الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كله. ولكن يجب على المسلم أن يطلب العلم وأن يتفقه في الدين وأن يحذر كل ما يضره في دينه ودنياه، وأن يغلق سمعه عما يضره، وأن يجتهد مع أهله حسب الطاقة فيما ينفعهم وفيما يدفع عنهم الضرر.
وعلى الأعيان: من العلماء، والمصلحين ألا يسقطوا وأن يناصحوا من ولاه الله أمرهم، وأن يتكلموا بما فيه النفع للمسلمين ولا يجوز السكوت لمن له قدرة، فالعالم يتكلم، والمصلح يتكلم، ومن له شأن يتكلم مع ولاة الأمور، ومع المسؤولين بما يرجو فيه الخير بالأساليب الحسنة، والكلمات الطيبة، والنصيحة الصافية، فإن ذلك له آثاره، أما السكوت أن يسمع ويسكت فليس هذا من شأن أهل العلم والإيمان، وليس هذا من شأن أهل الصلاح
…
يجب التكاتف ويجب التعاون، على أهل العلم أن يرفعوا لولاة الأمور ما يسمعون من الأخطاء، ويبلغونهم أنهم سمعوا كذا وسمعوا كذا، وأن هذا لا يجوز، وأن هذا منكر، وأن هذا يضر المسلمين، فإذا رفع هذا ورفع هذا وكتب هذا ونصح هذا، تجمعت الأمور الطيبة وتجمع الكلام الطيب وصارت له الآثار الصالحة.
يجب التعاون بين العلماء والأخيار، والمصلحين، والأمراء وعلى كل من له أدنى قدرة، يقول الله تعالى:
{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
(1).
ويقول تعالى:
{وَالْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر *
إِلَاّ الَّذِينَ
(1) سورة المائدة، الآية:2.
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر} (1).
لا بد من التواصي في وسائل الإعلام وفي غير ذلك، فوسائل الإعلام إذا وُجد إصلاحها صَلَحت وإذا توجهت الهمة العالية إلى إصلاحها أصلحها الله، ولكن المصيبة عدم التوجه إلى هذا الأمر وعدم القصد له وعدم الإرادة له
…
حتى تُوجد البرامج الصالحة النافعة في الدين والدنيا، وليس من اللازم أن تكون في الصلاة وفي الحج دائماً، البرامج يمكن تنوعيها: هذا في الصلاة، هذا في المعاملات، هذا في مسائل دنيوية تنفع الناس، هذا في الطب، هذا في الأدب، هذا في التأليف، فإذا نوعت البرامج في النفع الديني والدنيوي أخذت الوقت وأغنانا الله بها عن الفساد والغناء والشر.
[و] لا يجوز لأهل الإصلاح والدعوة إلى الله والمحبين للصلاح [أن يسكتوا عن إنكار المنكر، وإظهار الحق] ولا يجوز لهم أن يتعبوا في هذا ويملُّوا ويكسلوا وييأسوا، بل يجب أن يستمروا أبداً ما داموا أحياء، يجب أن يسعوا في الإصلاح بكل وسيلة، فالله تعالى يقول:{وَلَا تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ الله} (2). القنوط من رحمة الله واليأس من الكبائر، فيجب الحذر من ذلك.
يجب أن يعالج الشر، فإن هذا التلفاز وهذه الإذاعة كلتاهما
(1) سورة العصر، الآيات: 1 - 3.
(2)
سورة يوسف، الآية:87.
داخلتان في البيوت على النساء والمخدَّرَات، وعلى المريض، وعلى كل أحد. فالواجب أن يبذل كل المستطاع في الإصلاح، وهذا على الأمة كلها، كل عليه نصيبه، وفي الحديث عن يزيد بن مرثد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ رَجُلٍ مِنَ المسلمينَ على ثَغْرَةٍ مِن ثَغْرِ الإسلامِ، الله الله، لا يُؤتَى الإسلام من قِبَلِكَ)) (1).
فعلينا جميعاً وعلى كل مسلم في جميع بلاد الله أن يتقي الله في أموره كلها، وأن يسعى جهده في الخير، وأن يكون صادقاً بالكلام الطيب والأسلوب الحسن وبالرفق، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَلَّ عَلى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْل أَجْر فَاعِلِهِ)) (2). (3).
(1) أخرجه ابن نصر المروزي في السنة (رقم 29) وضعفه الدكتور عبد الله البصيري محقق السنة. وذكره الألباني بلفظ: «أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك» وقال: لم أجده بهذا اللفظ. انظر: السلسلة الضعيفة (3/ 309 رقم 1165). ثم قال رحمه الله: «لكن أوقفني بعض الإخوان – جزاه الله خيراً – على ما في كتاب «السنة» للمروزي (ص8) رواه بسند صحيح عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد مرفوعاً بلفظ: «كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، الله الله، لا يؤتى الإسلام من قبلك» .
قلت: فهذا بمعناه، لكن فيه علتان:
الأولى: الإرسال، فإن ابن مرثد هذا تابعي له مراسيل كما في «التقريب» .
والأخرى: الوضين بن عطاء، فإنه مختلف فيه، وقد جزم الحافظ بأنه سيء الحفظ، فيخشى أن يكون أخطأ في رفعه، فقد عقبه المروزي بروايتين موقوفتين على الأوزاعي والحسن بن حي، وفيهما ضعف. والله أعلم.
ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم: «استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ولا يغرن من قبلك الليلة» . وهو صحيح كما بيَّنته في السلسلة الصحيحة (378).
…
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير (رقم 1893).
(3)
سمعته من سماحته أثناء تعليقه على محاضرة ألقيت بالجامع الكبير بالرياض بعنوان: ما ينبغي أن يكون عليه الإعلام قبل عام 1407هـ، ببعض التصرف اليسير.