعدة كما تقدم. وعن قتادة رضي الله تعالى عنه «كان المشركون فجروا عليه صلى الله عليه وسلم حيث ردوه في الحديبية وكان في ذي القعدة، فاقتص الله منهم وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي هو ذو القعدة، وأنزل الله الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ [البقرة: الآية 194] .
وثالثها: عمرته صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين، وكانت من الجعرانة، وكانت في ذي القعدة، ودخل صلى الله عليه وسلم مكة ليلا، فقضى عمرته ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت بها. ومن ثم خفيت على الناس كما تقدم.
ورابعها: عمرته صلى الله عليه وسلم مع الحجة الوداع: أي التي دخلت في الحج بناء على أنه أحرم قارنا أو التي أدخلها على الحج بناء على أنه أحرم بالحج خصوصية له، أو عينهما بعد أن أحرم مطلقا على ما تقدم فإنه أحرم لخمس بقين من ذي القعدة. وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع» .
وأخرج البخاري ومسلم «أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلها في ذي القعدة إلا التي في حجته» أي فإنه لم يوقعها في ذي القعدة، بل أوقعها في ذي الحجة تبعا للحج.
وأما إحرامه بها فكان في ذي القعدة في خمس بقين منه كما تقدم.
وأخرجا أيضا أن عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهما قال: كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها وإنا لنسمع صوتها بالسواك تستن، فقلت: يا أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب؟ قال نعم، فقلت لعائشة:
أي أمتاه ألا تسمعني ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قلت: يقول اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب، فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهدها، وفي رواية إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قط، أي وإنما اعتمر في ذي القعدة.